السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
" لو كان العتاب نتيجة لما أسرها يوسف عليه السلام في نفسه "
لم يكن لدي خيار الكلام في كل معاناتي ، كنت دائما أسقط في دوامة الصمت ؛ وكان داخلي حكاية عتاب و لوم طويلة تنتهي بالهزيمة و الإرهاق .. لا يسمع عنها أحد غيري فهي مكان مظلم يطول بقعدة الليالي و أدمنته حين كانت تزور عيناي المليئتان بالبوح تلك النجوم في سماء لا تكاد تعطي لونا واضحا .. فزاد الألم وانهزمت لأنه صرخات و صيحات ترتدي قناع التصنع أمام الجميع يبين لهم أنني بخير .. وكأنه لا ألم و لا ماضي ، و كأنه لا أحد جرح ..
في يوم ما بعدما تفقد ما لا تريد فقدانه ؛ فيعطيك القدر من ذلك الإحساس في قصة شوق لا يعيد أي شيء ؛ سوى الألم تتفقد به قلبك الذي كان يوما يعاتب من لم يحركهم من هذا الفقدان المشترك ..
فكانت لي من قصة يوسف عليه السلام أيام عشتها ؛ فبين الأنامل لم يعد كلمات فلها صرخة تتألم بآيات الله تعالى ..
فصبر جميل في هذه الآيات صوت لا يشكو لأحد بل لا يعاتب ؛ لقد كان لي إخوة عرفتهم في قسوتهم لكن ليس أكثر من هذا ؛ لكنه يصبح أقسى القلب بالزمان نحسبه باللوم عليهم و آه .. وكان لي أخ تذوب ملامحه شيئا فشيئا و لا أملك إلا النظرات من هنا إلى هناك فلا أجدهم يقدمون يد التضحيات ؛ تركوا للأيام ما هو قدر لك محتم عليك تحمله لوحدك فلا ضمير يشعرون به من أجلك ؛ فاترك عتابهم فلن تصيبهم بالضمير الميت ...
وحدك احترق ..
فصبر جميل و الله المستعان على مر القدر و إن طال البلاء ؛ إنه الصبر الذي لا تحتاج فيه العيش على كلمات الشكوى ..
فصبر جميل إلى الله ذلك الصمت و ذلك البوح كليهما يحملان الشكوى و الوجع ؛ تبقى لوحة لا تزال ترسم داخلي ، و أحسب ضعف جسدي حين اشتد ابتلاء المرض فقدت الحياة كما لم يعد هنالك خطوة واحدة تتقدم فيها نفسي إلى حيث صنعت تلك الأحلام ؛ تبقى أمنيات تحكي الحزن و حسرة قديمة لن تدوم هكذا سمعت الصوت داخلي يقول لي مرة أخرى : " فصبر جميل و الله المستعان .." ماذا عن ذلك الصباح و الأمسيات التي أبحث فيها عمن لا يرفض طلب العمل ..؟ نظرت لكل شيء أملكه و كأنه يضحك لكنه لا يملك ملامح ؛ ومن هذا الطريق الذي أصبح شقاء يتكرر كل يوم ؛ قصة ذهاب و مجيء تجعلني أكثر عرضة لكلام الناس ؛ لقد كانت فيها حكاية شرف فلم يبقى لهم سوى كلمات العار يتحدثون بها ؛ فعن تضحيات و عن ألم و أيام لم يكن فيها عون و لا مواساة لك لا أحد تجرأ بالحديث و الكلام ؛ و بعد المحاولة في رسم حياة أخرى ؛ كأي البدايات جميعهم يحملون شعارات " كيفاش كانت و دوكا حابة تولي حاجة أخرى .." فجأة تذكرت من قول إنسان :"بغيت نتوب وما خلاونيش العرب .."
فصبر جميل لا سخط فيه و لا تدمر و لا سوء ظن بالله ؛ من كانوا يظلمونك بأفكارهم الخالدة عنك ؛ فلا رحمة فيهم ولا عفو منهم ؛ لا فرصة معهم يقدمونها لك ؛ لكنه الله يمنحك عفوه و غفرانه و رحمته إذا طلبت منه ..
فصبر جميل لا يأس فيه ولا قنوط ؛ فبكل تلك المصائب و ما حولك من خراب و وحدة لا تنهار قوتك التي داخلك ؛ فبكل الخيبات و بكل رسائل العتاب و الانكسار عندك آية تحدثك في الوحدة و الألم بالجبر و الفرج يوما ما ..
Tama.Aliche
آخر تعديل بواسطة المشرف: