- إنضم
- 24 ديسمبر 2011
- المشاركات
- 24,443
- نقاط التفاعل
- 27,808
- النقاط
- 976
- محل الإقامة
- فار إلى الله
- الجنس
- ذكر
هل يحتاج الإنسان لإنجازات كبيرة حتى يجد السعادة؟ هل يحتاج إلى أعمال كبيرة ليؤثر في الحياة والآخرين؟ هل يحتاج إلى أموال ضخمة أو منصب كبير أو شهادات عليا أو شهرة كبيرة لينال احترام الآخرين؟ هل يحتاج إلى أعمال شاقة ومرهقة لينال رضى الله جل جلاله ويفوز بجنته؟... الخ، هذا ما يظنه كثير من الناس، رغم أن حقيقة الحياة تأبى ذلك، فليس في كل يوم تتيسر الإنجازات الكبيرة والأعمال الكبيرة، والأموال والمناصب والشهادات والشهرة لا تتوفر لكل شخص، بيد أن السعادة والتأثير والاحترام والجنة في الآخرة يحظى بها أوزاع من الناس، تختلف وضعياتهم ومقاماتهم وأعمالهم وأحوالهم...
لقد عقّد الناس الحياة، وعقّدوا أنفسهم قبل ذلك، وكبّلوا أنفسهم بحبال هذه العقد، فصارت السعادة بالنسبة إليهم حلما لذيذا، وإنجاز شيء تحديا كبيرا، وهذا ما جعل أكثرهم يرضى بالدون، ويطبع مع نظام التفاهة الذي يسيطر على حياة هذا العصر، فولوا وجوههم شطر البحث عن المتعة والترفيه: كرة القدم والرياضة، السينما والأفلام، الأفلام القصيرة على مواقع التواصل، (وحتى مواقع الفساد والإباحية).. تمضية للوقت وتضييعا للحياة، بدل استغلال هذا الوقت وعمارة الحياة بما ينفع دنيا وآخرة!
نعم لقد عقّد الناس الحياة، وأصبح هذا التعقيد مدخلا من مداخل تتفيهِها وتسفيهها، وصبغها بصبغة العبثية، ثم صاروا بذلك يتمسكون بأي قشة تقع بين أيديهم عسى ولعل أن تنقذهم من وهدتهم؛ ولهذا حين كتب ستيفن كوفي كتابه ‘نجاحات عظيمة يومية’ طاروا به فرحًا وهامُوا به طربًا!، وقد سمعت أحدهم وهو يتكلم على هذا الكتاب وكأنه الزبور أو الإنجيل! فيممت شطري تجاهه أقرأه، فألفيته كتابا لا يخلو من فائدة، إلا أنه لا يبلغ ذلك المقام من الفَرَادة المزعومة له، فهو كأي كتاب من إبداع البشر (فيه وعليه)! ووجدت فكرته العميقة التي انطلق منها وبني عليها هي (البساطة!)، فالمؤلف يحاول أن يلفت نظر الناس إلى أعمال (بسيطة) تركوها وغفلوا عنها وعن قيمتها وأثرها تحت ضغط زحمة هذه الحياة المعاصرة!. ففكرة الكتاب صائبة وهدفه نبيل!.
وفكرة الكتاب الجميلة هذه أجملها قبلا الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله في كلمة عميقة رصينة يقول فيها: “إن التاريخ لا يبدأ من مرحلة الحقوق، بل من مرحلة الواجبات المتواضعة في أبسط معنى للكلمة، الواجبات الخاصة بكل يوم، بكل ساعة، بكل دقيقة، لا في معناها المعقد، كما يعقده عن قصد أولئك الذين يعطلون جهود البناء اليومي بكلمات جوفاء، وشعارات كاذبة، يعطلون بها التاريخ، بدعوى أنهم ينتظرون الساعات الخطيرة والمعجزات الكبيرة”. [في مهب المعركة، ص 78].
والحق أن أعظم من نبه الناس إلى تلك الأعمال الصغيرة الخفيفة كلفة وجهدا، العظيمة أثرا وأجرا، (وبسط) الحياة الجميلة، هو سيد الخلق وحبيب الحق صلى الله عليه وسلم، فسنته الشريفة تحوي كنوزا، لو عملنا بها - نحن المسلمين - لقدمنا للبشرية نماذج اقتداء ومعالم اهتداء، ولو أحسنّا دعوة الناس إليها وتعريفهم بها لرأينا الناس يدخلون في دين الله أفواجا، وهذه أمثلة مما حضرني تصدق قولي هذا وتوثقه:
عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إفراغُك من دلوك في إناء أخيك صدقة، وأمرُك بالمعروف ونهيُك عن المنكرِ صدقة، وتبسمُك في وجه أخيك صدقة، وإِماطة الحجر والشوك والعظم عن طريق الناس صدقة، وهدايتك الرجل في أرض الضالة صدقة”. فهل عرف الناس دينا غير الإسلام يجزي الناس بالحسنات على التبسم؟
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «على كل مسلم صدقة»، فقالوا: يا نبي الله فمن لم يجد؟ قال: «يعمل بيده فينفع نفسه ويتصدق»، قالوا: فإن لم يجد؟ قال: «يعين ذا الحاجة الملهوف»، قالوا: فإن لم يجد؟ قال: «فليعمل بالمعروف، وليمسك عن الشر فإنها له صدقة»، فهل عرف الناس دينا غير الإسلام يجازي بالحسنات على ترك الشر والأذى؟ مجرد الترك؟؟
عن أنس رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من مسلم يغرس غرسا، أو يزرع زرعا، فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة، إلا كان له به صدقة»، فهل عرف الناس دينا غير الإسلام يجازي بالحسنات على غرس الأشجار؟ ونفع البهائم والأطيار؟
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «الكلمة الطيبة صدقة»، فهل عرف الناس دينا غير الإسلام يجازي عن الكلام إذا كان طيبا بالحسنات؟.
عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يا أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا والناس نيام تدخلوا الجنة بالسلام»، فهل عرف الناس دينا غير الإسلام بسط للجنة طريقا مثل هذه الطريق السهلة؟
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «وإن أحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مؤمن: تكشف عنه كربا، أو تقضي عنه دينا، أو تطرد عنه جوعا»، فهل عرف الناس دينا غير الإسلام يجعل أحب الأعمال إلى الله هذه المذكورات؟ وما أروع وقع قوله: «سرور تدخله على مؤمن»، نعم، إدخال السرور على الناس يدخل الناس إلى الجنة! فيا لجلال وجمال الإسلام!
ما هذه إلا أمثلة ولو أردت الإحاطة بمثل هذه الأنوار لما قدرت وما أدركت! وتكفي هذه النماذج لتوضيح المقصود، فما ذكر فيها من ‘نجاحات عظيمة يومية’ كافية في توضيح المقصود، ولكن أكثر المسلمين عن هذا غافلون!
لقد عقّد الناس الحياة، وعقّدوا أنفسهم قبل ذلك، وكبّلوا أنفسهم بحبال هذه العقد، فصارت السعادة بالنسبة إليهم حلما لذيذا، وإنجاز شيء تحديا كبيرا، وهذا ما جعل أكثرهم يرضى بالدون، ويطبع مع نظام التفاهة الذي يسيطر على حياة هذا العصر، فولوا وجوههم شطر البحث عن المتعة والترفيه: كرة القدم والرياضة، السينما والأفلام، الأفلام القصيرة على مواقع التواصل، (وحتى مواقع الفساد والإباحية).. تمضية للوقت وتضييعا للحياة، بدل استغلال هذا الوقت وعمارة الحياة بما ينفع دنيا وآخرة!
نعم لقد عقّد الناس الحياة، وأصبح هذا التعقيد مدخلا من مداخل تتفيهِها وتسفيهها، وصبغها بصبغة العبثية، ثم صاروا بذلك يتمسكون بأي قشة تقع بين أيديهم عسى ولعل أن تنقذهم من وهدتهم؛ ولهذا حين كتب ستيفن كوفي كتابه ‘نجاحات عظيمة يومية’ طاروا به فرحًا وهامُوا به طربًا!، وقد سمعت أحدهم وهو يتكلم على هذا الكتاب وكأنه الزبور أو الإنجيل! فيممت شطري تجاهه أقرأه، فألفيته كتابا لا يخلو من فائدة، إلا أنه لا يبلغ ذلك المقام من الفَرَادة المزعومة له، فهو كأي كتاب من إبداع البشر (فيه وعليه)! ووجدت فكرته العميقة التي انطلق منها وبني عليها هي (البساطة!)، فالمؤلف يحاول أن يلفت نظر الناس إلى أعمال (بسيطة) تركوها وغفلوا عنها وعن قيمتها وأثرها تحت ضغط زحمة هذه الحياة المعاصرة!. ففكرة الكتاب صائبة وهدفه نبيل!.
