- إنضم
- 24 ديسمبر 2011
- المشاركات
- 24,516
- نقاط التفاعل
- 27,912
- النقاط
- 976
- محل الإقامة
- فار إلى الله
- الجنس
- ذكر
لقد اكتشف المنقبون رسومات مهمة وكثيرة، وهم يلجون الكهوف، والمعابد المندثرة تحت الأرض، وقد كان لاكتشاف كهف لاسكو في فرنسا، أهميته الكبيرة، التي تركت آثارها لاحقاً علي الفن الفرنسي، ثم الفن في عموم العالم.
ان كهفاً مثل لاسكو الذي يعود تاريخ الرسوم فيه إلي ثلاثين ألف عام قبل الميلاد، يعني ان الثراء الفني في تلك الحقبة الزمنية لم يكن مقتصراً علي بلاد الشرق، أو بلاد ما بين النهرين، وانما يمتد من كهوف تل حسونة في شمال العراق، وانسان جاوا وصولاً للاسكو .
فاذا كان الفنانون الاسبان والفرنسيون قد تأثروا بما لديهم، من ارث تاريخي في الجانب التشكيلي، فان للحضارة العربية تأثيراتها وانطباعاتها في سلوك وانطباعات شخصيات الفنان العراقي العظيم الواسطي .
فبالرغم من تأخر ظهور الفنون في العهد الاسلامي كما تشير بعض الدراسات، باعتبار ان فن الرسم في تلك الحقبة الزمنية، لا يأخذ سوي شكلين اما انحطاطي أو وثني ، ولذلك قبر، هذا النوع من النشاط الانساني، باعتباره يتعارض والفكر الاسلامي، فلسفة وسلوكاً. ناهيك من ان الفن العربي قبل ظهور الاسلام كان عرضة للتأثر بالمدارس، الساسانية، والرومانية وحتي الهندية، وبعض التأثيرات ــ الصينية ــ وذلك بسبب الغزوات المتلاحقة التي كانت تتعرض لها البلاد العربية، فتتم عملية النقل بشكل آلي . ثم لم يتوقف هذا الغزو الثقافي الحضاري، فقد ظهر مرة أخري وبأشكال وأساليب معروفة بعد أن ضعفت الدولة الاسلامية إذ سرعان ما عادت المنطقة للاسلوب القديم ذاته.
العمارة في الفن الإسلامي
ان استثمارات الفن الاسلامي للعمارة تظهر واضحة من خلال، تحويل الابراج إلي منائر والأقواس إلي شبابيك و أطواق وامتد هذا المد ليشمل الزخرفة علي المصاحف والأخشاب، المحلاة بالخط العربي البديع الذي انصب اهتمام الفنان المسلم عليه باعتبار ان تصوير المخلوقات رجوع للوثنية.
ان الحديث عن الفنان الواسطي يعني بمجمله الحديث عن الفن العربي، باعتبار ان الواسطي استطاع ان يخلق اتجاهاً فنياً لم تطأه ريشة من قبله، فهو استطاع بعبقرية نادرة، تصوير الحياة اليومية بكل ما تحتويه من تراكيب، رغم ان مهمته في تلك الفترة كانت بالغة الحساسية والخطورة للاعتبارات المعروفة، لكنه رغم هذا، تمكن من أن يقدم للعالم انموذجاً جديداً في فن الرسم من دون أن يثير الغبار حول منجزه، أو يترك انطباعاً يمس بالأفكار السائدة حول تحريم الرسم كأسلوب ومنهج.
أشكال نباتية وحيوانية
عمد الواسطي في رسوماته إلي استدعاء البسطاء، والفقراء، وحتي الجواري، والحيوانات، والنباتات وكذلك الأطفال إلي لوحاته، متوخياً ترجيح فئة علي أخري. وهذا لا يعفي الواسطي من تأثره بالفنون السائدة آنذاك، والتي كانت تشتغل خارج الطوق كالفنون المسيحية و الصينية و الفارسية و الهندية . لكن جميع هذه التأثيرات، كانت عبارة عن ظلال تتراءي تارة وتختفي اخري في منجزه .
يري بعض النقاد ان رسومات ــ الواسطي ــ البشرية ذات مسحة ساسانية ، والحقيقة ان هذا الرأي غير دقيق، باعتبار ان الشخصية الشرقية تكاد تتطابق في ملامحها، وبما ان الساسانية هي جزء مهم في العامود الشرقي، اذن لابد لها أن تتطابق في الشكل وفي المضمون وفي جوانب كثيرة مع بعضها حتي ليبدو تجنيسها صعباً علي الشعوب الاوروبية وخاصة في المناطق الغربية من الكرة الأرضية.
