قدور القسنطيني
:: عضو منتسِب ::
- إنضم
- 12 جوان 2023
- المشاركات
- 8
- نقاط التفاعل
- 15
- النقاط
- 8
- العمر
- 65
- محل الإقامة
- قسنطينة الجزائر
- الجنس
- ذكر
رأى أحد السلاطين أن قصره في حاجة ماسة إلى خادم نشيط يتصف بصفات نادرة و يتميز عن غيره من الخدم بسرعة فائقة ،فطلب من حاشيته إحضار خادم يلبي رغباته ، و مرت أيام و ما جاءوه بالخادم النادر ، فقرر أن يخرج هو بنفسه عله يعثر على مبتغاه فلف كل أسواق سلطنته و ما وجد ضالته و هو عائد في طريقه إلى قصره أعترض سبيل موكبه رجل فقال بعد إن انحني تحية للسلطان :
سيدي السلطان ! سمعت أنك تبحث عن خادم نشط و لا يعرف الكسل ؟
فأجاب السلطان أن نعم !
فقال الرجل : لي خادم يكفيك ما تريد يا سيدي ، إذا رأيته و هو يلبي رغباتك ينشرح صدرك و يجعلك تحبه حبا جما و تضمه إليك ضما ،بل و تفضله و تكرّمه لكن له صفة أعوذ بالله منها !
قال السلطان و ما هي هذه الصفة المذمومة يا رجل ؟
قال الرجل : خادمي يا سيدي يصاب في يوم واحد من العام بداء " الحرنة " ؟ أتعرف هذا الداء ؟
قال السلطان : لا أعرفه ! و ما هو ؟ و ما هي أعراضه ؟ حتى نتجنب هذا المشكل فنعد له العدة قبل أوانه !
قال الرجل : المشكله يا سيدي أنه لا أعراض له !
فكر السلطان قليلا ثم نظر يمنة ثم يسرة ثم قال للرجل : إليّ بهذا الخادم ! ما دام له يوم واحد في السنة كلها فليختر اليوم الذي يشاء و سنتجاوز عنه !
فقال الرجل : المشكلة يا سيدي أن حرنته هذه لا تأتي إلا فجأة ثم تنصرف بانقضاء اليوم !
فقال السلطان: علي بهذا الخادم فلقد شوقني مولاه لرؤيته و ما أحسبني تاركه !؟
أحضر الخادم إلى موكب السلطان و قد أخبره مولاه أن السلطان يريده في قصره فاهتز كيانه و دنا من السلطان و راح من شدة الفرح يقوم بحركات مثيرة و مضحكة أدمعت عيني السلطان ضحكا لما رآه من حيويته ، و أسلوب تعامله الممتع فقال في نفسه : هذا هو الخادم الذي يكفيني و يملأ فراغ قصري و سآخذه ! ثم التفت إلى الرجل و قال : سنأخذ هذا الخادم إلى القصر ! أما أنت فاتنا إلى القصر غدا لتأخذ ثمن خادمك !
عاد السلطان إلى قصره فرحا بكسبه الجديد ، و أمر حاشيته بأن لا تنادي الخادم الجديد إلا باسم " حرنان "
تعالى يا "حرنان" اذهب يا " حرنان " خذ يا " حرنان " هات يا " حرنان " لدرجة أن السلطان جعله من أقرب المقربين و أدناه إليه حتى كاد لا يفارقه ليلا و نهارا ، و مرت سنوات ثلاث حرن فيها الخادم حرنات ممتعة .
جاءت السنة الرابعة و آلت إلى الأفول و ما حرن الخادم .
كانت الأيام الأخيرة عصيبة جدا على كل ربوع السلطنة لشدة الجفاف الذي أصاب البلاد فمات من الرعية من مات و ما بقي إلا القليل ، حتي خيول السلطان مات الكثير منها و لم يبق إلا القليل . و حز في نفس السلطان حالة بلده و رعيته و أرزاقه ....فقرر الخروج من مدينته رفقة ما تبقى من الرعية بحثا عن مكان يلبي أقل قدر من زرع يملأ البطون الخاوية ، و ينسيهم القحط الذي أصابهم .
