نكملو حكاية عمي الحاج قدور المداوي التقليدي وجبار الرضوض والكسور ...
بعد سويعات قضيتها ومرافقي الكلونديستان في ملل الانتظار والاحتيار متى يحين دوري و ها قد مر نصف النهار، اقتربت من الشاب الواقف على عتبة الباب يُدخل ويُخرج الوافدين والمغادرين من الزوار ،، رجال ,, عجائز ونساء وصغار كل ودوره كل وحظه.
دنوت منه مستعطفا إياه : أن عجل دوري يا أخاه فسعر الكورصة سيرتفع مع انقضاء أجل النهار فلو تتكرم وتقحمني مع فوج من الافواج وأتسرب دون إزعاج وبعد أخذ ورد ومد وجزر لان قلبه تجاهي وآذن حظي بالفرج والسرور.
دخلت الى الصالة باستحياء وأخذت موقعي على الكنبة من شدة الجوع و العياء أحدق في أرجاء المكان,,, ولم يكن الحاج قدور متواجدا حينها سوى صورته ظننتها له وهو شاب وسيم بلباس عسكري قديم تعلمك بأنه كان محارب صنديد و مجاهدي عظيم وشهادة معلقة لذكرى تكريم وفي الزاوية خزانة قصيرة وضع فوقها كناش وسيال و صندوق حديدي صغير ( من تاع زمان )، لايبدو على هذا المكان الفارغ المطلي بالاخضر أي شواهد مصحة أو عيادة ماعدى الطلاء ومقص وسكين وعصى معكوفة معلقة على مقبض النافذة وبعد دقائق أقبل الشيخ بجثته العريضة ويديه الغليظتين يعرج بساقه وقدمه مضمدة بعشرات الاقمشة والكتاتين كأنها ( قماطة يشير ) وأصابع قدمه محمرة بالحناء ومنتفخة بشكل محزن ومريع أدخل الشك في نفسي ترى هل هذا الطبيب ام واحد من الزبناء مسكين؟
مر من امامي غير آبه بوجودي واتجه نحو بساط مفروش على الارض و جثى على ركبتيه كبعير، وبعد ان انعدلت جلسته بصعوبة وعناء توجه لي بالكلام :
: قرب وليدي اهلا بيك.
بيك وسهلا الحاج قدور ول ؟
لم يرد على الاستفسار لعله مل الاجابة على هذا السؤال من الغرباء.
وافتتح الشيخ جلسته العلاجية بحكاية طويلة ملحمية كاشهار وتاريخ لكراماته وقدراته العلاجية جرت مع زميله المجاهدي فلان بن فلان تحت قيادة الكومندو فلان بن فلان إبان ثورة التحرير وكيف كان يجبر الكسور ويعالج الجروح والرضوض بما تيسر من أدوات وأعشاب بعد معارك طاحنة وقعت في مناطق أخذ في تذكرها العميق دقائق عدة يشير تارة نحو الشمال و تارة اخرى صوب الجنوب والشرق والغرب وسلاسل جبلية قضى فيها الشيخ جهاده المرير ,كنت في كل مرة أبارك أعماله البطولية وادعوا له بطول العمر ووفرة الصحة والعافية وأقاطعه حتى لا يستفيض وينسى اني لست مراسلا صحفيا بل مريض.
حين أكمل بعد طلوع الروح من استذكار الماضي العتيد عرج الى حديث جديد وكيف أرغمه الاولاد على زيارة عيادة طبيب لمداوات قدمه الملتوية وكيف رفض اجراء الأشعة والتحاليل المقدمة لأنه ببساطته اعلم من الاجهزة المتكورة المتطورة بحاله وكيف شرح للدكتور المختص تفاصيل التشخيص والتطبيب ليتركه شاخصا في الاخير بعبارة احباط و نغمة تهديد ’’ ...اللي علموهالك ياوليدي في كبرك عرفتها وانا يشير صغير ،، مرضي أنا نداويه بشوية حنة وسكنجبير وحب رشاد بيديا نرحيه ونربط عليه قصبات منا ومنهيه وكتانات نزيرهم ليه ليه. غدوة صباح نصبح كي الحديد ... ايا تبقى على خير ...’’
كان الشيخ يتحدث و يكرر ويعيد و لكن فكري مشغول بمن هم في الخارج ينتظرون ( حليلي وحليلهم ) والحق يقال فقد تميز هذا الشيخ وانفرد عن الاطباء الاكاديميين بوفرة الحديث والتفسير المستفيض وكان له من خبرة السنين ومعلومات طبية وتشريحية ما يجعلك بعض الشيء مرتاحا الضمير فقذ شرح تركيبة الهيكل العظمي من القنطار الى القطمير.
وبعد حين
: وانت واش يسطر عليك ( وآخيرا حان وقت العلاج )
ظهري يالحاج ظهري
: ياتل علي صوتك نسمعك واشراك تقول ,, قرب ليا لهون
وظهر الشيخ ان سمعه ثقيل وسيكون الحديث معه مرهق وطويل.
الحاج ظهري مقدرتش لا نتحرك لا نوقف لا نقعد حاسو في زيَار
تلفت الشيخ يمينا وشمالا باحثا عن شيء لم يجده فاستغفر وحوقل وشهد وعاد للوقوف من جديد وأمرني بالانتظار حتى يعود.
والى الحلقة القادمة باذن الله.
آخر تعديل بواسطة المشرف: