- إنضم
- 24 نوفمبر 2015
- المشاركات
- 13,705
- الحلول
- 1
- نقاط التفاعل
- 25,944
- النقاط
- 2,306
- محل الإقامة
- تركيا - إسطنبول
- الجنس
- أنثى
السَلآْم عَلْيُكّمٌ وٍرٍحَمُةّ الله وٍبُرٍكآتُهْ
هل من الممكن أن نعتبر الشغل ظاهرة تعبر عن ماهية الإنسان؟
طرح المشكلة: إذا كان الشغل فاعلية إنسانية واعية موجهة لإنتاج أثر نافع، فان هناك من اعتبره ضروري، لان حياة المجتمع لا تستقيم إلا به. إلا أن بعض الفلاسفة اعتبروه عبودية ومهانة للإنسان، باعتباره عمل والعمل مخول للعبيد. هذا الأمر هو مَن دفع بالفلاسفة إلى الجدل حول ما إذا كان الشغل ظاهرة تعبر عن قيمة الإنسان وماهيته أم انه عمل يدوي لا يعبر عن القيمة الاجتماعية؟ وبناء على هذا يمكننا أن نتساءل: هل الشغل كقيمة يعبر عن كرامة الإنسان؟ أم هو إكراه طبيعي؟
محاولة حل المشكلة:
الأطروحة الأولى: يرى أنصار هذا الموقفان الشغل يعبر عن كرامة الإنسان وماهيته، إذ هو فاعلية
إنسانية موجه لإنتاج أثر نافع، باعتبار الإنسان كائن اجتماعي مندمج في أسرة في مجموعها تشكل مجتمع،
وهذا الأخير لا يمكنه التواصل مع الغير إلا من خلال أنشطة معينة منها الشغل. فاذا كان الشغل يعبر
عن المطالب البيولوجية والنفسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية، فانه يعبر عن جوهر الفرد وبالتالي ماهيته باعتباره كائن القيم يتصف بالأنسنة بالإضافة إلى أن الشغل يدفع إلى العمل وهو ما يحقق التوازن النفسي للإنسان، كما يعمل على وعي وتطور الفكر، ثم إن كارل ماركس اعتبر الشغل هو من يحول المادة من حالتها الخام غير النافعة إلى الحالة النافعة، فاذا كان الشغل مجهود عضلي، فانه القوة
التي يسخر بها الإنسان الطبيعة لصالحه. فبالشغل ت ُعرف قيمة الإنتاج والإنتاجية أي القيمة التبادلية التي تدل على أن قيمة الإنتاج تساوي قيمة الجهد المبذول، وهو ما عبر عنه ادم سميث.
فالمجتمعات المتطورة أثبتت وجودها من خلال قيمة ما تنتج، ولا ادل من ذلك قوله صلى الله عليه
وسلم: " اليد العليا خير من اليد السفلى". فالثورة الصناعية ما كان لها أن تقوم لولا فضل الشغل والتصنيع، ثم أن الشغل يحرر صاحبه ويجعل الغير يعترف به على حد ما جاء به هيجل في جدلية العبد
والسيد. يقول ماركس: " أن العمل المثمر يأخذ الأشياء ويبعثها من بين الأموات". وها هو بيار جانيه اعتبر أن الشغل يخرج الإنسان من الدائرة الضيقة للحياة ويدخل به في دائرة التواصل مع الأفراد.
النقد: ل كن يمكننا أن نلاحظ أن الشغل أحيانا يتحول عن غاياته من عمل أثر نافع إلى استلاب
واستغلال، وهو ما عرفته النظرية التيلورية، التي تبحث عن الزيادة في الإنتاج بأقل التكاليف دون ما مراعاة إلى البعد الإنساني في ذلك. ثم انه ليس دائما العمل الناتج عن الشغل يعبر عن قيمة فقد يصبح
وان يصير إكراه كما عبر عن ذلك أرسطو.
الأطروحة الثانية: يرى انصار هذا الموقف بان الشغل لم يكن ليعبر عن ماهية الإنسان بقدر ما يعبر عن إذلاله، ومن بين الداعين لهذا نجد أفلاطون، إذ التاريخ يثبت أن قدماء اليونان قسموا الشغل إلى
جهد عضلي وآخر فكري، واذا ما قرانا جمهورية أفلاطون وجدنا أن التقسيم الطبقي دليل على ذلك،
حيث قسم المجتمع إلى ثلاثة: طبقة الحكماء وتليها طبقة الجنود، أما الطبقة الثالثة فهي طبقة العبيد ومهمتها
الأشغال اليدوية التي ت ُعتبر خاصية حيوانية، أم عند الرمان فلم يكن الشغل اليدوي عندهم سوى مذلة
واستعباد، أما السائد في القرون الوسطى وفي فترة حكم ال كنيسة. كان الشغل ي ُقرن بالخطيئة و بالتالي
فهو رمز للشقاء والعذاب الخالد، فالم ُذنب عندهم ي ُعاقب بالأشغال الشاقة والدائمة، وذلك من اجل التكفير عن الذنب. والشاهد على ذلك. ما عرفته المرحلة الإقطاعية من معاناة واستلاب وحرمان
وإذلال للعمال، هذا ولا ننسى المرحلة الرأسمالية البورجوازية الم ُمجدة لراس المال. حيث أصبح العامل
سلعة رخيصة في أيدي أصحاب المال، بينما عانت المجتمعات من ويلات الاستعمار وعبوديته.
النقد: ل كن ألا يمكن أن ن ُغير من هذه النظرة، ونجعلها أكثر واقعية بالنسبة لمفهوم الشغل؟ أليس
للشغل مزايا من خلالها يصبح الإنسان إنسانا؟ هل من المقدور أن يرتبط مفهوم الشغل بالعبودية
والإذلال؟ إلا يمكن أن يكون ماهية وكرامة؟ إن هذه النظرة في الحقيقة ما هي إلا إجحاف واعتقاد
فاسد غذّته العادات البالية، إذ أنّ الإسلام أعاد للعقل رشده وحث عن العمل والشغل، فاذا كان في
الماضي عبودية واسترقاق، فانه في الإسلام عبادة وكرامة.
التركيب: في الحقيقة يمكننا أن نقول إن الشغل جعل الإنسان يعيش الموقفين معا. فهو من ناحية يعمل
على إذلال العبد واسترقاقه، ومن ناحية أخرى ي ُعد تعبيرا عن الماهية والتحرر، فقديما كانا رمزا للعبودية
والهوان. والراي الصحيح نجد أن الإسلام قد اعطى الشغل المكانة اللائقة والقدر الرفيع، ولا ادل من ذلك قوله تعالى: "وقل اعملوا فسيرى الله عمل كم ورسوله والمؤمنون". وبهذا نقول إن الشغل استطاع أن يحقق للإنسان إنسانيته ويرفع من مكانته.
حل المشكلة: وختاما يمكننا أن نقول بقدر ما نشتغل ونعمل، بقدر ما ن ُوجد ونكون، فإذا كان الشغل عبودية عند البعض، ففي الإسلام كرامة وعزة، ذلك ل كونه يعبر عن قيمة الذات ويدعو إلى الحرية، فبالعمل نحافظ على الإنسانية وبدونه لا نكون، وما سمي العالم الثالث بهذا الاسم إلا لتخاذُ له عن العمل وتقاعُسه. وما التقدم الحاصل في العالم إلا شاهد ودليل.
أسأل الله لكم التوفيق و السداد
هل من الممكن أن نعتبر الشغل ظاهرة تعبر عن ماهية الإنسان؟
طرح المشكلة: إذا كان الشغل فاعلية إنسانية واعية موجهة لإنتاج أثر نافع، فان هناك من اعتبره ضروري، لان حياة المجتمع لا تستقيم إلا به. إلا أن بعض الفلاسفة اعتبروه عبودية ومهانة للإنسان، باعتباره عمل والعمل مخول للعبيد. هذا الأمر هو مَن دفع بالفلاسفة إلى الجدل حول ما إذا كان الشغل ظاهرة تعبر عن قيمة الإنسان وماهيته أم انه عمل يدوي لا يعبر عن القيمة الاجتماعية؟ وبناء على هذا يمكننا أن نتساءل: هل الشغل كقيمة يعبر عن كرامة الإنسان؟ أم هو إكراه طبيعي؟
محاولة حل المشكلة:
الأطروحة الأولى: يرى أنصار هذا الموقفان الشغل يعبر عن كرامة الإنسان وماهيته، إذ هو فاعلية
إنسانية موجه لإنتاج أثر نافع، باعتبار الإنسان كائن اجتماعي مندمج في أسرة في مجموعها تشكل مجتمع،
وهذا الأخير لا يمكنه التواصل مع الغير إلا من خلال أنشطة معينة منها الشغل. فاذا كان الشغل يعبر
عن المطالب البيولوجية والنفسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية، فانه يعبر عن جوهر الفرد وبالتالي ماهيته باعتباره كائن القيم يتصف بالأنسنة بالإضافة إلى أن الشغل يدفع إلى العمل وهو ما يحقق التوازن النفسي للإنسان، كما يعمل على وعي وتطور الفكر، ثم إن كارل ماركس اعتبر الشغل هو من يحول المادة من حالتها الخام غير النافعة إلى الحالة النافعة، فاذا كان الشغل مجهود عضلي، فانه القوة
التي يسخر بها الإنسان الطبيعة لصالحه. فبالشغل ت ُعرف قيمة الإنتاج والإنتاجية أي القيمة التبادلية التي تدل على أن قيمة الإنتاج تساوي قيمة الجهد المبذول، وهو ما عبر عنه ادم سميث.
فالمجتمعات المتطورة أثبتت وجودها من خلال قيمة ما تنتج، ولا ادل من ذلك قوله صلى الله عليه
وسلم: " اليد العليا خير من اليد السفلى". فالثورة الصناعية ما كان لها أن تقوم لولا فضل الشغل والتصنيع، ثم أن الشغل يحرر صاحبه ويجعل الغير يعترف به على حد ما جاء به هيجل في جدلية العبد
والسيد. يقول ماركس: " أن العمل المثمر يأخذ الأشياء ويبعثها من بين الأموات". وها هو بيار جانيه اعتبر أن الشغل يخرج الإنسان من الدائرة الضيقة للحياة ويدخل به في دائرة التواصل مع الأفراد.
النقد: ل كن يمكننا أن نلاحظ أن الشغل أحيانا يتحول عن غاياته من عمل أثر نافع إلى استلاب
واستغلال، وهو ما عرفته النظرية التيلورية، التي تبحث عن الزيادة في الإنتاج بأقل التكاليف دون ما مراعاة إلى البعد الإنساني في ذلك. ثم انه ليس دائما العمل الناتج عن الشغل يعبر عن قيمة فقد يصبح
وان يصير إكراه كما عبر عن ذلك أرسطو.
الأطروحة الثانية: يرى انصار هذا الموقف بان الشغل لم يكن ليعبر عن ماهية الإنسان بقدر ما يعبر عن إذلاله، ومن بين الداعين لهذا نجد أفلاطون، إذ التاريخ يثبت أن قدماء اليونان قسموا الشغل إلى
جهد عضلي وآخر فكري، واذا ما قرانا جمهورية أفلاطون وجدنا أن التقسيم الطبقي دليل على ذلك،
حيث قسم المجتمع إلى ثلاثة: طبقة الحكماء وتليها طبقة الجنود، أما الطبقة الثالثة فهي طبقة العبيد ومهمتها
الأشغال اليدوية التي ت ُعتبر خاصية حيوانية، أم عند الرمان فلم يكن الشغل اليدوي عندهم سوى مذلة
واستعباد، أما السائد في القرون الوسطى وفي فترة حكم ال كنيسة. كان الشغل ي ُقرن بالخطيئة و بالتالي
فهو رمز للشقاء والعذاب الخالد، فالم ُذنب عندهم ي ُعاقب بالأشغال الشاقة والدائمة، وذلك من اجل التكفير عن الذنب. والشاهد على ذلك. ما عرفته المرحلة الإقطاعية من معاناة واستلاب وحرمان
وإذلال للعمال، هذا ولا ننسى المرحلة الرأسمالية البورجوازية الم ُمجدة لراس المال. حيث أصبح العامل
سلعة رخيصة في أيدي أصحاب المال، بينما عانت المجتمعات من ويلات الاستعمار وعبوديته.
النقد: ل كن ألا يمكن أن ن ُغير من هذه النظرة، ونجعلها أكثر واقعية بالنسبة لمفهوم الشغل؟ أليس
للشغل مزايا من خلالها يصبح الإنسان إنسانا؟ هل من المقدور أن يرتبط مفهوم الشغل بالعبودية
والإذلال؟ إلا يمكن أن يكون ماهية وكرامة؟ إن هذه النظرة في الحقيقة ما هي إلا إجحاف واعتقاد
فاسد غذّته العادات البالية، إذ أنّ الإسلام أعاد للعقل رشده وحث عن العمل والشغل، فاذا كان في
الماضي عبودية واسترقاق، فانه في الإسلام عبادة وكرامة.
التركيب: في الحقيقة يمكننا أن نقول إن الشغل جعل الإنسان يعيش الموقفين معا. فهو من ناحية يعمل
على إذلال العبد واسترقاقه، ومن ناحية أخرى ي ُعد تعبيرا عن الماهية والتحرر، فقديما كانا رمزا للعبودية
والهوان. والراي الصحيح نجد أن الإسلام قد اعطى الشغل المكانة اللائقة والقدر الرفيع، ولا ادل من ذلك قوله تعالى: "وقل اعملوا فسيرى الله عمل كم ورسوله والمؤمنون". وبهذا نقول إن الشغل استطاع أن يحقق للإنسان إنسانيته ويرفع من مكانته.
حل المشكلة: وختاما يمكننا أن نقول بقدر ما نشتغل ونعمل، بقدر ما ن ُوجد ونكون، فإذا كان الشغل عبودية عند البعض، ففي الإسلام كرامة وعزة، ذلك ل كونه يعبر عن قيمة الذات ويدعو إلى الحرية، فبالعمل نحافظ على الإنسانية وبدونه لا نكون، وما سمي العالم الثالث بهذا الاسم إلا لتخاذُ له عن العمل وتقاعُسه. وما التقدم الحاصل في العالم إلا شاهد ودليل.
أسأل الله لكم التوفيق و السداد