مستطاع الجسد؟

razan roza

:: طاقم عمل اللمة الجزائرية ::
طاقم العمل
إنضم
2 ماي 2022
المشاركات
672
الحلول
1
نقاط التفاعل
2,060
النقاط
56
العمر
24
محل الإقامة
باتنة
الجنس
أنثى
كانت فتاة صغيرة في منتهى البراءة والجمال
كانت مفعمة بالحيوية والنشاط خجولة...رقيقة الصفات
كانت حُلوة هيفاء منعّمة، دلّلها أبواها حتّى بدا الدلال على أعلى وجنتيها شفقا لا يغيب،
و صوتا كالنغم لم يخالطه من كدر هذه الدنيا شيء...
و لعلّ كلّ ذلك معا ، هو ما كان يدفع بها السنة تلو السنة، حتّى بلغت البكالوريا دون كبير عناء و لا مثابرة...
و حلّت بنا المناظرة، و أحلّ القدرُ تلك الحسناء معي بنفس قاعة الإمتحان...
و امعن القدر في معابثتي، إذ جاءنا بمراقبين إثنين، ذكر و أنثى...
فأمّا الأنثى، فأستاذة في الرمق الأخير من حياتها المهنية على ما يبدو، تفترش الكرسيّ
و الطاولة معا. و تذهل عمّن في القاعة ذهولا يُظهرها كالنائمة، فهي لا تُفيق...
و أمّا الأستاذ، فشابّ كأشدّ ما يكون الشبّان تأنُّقا و شيوع عطر، و فرحا و حبورا...

و وُزّعت أوراق الإمتحان،
كنت ساعتها أشكو بقيّة صداع، لكنّ الموضوع الأوّل في الفلسفة قرع قلبي،
و دغدغ في أعماقي مواطن تنتظر الإستفزاز...
"مامدى معرفتنا بمّستطاع الجسد؟"
جاء فرويد و جاء فوكو و نيتشه
و الصوفيّون...
و آزدحموا هم و غيرهم على أعتاب جمجمتي يلحّون عليّ في أن يكون لكلٍّ منهم فيما أكتب نصيب...
غمرتني أشياء كالفرح و الحمّى اللذيذة ،
و آمتلأ ذهني، فآنهمرتُ على ورقة التحرير...
و في أقلّ من ساعتين من زمن الإمتحان كتبتُ عن مستطاع الجسد و عن سلطان النفس، و عن إمتزاجهما و عن حدودهما... و آنتفضتُ واقفا كمن طرح عن عاتقه أحمال الدهور...
و هممت بتسليم ورقتي إلى المراقبين بما أودعت فيها من وجع عقلي و تحويم خيالي
و خفقات روحي...
لكن الأستاذ الشابّ أشار عليّ بالبقاء في مقعدي، فآستجبت.
و في أثناء انتظاري السماح لي بالمغادرة، رأيته يحوم حول تلك التلميذة الحسناء... كانت كلّ خطوة يخطوها تردّه إليها،
و تقرّبه من حيث تجلس.
و أمّا هي فكانت واجمة، ثقيلة حركة اليد،
و على ذاك الوجه الذي لم نكن نرى أشدّ منه حُسنا، خيّمت سُحُبٌ من الحيرة.،و في العينين الواسعتين لاحت بوادر دمع يكاد ينهمر عجزا
و قلّة حيلة...

طال بي الإنتظار، حتى تهيّأ لناظري أنّ ذاك المراقب الوسيم قد آستحال عصفورا يرفرف حول تلك الوردة التي أذبلها الإحباط...

و رأيته للحظة ينحني عليها فيهامسها.
و تجيبه همسا، فيتوجه إليّ قارعا أرضية القاعة بحذائه اللمّاع كالوعيد.
لا أذكر الآن كيف أجبرني في ذاك الوقت على أن أكتب لها في ورقة ما يساعدها على إنجاز ما عجزت عنه بمفردها و بمجهودها الخاص.. غير أنّني فعلتُ مُكرها، و غادرت
لا ألتفت ورائي...

عند الباب الخارجي للمعهد، إستوقفني شرطيان كانا يحرسان مكان الإمتحان.
و أعتقد أنّني قد بدوت لهما مرهقا و مكلوما حتى رقّا لحالي و قدّما لي قطعة مرطبات
و كأسا فيه بقية قهوة... فمكثت أرتاح عندهما من هول ما كابدت...
و طال مكوثي حتّى رأيت الحسناء تلتحق بي
و تسألني بنبرة الإنتصار :
"هل تتوقّع أن نحصل على عدد ممتاز في تحليل ذلك النص؟ "

و رأيت القدر يسقط من السّماء هذه المرّة كحمم الجحيم . و ينصبّ على قوامها المهفهف و على ورد وجنتيها، و على دلالها و بريقها فيصعقها صعقا ، حين أجبتها في ذهول :
"و لكنّ ما قدمته لك لم يكن يخص تحليل النصّ بل كان يتعلق بالموضوع الأول"
و آنهارت، و آنهار كلّ شيء...
و آجتزتُ الباب، ليأخذني الطريق...
و في ذهني صدى حيرة فيلسوف، و حُرقة طفل... "
كانت حُلوة هيفاء منعّمة، دلّلها أبواها حتّى بدا الدلال على أعلى وجنتيها شفقا لا يغيب،
و صوتا كالنغم لم يخالطه من كدر هذه الدنيا شيء...
و لعلّ كلّ ذلك معا ، هو ما كان يدفع بها السنة تلو السنة، حتّى بلغت البكالوريا دون كبير عناء و لا مثابرة...
و حلّت بنا المناظرة، و أحلّ القدرُ تلك الحسناء معي بنفس قاعة الإمتحان...
و امعن القدر في معابثتي، إذ جاءنا بمراقبين إثنين، ذكر و أنثى...
فأمّا الأنثى، فأستاذة في الرمق الأخير من حياتها المهنية على ما يبدو، تفترش الكرسيّ
و الطاولة معا. و تذهل عمّن في القاعة ذهولا يُظهرها كالنائمة، فهي لا تُفيق...
و أمّا الأستاذ، فشابّ كأشدّ ما يكون الشبّان تأنُّقا و شيوع عطر، و فرحا و حبورا...

و وُزّعت أوراق الإمتحان،
كنت ساعتها أشكو بقيّة صداع، لكنّ الموضوع الأوّل في الفلسفة قرع قلبي،
و دغدغ في أعماقي مواطن تنتظر الإستفزاز...
"مامدى معرفتنا بمّستطاع الجسد؟"
جاء فرويد و جاء فوكو و نيتشه
و الصوفيّون...
و آزدحموا هم و غيرهم على أعتاب جمجمتي يلحّون عليّ في أن يكون لكلٍّ منهم فيما أكتب نصيب...
غمرتني أشياء كالفرح و الحمّى اللذيذة ،
و آمتلأ ذهني، فآنهمرتُ على ورقة التحرير...
و في أقلّ من ساعتين من زمن الإمتحان كتبتُ عن مستطاع الجسد و عن سلطان النفس، و عن إمتزاجهما و عن حدودهما... و آنتفضتُ واقفا كمن طرح عن عاتقه أحمال الدهور...
و هممت بتسليم ورقتي إلى المراقبين بما أودعت فيها من وجع عقلي و تحويم خيالي
و خفقات روحي...
لكن الأستاذ الشابّ أشار عليّ بالبقاء في مقعدي، فآستجبت.
و في أثناء انتظاري السماح لي بالمغادرة، رأيته يحوم حول تلك التلميذة الحسناء... كانت كلّ خطوة يخطوها تردّه إليها،
و تقرّبه من حيث تجلس.
و أمّا هي فكانت واجمة، ثقيلة حركة اليد،
و على ذاك الوجه الذي لم نكن نرى أشدّ منه حُسنا، خيّمت سُحُبٌ من الحيرة.،و في العينين الواسعتين لاحت بوادر دمع يكاد ينهمر عجزا
و قلّة حيلة...

طال بي الإنتظار، حتى تهيّأ لناظري أنّ ذاك المراقب الوسيم قد آستحال عصفورا يرفرف حول تلك الوردة التي أذبلها الإحباط...

و رأيته للحظة ينحني عليها فيهامسها.
و تجيبه همسا، فيتوجه إليّ قارعا أرضية القاعة بحذائه اللمّاع كالوعيد.
لا أذكر الآن كيف أجبرني في ذاك الوقت على أن أكتب لها في ورقة ما يساعدها على إنجاز ما عجزت عنه بمفردها و بمجهودها الخاص.. غير أنّني فعلتُ مُكرها، و غادرت
لا ألتفت ورائي...

عند الباب الخارجي للمعهد، إستوقفني شرطيان كانا يحرسان مكان الإمتحان.
و أعتقد أنّني قد بدوت لهما مرهقا و مكلوما حتى رقّا لحالي و قدّما لي قطعة مرطبات
و كأسا فيه بقية قهوة... فمكثت أرتاح عندهما من هول ما كابدت...
و طال مكوثي حتّى رأيت الحسناء تلتحق بي
و تسألني بنبرة الإنتصار :
"هل تتوقّع أن نحصل على عدد ممتاز في تحليل ذلك النص؟ "

و رأيت القدر يسقط من السّماء هذه المرّة كحمم الجحيم . و ينصبّ على قوامها المهفهف و على ورد وجنتيها، و على دلالها و بريقها فيصعقها صعقا ، حين أجبتها في ذهول :
"و لكنّ ما قدمته لك لم يكن يخص تحليل النصّ بل كان يتعلق بالموضوع الأول"
و آنهارت، و آنهار كلّ شيء...
و آجتزتُ الباب، ليأخذني الطريق...
و في ذهني صدى حيرة فيلسوف، و حُرقة طفل... "ما مدى معرفتنا بمستطاع الجسد؟".
.
 
جزاك الله خيرا على الموضوع الرائع و المميز و القيم جعله الله في ميزان حسناتك يارب العالمين
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top