- إنضم
- 24 نوفمبر 2015
- المشاركات
- 13,677
- الحلول
- 1
- نقاط التفاعل
- 25,870
- النقاط
- 2,306
- محل الإقامة
- الجزائر ♥
- الجنس
- أنثى
اعزائي طلبة السنة الثالثة ثانوي، سنقدم لكم اليوم
مقالة فلسفية بعنوان
هل يمكن تطبيق المنهج التجريبي على الظاهرة البيولوجية؟
طرح المشكلة: يتفق اغلب العلماء على أن المنهج التجريبي، هو الذي أدى إلى ازدهار العلوم التجريبية
كالفيزياء وال كيمياء ومكنها من الالتحاق بمراكز العلوم ومراتبها، فكان ذلك هدف بعض العلوم
الأخرى. كالعلوم الحية والبيولوجية، بحيث حاولت استثمار خبرات العلوم السالفة الذكر وتقليدها في
تطبيق المنهج العلمي. ل كن هناك من العلماء من اعترض على هذا واعتبر العلوم الحية لا تصل إلى
مراتب العلمية. نظرا إلى تشابك أجزائها ومن خلال هذا التعارض يمكننا أن نتساءل: هل يمكن تطبيق
المنهج التجريبي على المادة الحية علما أنها تتميز بخصائص غير تلك التي نجدها في المادة الجامدة؟ وما هي
العوائق التي تحول دون تطبيق المنهج التجريبي على المادة الحية؟
محاولة حل المشكلة:
الأطروحة الأولى: يعتقد العلماء التجريبيين بان الظواهر كلها تخضع للمنهج التجريبي بما في ذلك المادة
الحية "البيولوجيا، الفيزيولوجيا ". على اعتبار أنها تتكون من نفس عناصر المادة الجامدة فيزيائيا،
وتحدث فيها نفس التفاعلات ال كيميائية؛ لهذا يلاحظ أن العلماء يجرون تجاربهم على الجرذان
والضفادع وغيرها، دون تردد. لذا كان قرار كلود برنار بان إخضاع الظاهرة الحية إلى التجريب أمر
ممكن، وخاصة مع ظهور نظرية التطور التي ظهرت مع لا مارك وداروين يقول كلود برنار: "لا بد لعلم
البيولوجيا أن يأخذ من العلوم الفيزيائية ال كيميائية المنهج التجريبي " ثم انه قام بتجربة مفادها قلب
حيوانات ذات دم حار إلى حيوانات ذات دم بارد وذلك بغية ال كشف عن خصائصها الهيستولوجية
كما أن الحيوانات إذا ما تم تجويعها تتغذى على لحومها وهذا ما جعل برنار ينتبه إلى أن الأرانب وهي
من الحيوانات العُشبية يكون بولها عكرا والسبب لأنها عاشبة. بينما إذا قمنا بتجويعها فإنها تتغذى على
لحومها وبالتالي يصبح بولها صاف والسبب لأننا أخضعنا هذه الأرانب إلى التجويع فأكلت من لحمها
وأصبحت شبيهة بالحيوانات اللاحمة. ولعل ما يؤكد إمكانية التجريب في الظاهرة الحية هو أن طبيعة
هذه الظواهر لها طبيعة مماثلة مثل التركيبات الفيزيائية وال كيميائية حيث تنحل هذه العضوية إلى
مركبات "أوكسجين، هيدروجين".
النقد: ل كن نلاحظ أن بعض العلماء تنبهوا إلى استحالت التجريب. ذلك لأنهم نظروا إلى ضرورة
العناية بخصائص الكائن الحي لان منه "الحياة، النمو، المقاومة ". مما ينجر عنه صعوبات تحول دون ذلك.
ثم انه يتعذر علينا القدرة على أعادة الظاهرة أو تكرارها والعجز عن توفير شروطها، واحتمال حدوث
حالات طارئة، مثل توقف العضو أو النزيف بحسب كلود برنار. هذا ويلاحظ أن غياب المبادئ
الأخلاقية والضوابط المهنية دفع بالبعض منهم إلى تجاوزات خطيرة، أخلاقيا، واجتماعيا، وبيئيا.
