موحدون دروز
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
نجمة الدروز
رجل دين درزي يرتدي الزي الديني الرسمي
الدرزية وأتباعها الدروز ومفردها درزي. طائفة دينية ذات أتباع في لبنان، إسرائيل، الأردن، سوريا، تجمعات في الولايات المتحدة، كندا، وأمريكا الجنوبية من المهاجرين من الدول آنفة الذكر، يسمون بالدروز نسبة لنشتكين الدرزي الذي يقولون بزندقته ويعتبرون أن نسبتهم إليه خطأ وأن إسمهم هو الموحدون.
التسمية
يشير الدروز إلى أنفسهم باسم الموحدون نسبةً إلى عقيدتهم الأساسية في "توحيد الله" أو بتسميتهم الشائعة "بنو معروف" ويعتقد الباحثون أن هذا الاسم هو لقبيلة عربية اعتنقت الدرزية في بداياتها أو ربما هو لقب بمعنى أهل المعرفة والخير [1]، أما اسم "دروز" فأطلق عليهم نسبة إلى نشتكين الدرزي الذي يعتبرونه زنديقًا و محرفًا للحقائق ويكره الدروز هذا الإسم ويرفضونه بل يشيرون إلى إن هذا الاسم غير موجود في كتبهم المقدسة ولم يرد تاريخيًا في المراجع التي تكلمت عنهم.
مذهب إسلامي أم ديانة مستقلة
لقد كانت علاقة العقيدة الدرزية بالإسلام موضع البحث الدائم والتشكيك من قبل الباحثين والنقاد، تاريخيًا إنشقت الدرزية عن المذهب الإسماعيلي بالأخص، أثناء الخلافة الفاطمية في القرن العاشر. إذًا تاريخيًا تعود أصول الدرزية إلى أصول إسلامية, أما عقائديًا فقد اختلفت آراء الباحثين حول الموضوع فمنهم من إعتبر الدرزية مذهبًا من المذاهب الإسلامية ومنهم من إعتبرها ديانة مستقلة بحد ذاتها حتى وصل الوضع إلى درجة عالية من الضبابية حتى على أعلى المستويات فالدروز يعتبرون أنفسهم مسلمون ويعلن شيوخهم دائمًا انتمائهم للإسلام مثلاً الشيخ محمد أبو شقرة الذي أعلن دائمًا إنتماء الدروز إلى الإسلام [2] وفي نفس الوقت تعتبر الطائفة الدرزية في سورية مذهبًا إسلاميًا بالرغم من وجود الأحكام المذهبية الخاصة بها والتي يُعامل أبناء هذه الطائفة وفقها معاملةً تختلف عن معاملة باقي الطوائف الإسلامية في سورية.
يعتقد الموحدون الدروز إن الله واحد أحد لا إله إلا هو ولا معبود سواه وإنه المعل الذي لم يعله أحد وهو وفق الميثاق الواحد الأحد الفرد الصمد المنزه عن الأزواج والعدد وهو الحاكم الفعلي والأزلي للكون وممثوله في القرآن (على العرش استوى)أي نصب نفسه بمقام الحاكمية على العوالم فهو الحاكم الأحد المنزه عن عباده ومخلوقاته الله عن وصف الواصفين وإدراك العالمين وهو في مواضع كثيرة من رسائل الحكمة :حاكم الحكام المنزه عن الخواطر والأوهام جل وعلا فلا مجال لتشبيه لاهوته أو حلوله في أحد من البشر. وإن الله خلق علة أولى منه وفيه وإليه واستودع فيها كل ما كان وما سيكون وهي العقل الكلي وهو جوهر روحاني مجبول على طبائع الخير وخلق له ضد روحاني مجبول على طبائع الشر فهما أصلا العالم وأن الله خلق النفوس وقدر لها انتقالها من جسد لجسد لتبلغ العدل والرحمة منه وإنه أوجد فيها قدرة على الارتقاء فتشاهد عظمة الباري فتسعد وإنه تقرب من عباده البشر فأظهر في نفوسهم نوره الشعشعاني وركب فيها طبائع العقل وأراها طبائع الضد فمن واظب على صيانة طبائع العقل فيه يرى صورة نفسه الحقيقية كما فطرها الله من ذاته وفي ذاته ولذاته فتحدث المشاهدة السعيدة والاندماج أو التوحد مع ذات الباري وهي معنى ظهر لهم كهم أي يرونه كما يرون الخيال في المرآة كصورة نفوسهم فالخيال هو وهم المشاهِد وليست حقيقة المشاهَد وإن من يصل لهذه المرحلة من الصفاء يسمى ناسوت أي أنس صورة الباري (المجازية )في نفسه وناسوت مولانا الحاكم أي أناسه ممن أنسوا صورته.. والخليفة الفاطمي المنصور واحد من عشرة أشخاص استطاعو أنس الصورة وسمى نفسه الحاكم بأمره أي بأمر اللاهوت والحاكم بأمر الله والله من أسماء اللاهوت والخليفة في النهاية عبده وخادمه وهو غير مقدس عند الموحدين إلا كما يتم إجلال الشيوخ وغيرهم من الأولياء وقد طرد نشتكين الدرزي من الدعوة لأنه دعا لتأليه الأشخاص. والغاية من علوم التوحيد هو رفع البشر إلى منازل عالية وهي تبدأ من مرحلة الموحد وهي اتباع حلال الحلال أي أفضله ومبادئ التوحيد الفضائل العفية والعدل والطهارة ثم منزلة حرف الصدق ثم منزلة الحدود ثم منزلة المؤانسة أو الناسوت وهي سعادة السعادات وغاية الغايات من خلق النفوس وهي جوهر التوحيد. ويعتقد الموحدون أن الباري دعى لتوحيده في الأرض بواسطة العقل والحدود هم خمسة من البشر الذين غلبت فيه طبائع العقل الكلي وأيد العقل بالناسوت الذي يكون ممد بالحكمة والعلم والتقوى والسلطان والكرامات ويتم ذلك في أدوار زمنية معلومة ويكون العقل هو صاحب الدعوة يقيمها وينهيها من خلال دعاة يعينهم ولا يحق للموحدين الدعوة له أو لدينه أو كشف حقائق التوحيد بعد غيابه إنما عليهم في غيابه صيانة أنفسهم من المعاصي وعمل الخير بين البشر .
التاريخ
[تحرير] النشأة
الحاكم بأمر الله في القاهرة- مصر
إحدى وعشرون سنة قبل ابتداء دعوة التوحيد، أي عام 996 م. (386 هـ) مات الخليفة الفاطمي الإمام العزيز بالله وتولى الخلافة بعده ولي عهده، المنصور، وكان له من العمر حوالي إحدى عشر سنة. اتخذ الخليفة الصغير لنفسه لقب “الحاكم بأمر الله”. وكان قوي العزيمة حازمًا، تسلم مقاليد الحكم بنفسه ومارس السلطة بعدالة. وكان عطوفاً على الرعية، قريبًا من الناس، يُشرف بنفسه على شئون الحكم ويعمل على تطهير الإدارة والقضاء من الرشوة والفساد، ومكافحة الاستغلال. كان يستمع إلى شكاوى الناس ويقضي حاجاتهم بالعدل والمساواة. وكان يطوف الأسواق ليلاً ونهارًا ليرى بنفسه المساوئ الاجتماعية والأخلاقية ومدى الحاجة إلى الإصلاح، وعمل جهده لإغاثة الناس في أوقات الشدة. وإهتم بالعلم وأهله، فكان يدعو الفقهاء والأطباء وأهل الحساب والمنطق ويجالسهم ويستمع إليهم. في سنة 1009 م. (400 هـ) تخلى عن كل ما يتعلق بالملك من أبهة وفخامة ومظهر، وتخلى عن المظلة المطرزة بالذهب، والمواكب الفخمة والمآدب الحافلة، والحلى والمجوهرات والأحجار الكريمة. طرح كل ذلك جانبًا، وارتدى البسيط من الملبس، واقتصر في الطعام على ما يحتاج إليه الجسد، وزهد في ملاذ الدنيا وركب الحمار بدل الجياد في طوافه بين الناس. وأمر أن لا يُقبل أحد له الأرض ولا يقبل يده عند السلام. وحاول التوفيق بين السنة والشيعة لتوحيد المسلمين، وأنفق بسخاء على ترميم وتشييد المساجد. وجدد جامع الأزهر المشهور، وهو من أكبر جوامع ي القاهرة. وسمح للذين اعتنقوا الإسلام جبرًا أو خوفًا من العقاب أو لمكاسب دنيوية أن يعودوا إلى ديانتهم، وأعاد بناء الكنائس والأديرة.
ظهرت ثلاث ابتكارات كان الحاكم بأمر الله سباقًا فيها الأول إعلان حرية العقيدة الدينية وذلك في سجل صريح والثاني منع الرق وإطلاق العبيد ودام الأمر مدة 15 سنة والثالثة تقسيم الحكم بين السنة والشيعة بصورة متساوية فقد عين على حكم السنة ولي عهد المسلمين عبدالله بن العوام وعلى حكم الشيعة عين ولي عهد المؤمنين عبد الرحيم بن إلياس وكل ولي عهد يحكم بشؤون طائفته وكان دور الخليفة المنظم لإيقاعات المجتمع ويؤخذ على الحاكم بأمر الله قراراته الغريبة مثل منع أكل الملوخية ومنع غرس العنب وتخريب الكروم وحجر النساء في البيوت سبع سنوات ولبسه السواد سبع سنوات وغيرها ولكل من تلك التصرفات مغزى عنده و حكمة من ورائها فهو استلم الخلافة والفساد يعم البلاد وانتشرت الأمراض والأوبئة بكثرة فعلم من الأطباء أن سبب الأوبئة هو طعام المصريين المعتمد على الملوخية فحرمها فترة من الزمن ثم أبطل ذلك بعد ذهاب الوباء أما قلع العنب فكانت مصر شهيرة بالخمور فأمر بقلع كل غرسة عنب فيها وأيد ذلك بسجل يمنع شرب الخمر وعن حجر النساء كان يقصد منع الفسق الذي كان مستشري وعن لبس السواد كان الحاكم بأمر الله في حداد دائم على مصير الموحدين في المحنة التي ستقع بعد غيابه واشتهر الحاكم بأمر الله بالقوة والمهابة وله كرامات عدة وكان يستعين بشخصه لدحر جيوش أعدائه بعد أن يعجز قادته وتنهزم جيوشه وقبيل انتهاء الدعوة ذهب إلى ما وراء الهند مختفيًا طوعًا لا كرهًا تاركًا الموحدين لامتحان جواهرهم بعد غياب الحماية ولتخليصهم من المندسين طمعًا أو خشية أو رياءًا .
دور النذر
وأوّل عمل قام به كان بث الدُعاة في الأقطار ليُبشروا بدورٍ جديد تُكشف فيه الحقيقة ويظهر التوحيد. عين الحاكم بأمر الله النذير الأول سلامة بن عبد الوهاب السامري رئيسًا للدُعاة، فقام هذا بتنظيم وتوزيع الدُعاة، وبقي على ذلك سبعة سنوات يهيئ الناس إلى تقبل التوحيد ويُحضرهم إلى الدور المرتقب، ويُشير إلى النذير الذي سيليه. ثم تسلم الدعوة بعده مُحمد بن وهب القرشي الذي قاد الدعوة سبع سنين أخرى ومعه سلامة ودُعاته. فتابع الإشارة إلى مسلك التوحيد وإلى النذير الذي سيليه. ثم تسلم الدعوة بعده إسماعيل بن مُحمد التميمي ومعه النذيران الأول والثاني ودُعاتهم، وبقي سبع سنين يهيئ الناس بالعقل والعلم لاستقبال الدور الجديد.
الدعوة
مع غروب شمس يوم الخميس آخر يوم من سنة 407 هـ بدأت ليلة الجمعة أول يوم من سنة 408 هـ (سنة 1017 م)، كُشف عن مذهب التوحيد حين أعلن الحاكم بأمر الله الدور الجديد، وسلّم قيادة الدعوة لصاحبها حمزة بن علي بن أحمد، وصدر سجل من الأمام الحاكم يدعو الناس إلى كشف عقائدهم بلا خوف ولا تستر. فكانت ثورة على التقاليد التي ليس لها معنى، والتكليف الذي ليس له مضمون، ولأي مجاز من دون حقيقة. وأشار الحاكم إلى المؤمنين أن ينفضوا عن أنفسهم غُبار الخوف والتستر لأنهم أحرار فيما يفعلون، ولهم حرية التعبير والخيار في الاعتقاد.