خرج السلطان يتقدم بقايا رعيته ، وما إن توارت مدينتهم عن أنظارهم و قد بعدوا عنها مسافات طويلة حتى بدأ المطر يتساقط قطرات قطرات ، فتوقف الجميع عن المسير سلطانا و رعية لهول ما يرون ، و ما هي إلا لحظات حتى فتحت السماء على أمر قد قدر ثم جادت بأمر ربها بماء منهمر ، فكنت ترى القوم و قد انقلبوا راجعين إلى ديارهم يجرون فرحين مستبشرين و قد تعالت صيحاتهم حمدا و تهليلا ، كان السلطان يرقص كرعيته تماما و معه خادمه "حرنان" ، كانت رقصات " حرنان " غاية في العجب جعلت السلطان يعانقه .
قفل الجميع عائدين ، و كانوا حين خروجهم قد تركوا واديهم الكبير خارج المدينة جافا قد انتصبت داخلة الحجارة الثقيلة و الكبيرة الحجم ، ولكن عند عودتهم وجدوا أن الماء يزداد ارتفاعا بالوادي و قد غمرها جميعها ، فالتفت " حرنان " إلى السلطان و قال له : سيدي و مولاي ! على ظهري على ظهري سأمر و أقطع بك الوادي ، فروّى السلطان قليلا ثم أحجم برهة ، فانحنى " حرنان " أمام سلطانه فركب على كتفيه ، وانطلق "حرنان" مسرعا ليقطع الوادي قبل أن يزداد ارتفاع الماء ، و ما كاد يصل إلى وسط الوادي حتى أحس بدوران يلف برأسه فقال للسلطان و قد شدّت يداه يدي سيده ثم توقف عن التقدم وعن السير و قال : سيدي ! سيدي ! سيدي ! مولاي ! مولاي ! ملاي!
قال السلطان: ما هناك يا حرنان ؟
قال " حرنان " : إنها " الحرنة " يا سيدي ! إنها " الحرنة " !
قال السلطان : لا يا " حرنان " ! لا يا " حرنان " ! لا يا " حرنان " ! ليس هنا يا "حرنان " ليس هنا ! أنت تحكم علي بالإعدام ! أنت تقتلني يا " حرنان " .
قال "حرنان " : ليس الأمر بيدي يا سيدي ! و الله ليس بيدي !
قال السلطان : هيا يا " حرنان " أمش يا " حرنان " هيا سر على بركة الله يا " حرنان " ، " حرنان " سأجعلك وزيرا لي ! ستكون ذراعي اليمنى يا " حرنان " سر يا " حرنان " سر قبل أن تغمرنا مياه الوادي !
قال " حرنان ": لا أستطيع يا سيدي لا أستطيع ! و الله لا أستطيع !
كان أفراد الرعية كلهم قد اجتازوا الوادي و ما بقي إلا سلطانهم مع خادمه " حرنان" .
بقي الجميع يرمقون بحزن و شفقة وضع و حالة سلطانهم في هذا الموقف الحرج .
.................. يتبع ج2.......................
سيدي السلطان ! سمعت أنك تبحث عن خادم نشط و لا يعرف الكسل ؟
فأجاب السلطان أن نعم !
فقال الرجل : لي خادم يكفيك ما تريد يا سيدي ، إذا رأيته و هو يلبي رغباتك ينشرح صدرك و يجعلك تحبه حبا جما و تضمه إليك ضما ،بل و تفضله و تكرّمه لكن له صفة أعوذ بالله منها !
قال السلطان و ما هي هذه الصفة المذمومة يا رجل ؟
قال الرجل : خادمي يا سيدي يصاب في يوم واحد من العام بداء " الحرنة " ؟ أتعرف هذا الداء ؟
قال السلطان : لا أعرفه ! و ما هو ؟ و ما هي أعراضه ؟ حتى نتجنب هذا المشكل فنعد له العدة قبل أوانه !
قال الرجل : المشكله يا سيدي أنه لا أعراض له !
فكر السلطان قليلا ثم نظر يمنة ثم يسرة ثم قال للرجل : إليّ بهذا الخادم ! ما دام له يوم واحد في السنة كلها فليختر اليوم الذي يشاء و سنتجاوز عنه !
فقال الرجل : المشكلة يا سيدي أن حرنته هذه لا تأتي إلا فجأة ثم تنصرف بانقضاء اليوم !
فقال السلطان: علي بهذا الخادم فلقد شوقني مولاه لرؤيته و ما أحسبني تاركه !؟
أحضر الخادم إلى موكب السلطان و قد أخبره مولاه أن السلطان يريده في قصره فاهتز كيانه و دنا من السلطان و راح من شدة الفرح يقوم بحركات مثيرة و مضحكة أدمعت عيني السلطان ضحكا لما رآه من حيويته ، و أسلوب تعامله الممتع فقال في نفسه : هذا هو الخادم الذي يكفيني و يملأ فراغ قصري و سآخذه ! ثم التفت إلى الرجل و قال : سنأخذ هذا الخادم إلى القصر ! أما أنت فاتنا إلى القصر غدا لتأخذ ثمن خادمك !
عاد السلطان إلى قصره فرحا بكسبه الجديد ، و أمر حاشيته بأن لا تنادي الخادم الجديد إلا باسم " حرنان "
تعالى يا "حرنان" اذهب يا " حرنان " خذ يا " حرنان " هات يا " حرنان " لدرجة أن السلطان جعله من أقرب المقربين و أدناه إليه حتى كاد لا يفارقه ليلا و نهارا ، و مرت سنوات ثلاث حرن فيها الخادم حرنات ممتعة .
جاءت السنة الرابعة و آلت إلى الأفول و ما حرن الخادم .
كانت الأيام الأخيرة عصيبة جدا على كل ربوع السلطنة لشدة الجفاف الذي أصاب البلاد فمات من الرعية من مات و ما بقي إلا القليل ، حتي خيول السلطان مات الكثير منها و لم يبق إلا القليل . و حز في نفس السلطان حالة بلده و رعيته و أرزاقه ....فقرر الخروج من مدينته رفقة ما تبقى من الرعية بحثا عن مكان يلبي أقل قدر من زرع يملأ البطون الخاوية ، و ينسيهم القحط الذي أصابهم .
خرج السلطان يتقدم بقايا رعيته ، وما إن توارت مدينتهم عن أنظارهم و قد بعدوا عنها مسافات طويلة حتى بدأ المطر يتساقط قطرات قطرات ، فتوقف الجميع عن المسير سلطانا و رعية لهول ما يرون ، و ما هي إلا لحظات حتى فتحت السماء على أمر قد قدر ثم جادت بأمر ربها بماء منهمر ، فكنت ترى القوم و قد انقلبوا راجعين إلى ديارهم يجرون فرحين مستبشرين و قد تعالت صيحاتهم حمدا و تهليلا ، كان السلطان يرقص كرعيته تماما و معه خادمه "حرنان" ، كانت رقصات " حرنان " غاية في العجب جعلت السلطان يعانقه .
قفل الجميع عائدين ، و كانوا حين خروجهم قد تركوا واديهم الكبير خارج المدينة جافا قد انتصبت داخلة الحجارة الثقيلة و الكبيرة الحجم ، ولكن عند عودتهم وجدوا أن الماء يزداد ارتفاعا بالوادي و قد غمرها جميعها ، فالتفت " حرنان " إلى السلطان و قال له : سيدي و مولاي ! على ظهري على ظهري سأمر و أقطع بك الوادي ، فروّى السلطان قليلا ثم أحجم برهة ، فانحنى " حرنان " أمام سلطانه فركب على كتفيه ، وانطلق "حرنان" مسرعا ليقطع الوادي قبل أن يزداد ارتفاع الماء ، و ما كاد يصل إلى وسط الوادي حتى أحس بدوران يلف برأسه فقال للسلطان و قد شدّت يداه يدي سيده ثم توقف عن التقدم وعن السير و قال : سيدي ! سيدي ! سيدي ! مولاي ! مولاي ! ملاي!
قال السلطان: ما هناك يا حرنان ؟
قال " حرنان " : إنها " الحرنة " يا سيدي ! إنها " الحرنة " !
قال السلطان : لا يا " حرنان " ! لا يا " حرنان " ! لا يا " حرنان " ! ليس هنا يا "حرنان " ليس هنا ! أنت تحكم علي بالإعدام ! أنت تقتلني يا " حرنان " .
قال "حرنان " : ليس الأمر بيدي يا سيدي ! و الله ليس بيدي !
قال السلطان : هيا يا " حرنان " أمش يا " حرنان " هيا سر على بركة الله يا " حرنان " ، " حرنان " سأجعلك وزيرا لي ! ستكون ذراعي اليمنى يا " حرنان " سر يا " حرنان " سر قبل أن تغمرنا مياه الوادي !
قال " حرنان ": لا أستطيع يا سيدي لا أستطيع ! و الله لا أستطيع !
كان أفراد الرعية كلهم قد اجتازوا الوادي و ما بقي إلا سلطانهم مع خادمه " حرنان" .
بقي الجميع يرمقون بحزن و شفقة وضع و حالة سلطانهم في هذا الموقف الحرج .
.................. يتبع ج2.......................