السلام عليكم و رحمة الله
مشاركة بسيطة في مسابقة "احكي لي حكاية"
و أول قصة معكم. . ها أنتم تحاصرونني بأن أقص عليكم قصة مزعجة بسرد طويل لا أعرف كيف امتزجت مع أساليب الكتابة ..
الفصل الأول : العام الأخير
المشهد 1 : الهروب في أول الحصة
كانت البداية أن تقول لهم بصدق: "لدي ما يمنعني عن المجيء؛ لا يمكنني أن أشرح كل شي.. "
( أن تدرك معنى الحياة القاسية التي لا يعيشها كل الناس؛ فبين ما هو حياة، هناك أيضا ما يسمى بالتنمر اللطيف، وتعيشه فئات معينة من الناس؛ أن يقتل ببطئ.. )
لقد ترتب الجميع في لحظة معينة كالمعتاد بين تلك الجدران المقفلة بباب خشبي قد اهترئ شكله و لونه فقد من مرور السنوات؛ لا يلفت انتباهي أي شيء لحظتها فقط احاول تشتيت أفكاري و تخفيف الألم حولي؛ في نفسي ما احد قوله سوى كلمات خافتة بيني و بين عيناي اللتان تحملان كل الضعف: "كيف لي ان اخرج من كل هذا.. الدعوة صعيبة طحنا مع هذا الأستاذ ما سهلاش عليا.. "
( الكل ظالم حين لا يجدون أنفسهم بحاجة للمساعدة، حين لا يكون لديهم نقص ما في ما يملكونه جسديا و ماديا.. هنا يبدأ العد المتكرر دائما مع "دعونا نتمنر على الاضعف بيننا")
بينما تتسلل بذكاء هي امامه حمقاء لا تعرف كيف انه يصطاد الحمقى الذين يحاولون الهروب من حصته المقدسة ساعتها لديه.. وهي في هذه اللحظة تتحدى خطواته إليها في عجلة من امرها فتصطدم بالصدفة المرعبة؛ وهو بطول و حجم يتحدى شجاعتها فتقف بالمفاجئة ولا تفكر في ما تقوله وقد فقدت كل ما تملكه من تبريرات تخبره بضعف:" صباح الخير استاذ؛ قلت نروح للدار او مريضة شوية.. "ولكي تثبت أنها صادقة تمسح بيدها على أنفها الذي لا يظهر أي اثر زكام او احمرار و هي تحاول ان تذبل عيناها الواسعتان فلا تنجح في إثبات اي شيء ولكن لا ادري إن كان مصباح علاء الدين لحظتها قد سمع ويلاتها التي تنذب حظها و تتمنى الخروج من هذه اللحظة القاتلة التي اربكت ركبتاها لدقائق هي لم تشعر بأنها إنسان بل صخر جامد ينتظر ان يصرخ عليه أحد ما وثم حرقة كبيرة فالساحة هذيك قدام غاشي
قالت في نفسها وهي تتخيل كل القصص التي سبق وحدثت مع الجميع.. روايات الطلبة في مثل هذه المواقف وكيف رجعوا إلى أقسامهم بالصيحات و علامات الاحراج تغطي ملامح وجوههم..
" كيف بمن هم مثلي.. بهذا العيب الذي يعرف عنه البعض.. حين اعود وانا محرجة سيدركون انني هربت لأجل ذلك العيب الذي يقف في طريقي كالغصة التي لا استطيع التماسك بسببها "
وبينما هي تطلع و تهبط فراسها والله تقول حبست الساعة وعاشتها سنة .. و اخيرا تنفس وجه الاستاذ و تحدث معها قائلا: "Yes go, it's okay"
وحين لا تصدق ما يحدث معك ستنطلق كالبرق حتى لا يحدث أن يغير رأيه أو يحدث شيء ما غير متوقع و تصبح في مازق آخر.. كأن يخرج شخص من الادارة لم تحسب له حسابا ويقف عند رأس قدميك فينادي عليك: "يا طفلة وين رايحة ما تقرايش "
والصدمة تطيح مولاها ترجع للخلف احيانا بالذرع عليك ماكانش ها القدام هنا لازم تدور وتشوف وراك.. نعم حضرة المدير.. كي كره من البيرو يخرج يصيد اللي يهربوا.. و في راسها ضربت حاجة ديراكت: "يعني شهادات مدرسية ام يسناو توقع عليهم ما كملتهمش تجي تدير في خدمة مش تاعك. اه هكذا راحت البلاد كل واحد مخلي خدمتوا ولاتي بخدمة خاطيه .." لابد أن تضحك لتخفف عناء تلك الصدمة التي قد تعيدك للمكان الذي تحاول الفرار بجلدك وكل نقطة منك نحو الخارج.. تلتفت بعد ان تملأ ملامحها بالمرض و بوصفاير فوجهها ماكانش تقول له: "او مريضة شوية قلت للاستاذ نخرج مانيش قادرة.. " و كأن مصباح علاء الدين معها مجددا ينقذها من هذه المصيبة التي وقعت على رأسها ههه والباب بينها وبينه خطوة واحدة لتخرج.. تنتظر ان يترك سراحها؛ و يتنفس وجه المدير قائلا لها: "روحي.. بصح جيبيلنا شهادة طبية كي تدخلي ولا الوالد تاعك.."
وهي بين شفتيها حتى لاويسمعها لابد من رد يليق به: "او طب طب.. فاقوا دوك نجيبلك وذني"
ثم تذهب لحالها , لا تدري هل تكسر نفسها بالهروب أم أن هذا هو الصواب ..
المشهد 2 : العودة و المتنمرون ..
( سينتهي ذلك اليوم الذي تخلص فيه نفسك من مأزق ما , ولابد من المواجهة و الظهور أمام كل ألم و حكاية .. وهنا تظهر ملامح الفتاة التي بدأت معانتها أكثر حين انتقلت للثانوي , وكبرت كل الأشياء في نظرها , فلم تعد تقدر على العيش وسط كل تلك السخريات حولها , فلقد أصبحت حديث الجميع و تتظاهر بالغباء و كأنها لا تدرك شيئا ..)
بدأ الاستاذ يكتب و عم الصمت في المكان , وهي تفكر كيف يمكنها تجاوز اللحظة مرة أخرى , هل تواصل الهروب دائما , لا يمكن .. هذا ما كانت تفكر فيه "رؤيا" على طاولتها في الصف الأول وهي تتظاهر بأنها تكتب لكنها لا يمكنها رؤية حرف في السبورة , هي ضعيفة البصر تنتظر نهاية الحصة , و مع ذلك الهمس خلفها , هي جالسة في ألم و تعلم ما يفعلونه من ورائها لكنها تحاول التماسك قدر الامكان ,, هم يتغامزون عنها و يضحكون ,, كأن يقول في لحظة ما زميل لها يحب أن يتنمر بقسوة فيحدث أن يقول للاستاذ متعمدا الاذية :" يا استاذ زيد كبر الكتيبة ماناش نشوفو والو .. " و الضحكات تتعالى لأنها لحظات مقصودة لأان يؤلم من يتألم دائما في صمت ..
لم يكن لها أن تلتفت حتى لا تقع نظرتها في نظراتهم الساخرة منها , ورغم ذلك هي لا تزال تتظاهر بالكتابة حتى لا يلمح الأستاذ منها شيئا ,, لكن الموالي بعد هذه الساعة المنتهية الان بدقائق قليلة فقط هو دخول استاذة الفيزياء على عجل , و عرفت رؤيا أنه فرض مفاجئ والجميع كان خائفا من أسئلة التقويم لكن رؤيا لم يكن خاطرها مع ذلك , كان يخيفها أن تكتب الأسئلة على السبورة البيضاء و هي لا تستطيع فعل شيء سوى الجلوس بلا أي حراك ,, وكان ذلك هو الذي حصل فعلا , بسرعة كبيرة تكتب الاستاذة الأسئلة في السبورة و بقي لرؤيا أمل و هو أن تنقل الأسئلة من زميلتها ولكن للأسف تحطم كل شيء بتلك العنصرية التي يمارسها بعض الاساتذة حين قررت أن تغير أماكن الطلبة و بدأت ببعض الذكور أولا , ومن بينهم اختارت رؤيا من كل الفتيات لتطلب منها قائلة :" رؤيا غيري مكانك الى طاولة زميلك . . "
(وتبخر أمل أن تعيش مثل الاخرين فتجيب على أسئلة ربما هي سهلة جدا , فيمنعها أن وجدت نفسها مثل أولئك المهمشين في طاولة تبعد عن السبورة بأربع طاولات كاملة قبلها ,, وهنا ستصبح مثل هؤلاء الفاشلين فتزيد عنصريتهم اتجاهها لأنها تركت ورقتها بيضاء ,, لم تحرك يديها, فقط قلم يرسم لتمر دقائق الخيبات ..
كان للدمعة دورها أن ينظر اليها الجميع وهي تفقد قوتها و كل ما فعلته هو طلب الخروج مباشرة , فتسالها الأستاذة :"خليتي ورقة بيضا .."
نظرت اليها رؤيا بحقد على ما فعلته ولكنها لم تتحدث , و أطردت الاستاذة قائلة :" هذا باش تولي تدخلي تقراي ماشي تهربي من الحصة .. هكذا محال تنجحي تقعدي مع اللي صغار عليك .."
المشهد 3: يشبه الامس بذكرى
( أن ترد على كلام أو لا ترد لا فائدة , فلا يمكن لمن لا يعلم عن أوجاعك الصامتة أن يفهم عنعا الا اذا شرحت ما تمر به ,, و مع ذلك لن يدرك ما تشعر به , سيحاول الجميع أن يسألك و يسال لماذا تعيش كل هذا و حولك عائلة لا باس بها ماديا ..هكذا خرجت رؤيا من ذلك المكان بهذه الأفكار يكفيها أن تعرف ما تمر به لوحدها .. "
لم يعدذلك البيت يعنيها إنه مجرد مكان للبكاء ,, زاوية في الحمام تعتني بها جيدا لتجمع وحدتها الام يومها المنتهي في كل مساء , تبكي كالطفلة التي تتذكرها دائما , لقد تكررت الايام السابقة , تلك اللحظات لطفولتها المشتتة بين جدران تعصرها كل صباح تستيقظ على صوت الصراخ و الفوضى كل ذلك الحقد و الأمنيات التي كان كل شخص يطلبها , وكل ذلك الكره الحاضر في عينيه و كأنه لا علاقة بينهم , يحاول دائما أن ينقص من خبرتها و شخصيتها
اللحظة التي لا تمر حين كان ينظر اليها بحقد و يقول لها :" ادخلي للدار او كبيرة .." وعمرها مجرد ايام , تلك الطفلة صاحبة التسع سنوات يراها اكبر من الشارع الذي يلعب فيه الأكبر منها , و كان المؤلم الذي لا ينسى أن يكون ظالما لها يرغمها على الصعود للبيت و يحب كل الأطفال مثلها مثلهم يضمهم من خلال الابتسامة و من خلال إعطائهم بعض المال الذي كان حقا لها ..
ترافق قلبها المكسور الى المنزل المليء به وهو لا يحب وجودها , يؤلمها قدر المستطاع , وتقول مع أنفاسها التي تلتقطها بصعوبة :" علاش يديرلي هكذا ؟"
( شحال من مرة كانت تقولها هكذا بصح تبان لهم جياحة ,, )
تواسي نفسها :" لكنه مؤلم كيف يتركونه هكذا .. "
سيذهب يوما ما و يترك الذكرى .. و ترك حتى من دون رحيل ..
المشهد4 : البقاء للمتنمرين
( للنهاية خسارة لا يجب أن تحدث أحيانا و لكن هذا ما يحدث , حين كانت رؤيا تحاول التماسك منذ سنوات , لم يعد لها أي قوة تزيد منها خطوة اخرى , فقدت نفسها هنا , في هذا المكان الذي أرادت الخروج منه و هي تحمل نجاحا من قصة كفاح ..
قبل نهاية العام الجميع كان يلتقي ليحقق فهما ينجيه من الرسوب , لكنها كانت تهرب , و بينما الجميع ملتفت بعض المتنمرات يجلسن حولها لتقول احداهن :" رؤيا معليش تكتبيلي مانيش قادرة و يعجبني الخط تاعك " و كانت نظراتن سخرية وكلها تنمر يقصدن به الاذية , لكن رؤيا تواصل التظاهر بأنها بخير و أنها لا تعاني نقصا في بصرها , وقالت لها :" إيه نكتبلك ماشي مشكل .. "
ما كان لها أن تخرج من تلك اللحظة التي لم تعرف كيف تبدأ فيها , فالجميع يحدق بها ليرى ما ستفعله , ولكن مصباح علاء الدين يتدخل لينقذها مرة اخرى ويدخل المدير القسم فجأة مع بعض الأشخاص ويستأذن من الأستاذة ليحدثنا عن بعض الروايات الى أن تنتهي الحصة و تنتهي معها الورطة ..
لتلك النهاية حديث ما في سطور :
مشاركة بسيطة في مسابقة "احكي لي حكاية"
و أول قصة معكم. . ها أنتم تحاصرونني بأن أقص عليكم قصة مزعجة بسرد طويل لا أعرف كيف امتزجت مع أساليب الكتابة ..
الفصل الأول : العام الأخير
المشهد 1 : الهروب في أول الحصة
كانت البداية أن تقول لهم بصدق: "لدي ما يمنعني عن المجيء؛ لا يمكنني أن أشرح كل شي.. "
( أن تدرك معنى الحياة القاسية التي لا يعيشها كل الناس؛ فبين ما هو حياة، هناك أيضا ما يسمى بالتنمر اللطيف، وتعيشه فئات معينة من الناس؛ أن يقتل ببطئ.. )
لقد ترتب الجميع في لحظة معينة كالمعتاد بين تلك الجدران المقفلة بباب خشبي قد اهترئ شكله و لونه فقد من مرور السنوات؛ لا يلفت انتباهي أي شيء لحظتها فقط احاول تشتيت أفكاري و تخفيف الألم حولي؛ في نفسي ما احد قوله سوى كلمات خافتة بيني و بين عيناي اللتان تحملان كل الضعف: "كيف لي ان اخرج من كل هذا.. الدعوة صعيبة طحنا مع هذا الأستاذ ما سهلاش عليا.. "
( الكل ظالم حين لا يجدون أنفسهم بحاجة للمساعدة، حين لا يكون لديهم نقص ما في ما يملكونه جسديا و ماديا.. هنا يبدأ العد المتكرر دائما مع "دعونا نتمنر على الاضعف بيننا")
بينما تتسلل بذكاء هي امامه حمقاء لا تعرف كيف انه يصطاد الحمقى الذين يحاولون الهروب من حصته المقدسة ساعتها لديه.. وهي في هذه اللحظة تتحدى خطواته إليها في عجلة من امرها فتصطدم بالصدفة المرعبة؛ وهو بطول و حجم يتحدى شجاعتها فتقف بالمفاجئة ولا تفكر في ما تقوله وقد فقدت كل ما تملكه من تبريرات تخبره بضعف:" صباح الخير استاذ؛ قلت نروح للدار او مريضة شوية.. "ولكي تثبت أنها صادقة تمسح بيدها على أنفها الذي لا يظهر أي اثر زكام او احمرار و هي تحاول ان تذبل عيناها الواسعتان فلا تنجح في إثبات اي شيء ولكن لا ادري إن كان مصباح علاء الدين لحظتها قد سمع ويلاتها التي تنذب حظها و تتمنى الخروج من هذه اللحظة القاتلة التي اربكت ركبتاها لدقائق هي لم تشعر بأنها إنسان بل صخر جامد ينتظر ان يصرخ عليه أحد ما وثم حرقة كبيرة فالساحة هذيك قدام غاشي
قالت في نفسها وهي تتخيل كل القصص التي سبق وحدثت مع الجميع.. روايات الطلبة في مثل هذه المواقف وكيف رجعوا إلى أقسامهم بالصيحات و علامات الاحراج تغطي ملامح وجوههم..
" كيف بمن هم مثلي.. بهذا العيب الذي يعرف عنه البعض.. حين اعود وانا محرجة سيدركون انني هربت لأجل ذلك العيب الذي يقف في طريقي كالغصة التي لا استطيع التماسك بسببها "
وبينما هي تطلع و تهبط فراسها والله تقول حبست الساعة وعاشتها سنة .. و اخيرا تنفس وجه الاستاذ و تحدث معها قائلا: "Yes go, it's okay"
وحين لا تصدق ما يحدث معك ستنطلق كالبرق حتى لا يحدث أن يغير رأيه أو يحدث شيء ما غير متوقع و تصبح في مازق آخر.. كأن يخرج شخص من الادارة لم تحسب له حسابا ويقف عند رأس قدميك فينادي عليك: "يا طفلة وين رايحة ما تقرايش "
والصدمة تطيح مولاها ترجع للخلف احيانا بالذرع عليك ماكانش ها القدام هنا لازم تدور وتشوف وراك.. نعم حضرة المدير.. كي كره من البيرو يخرج يصيد اللي يهربوا.. و في راسها ضربت حاجة ديراكت: "يعني شهادات مدرسية ام يسناو توقع عليهم ما كملتهمش تجي تدير في خدمة مش تاعك. اه هكذا راحت البلاد كل واحد مخلي خدمتوا ولاتي بخدمة خاطيه .." لابد أن تضحك لتخفف عناء تلك الصدمة التي قد تعيدك للمكان الذي تحاول الفرار بجلدك وكل نقطة منك نحو الخارج.. تلتفت بعد ان تملأ ملامحها بالمرض و بوصفاير فوجهها ماكانش تقول له: "او مريضة شوية قلت للاستاذ نخرج مانيش قادرة.. " و كأن مصباح علاء الدين معها مجددا ينقذها من هذه المصيبة التي وقعت على رأسها ههه والباب بينها وبينه خطوة واحدة لتخرج.. تنتظر ان يترك سراحها؛ و يتنفس وجه المدير قائلا لها: "روحي.. بصح جيبيلنا شهادة طبية كي تدخلي ولا الوالد تاعك.."
وهي بين شفتيها حتى لاويسمعها لابد من رد يليق به: "او طب طب.. فاقوا دوك نجيبلك وذني"
ثم تذهب لحالها , لا تدري هل تكسر نفسها بالهروب أم أن هذا هو الصواب ..
المشهد 2 : العودة و المتنمرون ..
( سينتهي ذلك اليوم الذي تخلص فيه نفسك من مأزق ما , ولابد من المواجهة و الظهور أمام كل ألم و حكاية .. وهنا تظهر ملامح الفتاة التي بدأت معانتها أكثر حين انتقلت للثانوي , وكبرت كل الأشياء في نظرها , فلم تعد تقدر على العيش وسط كل تلك السخريات حولها , فلقد أصبحت حديث الجميع و تتظاهر بالغباء و كأنها لا تدرك شيئا ..)
بدأ الاستاذ يكتب و عم الصمت في المكان , وهي تفكر كيف يمكنها تجاوز اللحظة مرة أخرى , هل تواصل الهروب دائما , لا يمكن .. هذا ما كانت تفكر فيه "رؤيا" على طاولتها في الصف الأول وهي تتظاهر بأنها تكتب لكنها لا يمكنها رؤية حرف في السبورة , هي ضعيفة البصر تنتظر نهاية الحصة , و مع ذلك الهمس خلفها , هي جالسة في ألم و تعلم ما يفعلونه من ورائها لكنها تحاول التماسك قدر الامكان ,, هم يتغامزون عنها و يضحكون ,, كأن يقول في لحظة ما زميل لها يحب أن يتنمر بقسوة فيحدث أن يقول للاستاذ متعمدا الاذية :" يا استاذ زيد كبر الكتيبة ماناش نشوفو والو .. " و الضحكات تتعالى لأنها لحظات مقصودة لأان يؤلم من يتألم دائما في صمت ..
لم يكن لها أن تلتفت حتى لا تقع نظرتها في نظراتهم الساخرة منها , ورغم ذلك هي لا تزال تتظاهر بالكتابة حتى لا يلمح الأستاذ منها شيئا ,, لكن الموالي بعد هذه الساعة المنتهية الان بدقائق قليلة فقط هو دخول استاذة الفيزياء على عجل , و عرفت رؤيا أنه فرض مفاجئ والجميع كان خائفا من أسئلة التقويم لكن رؤيا لم يكن خاطرها مع ذلك , كان يخيفها أن تكتب الأسئلة على السبورة البيضاء و هي لا تستطيع فعل شيء سوى الجلوس بلا أي حراك ,, وكان ذلك هو الذي حصل فعلا , بسرعة كبيرة تكتب الاستاذة الأسئلة في السبورة و بقي لرؤيا أمل و هو أن تنقل الأسئلة من زميلتها ولكن للأسف تحطم كل شيء بتلك العنصرية التي يمارسها بعض الاساتذة حين قررت أن تغير أماكن الطلبة و بدأت ببعض الذكور أولا , ومن بينهم اختارت رؤيا من كل الفتيات لتطلب منها قائلة :" رؤيا غيري مكانك الى طاولة زميلك . . "
(وتبخر أمل أن تعيش مثل الاخرين فتجيب على أسئلة ربما هي سهلة جدا , فيمنعها أن وجدت نفسها مثل أولئك المهمشين في طاولة تبعد عن السبورة بأربع طاولات كاملة قبلها ,, وهنا ستصبح مثل هؤلاء الفاشلين فتزيد عنصريتهم اتجاهها لأنها تركت ورقتها بيضاء ,, لم تحرك يديها, فقط قلم يرسم لتمر دقائق الخيبات ..
كان للدمعة دورها أن ينظر اليها الجميع وهي تفقد قوتها و كل ما فعلته هو طلب الخروج مباشرة , فتسالها الأستاذة :"خليتي ورقة بيضا .."
نظرت اليها رؤيا بحقد على ما فعلته ولكنها لم تتحدث , و أطردت الاستاذة قائلة :" هذا باش تولي تدخلي تقراي ماشي تهربي من الحصة .. هكذا محال تنجحي تقعدي مع اللي صغار عليك .."
المشهد 3: يشبه الامس بذكرى
( أن ترد على كلام أو لا ترد لا فائدة , فلا يمكن لمن لا يعلم عن أوجاعك الصامتة أن يفهم عنعا الا اذا شرحت ما تمر به ,, و مع ذلك لن يدرك ما تشعر به , سيحاول الجميع أن يسألك و يسال لماذا تعيش كل هذا و حولك عائلة لا باس بها ماديا ..هكذا خرجت رؤيا من ذلك المكان بهذه الأفكار يكفيها أن تعرف ما تمر به لوحدها .. "
لم يعدذلك البيت يعنيها إنه مجرد مكان للبكاء ,, زاوية في الحمام تعتني بها جيدا لتجمع وحدتها الام يومها المنتهي في كل مساء , تبكي كالطفلة التي تتذكرها دائما , لقد تكررت الايام السابقة , تلك اللحظات لطفولتها المشتتة بين جدران تعصرها كل صباح تستيقظ على صوت الصراخ و الفوضى كل ذلك الحقد و الأمنيات التي كان كل شخص يطلبها , وكل ذلك الكره الحاضر في عينيه و كأنه لا علاقة بينهم , يحاول دائما أن ينقص من خبرتها و شخصيتها
اللحظة التي لا تمر حين كان ينظر اليها بحقد و يقول لها :" ادخلي للدار او كبيرة .." وعمرها مجرد ايام , تلك الطفلة صاحبة التسع سنوات يراها اكبر من الشارع الذي يلعب فيه الأكبر منها , و كان المؤلم الذي لا ينسى أن يكون ظالما لها يرغمها على الصعود للبيت و يحب كل الأطفال مثلها مثلهم يضمهم من خلال الابتسامة و من خلال إعطائهم بعض المال الذي كان حقا لها ..
ترافق قلبها المكسور الى المنزل المليء به وهو لا يحب وجودها , يؤلمها قدر المستطاع , وتقول مع أنفاسها التي تلتقطها بصعوبة :" علاش يديرلي هكذا ؟"
( شحال من مرة كانت تقولها هكذا بصح تبان لهم جياحة ,, )
تواسي نفسها :" لكنه مؤلم كيف يتركونه هكذا .. "
سيذهب يوما ما و يترك الذكرى .. و ترك حتى من دون رحيل ..
المشهد4 : البقاء للمتنمرين
( للنهاية خسارة لا يجب أن تحدث أحيانا و لكن هذا ما يحدث , حين كانت رؤيا تحاول التماسك منذ سنوات , لم يعد لها أي قوة تزيد منها خطوة اخرى , فقدت نفسها هنا , في هذا المكان الذي أرادت الخروج منه و هي تحمل نجاحا من قصة كفاح ..
قبل نهاية العام الجميع كان يلتقي ليحقق فهما ينجيه من الرسوب , لكنها كانت تهرب , و بينما الجميع ملتفت بعض المتنمرات يجلسن حولها لتقول احداهن :" رؤيا معليش تكتبيلي مانيش قادرة و يعجبني الخط تاعك " و كانت نظراتن سخرية وكلها تنمر يقصدن به الاذية , لكن رؤيا تواصل التظاهر بأنها بخير و أنها لا تعاني نقصا في بصرها , وقالت لها :" إيه نكتبلك ماشي مشكل .. "
ما كان لها أن تخرج من تلك اللحظة التي لم تعرف كيف تبدأ فيها , فالجميع يحدق بها ليرى ما ستفعله , ولكن مصباح علاء الدين يتدخل لينقذها مرة اخرى ويدخل المدير القسم فجأة مع بعض الأشخاص ويستأذن من الأستاذة ليحدثنا عن بعض الروايات الى أن تنتهي الحصة و تنتهي معها الورطة ..
لتلك النهاية حديث ما في سطور :
- قبل أن اترك كل شيء كان لدي أمل لكن الجميع كان يحمي هؤلاء المتنمرين , و يدعمهم , حين تزيح من يحاول النجاح و تضعه لجانب من لا يحاولون , حين تجد كلمة و أخرى لتبعد من يحاول البقاء لأجل ما يحب , لكنهم يعطونك صورة على انك لا تساوي بعض الاشخاص الذين تم اختيارهم كذكرى جميلة يحتفظون بهم من خلال بعض الأوراق التي تأخذها لنفسها و تترك من يؤلمه الترك ..
- تناديها : " رؤيا تعالي الى هنا ..." , لتقول لها :"او ما تنجحش هكذا .. "
- كلها كلمات تقال دائما :" لن تنجحي , لن تنجحي ,, لن تنجحي...................."
- و بدأت بطفلة تحاول اللعب و لكنها تكتفي بالمشاهدة أحيانا فيؤلمها ذلك , و أحيانا أخرى تحاول الاقتراب فيتنمر عليها الجميع , لقد تلطخت يوما بالدماء لأجل أنها حاولت المشاركة في لعبة مع الاطفال فكانوا متنمرون يسقطونها كلما أوشكت على النجاح .. لماذا ..؟
- لن تجد جوابا إذا كان لا أحد يجيبك بل يخبرونك بأنك تتخيل .. وكل شيء يحدث في حقيقة يكذبونها ..
- و لقد انتهت ...
الفصل الثاني : بداية عام اخر
اليوم الجميع يذكرها بالفشل و الأخطاء , ليس لشيء لكن والدتها لا تفهم شيئا سوى أنه كان عليها أن لا تترك ابدا ,, فكيف يحزن القلب هنا ؟,, بل هو مؤلم أن تقارن بمن يشمت بك و لطالما تمنى فشلك فلقد كانت تقول لها دائما :"شوف بنت خالتك نجحت وانتي قعد هنا ,و هي دوك تلقى بلاصتها .."
لقد تغير كل شيء أصبحت تصرخ لا يهمهما من يكون :" اسكت عليا يرحم باباك واش دارت تعيش .. اخطيني متزيدش تهدر لي عليها ولا على وحدة خلاف .. ما تقلقنيش .. اووووف "
قالولهم :" ارقيو لها بلاك كاش ما بيها ,, شوفولها راقي العين ولا .. "
و يقولون وهي تسمع :" كيفاش كانت واش بيها ..؟ ............."
باباها زعفان عليها يظل يهدر بيها مع الناس :" طلقت قرايتها اي جاحت ,, تقرى ما حبتش وقاعدة فالدار ,, ووووووووو"
وانتهى كل شيء و لا يوجد ما هو مميز فيهم ,, والجميع بعدها ترك كل ما تعب لأجله سنوات , كل ذلك كان تجربة لا وجود للأخلاق فيها , ولا للوفاء .. من اجتمعوا تفرقوا , وكأنهم لا يعرفون بعضهم اليوم ,, يلتقي بك من يتجاهلك , و يلتقي بك من يخبرك أنه كان بريئا و يحترمك .. ولا وجود إلا للأقنعة و المنافقين ..
Tama Aliche