النقد والانتقاد

سعد606

:: عضو فعّال ::
صُنّآع آلمُحْتَوَى
إنضم
3 جانفي 2019
المشاركات
2,373
نقاط التفاعل
4,297
النقاط
111
العمر
63
محل الإقامة
تقرت
الجنس
ذكر
لأني أقول الحق ولا اجامل يغضب مني الجميع ,هذه الجملة التي تتذرع بها الشخصية المنتقدة الباحثة عن أخطاء الآخرين المتغافلة عن الايجابيات مهما كانت كثيرة وواضحة , تركز على السلبيات وتضخّمها,وغالباً ما تخفي هذه الشخصية دوافع لا تُظهرها للعلن وتخفي الكثير من الأخطاء والعيوب, ولا تمتلك الأسلوب فتسعى إلى إبراز عيوب الآخرين وأخطائهم حتى تصرف النظر عن تقصيرها وعيوبها .
أن تقول الحق هذا مطلوب ولكن لمن تقوله ؟ وكيف ؟ ومتى ؟ وأين؟
من المهم أن نفرق بين الانتقاد والنقد ,فالنقد هو وصف التصرفات, الأفكار, والآراء السلبية والايجابية بطريقة لبقة ودودة والهدف منها التصحيح والتصويب في حال وجود الخطأ ,والتشجيع والاستمرارية في حال وجود الايجابيات والنجاح.
أما الانتقاد فهو تصيّد مقصود للأخطاء هدفه أبعد ما يكون عن التصحيح و النصح , الهدف منه إظهار السلبيات أو ايهام الآخرين بوجود سلبيات وأخطاء غير موجودة أصلاّ.
سهل جداً أن توجه الانتقاد والصعب أن تُقوّم أخطاءك قبل انتقاد الآخرين, للنقد أصول أهمها أن تنتقد المشكلة , الفكرة , الرأي وليس الشخص ,تثني وتمتدح الأمور الايجابية وتجعلها مدخلاً للنقد ,قدم واقترح وصوّب بطريقة مهذّبة وابتعد عن أسلوب الأمر ,وإياك أن تلجأ للإهانة , التجريح , الاستهزاء أو حتى التلميحات بحجة التصويب وتوجيه النصيحة , ولتحرص على أن يكون ذلك ما أمكن بينك وبين الشخص فمن وعظ أخاه سراً فقد نصحه ومن وعظه علانية فقد فضحه ,يقول لقمان الحكيم :إن من الكلام ما هو أشدّ من الحجر وأنفذ من وخز الإبر وأمرُّ من الصبر وأحرُّ من الجمر فاختر كلماتك بعناية فهي تمثل جانباً مهماً وخطيراً من شخصيتك وتدل على مدى الرقيّ والنمو العقلي والحضاري للإنسان .

ولعل السؤال المهم هل طُلب منك تقييم الآخرين أداءهم ,عملهم ,آراءهم ,أم أنك متطوع ؟ وهل أنت من أصحاب الإختصاص ورأيك مبني على أسس مدروسة وموضوعية وحيادية ؟ الغريب أن الإنتقاد يأتي دائماً من أشخاص غير مختصين وعلى الأغلب يفتقدون العلم والمعرفة والثقافة والأسلوب ,بالاضافة إلى عدم الدراية والوعي الكافي بالحلول والبدائل المثلى لما ينتقدون.
للإنتقاد الهدّام آثارٌ سيئة جداً على الفرد والمجتمع أهمها انتشار روح العداوة والكراهية بين الناس , والكثير ممن يتعرضون للانتقاد يصابون بالتوتر والاكتئاب والإحباط والحزن وقد يؤثر ذلك على حياتهم وعملهم وانجازاتهم .
نحن مع النقد البنّاء الواعي فهو مطلوب بل وضرورة حتمية فهو ظاهرة صحيّة وجزء أساسي من عملية التطوير والتقويم المستمر فهو وسيلة لإثارة العقل والفكر وتحريك الأفكار وتقليب وجهات النظر لتصبح أكثر نضجاً وقوة .
لذلك وجب علينا تقبّل النقد البناء ووضعه في مكانه الصحيح وعدم المبالغة في التعامل معه أوتناوله بشكل عدواني ,الاستماع الجيد للنقد ومحاولة ايجاد مبرراته والتعامل معه بموضوعية والأخذ به للتصويب والتصحيح ,والتحلي بالثقة بالنفس فيكون الشخص مدركاً لنقاط القوة والضعف عنده ويتقبل النقد بطريقة ايجابية ,ويقدم الامتنان والشكر للناقد الذي يمتلك العلم والخبرة والمعرفة والأسلوب
.
 
كلنا معرضون للانتقاد من الغير سواء إن كنّا على صواب أو كنّا على خطأ ولأننا بشر نصيب ونخطي ويخطئ من يظن غير ذلك قد ننتقد نحن الغير حسب وجهة نظرنا التي تحتمل الخطأ وتحتمل الصواب ولكن كيف يتم النقد الصحيح الهادف البناء الذي يستفاد منه ولا يصل إلى الانتقاد القاسي واللاذع الذي يؤدي إلى كثرة الجدل وازدياد المشاكل والخلافات المفضية إلى قطع العلاقات وقد تودي إلى قطيعة الرحم بين الأقارب والأحباب والسبب عدم الفهم من أحد الطرفين أو كليهما.. النقد الهادف البناء مفيد لمن يدركون معنى النقد ويستفيدون منه لذا يجب أن يكون النقد بأسلوب لطيف ونبتعد عن التصادم مع الآخرين قدر الإمكان والتجريح ونختار الوقت المناسب والمفردات الملائمة وبدون شك أن كل من يعملون يكونون عرضة للنقد واللوم على بعض التصرفات السلبية التي يقومون بها في حياتهم اليومية، وقد يستفيدون من ذلك ويعالجون سلبياتهم، أما صغار السن من أبنائنا وبناتنا فإن الثناء والتشجيع أفضل لهم من اللوم والنقد والتأنيب المباشر؛ لأن الثناء يغرس في نفوسهم الثقة ويشعرهم بالرضا عن النفس ويزيل التوتر والرهبة من نفوسهم.. بذلك تتولد لديهم القدرة على الإنجاز وهذا الجيل رغم ما توفر له من إمكانيات وأدوات النجاح التي لم تتوفر للأجيال السابقة إلا أنه جيل يعاني أشد ما تكون المعاناة من الإحباط والتردد في كل أموره الظاهرة والباطنة، وكثير الخوف من الفشل في أي خطوة يخطوها لتفسيراته الخاطئة للحياة ونقده الجارح مباشرة قد يسبب له شعوراً بالإحباط والفشل في كل ما يقوم به، لذا من وجهة نظري يجب تعزيز الجوانب القوية والمميزة عنده بدلاً من انتقاد نقاط ضعفه وإبرازها وخاصة أمام الآخرين. وأن يتم توجيه الأبناء باللين والرفق لا بالشدة، وأن نكون رحماء بهم وقدوة حسنة ينظرون إلينا نظرة الحب والاحترام وليجدوا فينا لمسات الأبوة الحانية وأن نسقيهم من نبع الحنان والمحبة.. الثناء والتشجيع أفضل للصغار من النقد والتأنيب. والأسلوب اللطيف وعدم التجريح أفضل عند مناقشة الكبار وانتقادهم.. وهناك فرق بين النقد والانتقاد وقد لا يُفرّق بينهما الكثير من الناس النقد البناء تعديل المسار من الاعوجاج إلى الأفضل أو الحرص على عدم الخوض في الخطأ أو التنبيه لكارثة قد تُرتكب والمهم في النقد أنه يحمل الصفة الإيجابية من غير أن يترك المنتقد أثراً بغيضاً في النفوس من الإهانة أو التعمد للتجريح الصريح أو التلويح له بأي طريقة من الطرق فذلك يصبح انتقاداً.
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top