{قُلَ اَوْنَبِّئُكُم بْخَيْرٍ مِنْ ذلِـكُمْ لِلذِينَ اِتَّقَوْاْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّـاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا اَلانْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَ أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَ رِضْوَانٌ مِّنَ اَللهِ وَ اَللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ15 اِلذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَآ إِنَّنَآ ءَامَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ اَلنّارِ16 اِلصَّابِرِينَ وَاِلصَّادِقِينَ وَاِلْقَانِتِينَ وَاِلْمُنْفِقِينَ وَاِلْمُسْتَغْفِرِينَ بِالاَسْحَارِ17}
(قُلَ اَوْنَبِّئُكُم بْخَيْرٍ مِنْ ذلِـكُمْ )أي قل يامحمد ءَأُخبركم بخير مما زُيِّن للناس من زهرة الحياة الدنيا ونعيمها الزائل؟ والاستفهام للتقرير(للذين اتقوا عند ربِّهم جنًّات تجري من تحتها الأنهار) أي للمتقين يوم القيامة جناتٌ فسيحات تجري من خلال جوانبها وأرجائها الأنهار ( خالدين فيها ) أي ماكثين فيها أبد الآباد ( وأزاوج مطهرة) أي منزهة عن الدنس والخبث، الحسي والمعنوي، لا يتغوطن ولا يتبولن ولا يحضن ولا ينفسن، ولا يعتريهن نساء الدنيا (ورضوان من الله ) أي ولهم مع ذلك النعيم رضوان من الله وأَيُّ رضوان، وقد جاء في الحديث (( أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا)) ( والله بصير بالعباد) أي عليم بأحوال العباد يعطي كلاً بحسب ما يستحقه من العطاء. ثُمّ بيَّن تعالى صفات هؤلاء المتقين الذين أكرمهم بالخلود في دار النعيم فقال : (اِلذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَآ إِنَّنَآ ءَامَنَّا) أي آمنا بك وبكتبك ورسلك (فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ اَلنّار)أي اغفر لنا بفضلك ورحمتك ذنوبنا ونجنا من عذاب النار (اِلصَّابِرِينَ وَاِلصَّادِقِينَ وَاِلْقَانِتِينَ) أي الصابرين على البأساء والضراء، والصادقين في إيمانهم وعند اللقاء، والمطيعين لله في الشدة والرخاء (وَاِلْمُنْفِقِينَ) أي الذين يبذلون أموالهم في وجوه الخير( وَاِلْمُسْتَغْفِرِينَ بِالاَسْحَار) أي وقت السَّحَر قُبَيل طلوع الفجر
فائدة :
تخصيص الأسحار بالاستغفار لأن الدعاء فيها أقرب إلى الإجابة، لأن النفس أصفى، والروح أجمع، والعبادة أشق فكانت أقرب إلى القبول، قال ابن كثير: كان عبد الله بن عمر يصلي من الليل ثم يقول: يا نافع هل جاء السَّحَر؟ فإذا قال نعم أقبل على الدعاء والاستغفار حتى يصبح1
--------------------------------------------------
1 مختصر ابن كثير 1/271
من كتاب صفوة التفاسير لمحمد علي الصابوني الجزء الاول