الأطروحة الثانية: يرى بعض العلماء أن المنهج التجريبي منهج نظري، وبالتالي فان تطبيقه على المادة
الجامدة والحية والإنسانية يظل ناقصا لان نتائجه ليست مطلقة ولا يقينية ويرجع ذلك إلى: لا يتمكن
من النتائج على مستوى التنبؤ كما أن القانون العلمي يقوم على ملاحظة حسية تتناول ظاهرة جزئية وعلى
هذا الأساس ألح بعض العلماء والفلاسفة على أن النتائج العلمية ترجحيه احتمالية. كما هو الحال في
الرياضيات والدليل على ذلك أن رواد الفضاء عند نزولهم على سطح القمر أخطئوا هدفهم بضعة عشر
متر. ومن جملة العوائق التي تعترض تطبيق المنهج التجريبي على المادة الحية. طبيعة هذه المادة في ذاتها،
فطبيعة المادة الحية مركبة ومتشابكة. فهي نظام يشكل وحدة عضوية وكل جزء فيه تابع للكل وأي
تفكيك لأجزائها يجعل المادة تفقد طبيعتها. ثم أننا نجد صعوبة في التصنيف بما أن المادة الحية تنطوي
على خصوصيات تنفرد بها. فان كل محاولة إلى تقسيمها تقضي على هذه الخصوصية، كما أننا نجد أيضا
صعوبة في تعميم النتائج، حيث لا يمكن تعميم النتائج التي نتحصل عليها عند تطبيق المنهج التجريبي على
المادة الحية. فما أدركناه عن طريق التجارب على الحيوانات لا يمكن تعميمه على الإنسان مثلا والعكس
صحيح، أما على مستوى التجريب يصعب إعطاء التجربة مصدقيه حقيقية لان التفاعل الذي يحدثه
الكائن الحي مع بيئته يحدث تغيرا في العضوية وإذا عزلنا الكائن الحي من البيئة الطبيعية إلى البيئة
العضوية فانه يضطرب.
النقد: ل كن يمكننا أن نلاحظ أن التجريبيين أكدوا إمكانية التجريب على الكائن الحي فمثلا في
استطاعتنا أن ندرس عملية التنفس لأنها عبارة عن أكسدة فيزيائية وكيميائية كما لا يمكننا أيضا أن
نعتمد على التشريح المنظم بحيث ندرس المادة الحية دون خلل في نظامها العام، وذلك بواسطة علم
المكروبيولوجية، فمثلا يعتبر الليزر أحدث ما توصلت إليه البيولوجيا في عملية التشريح. ثم أن هذا
الاعتراض لا يعني إجحافا في حق البيولوجية فحسب بل في حق العلم ككل لأنه من الواجب علينا أن
نعرف الكائن الحي معرفة موضوعية بعيدة عن التصورات الميتافيزيقية والاعتقادات الدينية.
التركيب: وعوما مهما يكن فإجراء التجربة على الكائن الحي يتطلب مزيدا من الشروط والعناية بضرورة
تطوير وسائل الإجراء وال كشف؛ والعلوم البيولوجية اليوم عرفت تطورا باهرا بفضل التجارب التي
خاضها العلماء مثل إجراء بعض التجارب الحشويّة دون اللجوء إلى التشريح "بواسطة المناظير ". وأكثر
من هذا نقل الأعضاء وزرعها بتقنية الاستنساخ الموضعي.
حل المشكلة: وختاما وللفصل في موضوعنا نستنتج: انه لم يعد المنهج التجريبي يواجه تلك العوائق التي
كان يعرفها ومع ذلك لا يزال البحث فيه معقدا نسبيا. ذلك لان مصداقية العلوم لا تتحدد إلا بالنتائج
رغم أن نتائجها تقريبية لأنها تتعامل مع عالم الأشياء الحسية المتغيرة وتظل العلوم البيولوجية ناقصة
وذلك يعود إلى أخلاقيات البيولوجية.
*****************
الأستاذ رحموني عمر