وفكرة الكتاب الجميلة هذه أجملها قبلا الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله في كلمة عميقة رصينة يقول فيها: “إن التاريخ لا يبدأ من مرحلة الحقوق، بل من مرحلة الواجبات المتواضعة في أبسط معنى للكلمة، الواجبات الخاصة بكل يوم، بكل ساعة، بكل دقيقة، لا في معناها المعقد، كما يعقده عن قصد أولئك الذين يعطلون جهود البناء اليومي بكلمات جوفاء، وشعارات كاذبة، يعطلون بها التاريخ، بدعوى أنهم ينتظرون الساعات الخطيرة والمعجزات الكبيرة”. [في مهب المعركة، ص 78].
والحق أن أعظم من نبه الناس إلى تلك الأعمال الصغيرة الخفيفة كلفة وجهدا، العظيمة أثرا وأجرا، (وبسط) الحياة الجميلة، هو سيد الخلق وحبيب الحق صلى الله عليه وسلم، فسنته الشريفة تحوي كنوزا، لو عملنا بها - نحن المسلمين - لقدمنا للبشرية نماذج اقتداء ومعالم اهتداء، ولو أحسنّا دعوة الناس إليها وتعريفهم بها لرأينا الناس يدخلون في دين الله أفواجا، وهذه أمثلة مما حضرني تصدق قولي هذا وتوثقه:
عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إفراغُك من دلوك في إناء أخيك صدقة، وأمرُك بالمعروف ونهيُك عن المنكرِ صدقة، وتبسمُك في وجه أخيك صدقة، وإِماطة الحجر والشوك والعظم عن طريق الناس صدقة، وهدايتك الرجل في أرض الضالة صدقة”. فهل عرف الناس دينا غير الإسلام يجزي الناس بالحسنات على التبسم؟
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «على كل مسلم صدقة»، فقالوا: يا نبي الله فمن لم يجد؟ قال: «يعمل بيده فينفع نفسه ويتصدق»، قالوا: فإن لم يجد؟ قال: «يعين ذا الحاجة الملهوف»، قالوا: فإن لم يجد؟ قال: «فليعمل بالمعروف، وليمسك عن الشر فإنها له صدقة»، فهل عرف الناس دينا غير الإسلام يجازي بالحسنات على ترك الشر والأذى؟ مجرد الترك؟؟
عن أنس رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من مسلم يغرس غرسا، أو يزرع زرعا، فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة، إلا كان له به صدقة»، فهل عرف الناس دينا غير الإسلام يجازي بالحسنات على غرس الأشجار؟ ونفع البهائم والأطيار؟
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «الكلمة الطيبة صدقة»، فهل عرف الناس دينا غير الإسلام يجازي عن الكلام إذا كان طيبا بالحسنات؟.
عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يا أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا والناس نيام تدخلوا الجنة بالسلام»، فهل عرف الناس دينا غير الإسلام بسط للجنة طريقا مثل هذه الطريق السهلة؟
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «وإن أحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مؤمن: تكشف عنه كربا، أو تقضي عنه دينا، أو تطرد عنه جوعا»، فهل عرف الناس دينا غير الإسلام يجعل أحب الأعمال إلى الله هذه المذكورات؟ وما أروع وقع قوله: «سرور تدخله على مؤمن»، نعم، إدخال السرور على الناس يدخل الناس إلى الجنة! فيا لجلال وجمال الإسلام!
ما هذه إلا أمثلة ولو أردت الإحاطة بمثل هذه الأنوار لما قدرت وما أدركت! وتكفي هذه النماذج لتوضيح المقصود، فما ذكر فيها من ‘نجاحات عظيمة يومية’ كافية في توضيح المقصود، ولكن أكثر المسلمين عن هذا غافلون!