حمزة بن علي
في نفس العام الذي وجد فيه الحاكم بأمر الله، أي سنة 985 م. (375 هجري)، ولد حمزة بن علي بن أحمد في مدينة روزون في خراسان-إيران. بدأ الإمام الجديد بدعوة الناس إلى مسلك التوحيد الذي هو شريعة روحانية ومن دون تكليف. وجمع حوله الدُعاة الثلاثة الرئيسيون الذين تعاقبوا في نشر الدعوة قبل مجيئه، ومساعديهم، ورتبهم في منازلهم وأرسلهم إلى مراكزهم لمتابعة نشر الدعوة. أفاض الدُعاة علومهم الشريفة، ونشروا مجالس الحكمة، وبثوا دُعاتهم في أقطار الأرض، وكانوا يأخذون العهد على كل من يدخل في دعوتهم. وكان العهد بمثابة ميثاق يكتبه المستجيب على نفسه ويُوجبه على روحه. وكان على المستجيب أن يكون صحيح العقل، بالغ سن الرشد، حُرًا وخاليًا من الرق. وذلك لتثبيت التخيير والحرية عند الناس. وأصبح هذا الميثاق حجةً على كل مُوحد.
المرتدون
وكان بعض من الذين وقّعوا الميثاق قد فعلوا ذلك لبلوغ مصالح خاصة ومكاسب مادية. فهؤلاء المزيفون لم يُخلصوا للدعوة ولم يقووا أمام التجربة ولم يثبتوا أمام المحن، فسرعان ما نكثوا بالعهد وارتدوا عن دعوة التوحيد. أهم هؤلاء المرتدين كان نشتكين الدرزي،الذي يؤكد الدروز أنهم ورثوا اسمه عنوةً عن إرادتهم. فلُقبوا بالدروز نسبةً له بدل لقبهم الحقيقي وهو الموحدون.
نشتكين الدرزي
في البداية أقر نشتكين الدرزي بالدعوة وبإمامة حمزة بن علي، وكتب على نفسه الميثاق. ثم أخذ يدعو الناس إلى التوحيد من دون معرفة ولا علم. فنجح في استقطاب عدد كبير من الناس وكان ذلك في عدة وسائل ملتوية وأحيانًا بالقوة. وعندما كثرة أتباعه تمادى في نشاطه ولقب نفسه “بسيف الأيمان”. لم يرض الإمام حمزة بن علي على أفعال الدرزي، فحذره قائلاً: “إنّ الإيمان ليس بحاجة إلى سيف يُعينه”. لكن الدرزي رفض تحذير الإمام وأخذ يُعلي من شأنه فدعا نفسه “بسيد الهادين” وذلك نكايةً بحمزة بن علي الذي كان قد لقبه الحاكم بأمر الله “بهادي المستجيبين”. ازداد عدد أتباع الدرزي الذين استجابوا طمعاً في مال أو جاه، وتمادوا في أعمالهم السيئة مما أثار غضب الناس عليهم.
تعليق الدعوة
غضب الحاكم بأمر الله من الانحرافات والمُخالفات التي أثارت النزاعات وسببت العداء وأمر حمزة بن علي بتعليق الدعوة سنة 1018 م (409 هـ). وفي آخر يوم من سنة 409 هجري (1018م.) زحف الدرزي وأتباعه، على مسجد ريدان قرب قصر الخليفة، مقر الإمام حمزة بن علي، ولم يكن مع حمزة بن علي داخل المسجد سوى اثني عشر نفرًا، بينهم الدُعاة الثلاثة الذين بشّروا بالتوحيد في دور النذارة وهم؛ إسماعيل بن مُحمد التميمي، ومُحمد بن وهب القرشي وسلامه بن عبد الوهاب السامرّيّ، وكان معهم بهاء الدين عليّ بن أحمد الطائي الذي كان قد خدم الدُعاة الثلاثة في دور النذارة، وأيوب بن علي، ورفاعة بن عبد الوارث ومحسن بن علي.
موت الدرزي
لم يفلح المُهاجمون في اقتحام المسجد طيلة النهار. ولما ظهر الحاكم بأمر الله على شرفة القصر المُطل على المسجد صُعق المُحاصرون لهيبته وتفرقوا. وفي اليوم التالي، أول يوم من سنة 410 هجري (1018 م.) قتل الدرزي.
سارة
عندما نكث سُكين وكان داعياً لمذهب التوحيد في وادي التيم وانحرف عن الدعوة، رأى بهاء الدين أن يتدبر الأمر بالحسنى ويحاول قطع الطريق على هذا الداعي المنحرف، فأرسل إليه ابنته السيدة سارة، وكانت تدعى بصاحبة العفة والطهارة وعُرفت بالتقوى والعلم وقوة الحجة، وترأست وفد من الدُعاة، وقد رضي هؤلاء الدُعاة أن تكون على رأسهم امرأة.
سـُكين
وكانت مهمة السيدة سارة محفوفة فقد سبقها الداعي عمار فأوقع به جماعة سُكين وقتلوه. استجاب البعض من جماعة سُكين إلى السيدة سارة وعادوا إلى مسلك التوحيد، غير أن سكين مع نفر من الفاسقين رفضوا دعوتهاوأضمر معهم لهاالشر، وخططوا للايقاع بها.لكن ذلك فشل إذ قاد الأمير معضاد بن يوسف، أمير من أمراء الغرب في جبل لبنان، حملة عسكرية وهاجم سُكين وأعوانه وهزمهم ولم ينج إلا القليل، وكان سُكين قد هرب من المعركة شبه عار و ظل يسير إلى أن وجد منزل متطرف في أحد قرى جبل الشيخ وكانت قربه امرأة موحدة تخبز على التنور، فأقترب منها وطلب أن تدفئه وتطعمه، فغافلته ودفعته إلى التنور فمات حرقًا.