ظهور الواسطي
ظهر الواسطي في السنوات القليلة التي سبقت انهيار ــ الدولة العباسية ــ، وبالذات في الفترة التي تشرذمت فيها القوي العربية، فكانت الصراعات علي أشدها، فظهرت الزندقة، وبرز الالحاد، والانحلال، والسقوط الاخلاقي، والعزوف عن المعارف، والاقبال علي كل ما يشوه انسانية الانسان. ولكن رغم كل هذا الخليط من الفوضي، استطاع الواسطي ان يظهر إلي الوجود، كرسام عبقري متفرد.
يعتبر ــ الواسطي ــ رائداً لفن الرسم وأباً لجميع المدارس التي تلت ظهوره، ابتداء من بغداد الحريري وانتهاء إلي ايران بهزاد علي حد تعبير الفنان العراقي فيصل لعيبي .
ما من حركة فنية ــ تشكيلية ــ ظهرت بعد ظهوره إلا وأدانت له بالفضل، فهو استطاع أن يخرج بالفن إلي الحياة، فيما هو يقوم بالولوج إلي عوالم لم يخطر ببال من سبقوه ولوجها أو التقرب منها، باعتبارها تمثل منتهي حساسية المجتمع آنذاك، ولذا نلاحظ أنه قام بمغامرته الفنية المتفردة، وهو يرسم لنا لوحة الولادة في وقت كان يمنع علي المرأة ان يراها الرجل وهي سافرة الوجه، وقد تعدي به الأمر إلي أبعد من ذلك حينما قام برسم الأعضاء التناسلية للمرأة، عندما أسقط عن جسدها الثياب، فطغت موضوعة الجنس علي لوحته لتخلق لدي بعض المتعصبين ردود أفعال مجحفة. ورغم هذا لم يتوقف عن محاكاة الحياة، بل مضي نحو اعطاء ريشته الحرية المطلقة من دون أن يلتفت لمعيبيه.
لقد فتحت لوحته تلك الأبواب واسعة أمام الفنانين علي مختلف مشاربهم واتجاهاتهم، فراحوا يحاكونها أو يتناغمون معها، حتي انها أصبحت سمة لتحرر ريش الفنانين من السائد، وأعدت خروجاً عن المألوف، ذلك لجرأتها، وقوة حضورها في التفكير الانساني.
لم يكن الواسطي إلا واحداً من المبدعين العراقيين، فهو لم تلق به الحياة محض صدفة نحو هذا المعترك، وانما جاء عبر ولادة حياتية طبيعية مكنته من استقراء الأحداث استقراء معرفياً دقيقاً فأنتج ما عجز عن انتاجه من سبقوه، وبذلك استطاع أن يؤسس لفن عراقي عربي أصيل
ان كهفاً مثل لاسكو الذي يعود تاريخ الرسوم فيه إلي ثلاثين ألف عام قبل الميلاد، يعني ان الثراء الفني في تلك الحقبة الزمنية لم يكن مقتصراً علي بلاد الشرق، أو بلاد ما بين النهرين، وانما يمتد من كهوف تل حسونة في شمال العراق، وانسان جاوا وصولاً للاسكو .
فاذا كان الفنانون الاسبان والفرنسيون قد تأثروا بما لديهم، من ارث تاريخي في الجانب التشكيلي، فان للحضارة العربية تأثيراتها وانطباعاتها في سلوك وانطباعات شخصيات الفنان العراقي العظيم الواسطي .
فبالرغم من تأخر ظهور الفنون في العهد الاسلامي كما تشير بعض الدراسات، باعتبار ان فن الرسم في تلك الحقبة الزمنية، لا يأخذ سوي شكلين اما انحطاطي أو وثني ، ولذلك قبر، هذا النوع من النشاط الانساني، باعتباره يتعارض والفكر الاسلامي، فلسفة وسلوكاً. ناهيك من ان الفن العربي قبل ظهور الاسلام كان عرضة للتأثر بالمدارس، الساسانية، والرومانية وحتي الهندية، وبعض التأثيرات ــ الصينية ــ وذلك بسبب الغزوات المتلاحقة التي كانت تتعرض لها البلاد العربية، فتتم عملية النقل بشكل آلي . ثم لم يتوقف هذا الغزو الثقافي الحضاري، فقد ظهر مرة أخري وبأشكال وأساليب معروفة بعد أن ضعفت الدولة الاسلامية إذ سرعان ما عادت المنطقة للاسلوب القديم ذاته.
العمارة في الفن الإسلامي
ان استثمارات الفن الاسلامي للعمارة تظهر واضحة من خلال، تحويل الابراج إلي منائر والأقواس إلي شبابيك و أطواق وامتد هذا المد ليشمل الزخرفة علي المصاحف والأخشاب، المحلاة بالخط العربي البديع الذي انصب اهتمام الفنان المسلم عليه باعتبار ان تصوير المخلوقات رجوع للوثنية.
ان الحديث عن الفنان الواسطي يعني بمجمله الحديث عن الفن العربي، باعتبار ان الواسطي استطاع ان يخلق اتجاهاً فنياً لم تطأه ريشة من قبله، فهو استطاع بعبقرية نادرة، تصوير الحياة اليومية بكل ما تحتويه من تراكيب، رغم ان مهمته في تلك الفترة كانت بالغة الحساسية والخطورة للاعتبارات المعروفة، لكنه رغم هذا، تمكن من أن يقدم للعالم انموذجاً جديداً في فن الرسم من دون أن يثير الغبار حول منجزه، أو يترك انطباعاً يمس بالأفكار السائدة حول تحريم الرسم كأسلوب ومنهج.
أشكال نباتية وحيوانية
عمد الواسطي في رسوماته إلي استدعاء البسطاء، والفقراء، وحتي الجواري، والحيوانات، والنباتات وكذلك الأطفال إلي لوحاته، متوخياً ترجيح فئة علي أخري. وهذا لا يعفي الواسطي من تأثره بالفنون السائدة آنذاك، والتي كانت تشتغل خارج الطوق كالفنون المسيحية و الصينية و الفارسية و الهندية . لكن جميع هذه التأثيرات، كانت عبارة عن ظلال تتراءي تارة وتختفي اخري في منجزه .
يري بعض النقاد ان رسومات ــ الواسطي ــ البشرية ذات مسحة ساسانية ، والحقيقة ان هذا الرأي غير دقيق، باعتبار ان الشخصية الشرقية تكاد تتطابق في ملامحها، وبما ان الساسانية هي جزء مهم في العامود الشرقي، اذن لابد لها أن تتطابق في الشكل وفي المضمون وفي جوانب كثيرة مع بعضها حتي ليبدو تجنيسها صعباً علي الشعوب الاوروبية وخاصة في المناطق الغربية من الكرة الأرضية.
ظهور الواسطي
ظهر الواسطي في السنوات القليلة التي سبقت انهيار ــ الدولة العباسية ــ، وبالذات في الفترة التي تشرذمت فيها القوي العربية، فكانت الصراعات علي أشدها، فظهرت الزندقة، وبرز الالحاد، والانحلال، والسقوط الاخلاقي، والعزوف عن المعارف، والاقبال علي كل ما يشوه انسانية الانسان. ولكن رغم كل هذا الخليط من الفوضي، استطاع الواسطي ان يظهر إلي الوجود، كرسام عبقري متفرد.
يعتبر ــ الواسطي ــ رائداً لفن الرسم وأباً لجميع المدارس التي تلت ظهوره، ابتداء من بغداد الحريري وانتهاء إلي ايران بهزاد علي حد تعبير الفنان العراقي فيصل لعيبي .
ما من حركة فنية ــ تشكيلية ــ ظهرت بعد ظهوره إلا وأدانت له بالفضل، فهو استطاع أن يخرج بالفن إلي الحياة، فيما هو يقوم بالولوج إلي عوالم لم يخطر ببال من سبقوه ولوجها أو التقرب منها، باعتبارها تمثل منتهي حساسية المجتمع آنذاك، ولذا نلاحظ أنه قام بمغامرته الفنية المتفردة، وهو يرسم لنا لوحة الولادة في وقت كان يمنع علي المرأة ان يراها الرجل وهي سافرة الوجه، وقد تعدي به الأمر إلي أبعد من ذلك حينما قام برسم الأعضاء التناسلية للمرأة، عندما أسقط عن جسدها الثياب، فطغت موضوعة الجنس علي لوحته لتخلق لدي بعض المتعصبين ردود أفعال مجحفة. ورغم هذا لم يتوقف عن محاكاة الحياة، بل مضي نحو اعطاء ريشته الحرية المطلقة من دون أن يلتفت لمعيبيه.
لقد فتحت لوحته تلك الأبواب واسعة أمام الفنانين علي مختلف مشاربهم واتجاهاتهم، فراحوا يحاكونها أو يتناغمون معها، حتي انها أصبحت سمة لتحرر ريش الفنانين من السائد، وأعدت خروجاً عن المألوف، ذلك لجرأتها، وقوة حضورها في التفكير الانساني.
لم يكن الواسطي إلا واحداً من المبدعين العراقيين، فهو لم تلق به الحياة محض صدفة نحو هذا المعترك، وانما جاء عبر ولادة حياتية طبيعية مكنته من استقراء الأحداث استقراء معرفياً دقيقاً فأنتج ما عجز عن انتاجه من سبقوه، وبذلك استطاع أن يؤسس لفن عراقي عربي أصيل