بسم الله الرحمن الرحيم
المعصية مُخزية فاحذر وانتبه!
المعصية مُخزية فاحذر وانتبه!
هذه نصيحة لنفسي ولإخواني؛ لعلّها إذا وقعت على قلوب الأصحاب نفعت، فإنّا عبادٌ مقصّرون مذنبون والله المستعان، وهذه نفسي أذمّها وأُلجمها وأَكبحُها عن المساوي جاهدا، فيا ربّ وفّق وسدد، فلا طِيب للعيش وأنت تعصي الإله وهو ينظر إليك، فهل من توبة يا عبد الله!
قال رجل لحاتم الأصمّ رحمه الله:«ما تشتهي؟ قال: أشتهي عافية يومي إلى اللّيل، فقيل له: أليست الأيّام كلّها عافية؟ ️قال: إنّ عافية يومي أن لّا أعصيَ الله فيه»[1].
قال ابن القيّم رحمه الله: «إن الذي تشتهي نفسهُ المعاصي ويتركها لله ، مِن الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم»[2].
فنسأل الله أن يجعلنا من الصّابرين وأن يثبّتنا على التّوبة النّصوح وأن يجنّبنا المعاصي سرّا وعلنا، فلا تحسبنّ أنّ الصّبر على المعاصي سهل؛ فكما كان الصّبر على الطّاعة عظيما فكذا الشّأن بالنّسبة للمعاصي؛ بل من أهل العلم من فضّل الصّبر عن المعصية على الصّبر على الطّاعة.
قال الإمام بن القيّم رحمه الله تعالى: « وههنا مسألة تكلّم فيها النّاس وهي: أيُّ الصّبرين أفضل: صبر العبد عن المعصية، أم صبره على الطّاعة؟ فطائفة: رجّحت الأوّل، وقالت: الصّبر عن المعصية من وظائف الصدِّيقين؛ كما قال بعض السّلف: أعمال البرّ يفعلها البَر ّوالفاجر، ولا يقوى على ترك المعاصي إلّا صدِّيق، قالوا: ولأنّ داعيَ المعصية أشدّ من داعي ترك الطّاعة؛ فإنّ داعيَ المعصية إلى أمر وجوديّ تشتهيه النّفس، وتلتذّ به، والدّاعي إلى ترك الطّاعة: الكسل، والبطالة، والمهانة، ولا ريب أنّ داعي المعصية أقوى، قالوا: ولأنّ العصيان قد اجتمع عليه داعي النّفس، والهوى، والشّيطان، وأسباب الدّنيا، وقرناء الرّجل، وطلب التّشبه والمحاكاة، وميل الطّبع، وكلُّ واحدٍ من هذه الدّواعي يجذب العبد إلى المعصية، ويطلب أثره، فكيف إذا اجتمعت، وتظاهرت على القلب، فأيّ صبر أقوى من صبر عن إجابتها، ولولا أنّ الله يُصبّره لما تأتَّى منه الصّبر، وهذا القول كما ترى حجّته في غاية الظّهور»[3].
وإنّ للمعصية أثرًا قبيحًا على الإنسان، فقد يُحرم بها العلم، والرّزق، والصّحّة، وغيرها من نِعم الله .
قال الإمام ابن القيّم رحمه الله: «ﻭﻫﻞ ﺯاﻟﺖ ﻋﻦ ﺃﺣﺪ ﻗﻂّ ﻧﻌﻤﺔ ﺇﻻّ ﺑﺸﺆﻡ ﻣﻌﺼﻴﺘﻪ! ﻓﺈﻥّ اﻟﻠﻪ ﺇﺫا ﺃﻧﻌﻢ ﻋﻠﻰ ﻋﺒﺪ ﺑﻨﻌﻤﺔ ﺣﻔﻈﻬﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻻ ﻳﻐﻴّﺮﻫﺎ ﻋﻨﻪ ﺣﺘّﻰ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻮ اﻟﺴّﺎﻋﻲ ﻓﻲ ﺗﻐﻴﻴﺮﻫﺎ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ»[4].
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «إنّي لأحسب الرّجل ينسى العلم، بالخطيئة يعملها»[5].
وقال رجل للإمام مالك رحمه الله: «يا أبا عبد الله، هل يصلح لهذا الحفظ شيء؟ قال: إن كان يصلح له شيء، فترك المعاصي»[6].
فيا من تقرأ المقال ادعُ الله لي ولإخوانك أن يغفر لنا ذنوبنا فلعلّ دعوتك تكون سببا في صلاحنا، ونسأل الله أن يجزيك خير الجزاء.
قالَ الإمام الشوكاني رحمه اللّٰه: «من أرادَ الاستكثَار من فضلِ الله من الحسنَات، فليقل: اللهمَّ اغفرْ للمُؤمنِين والمُومنَات؛ فإنّه يكتبُ له منَ الحسنَات ما لا يحيطُ به حَصر، ولا يتصوّره فِكر، وفضلُ اللّٰه واسِع»[7].
أبو عبد الرّحمن محمّد بن عمّار
غفر الله له ولوالديه
[1] تهذيب الحلية (514/2).
[2] الفوائد (125).
[3] طريق الهجرتين (414).
[4] بدائع الفوائد (205/2).
[5] العلم؛ لأبي خيثمة زهير بن حرب.
[6] رواه الخطيب في الجامع (387/2).
[7] تحفة الذاكرين (380).
المصدر موقع الابانة السلفية