متابعة الدعوة
عادت الدعوة بعد مقتل الدرزي، سنة 410 هجري، ونُظمت من جديد وعاد الدُعاة إلى سابق عهدهم يكتبون العهد، أي الميثاق، على المستجيبين. وكانت تُرسل هذه العهود إلى الحد الثاني، إسماعيل بن مُحمد التميمي الذي كان يقدمها إلى الحد الأول، الإمام حمزة، فيفحصها ثُمّ يرسلها مع الحد الثالث، مُحمد بن وهب القرشي ليرفعها إلى الحاكم بأمر الله فينظر فيها ويقرّها ويعيدها إلى الإمام حمزة بن علي ليحفظها. بقيت الدعوة ناشطة حوالي سنتين، وكان الحاكم بأمر الله الذي هو في نظر الموحدين، غاية البصائر والطريق المؤدية إلى الحقيقة، يرعى الدعوة ويحميها. وكان حمزة وأخوته ؛ إسماعيل بن مُحمد التميمي، مُحمد بن وهب القرشي، سلامه بن عبد الوهاب السامرّيّ، وبهاء الدين عليّ بن أحمد الطائي، وبقية الدُعاة المنتشرين في مختلف الأقطار يبثون الدعوة ويجمعوا العهود. أخذت هذه الثورة الروحية تفعل فعلها في قلوب المستجيبين لدعوة التوحيد، فيجدون فيها أمنًا وأنسًا ونورًا لأرواحهم وهديًا لتوجهاتهم ودعةً و طمأنينةً.
غيبة الحاكم بأمر الله
في ليل 27 شوّال سنة 411 هـ (12/13 شباط سنة 1021 م.) غادر الحاكم بأمر الله قصره قاصدًا وكعادته في كل ليلة جبل المقطم، ولكنه لم يعد. وباحتجاب الحاكم علق الإمام حمزة الدعوة، وغاب هو وأخوته إسماعيل بن مُحمد التميمي، ومُحمد بن وهب القرشي وسلامه بن عبد الوهاب السامرّيّ بعد أن سلم أمور الدعوة إلى بهاء الدين عليّ بن أحمد الطائي.
الظاهر
وباحتجاب الحاكم بأمر الله اعتلى عرش الخلافة الفاطمية الأمير علي الملقب بالظاهر. حقد الخليفة الجديد، الظاهر، على حمزة وأتباعه لأنهم لم يعترفوا له بالإمامة التي كان الحاكم بأمر الله قد قلّدها لحمزة بن علي بعد أن أنتهي دور التأويل بقيام دعوة التوحيد.
زمن المحنة
أراد الظاهر الفتك بالموحدين مع أنه كان قد تعهد للحاكم بأمر الله بعدم التعرض للموحدين بأربعين قسم فأراد الظاهر إيجاد فتوى للتخلص من هذه الأيمان فجمع المشايخ فأفتوى له بالصوم أربعين نهار فما مضت الأربعين على احتجاب الحاكم بأمر الله حتى أقام الظاهر على الموحدين محنة هدر فيها دمائهم في أنحاء مملكته، من انطاكيا شمالًا إلى الإسكندرية جنوبًا، مما جعل بهاء الدين يقوم بحجب الدعوة أكثر أيام المحنة. أهم محنتان تعرض لهم الموحدون في هذه الفترة هما؛ محنة حلب ومحنة إنطاكية، حيث قتل الألوف منهم بعد العذاب والتنكيل. فكان رجال الظاهر يذبحون الموحدين ويرفعوا رؤوسهم على الرماح، أو يحرقونهم في النار، أو يعملوا فيهم السيف ويبقرون البطون ويقطعون القلوب والأكباد. وكانوا يصلبون الرجال على الصلبان، ويسلبونهم أموالهم، ويسبون النساء والأولاد ويذبحون الأطفال الرضّع في أحضان أُمهاتهم. دامت المحنة سبعة سنوات قاسية كانت بمثابة امتحان للموحدين، والديانة الحقة لا تصح إلا عند الامتحان وقد سلط الباري عز وجل خلال سنتي 1025ـ1027 على أهالي مصر وباء الجفاف وانتشار الفئران بشكل لم يعد الأطفال والناس في مأمن على شرابهم وطعامهم ومحاصيلهم وأصاب بعض من الوباء بلاد الشام مما ساهم في إلهاء الناس وشغل الدولة الفاطميةعن البطش بالموحدين .
متابعة الدعوة
سنة 417 هـ (1026 م) شهر بهاء الدين الدعوة من جديد. فبادر بهاء الدين بنشر الدعوة من جديد، فنصب الدعاة ونص الرسائل وأخذ المواثيق على المستجيبين ليوصلها إلى الإمام حمزة بن علي. فاستمرت ثورة مسلك التوحيد على التكليف التقليدي. فالتوحيد هو في حقيقته حرية وقوة ومحبة. وثورة التوحيد تسعى إلى تحقيق الإنسانية في الإنسان. إنها تحرر الإنسان ولا تستعبده، وتوجههُ في اتجاه العلم والمعرفة. إن الإنسان يتميز عن المخلوقات الأُخرى بالعقل الذي يمكنه من تحقيق الإنسانية فيه. والإنسانية هي شعور الإنسان بأنهُ واحد بالواحد. فمن ضعف أمام الشهوات والأهواء يصبح شبيهاً بالحيوان. ومن يضعف أمام المصالح الشخصية والمكاسب المادية هو بعيد كل البعد عن التوحيد ومفهومه. لهذا، وعندما يتبين لبعض الذين استجابوا لدعوة التوحيد أنها لا تتفق ومصالحهم فسرعان ما يرتدون عنها إلى ما تمليه عليهم مصلحتهم ومطامعهم. انتشرت الدعوة واتسع نطاقها، غير أن الصعوبات التي واجهت بهاء الدين من الداخل كانت أشد وطأة من أعداء الخارج. فبعض الدعاة أفسدوا العقيدة وانحرفوا في اللهمهم وسلوكهم عن المُثل الأخلاقية للدعوة. حاول بهاء الدين في عددٍ من الرسائل وضع حدٍ لهذه المحاولات ولكنه فشل. فجرد هؤلاء الدعاة من الصلاحيات التي أسندت إليهم، وأوصى الموحدين الحذر من كل من يدعي السلطة. وأوطد مبادئ ودعائم المساواة بين الموحدين بحيث لا يتميزون إلا في حفظ الحكمة والسلوك وفقاً لاللهمها.
عودة المحنة
سنة 1035 م (426 هجري) عاد الخليفة، الظاهر، إلى الفتك بالموحدين وذلك للقضاء على نشاطهم في بث التوحيد. ولكن بهاء الدين تدارك الأمر وعلق الدعوة. سنة 1036م. (427 هجري) مات الظاهر وتسلم الخلافة أبنه المستنصر بالله. عاد بهاء الدين إلى القاهرة والتقى بالخليفة الجديد، فأعجب الخليفة ببهاء الدين وعينه قاضيًا له ومُدرسًا في القصر ومفتيًا للناس.
