- إنضم
- 7 أفريل 2015
- المشاركات
- 17,277
- الحلول
- 1
- نقاط التفاعل
- 50,504
- النقاط
- 1,886
- محل الإقامة
- الجزائر الحبيبة
- الجنس
- ذكر
في احدى السنوات
و في فصل الصيف الحارق
كانت بنيتي ساجدة رضيعة في عمر الثلاث أو الأربع أشهر
هممت بالخروج من المنزل في حدود الساعة الثامنة صباحا
توصيني زوجتي ان اجلب حليب الرضاعة لساجدة
لأنه كمل و وجبتها القادمة في حدود الساعة 10 او قبلها بقليل
سألتها اذا توجد كمية على الاقل للوجبة القادمة ام لا
أقسمت زوجتي أن الأناء نفذ و لا يوجد فيه شيء
سألتها إذا عندها فلوس
فأقسمت أن لا درهم و لا دينار في المنزل
منزلي نوعا ما معزول عن القرية
قلت لزوجتي خليها على الله
ذهبت الى القرية و انا افكر في المخرج او من اين سآتي بالحليب
وصلت الى القرية و طفتها محلا محلا و زنقة زنقة
سبحان الله
اغلقت كل الحلول امامي احسست ان لا حل بيدي
لم اجد من يسلفني قيمة العلبة
و لا من يقرضني العلبة
او بالاحرى لم اجد تيسيرا في طلبي
ففي الحوانيت وجدت الكثير من الناس مجتمعة كعادتنا
فوجدت حرجا في طلبها بالكريدي او بالقرض
و كل من تعودت ان اقترض منه لم اجدهم
بقيت حوالي الثلاث او الاربع ساعات و انا في الشمس الحارقة
اطرق الحيل و السبل لأحصل على حليب لبنيتي التي تتضور جوعا
مشيت و هرولت و سعيت
لا فااائدة
لا حل
لا حليب
لا مال
توترت و حزنت و بكيت و توجعت
الامر لا يحتمل التأجيل
هناك رضيعة تصرخ
نفذت كل الافكار و كل السبل
وصلت الساعة منتصف النهار
يئست من إيجاد حل
الآن العودة الى الدار , لكن ماذا سأقول لزوجتي
و ماذا نفعل مع الرضيعة
طأطأت رأسي و عزمت على العودة بخفي حنين
و انا أمشي كالقبر بلا روح حزين و مرهق و مشتت و مدمر
ألوم نفسي و ألوم حظي و أندبه
لا اعرف كيف قطعت المسافة بين القرية و داري
و عند اقترابي من بيتي بأمتار
والله سمعت صراخها
هو صراخ الجوع صراخ العطش
أحسست أن الارض ضاقت علي بما رحبت
لم اقدر على سماع صراخها
فكرت بالصراخ او البكاء او الجري الى مكان لا اسمع فيه هته المأسات
قلبي يعتصر حزنا و ألما
ليتها تشرب ماء عيوني لأعطيتها
ليتها تتغذى على روحي فأعطيها
ليتها تتغذى على عمري فأعطيها
لكن كل هذا لا ينفع
الرضيعة محتاجة حليب
في تلك اللحظة القاسية رفعت رأسي إلى السماء و قلت
يالله قد توكلت عليك و ها أنا أعود بلا حليب
قلتها بكل ألم و حزن
و قررت الولوج ألى بيتي و ليكن ما يكن
و ماهي إلا خطوات تفصلني عن باب داري
لأسمع منبه سيارة خلفي
ألتفت إلى صاحبها و كان من اهل البادية عندنا معرفتي به محدودة
يبتسم لي لأرد البسمة ببسمة حزينة
نزل صاحب السيارة تأكد من اسمي و قال هل انت فلان ابن فلان
قلت له أي نعم يا مرحب خير ما امرك
قال لي ارسلني فلان عندك أتعرفه
فأجبته نعم اعرفه
فقال لي صاحبك اليوم مسافر لأمر خاص و مهم جدا جدا
البارحة و هو نائم شاف رؤيا كأنك أعطيته فأل طيب أو إشارة طيبة
اليوم سافر الى أمره لكن قبل سفره أقسم علي أن آتيك بهذا المبلغ من المال راجيا منك الدعاء
له بالتوفيق و السداد ـ تعجبت من الأمر على الرغم من حالتي و وضعيتي
رددت ماله لكنه أقسم و بقي يقسم أن صاحبي أقسم علي و عليه أن اقبل هته الهدية
فلم اجد مناصا من قبولها و انا اقول سبحاان الله سبحااان الله
فرجت في المتر الأخير
و في الوقت الذي كنت اقول لم تفرج
فرجت و خرجت من عنق الزجاجة
حسيت روحي كأني ملكت الدنيا و انا أمسك ذاك المبلغ
احسست بفرحة العمر و فرحة كل الاماني المحققة
فرحة الفرج بعد الضيق
فرحة اليقين بعد الشك
فرحة الغريق بالشاطيء
فرحة المغبون و المتوجع و الحزين بالبشرى
السيد صاحب السيارة و قال انا ذاهب الى القرية أذا تحب مرافقتي او تود شراء شيء
و أعيدك بالسيارة حتى دارك
ذهبت معاه مباشرة لشراء علب الحليب و الحفاظات و بعض الخضر و الفواكه
و انا احمد الله و اسبحه و استغفره
فخليها على الله
و لا تستعجل قد تفرج في المتر الأخير
آخر تعديل بواسطة المشرف: