- إنضم
- 24 ديسمبر 2011
- المشاركات
- 24,449
- نقاط التفاعل
- 27,814
- النقاط
- 976
- محل الإقامة
- فار إلى الله
- الجنس
- ذكر
أولادنا نعمة تشكر وأمانة عليها نُسأل، فقد خص الله تعالى هذه النعمة وسماها بالهبة في غير موضع من كلامه جل جلاله : {يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ}[سورة الشورى:49] والهبة في لغة العرب كما جاء في قاموس المعاني هي التمليك في الحياة بغير عوض.
هذه نعمة إذا لم تشكر ستزول لا محالة وفقا للسنن الشرعية التي فطر الله تعالى الناس عليها، وزوالها ليس بانقطاع النسل وإنما بالضياع وعدم استقامتهم، ومن أوكد الشكر وأسماه حسن التربية والمجاهدة في استقامة الأبناء، بل تستوجب التضحية في سبيل هذه الغاية النبيلة، ويعترض هذا السبيل جملة من المعوقات أو قل إن شئت مثبطات تنسف أحيانا كل نظريات التربية المجردة فتصطدم الرؤية النظرية المثالية عند التفعيل والاحتكاك بالواقع المرير، ومن هنا يأتي الخلل في عدم الانسجام ويطرح الاستفهام العريض بشدة: ما السبيل الأمثل للتربية الصحيحة في ظل واقع غير سليم؟
تنسب مقالة إلى الفيلسوف جون جاك روسو يقول فيها: قبل أن أتزوج كان لدي ستة نظريات في تربية الأطفال، أما الآن فعندي ستة أطفال وليس عندي نظرية لهم…أي نعم هو الواقع الذي يقف ندا لذلك المربي الذي كانت تراوده تلك النظريات الجميلة في شكل أمنيات لطيفة في تربية الأبناء وبناء الجيل وتهذيبه، فعلى من تقع ملامة الفشل إذن؟ أعلى الآباء وكل المربين بصفة عامة؟ أم على تلك النظريات التربوية التي لم تستطع أن تشخص العلة جيدا فوقع الخلل؟
وقبل الإجابة على هذا الإشكال أو التساؤل لابد أن نسلم بأن نظرياتنا التربوية في مجملها صحيحة خاصة من كانت مستمدة منها من القرآن الكريم والسنة المطهرة ـو من أقوال الصحابة والعلماء الراسخين، وقد أُلفت في هذا المجال ربما عشرات الكتب والمجلدات وآلاف المقالات والمحاضرات كلها تصب في إيجاد الطريقة المناسبة لتربية الأبناء وتحليل الواقع التربوي وتشريحه وإيجاد المداخل المناسبة للعملية التربوية، وكلها فيما اعتقد حتى وإن لم أطلع على معظمها لكن أجزم أنها صحيحة سليمة صالحة، إذا فأين الخلل؟
إن أي فكرة سديدة إذا أردنا لها أن تنضج وتثمر وقبل الغرس لابد من اختيار التربة والمناخ المناسبين لها أي البيئة أو الحاضنة لتلك الفكرة، فالملاحظ أن نظرياتنا في علم تربية الطفولة على تعددها عندما فعلت أو أنزلت على بيئة غير سليمة حدث نوع من التصادم وبالتالي الفشل!!!، وقد شدني إلى هذا المعنى أستاذنا الشيخ د.جلول سعودي ذات مرة ونحن نتحدث عن واقع التربية فقال لي: إن مثلنا ومثل المربي كمن يغسل ثوبا جميلا ويطهره بمختلف المطهرات ثم يرمي به في شارع موحل وسخ فماذا تنتظر النتيجة؟ بكل تأكيد سيتسخ من جديد ونعيد الكرة تلو الكرة ولا يزال يتسخ ما لم ننظف ذلك المحيط الموحل !!!!
إن الاعتناء بالحاضنة السليمة وتوفير الأجواء التربوية الصحيحة هي من أهم الشروط بل من أركان العملية التربوية، هذه الحاضنة لا يمكن تهيئتها وحراستها على مستوانا كأفراد بقدر ما يمكن إنشائها ورعايتها بإرادة السلطة لما لها من القدرة والوسائل على تهيئة البيئة السليمة إذ من المفروض بل هو واجب الحال قيامها على حراسة الفضيلة ومحاربة الرذيلة بكل أنواعها، هذه العملية الهامة هي من جوهر مهام السلطة كما يشير إلى ذلك الجويني: ” حراسة الدين وسياسة الدنيا “.
سقت هذا المقال لسببين:
الأول: لما رأينا ولله الحمد عدة ملتقيات وندوات نظمت على مستوى الوطن لاسيما ما نظمته جمعية العلماء المسلمين الجزائريين والتي تصب في مجملها حول التربية والاعتناء بالنشء فأردت أن أدلو بدلوي في هذا المجال الواسع والمهم لأشير إلى أهمية البيئة في العملية التربوية.
أما الثاني: لما شاهدت بكل أسف منظرا في إحدى ولايات الجنوب الجزائري الكبير التى كنت أظن أنها بعيدة عن ما آلت إليه القيم في الشمال، حيث أقدم تلاميذ إحدى المتوسطات بتمزيق ورمي مآزرهم أمام المتوسطة كإعلان عن نهاية الدراسة وهو مؤشر خطير لمستوى التربية في ولاية كنا نحسبها أنها نأت عن ما أصاب كثيرا من الوطن لكن على ما يبدو أن الخرق قد اتسع على الراقع وأن البلاء قد عم والله المستعان .
إن انتشار المخدرات والمهلوسات وكل الموبقات والعنف بكل أشكاله، وانحدار الأخلاق وإن كان للمجتمع بصفة عامة نصيب من المسؤولية، فإن النصيب الأكبر يقع على من بيدهم زمام الأمور فهم الأجدر لما لهم من القدرة على تهيئة البيئة السليمة ورعايتها والضرب بيد من حديد على كل من يتجرأ على سلامة وأمن المجتمع، فالله يزع بالسلطان مالا يزع بالقرآن وقد قيل “السلطان ظل الله في أرضه”.
هذه نعمة إذا لم تشكر ستزول لا محالة وفقا للسنن الشرعية التي فطر الله تعالى الناس عليها، وزوالها ليس بانقطاع النسل وإنما بالضياع وعدم استقامتهم، ومن أوكد الشكر وأسماه حسن التربية والمجاهدة في استقامة الأبناء، بل تستوجب التضحية في سبيل هذه الغاية النبيلة، ويعترض هذا السبيل جملة من المعوقات أو قل إن شئت مثبطات تنسف أحيانا كل نظريات التربية المجردة فتصطدم الرؤية النظرية المثالية عند التفعيل والاحتكاك بالواقع المرير، ومن هنا يأتي الخلل في عدم الانسجام ويطرح الاستفهام العريض بشدة: ما السبيل الأمثل للتربية الصحيحة في ظل واقع غير سليم؟
تنسب مقالة إلى الفيلسوف جون جاك روسو يقول فيها: قبل أن أتزوج كان لدي ستة نظريات في تربية الأطفال، أما الآن فعندي ستة أطفال وليس عندي نظرية لهم…أي نعم هو الواقع الذي يقف ندا لذلك المربي الذي كانت تراوده تلك النظريات الجميلة في شكل أمنيات لطيفة في تربية الأبناء وبناء الجيل وتهذيبه، فعلى من تقع ملامة الفشل إذن؟ أعلى الآباء وكل المربين بصفة عامة؟ أم على تلك النظريات التربوية التي لم تستطع أن تشخص العلة جيدا فوقع الخلل؟
وقبل الإجابة على هذا الإشكال أو التساؤل لابد أن نسلم بأن نظرياتنا التربوية في مجملها صحيحة خاصة من كانت مستمدة منها من القرآن الكريم والسنة المطهرة ـو من أقوال الصحابة والعلماء الراسخين، وقد أُلفت في هذا المجال ربما عشرات الكتب والمجلدات وآلاف المقالات والمحاضرات كلها تصب في إيجاد الطريقة المناسبة لتربية الأبناء وتحليل الواقع التربوي وتشريحه وإيجاد المداخل المناسبة للعملية التربوية، وكلها فيما اعتقد حتى وإن لم أطلع على معظمها لكن أجزم أنها صحيحة سليمة صالحة، إذا فأين الخلل؟
إن أي فكرة سديدة إذا أردنا لها أن تنضج وتثمر وقبل الغرس لابد من اختيار التربة والمناخ المناسبين لها أي البيئة أو الحاضنة لتلك الفكرة، فالملاحظ أن نظرياتنا في علم تربية الطفولة على تعددها عندما فعلت أو أنزلت على بيئة غير سليمة حدث نوع من التصادم وبالتالي الفشل!!!، وقد شدني إلى هذا المعنى أستاذنا الشيخ د.جلول سعودي ذات مرة ونحن نتحدث عن واقع التربية فقال لي: إن مثلنا ومثل المربي كمن يغسل ثوبا جميلا ويطهره بمختلف المطهرات ثم يرمي به في شارع موحل وسخ فماذا تنتظر النتيجة؟ بكل تأكيد سيتسخ من جديد ونعيد الكرة تلو الكرة ولا يزال يتسخ ما لم ننظف ذلك المحيط الموحل !!!!
إن الاعتناء بالحاضنة السليمة وتوفير الأجواء التربوية الصحيحة هي من أهم الشروط بل من أركان العملية التربوية، هذه الحاضنة لا يمكن تهيئتها وحراستها على مستوانا كأفراد بقدر ما يمكن إنشائها ورعايتها بإرادة السلطة لما لها من القدرة والوسائل على تهيئة البيئة السليمة إذ من المفروض بل هو واجب الحال قيامها على حراسة الفضيلة ومحاربة الرذيلة بكل أنواعها، هذه العملية الهامة هي من جوهر مهام السلطة كما يشير إلى ذلك الجويني: ” حراسة الدين وسياسة الدنيا “.
سقت هذا المقال لسببين:
الأول: لما رأينا ولله الحمد عدة ملتقيات وندوات نظمت على مستوى الوطن لاسيما ما نظمته جمعية العلماء المسلمين الجزائريين والتي تصب في مجملها حول التربية والاعتناء بالنشء فأردت أن أدلو بدلوي في هذا المجال الواسع والمهم لأشير إلى أهمية البيئة في العملية التربوية.
أما الثاني: لما شاهدت بكل أسف منظرا في إحدى ولايات الجنوب الجزائري الكبير التى كنت أظن أنها بعيدة عن ما آلت إليه القيم في الشمال، حيث أقدم تلاميذ إحدى المتوسطات بتمزيق ورمي مآزرهم أمام المتوسطة كإعلان عن نهاية الدراسة وهو مؤشر خطير لمستوى التربية في ولاية كنا نحسبها أنها نأت عن ما أصاب كثيرا من الوطن لكن على ما يبدو أن الخرق قد اتسع على الراقع وأن البلاء قد عم والله المستعان .
إن انتشار المخدرات والمهلوسات وكل الموبقات والعنف بكل أشكاله، وانحدار الأخلاق وإن كان للمجتمع بصفة عامة نصيب من المسؤولية، فإن النصيب الأكبر يقع على من بيدهم زمام الأمور فهم الأجدر لما لهم من القدرة على تهيئة البيئة السليمة ورعايتها والضرب بيد من حديد على كل من يتجرأ على سلامة وأمن المجتمع، فالله يزع بالسلطان مالا يزع بالقرآن وقد قيل “السلطان ظل الله في أرضه”.