متابعة وإغلاق الدعوة
وفي سنة 1037 م (429 هـ) أمر بهاء الدين بفتح الدعوة ومتابعة نشاطها من جديد، واستمرت حتى سنة 1043 م (435 هـ) حين أمر بهاء الدين بإقفال الدعوة نهائيًا مستودعاً الموحدين حقائق الحكمة يستدلون بها على مسلك التوحيد ويهتدون بهديها في تحققهم بالواحد الأحد المُنزه عن الوجود، وأوصاهم بحفظ معالم الدين والإيمان.
عقائد الدروز
لا يحق للموحد أن يعطي الحكمة لمن لا يستحقها ولا أن يمنعها عن أهلها بغض النظر عن أديانهم وأهل الحكمة هم أهل التقوى والإيمان بالله من كل الأديان ومن فروض مذهب التوحيد : صدق اللسان و حفظ الإخوان و ترك العدم أي كل ما يرتبط بالشرك وحب الدنيا و التبرأ من الأبالسة
والطغيان والإقرار بوحدانية الباري في السر والحدثان . ويعد صدق اللسان أهم الفروض وهو مطلوب في السر والعلن ومع الموحدين ومع كل الناس على السواء ويكره الموحدون النفاق و الكذب ويفضلون الصمت في الموضوعات الخلافية كما يؤمنون بفكرة (التقمص) أي انتقال النفس البشرية من جسد لجسد لجميع أفراد البشر. لا يقبل الموحدون التدخين و لا شرب الكحول ويحرمون أكل الميتة والدم والخنزير . كما لا يسمحون لأفراد طائفتهم بالتزاوج مع أفراد الديانات الأخرى إلا أن هذا يخترق عند الدروز غير المتدينين سيما في بلدان مثل لبنان ويحرم هؤلاء من اتباع المسلك الديني طيلة حياتهم.
شعار الدروز نجمة خماسية ملونة ترمز ألوانها إلى المباديء الكونية الخمسة : العقل (الأخضر) ، النفس (الأحمر) ، الكلمة (الأصفر) ، القديم أوالسابق (الأزرق) ، والوجود أو التالي (الأبيض) . هذه المثل تمثل النفوس الخمسة التي تتقمص بشكل مستمر في الكون في أشخاص الأنبياء و الرسل والفلاسفة بما فيهم آدم وإدريس ، فيثاغورس ، أخناتون وغيرهم.
يعتقد الدروز أن الباري عز وجل دعى البشرية إلى توحيده في أدوار ثلاثة منذ حلول النفوس البشرية في الأجساد وفي بداية كل دور تكشف النفوس الخمسة عن كوامنها ببروز طبائع الخير فيها ويؤيدها الباري بسلطان نصير ذو منزلة عالية من التوحيد وتتم الدعوة بالموعظة والكلمة الطيبة والإقناع ولا يجوز لغير هؤلاء إقامة الدعوة أو الدعاية للتوحيد ويطلب من الموحدين الاقتصار على صون أنفسهم وتنفيذ شروط التوحيد وعدم الخوض في زخارف الدنيا ودعواتها والتعفف عن شهواتها ومباهجها ومن الواجبات الدينية قرآة الأذكار والمذاكرة مع الموحدين الآخرين في شؤوون الحكمة واللاهوت و محاولة الوصول للصفاء الروحي من خلال استشعار حقيقة الوجود و الألوهية و لهم مفاهيم أعمق من مجرد الحركات . فحقيقة التسليم عند نهاية الصلاة لديهم هي تسليم العبد جميع أموره إلى الله طالبا عونه و رحمته .
ينقسم المجتمع عند الدروز عادة إلى عقال (يكونون قد اتبعوا المسلك الديني) و جهال (يعلمون بأمور عقيدتهم لكنهم غير متبعين طريق الزهد أو المسلك الديني).
.
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
القراءة تكون بتحفظ
نجمة الدروز
رجل دين درزي يرتدي الزي الديني الرسمي
الدرزية وأتباعها الدروز ومفردها درزي. طائفة دينية ذات أتباع في لبنان، إسرائيل، الأردن، سوريا، تجمعات في الولايات المتحدة، كندا، وأمريكا الجنوبية من المهاجرين من الدول آنفة الذكر، يسمون بالدروز نسبة لنشتكين الدرزي الذي يقولون بزندقته ويعتبرون أن نسبتهم إليه خطأ وأن إسمهم هو الموحدون.
التسمية
يشير الدروز إلى أنفسهم باسم الموحدون نسبةً إلى عقيدتهم الأساسية في "توحيد الله" أو بتسميتهم الشائعة "بنو معروف" ويعتقد الباحثون أن هذا الاسم هو لقبيلة عربية اعتنقت الدرزية في بداياتها أو ربما هو لقب بمعنى أهل المعرفة والخير [1]، أما اسم "دروز" فأطلق عليهم نسبة إلى نشتكين الدرزي الذي يعتبرونه زنديقًا و محرفًا للحقائق ويكره الدروز هذا الإسم ويرفضونه بل يشيرون إلى إن هذا الاسم غير موجود في كتبهم المقدسة ولم يرد تاريخيًا في المراجع التي تكلمت عنهم.
مذهب إسلامي أم ديانة مستقلة
لقد كانت علاقة العقيدة الدرزية بالإسلام موضع البحث الدائم والتشكيك من قبل الباحثين والنقاد، تاريخيًا إنشقت الدرزية عن المذهب الإسماعيلي بالأخص، أثناء الخلافة الفاطمية في القرن العاشر. إذًا تاريخيًا تعود أصول الدرزية إلى أصول إسلامية, أما عقائديًا فقد اختلفت آراء الباحثين حول الموضوع فمنهم من إعتبر الدرزية مذهبًا من المذاهب الإسلامية ومنهم من إعتبرها ديانة مستقلة بحد ذاتها حتى وصل الوضع إلى درجة عالية من الضبابية حتى على أعلى المستويات فالدروز يعتبرون أنفسهم مسلمون ويعلن شيوخهم دائمًا انتمائهم للإسلام مثلاً الشيخ محمد أبو شقرة الذي أعلن دائمًا إنتماء الدروز إلى الإسلام [2] وفي نفس الوقت تعتبر الطائفة الدرزية في سورية مذهبًا إسلاميًا بالرغم من وجود الأحكام المذهبية الخاصة بها والتي يُعامل أبناء هذه الطائفة وفقها معاملةً تختلف عن معاملة باقي الطوائف الإسلامية في سورية.
- من جهةٍ أخرى وعلى صعيد العالم الإسلامي أصدر الأزهر فتوى [3] تقول بانتماء الدروز إلى الإسلام. وبنفس الوقت هناك العديد من الفتاوى التي تكفر الدروز وتخرجهم من البيت الإسلامي كفتوى ابن تيمية الشهيرة.
- يعتمد علماء الدروز على العديد من الأدلة لإثبات إسلامهم منها:
- الحاكم بأمر الله كان مسلمًا (بنى الجوامع وأقام الصلاة في أوقاتها وأقام دعائم الإسلام) [5] [6]
- التقاليد الاجتماعية الدرزية المشابهة تمامًا لنظيرتها الإسلامية، مثلاً طقوس الزواج والعزاء وشعيرة عيد الأضحى[7]
- يقول الدروز أن رسائل الحكمة التي تعتبر من مصادر العقيدة الدرزية والتي يعتبرها الدروز تفسيرًا لكتاب القرآن لا تحتوي أي شيء يخالف القرآن, أما بعض الرسائل التي فيها بعض الشك فيقول الدروز أنها "كتبت في عصور لاحقة بعد اختفاء الحاكم, وقد أثبت التحليل الكيميائي ذلك"[8]
- يعترف الدروز بالشهادتين وبالرسول محمد والقرآن[7] [9] [10]
- إذن هناك إجماع من كتاب ومؤرخي وشيوخ العقيدة الدرزية على اعتبار المذهب الدرزي مذهبًا إسلاميًا
- أما من كتاب تأريخ الفكر والمذاهب الإسلامية فإن العديد من الكتّاب الإسلاميين أجمعوا على أن الدروز مسلمون, في الكتب التي تحدثت عن تاريخ الإسلام أو المذهب الدرزي ومنهم عبد الله النجار [11]، الدكتور محمد حسين كامل [12], الدكتور عبد الرحمن بدوي[13]
يعتقد الموحدون الدروز إن الله واحد أحد لا إله إلا هو ولا معبود سواه وإنه المعل الذي لم يعله أحد وهو وفق الميثاق الواحد الأحد الفرد الصمد المنزه عن الأزواج والعدد وهو الحاكم الفعلي والأزلي للكون وممثوله في القرآن (على العرش استوى)أي نصب نفسه بمقام الحاكمية على العوالم فهو الحاكم الأحد المنزه عن عباده ومخلوقاته الله عن وصف الواصفين وإدراك العالمين وهو في مواضع كثيرة من رسائل الحكمة :حاكم الحكام المنزه عن الخواطر والأوهام جل وعلا فلا مجال لتشبيه لاهوته أو حلوله في أحد من البشر. وإن الله خلق علة أولى منه وفيه وإليه واستودع فيها كل ما كان وما سيكون وهي العقل الكلي وهو جوهر روحاني مجبول على طبائع الخير وخلق له ضد روحاني مجبول على طبائع الشر فهما أصلا العالم وأن الله خلق النفوس وقدر لها انتقالها من جسد لجسد لتبلغ العدل والرحمة منه وإنه أوجد فيها قدرة على الارتقاء فتشاهد عظمة الباري فتسعد وإنه تقرب من عباده البشر فأظهر في نفوسهم نوره الشعشعاني وركب فيها طبائع العقل وأراها طبائع الضد فمن واظب على صيانة طبائع العقل فيه يرى صورة نفسه الحقيقية كما فطرها الله من ذاته وفي ذاته ولذاته فتحدث المشاهدة السعيدة والاندماج أو التوحد مع ذات الباري وهي معنى ظهر لهم كهم أي يرونه كما يرون الخيال في المرآة كصورة نفوسهم فالخيال هو وهم المشاهِد وليست حقيقة المشاهَد وإن من يصل لهذه المرحلة من الصفاء يسمى ناسوت أي أنس صورة الباري (المجازية )في نفسه وناسوت مولانا الحاكم أي أناسه ممن أنسوا صورته.. والخليفة الفاطمي المنصور واحد من عشرة أشخاص استطاعو أنس الصورة وسمى نفسه الحاكم بأمره أي بأمر اللاهوت والحاكم بأمر الله والله من أسماء اللاهوت والخليفة في النهاية عبده وخادمه وهو غير مقدس عند الموحدين إلا كما يتم إجلال الشيوخ وغيرهم من الأولياء وقد طرد نشتكين الدرزي من الدعوة لأنه دعا لتأليه الأشخاص. والغاية من علوم التوحيد هو رفع البشر إلى منازل عالية وهي تبدأ من مرحلة الموحد وهي اتباع حلال الحلال أي أفضله ومبادئ التوحيد الفضائل العفية والعدل والطهارة ثم منزلة حرف الصدق ثم منزلة الحدود ثم منزلة المؤانسة أو الناسوت وهي سعادة السعادات وغاية الغايات من خلق النفوس وهي جوهر التوحيد. ويعتقد الموحدون أن الباري دعى لتوحيده في الأرض بواسطة العقل والحدود هم خمسة من البشر الذين غلبت فيه طبائع العقل الكلي وأيد العقل بالناسوت الذي يكون ممد بالحكمة والعلم والتقوى والسلطان والكرامات ويتم ذلك في أدوار زمنية معلومة ويكون العقل هو صاحب الدعوة يقيمها وينهيها من خلال دعاة يعينهم ولا يحق للموحدين الدعوة له أو لدينه أو كشف حقائق التوحيد بعد غيابه إنما عليهم في غيابه صيانة أنفسهم من المعاصي وعمل الخير بين البشر .
التاريخ
[تحرير] النشأة
الحاكم بأمر الله في القاهرة- مصر
إحدى وعشرون سنة قبل ابتداء دعوة التوحيد، أي عام 996 م. (386 هـ) مات الخليفة الفاطمي الإمام العزيز بالله وتولى الخلافة بعده ولي عهده، المنصور، وكان له من العمر حوالي إحدى عشر سنة. اتخذ الخليفة الصغير لنفسه لقب “الحاكم بأمر الله”. وكان قوي العزيمة حازمًا، تسلم مقاليد الحكم بنفسه ومارس السلطة بعدالة. وكان عطوفاً على الرعية، قريبًا من الناس، يُشرف بنفسه على شئون الحكم ويعمل على تطهير الإدارة والقضاء من الرشوة والفساد، ومكافحة الاستغلال. كان يستمع إلى شكاوى الناس ويقضي حاجاتهم بالعدل والمساواة. وكان يطوف الأسواق ليلاً ونهارًا ليرى بنفسه المساوئ الاجتماعية والأخلاقية ومدى الحاجة إلى الإصلاح، وعمل جهده لإغاثة الناس في أوقات الشدة. وإهتم بالعلم وأهله، فكان يدعو الفقهاء والأطباء وأهل الحساب والمنطق ويجالسهم ويستمع إليهم. في سنة 1009 م. (400 هـ) تخلى عن كل ما يتعلق بالملك من أبهة وفخامة ومظهر، وتخلى عن المظلة المطرزة بالذهب، والمواكب الفخمة والمآدب الحافلة، والحلى والمجوهرات والأحجار الكريمة. طرح كل ذلك جانبًا، وارتدى البسيط من الملبس، واقتصر في الطعام على ما يحتاج إليه الجسد، وزهد في ملاذ الدنيا وركب الحمار بدل الجياد في طوافه بين الناس. وأمر أن لا يُقبل أحد له الأرض ولا يقبل يده عند السلام. وحاول التوفيق بين السنة والشيعة لتوحيد المسلمين، وأنفق بسخاء على ترميم وتشييد المساجد. وجدد جامع الأزهر المشهور، وهو من أكبر جوامع ي القاهرة. وسمح للذين اعتنقوا الإسلام جبرًا أو خوفًا من العقاب أو لمكاسب دنيوية أن يعودوا إلى ديانتهم، وأعاد بناء الكنائس والأديرة.
ظهرت ثلاث ابتكارات كان الحاكم بأمر الله سباقًا فيها الأول إعلان حرية العقيدة الدينية وذلك في سجل صريح والثاني منع الرق وإطلاق العبيد ودام الأمر مدة 15 سنة والثالثة تقسيم الحكم بين السنة والشيعة بصورة متساوية فقد عين على حكم السنة ولي عهد المسلمين عبدالله بن العوام وعلى حكم الشيعة عين ولي عهد المؤمنين عبد الرحيم بن إلياس وكل ولي عهد يحكم بشؤون طائفته وكان دور الخليفة المنظم لإيقاعات المجتمع ويؤخذ على الحاكم بأمر الله قراراته الغريبة مثل منع أكل الملوخية ومنع غرس العنب وتخريب الكروم وحجر النساء في البيوت سبع سنوات ولبسه السواد سبع سنوات وغيرها ولكل من تلك التصرفات مغزى عنده و حكمة من ورائها فهو استلم الخلافة والفساد يعم البلاد وانتشرت الأمراض والأوبئة بكثرة فعلم من الأطباء أن سبب الأوبئة هو طعام المصريين المعتمد على الملوخية فحرمها فترة من الزمن ثم أبطل ذلك بعد ذهاب الوباء أما قلع العنب فكانت مصر شهيرة بالخمور فأمر بقلع كل غرسة عنب فيها وأيد ذلك بسجل يمنع شرب الخمر وعن حجر النساء كان يقصد منع الفسق الذي كان مستشري وعن لبس السواد كان الحاكم بأمر الله في حداد دائم على مصير الموحدين في المحنة التي ستقع بعد غيابه واشتهر الحاكم بأمر الله بالقوة والمهابة وله كرامات عدة وكان يستعين بشخصه لدحر جيوش أعدائه بعد أن يعجز قادته وتنهزم جيوشه وقبيل انتهاء الدعوة ذهب إلى ما وراء الهند مختفيًا طوعًا لا كرهًا تاركًا الموحدين لامتحان جواهرهم بعد غياب الحماية ولتخليصهم من المندسين طمعًا أو خشية أو رياءًا .
دور النذر
وأوّل عمل قام به كان بث الدُعاة في الأقطار ليُبشروا بدورٍ جديد تُكشف فيه الحقيقة ويظهر التوحيد. عين الحاكم بأمر الله النذير الأول سلامة بن عبد الوهاب السامري رئيسًا للدُعاة، فقام هذا بتنظيم وتوزيع الدُعاة، وبقي على ذلك سبعة سنوات يهيئ الناس إلى تقبل التوحيد ويُحضرهم إلى الدور المرتقب، ويُشير إلى النذير الذي سيليه. ثم تسلم الدعوة بعده مُحمد بن وهب القرشي الذي قاد الدعوة سبع سنين أخرى ومعه سلامة ودُعاته. فتابع الإشارة إلى مسلك التوحيد وإلى النذير الذي سيليه. ثم تسلم الدعوة بعده إسماعيل بن مُحمد التميمي ومعه النذيران الأول والثاني ودُعاتهم، وبقي سبع سنين يهيئ الناس بالعقل والعلم لاستقبال الدور الجديد.
الدعوة
مع غروب شمس يوم الخميس آخر يوم من سنة 407 هـ بدأت ليلة الجمعة أول يوم من سنة 408 هـ (سنة 1017 م)، كُشف عن مذهب التوحيد حين أعلن الحاكم بأمر الله الدور الجديد، وسلّم قيادة الدعوة لصاحبها حمزة بن علي بن أحمد، وصدر سجل من الأمام الحاكم يدعو الناس إلى كشف عقائدهم بلا خوف ولا تستر. فكانت ثورة على التقاليد التي ليس لها معنى، والتكليف الذي ليس له مضمون، ولأي مجاز من دون حقيقة. وأشار الحاكم إلى المؤمنين أن ينفضوا عن أنفسهم غُبار الخوف والتستر لأنهم أحرار فيما يفعلون، ولهم حرية التعبير والخيار في الاعتقاد.
