هل في إمكان الإحساس أن ينفصل عن الإدراك؟

ريحـان

:: أمينة اللمة الجزائرية ::
طاقم الإدارة
إنضم
24 نوفمبر 2015
المشاركات
13,692
الحلول
1
نقاط التفاعل
25,940
النقاط
2,306
محل الإقامة
تركيا - إسطنبول
الجنس
أنثى
السَلآْم عَلْيُكّمٌ وٍرٍحَمُةّ الله وٍبُرٍكآتُهْ



نقدم لكم مقالة فلسفة السنة ثالثة ثانوي بعنوان :

هل في إمكان الإحساس أن ينفصل عن الإدراك؟




طرح المشكلة: إذا كان الإحساس استجابة نفسية لمنبه قد يقع على العضو الحاس فان الإدراك وظيفة نفسية تعطي الإحساسات دلائلها، فالإحساس ما هو إلا مجرد استجابة لمؤثرات لم تبلغ درجة المعرفة، بينما الإدراك عملية تأويل عقلية لتلك المثيرات، لذا درج الباحثون في المجال السيكولوجي على الفصل بين الإحساس والإدراك، وهذا ناتج عن اختلاف الآراء حول علاقة الأول بالثاني، فالنزعة الكلاسيكية قد أقرت بالفصل بينهما، بينما أنصار علم النفس الحديث رأوا بضرورتهما معا. وبناء على
هذا يمكننا أن نطرح التساؤل التالي: هل كل إحساس هو إدراك؟ أم أن الإحساس قد يختلف في حقيقته عن الإدراك؟ بعبارة أوضح هل مفهوم الإحساس يرتبط بمفهوم الإدراك؟ هل يمكننا التمييز بين
الإحساس والإدراك كمفهومين؟
محاولة حل المشكلة:
الأطروحة الأولى: يرى أنصار علم النفس التقليدي أن الفصل بين الإحساس والإدراك أمر ضروري، لان الإحساس كواقع يختلف عن الإدراك. ذلك لان العملية الإدراكية عملية تعرف على المثيرات
الحسية وهذا ما دفع ببعض الفلاسفة والمفكرين بالقول إلى أن الإحساس يختلف عن الإدراك، كون الإحساس متقدما عن الإدراك يقول بول غيوم: "إن علم النفس التقليدي ينطلق من الإحساس
الأولي ليبني بواسطته موضوعات أو وقائع عن طريق الترابط والتركيب كما أن الفيلسوف رونيه ديكارت يرى: في المحسوسان مجرد ماديات تمتد خارج الذات يقول ديكارت: "إني أدرك بمحض ما في
ذهني من قوة الحكم ما كنت احسب إني أراه بعيني" ولعل الشيء الذي جعل العقلانيون يميزون بين
الإحساس والإدراك هو: "الإدراك فعل ذهني بينما الإحساس شيء فيزيولوجي". فقيمة الإدراك عندهم أرقى واجل من قيمة الإحساس كما بين الحسيون أيضا أسبقية الإحساس عن الإدراك كون الإحساس فطري غريزي، ومنه فلا بد إن يبنى كل إدراك على الحس أي "التجربة الخارجية".
النقد: ل كن في الواقع لا يمكن الفصل بين الإحساس والإدراك عمليا لان الإحساس هو مادة
الإدراك، فالإنسان يتعدى مرحلة الاستجابة إلى مرحلة التعرف. ثم كيف نفسر فقدان الإدراك عند فقدان الحواس؟ وهل يستطيع العقل أن يدرك بمعزل عن الحواس؟ فإذا كان العقلانيون والتجريبيون قد بينوا قيمة وشدة كل من الإحساس والإدراك فهذا لا يؤدي إلى الفصل بينهما بالضرورة وبشكل
مطلق، فالإنسان لا يكتفي بان يبقي على الإحساسات كتنبيهات، بل يتعدى من مجرد الاستجابة إلى التعرف لان الإدراك هو إدراك ذات لموضوع
الأطروحة الثانية: نقيض القضية "علم النفس الحديث لا يمكن الفصل بين الإحساس والإدراك: يرى
علماء النفس الجيشطالتي بأنه لا يجب الفصل بين الإحساس والإدراك ذلك لان الإدراك ما هو إلا إدراك لمجموعة إحساسات ذات صور وبيانات متمايزة مادام الإدراك هو إدراك ذات لموضوع. يقول
الفيلسوف ريد: "الإدراك هو الإحساس المصحوب بالانتباه" كما يؤ كد الجيشطالتيون، على أن الإدراك
ليس مجموع إحساسات يضاف بعضها إلى بعض، بل هو عملية مركبة خاضعة للشيء المدرك ذاته في تشابه عناصره أو تقاربها. وهو ما جعل الإحساس يتداخل مع الإدراك، فمثلا لا يمكن إدراك الحمرة والزرقة في الأفق كلون، ول كن يمكن إدراك الأشياء الحمراء والزرقاء، كما لا يمكننا أن ندرك فروع الشجرة بقدر ما ندرك الشجرة ككل، ولقد تحدث الظواهريون عن رفضهم للتمييز بينهما، وهذا كون
النظرية الظواهرية تنتقد التفسير العقلي الذي اعتبر الإدراك حكما عقليا، حيث يؤكد أنصار هذا الموقف أن الإدراك حالة نفسية تابعة للشعور وتتغير بتغير أحواله. يقول ميرلوبونتي: "إن ال كيفية لا يقع الإحساس بها مباشرة أبدا فكل شعور إنما هو شعور بشيء ما " ويضيف أدموند هوسرل قائلا: "أرى بلا انقطاع هذه الطاولة سوف اخرج وأغير مكاني ويبقى عندي بلا انقطاع شعور بالوجود الحسي
لطاولة واحدة هي في ذاتها لم تتغير وان إدراكي لها ما فتئ يتنوع انه مجموعة من الإدراكات المتغيرة ".
النقد: ل كن مهما تكن طبيعة الإدراك، فانه إدراك لمجموعة إحساسات تتقدمه وتكون سابقة عليه زمنيا، هذا ما بينه الواقع السيكولوجي ثم إن الاهتمام بالفكرة يؤدي إلى إهمال العالم الخارجي، يضاف إلى ذلك سلب لدور العقل والاهتمام ببنية الموضوع، وهذا ما يجعل الإدراك عملية خارجية.
التركيب: إن الإدراك ما هو في الحقيقة إلا عملية تأويل للمدركات، فالذات المدركة تقوم بادراك موضوعات ولاوجود لإدراك، ما لم تكون هناك موضوعات تدرك من قبل ذات تقوم بعملية التأويل. وهذا ما جعل استحالت الفصل بينهما، لان الذات البيولوجية لا تنفصل عن الذات السيكولوجية. أما من الناحية المنطقية فقد يمكن التمييز بينهما نسبيا من حيث الوظيفة
حل المشكلة: "وأخيرا رغم الأسبقية الزمنية للإحساس عن الإدراك، إلا انه لا يمكن الفصل بينهما، فكل إحساس لا يلبث أن يتحول إلى إدراك، لان الإدراك يقوم على عملية التلقي والتأويل، فان اختلف من حيث الطبيعة فهما متفقتان من حيث الوظيفة.









مقالات فلسفية

للأستاذ رحموني عمر
 

المواضيع المشابهة

لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top