حديث عظيم في التوبة

الطيب الجزائري84

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
14 جوان 2011
المشاركات
4,115
نقاط التفاعل
4,668
النقاط
191
العمر
39
الجنس
ذكر

حديث عظيم في التوبة


روى الترمذي عن زر بن حبيش، قال: أتيت صفوان بن عَسَّال رضي الله عنه، أسأله عن المسح على الخفين،فقال: ما جاء بك يا زر؟ فقلت: ابتغاء العلم، فقال: إن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بـما يطلب، فقلت: إنه قد حكّ في صدري المسح على الخفين بعد الغائط والبول، وكنت امرءًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فجئت أسألك: هل سمعته يذكر في ذلك شيئًا؟ قال: نعم، كان يأمرنا إذا كنا سَفَرًا -أو مسافرين- ألا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهنّ إلا من جنابةٍ، لكن من غائطٍ وبولٍ ونوم، فقلت: هل سمعته يذكر في الهوى شيئًا؟ قال: نعم، كنا مع رسول الله في سفر، فبينا نحن عنده إذ ناداه أعرابيٌ بصوتٍ له جهوري، يا محمد! فأجابه رسول الله نحوًا من صوته: هاؤم، فقلت له: ويحك! اغضض من صوتك، فإنك عند النبي صلى الله عليه وسلم، وقد نُـهيتَ عن هذا، فقال: والله لا أغضض، قال الأَعْرَابِيُّ: المرء يحب القوم ولـمَّا يلحق بـهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: {المرء مع من أحب يوم القيامة}، فما زال يحدثنا حتى ذكر بابًا من المغرب، يسير الراكب في عرضه أربعين أو سبعين عامًا.
قال سفيان أحد الرواة: "قِبَل الشام، خلقه الله تعالى يوم خلق السماوات والأرض مفتوحًا للتوبة، لا يغلق حتى تطلع الشمس منه".
هذا حديثٌ عظيم في التوبة، وأن بابها مفتوحٌ، وأنه لا يغلق حتى طلع الشمس من مغربها، وأن من تاب في أي ساعةٍ من ليلٍ أو نـهار، فإن الله سبحانه وتعالى يقبل توبته مهما كان ذنبه وعظم جرمه إن صدق في توبته.
ففيه الحث على التوبة، والترغيب فيها، وبيان مكانتها، وعظيم شأنـها، وأنـها لا ترد من التائب في أي لحظةٍ من لحظاته، وفي أي وقتٍ من أوقاته.
وهذا السياق الذي ورد فيه هذا الحديث، هو من رواية زر بن حُبيش: أنه أتى الصحابي الجليل صفوان بن عسَّال، رضي الله عنه وأرضاه، يسأله عن المسح على الخفين، فلـمَّا وصل إليه بـهذا القصد، أي: أنه ذهب إلى هذا العالـم بـهذه النية الصالحة، الرغبة في العلم، والفقه في الدين، قال له: "ما جاء بك يا زر؟"، لأن المـجيء يختلف فقد يكون في حاجة دنيوية أو حاجة دينية، فقلت: ابتغاء العلم، أي: أن الذي جاء به هو العلم وطلبه وتحصيله، فأثنى على صنيعه.
وهذا يستفاد منه أن طالب العلم يحتاج فعلًا إلى أن يُشجَّع، وأن يبين له فضلُ العلم ومكانته، وأن تذكر له الأحاديث التي في فضله، حتى يزداد حرصًا ومثابرةً وعنايةً بطلب العلم، ولهذا لـمَّا قال زر: جئت ابتغاء العلم، قال له صفوان: "إن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم، رضًا بـما يطلب".
و زِر قد حكَّ في صدره المسحُ على الخفين بعد الغائط والبول، وأشكل عليه هذا الأمر، فجاء إلى هذا الصحابي صفوان بن عسَّال الْمُرَادِيّ ، ليسأله عن ذلك، قال له: "كنتَ امرءًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فجئت أسألك عن ذلك: هل سمعته يذكر في ذلك شيئًا؟
وهذا يستفاد منه فائدة عظيمة: وهي أن كلام النبي عليه الصلاة والسلام يحسم الأمر. ومعنى ذلك: أنه إن كان قد سمع في ذلك شيئًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، انتهت المسألة، وزال ما في الصدر بـما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذا نستفيد منه فائدة عملية مهمة في حياتنا: أن الأشياء التي قد يستشكلها المرء برأيه أو بعقله ونحو ذلك، إذا بلغه الحديث فيها، يجب عليه ألا يتردد، وأن يترك رأيه لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد قال علي بن أبي طالب: "لو كان الدين بالرأي؛ لكان باطن الخف أولى بالمسح من ظاهره"، فإذا مر على الإنسان مسألة، وحكت في صدره، أو كان يرى فيها شيئًا، عليه إن بلغه فيها الحديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام أن يلزمه.
فبين له صفوان ذلك، قال: "نعم، كان يأمرنا إذا كنا سفرًا -أي: مسافرين- ألا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن"، أي: تبقى الخفاف، ومعلوم أن الإنسان في هذه الثلاثة أيام يتكرر مراتٍ على الغائط والبول، ويتوضأ ولا يزيد في وضوئه على أن يـمسح على الخفين.
قال: "إلا من جنابة"، أي: إلا من غسل الجنابة، فإنه ينزع الخف ليغسل البدن كاملًا، أما من الغائط والبول والنوم، فإنه يتوضأ ويـمسح على الخفين، فهذه إجابة لسؤاله وإزالة لاستشكاله وما حك في صدره.
بل دلت النصوص على أن المسح عليهما أفضل من نزعهما ففي الصحيحين من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ فَأَهْوَيْتُ لأَنْزِعَ خُفَّيْهِ فَقَالَ دَعْهُمَا فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا
فسأله سؤالًا آخر، قال فقلت: "هل سمعته يذكر في الهوى شيئًا؟"، أي: هل سمعته يذكر في هوى الإنسان وميوله، ومحبته شيئًا، قال: "نعم، كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فبينا نحن عنده، إذ ناداه أعرابي بصوتٍ له جهوري -أي: صوت عالي مرتفع- يا محمد! فأجابه رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوًا من صوته: هاؤم".
والمراد الإجابة للنداء.
"فقلت له: ويحك! اغضض من صوتك"، أي: أن صفوان قال لذلك الأعرابي.. "اغضض من صوتك، فإنك عند النبي صلى الله عليه وسلم، وقد نُـهيت عن هذا، فقال: والله لا أغضض".
والأعرابي: من يعيش في البادية، وقد يكون عند بعضهم شيء من الجفاء، وعدم مراعاة الأسلوب المناسب والطريقة المناسبة في الحديث.
فهذا الأعرابي قال: "والله لا أغضض، ثم قال: المرء يحب القوم ولـمَّا يلحق بـهم"، يسأل النبي صلى الله عليه وسلم، أي: ما شأن من كان كذلك، قال النبي عليه الصلاة والسلام: {المرء مع من أحب يوم القيامة}.
وفي هذا المنزلة العظيمة التي يتبوؤها الحب في الله، وهو أوثق عرى الإيـمان، كما أخبر بذلك الرسول عليه الصلاة والسلام.
وفي صحيح مسلم، لما قال النبي صلى الله عليه وسلم :« فَإِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ ». قَالَ أَنَسٌ فَمَا فَرِحْنَا بَعْدَ الإِسْلاَمِ فَرَحًا أَشَدَّ مِنْ قَوْلِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- « فَإِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ ». قَالَ أَنَسٌ فَأَنَا أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ وَإِنْ لَمْ أَعْمَلْ بِأَعْمَالِهِمْ ».
وهذه بشرى عظيمة يفرح بها المسلم أنه إذا أحب قوماً صار معهم في الجنة وإن قصر به عمله.
قال: "فما زال يحدثنا، حتى ذكر بابًا من المغرب مسيرة عرضه، أو يسير الراكب في عرضه أربعين أو سبعين عامًا"، أي: من سعته.
وهذا يدل على أن باب التوبة واسع غاية السعة، وأنـها مقبولة، وأنـها مفتوحة بابها في أي وقت.
وهذا موضع الشاهد من الحديث، قال سفيان وهو ابن عيينة أحد الرواة: "قِبَل الشام، خلقه الله تعالى يوم خلق السماوات والأرض، مفتوحًا للتوبة لا يغلق حتى تطلع الشمس من مغربـها".
وفي رواية للحديث عند الطبراني ثُمَّ سَأَلَهُ أي الأعرابي عَنِ التَّوْبَةِ، فَقَالَ:"لِلتَّوْبَةِ بَابٌ بِالْمَغْرِبِ مَسِيرَةُ سَبْعِينَ عَامًا أَوْ أَرْبَعِينَ عَامًا، لا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا"
وقد ورد في الحديث أن الشمس إذا طلعت من مغربـها تاب الناس أجمعين، لكن لا تقبل التوبة في هذه الحال، لأنـها توبة مشاهدة ومعاينة، وإنـما الذي يقبل توبة الغيب، ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا فَإِذَا طَلَعَتْ فَرَآهَا النَّاسُ آمَنُوا أَجْمَعُونَ فَذَلِكَ حِينَ لاَ يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ ، أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا".

المصدر موقع الشيخ عبد الرزاق البدر حفظه الله
 
اضغط على الصورة أخي @الامين محمد
احسن الله اليك اخي

الحمد لله على نعمة الاسلام و نعمة التوبة
و نعمة يسر التوبة فلولا رحمة الله بنا لهلكنا فمن منا لا يخطيء
و التوبة اسهل و ايسر و متاحة في كل وقت و مكان
و لا تحتاج الى واسطة او انتظار او عمل شاق
يكفيك الصدق و النية و الندم و الانابة
بل تب في كل يوم مهما اخطأت و لا تتردد فأنت أمام الرحمان الرحيم
 
1660117852989.png

1660117884194.png


جزاك الله خيرا على الموضوع القيم جعله الله في ميزان حسناتك يا رب العالمين
 
جزيت خيرا

الصوره واضحه
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top