حمزة بن علي
في نفس العام الذي وجد فيه الحاكم بأمر الله، أي سنة 985 م. (375 هجري)، ولد حمزة بن علي بن أحمد في مدينة روزون في خراسان-إيران. بدأ الإمام الجديد بدعوة الناس إلى مسلك التوحيد الذي هو شريعة روحانية ومن دون تكليف. وجمع حوله الدُعاة الثلاثة الرئيسيون الذين تعاقبوا في نشر الدعوة قبل مجيئه، ومساعديهم، ورتبهم في منازلهم وأرسلهم إلى مراكزهم لمتابعة نشر الدعوة. أفاض الدُعاة علومهم الشريفة، ونشروا مجالس الحكمة، وبثوا دُعاتهم في أقطار الأرض، وكانوا يأخذون العهد على كل من يدخل في دعوتهم. وكان العهد بمثابة ميثاق يكتبه المستجيب على نفسه ويُوجبه على روحه. وكان على المستجيب أن يكون صحيح العقل، بالغ سن الرشد، حُرًا وخاليًا من الرق. وذلك لتثبيت التخيير والحرية عند الناس. وأصبح هذا الميثاق حجةً على كل مُوحد.
المرتدون
وكان بعض من الذين وقّعوا الميثاق قد فعلوا ذلك لبلوغ مصالح خاصة ومكاسب مادية. فهؤلاء المزيفون لم يُخلصوا للدعوة ولم يقووا أمام التجربة ولم يثبتوا أمام المحن، فسرعان ما نكثوا بالعهد وارتدوا عن دعوة التوحيد. أهم هؤلاء المرتدين كان نشتكين الدرزي،الذي يؤكد الدروز أنهم ورثوا اسمه عنوةً عن إرادتهم. فلُقبوا بالدروز نسبةً له بدل لقبهم الحقيقي وهو الموحدون.
نشتكين الدرزي
في البداية أقر نشتكين الدرزي بالدعوة وبإمامة حمزة بن علي، وكتب على نفسه الميثاق. ثم أخذ يدعو الناس إلى التوحيد من دون معرفة ولا علم. فنجح في استقطاب عدد كبير من الناس وكان ذلك في عدة وسائل ملتوية وأحيانًا بالقوة. وعندما كثرة أتباعه تمادى في نشاطه ولقب نفسه “بسيف الأيمان”. لم يرض الإمام حمزة بن علي على أفعال الدرزي، فحذره قائلاً: “إنّ الإيمان ليس بحاجة إلى سيف يُعينه”. لكن الدرزي رفض تحذير الإمام وأخذ يُعلي من شأنه فدعا نفسه “بسيد الهادين” وذلك نكايةً بحمزة بن علي الذي كان قد لقبه الحاكم بأمر الله “بهادي المستجيبين”. ازداد عدد أتباع الدرزي الذين استجابوا طمعاً في مال أو جاه، وتمادوا في أعمالهم السيئة مما أثار غضب الناس عليهم.
تعليق الدعوة
غضب الحاكم بأمر الله من الانحرافات والمُخالفات التي أثارت النزاعات وسببت العداء وأمر حمزة بن علي بتعليق الدعوة سنة 1018 م (409 هـ). وفي آخر يوم من سنة 409 هجري (1018م.) زحف الدرزي وأتباعه، على مسجد ريدان قرب قصر الخليفة، مقر الإمام حمزة بن علي، ولم يكن مع حمزة بن علي داخل المسجد سوى اثني عشر نفرًا، بينهم الدُعاة الثلاثة الذين بشّروا بالتوحيد في دور النذارة وهم؛ إسماعيل بن مُحمد التميمي، ومُحمد بن وهب القرشي وسلامه بن عبد الوهاب السامرّيّ، وكان معهم بهاء الدين عليّ بن أحمد الطائي الذي كان قد خدم الدُعاة الثلاثة في دور النذارة، وأيوب بن علي، ورفاعة بن عبد الوارث ومحسن بن علي.
موت الدرزي
لم يفلح المُهاجمون في اقتحام المسجد طيلة النهار. ولما ظهر الحاكم بأمر الله على شرفة القصر المُطل على المسجد صُعق المُحاصرون لهيبته وتفرقوا. وفي اليوم التالي، أول يوم من سنة 410 هجري (1018 م.) قتل الدرزي.
سارة
عندما نكث سُكين وكان داعياً لمذهب التوحيد في وادي التيم وانحرف عن الدعوة، رأى بهاء الدين أن يتدبر الأمر بالحسنى ويحاول قطع الطريق على هذا الداعي المنحرف، فأرسل إليه ابنته السيدة سارة، وكانت تدعى بصاحبة العفة والطهارة وعُرفت بالتقوى والعلم وقوة الحجة، وترأست وفد من الدُعاة، وقد رضي هؤلاء الدُعاة أن تكون على رأسهم امرأة.
سـُكين
وكانت مهمة السيدة سارة محفوفة فقد سبقها الداعي عمار فأوقع به جماعة سُكين وقتلوه. استجاب البعض من جماعة سُكين إلى السيدة سارة وعادوا إلى مسلك التوحيد، غير أن سكين مع نفر من الفاسقين رفضوا دعوتهاوأضمر معهم لهاالشر، وخططوا للايقاع بها.لكن ذلك فشل إذ قاد الأمير معضاد بن يوسف، أمير من أمراء الغرب في جبل لبنان، حملة عسكرية وهاجم سُكين وأعوانه وهزمهم ولم ينج إلا القليل، وكان سُكين قد هرب من المعركة شبه عار و ظل يسير إلى أن وجد منزل متطرف في أحد قرى جبل الشيخ وكانت قربه امرأة موحدة تخبز على التنور، فأقترب منها وطلب أن تدفئه وتطعمه، فغافلته ودفعته إلى التنور فمات حرقًا.
متابعة الدعوة
عادت الدعوة بعد مقتل الدرزي، سنة 410 هجري، ونُظمت من جديد وعاد الدُعاة إلى سابق عهدهم يكتبون العهد، أي الميثاق، على المستجيبين. وكانت تُرسل هذه العهود إلى الحد الثاني، إسماعيل بن مُحمد التميمي الذي كان يقدمها إلى الحد الأول، الإمام حمزة، فيفحصها ثُمّ يرسلها مع الحد الثالث، مُحمد بن وهب القرشي ليرفعها إلى الحاكم بأمر الله فينظر فيها ويقرّها ويعيدها إلى الإمام حمزة بن علي ليحفظها. بقيت الدعوة ناشطة حوالي سنتين، وكان الحاكم بأمر الله الذي هو في نظر الموحدين، غاية البصائر والطريق المؤدية إلى الحقيقة، يرعى الدعوة ويحميها. وكان حمزة وأخوته ؛ إسماعيل بن مُحمد التميمي، مُحمد بن وهب القرشي، سلامه بن عبد الوهاب السامرّيّ، وبهاء الدين عليّ بن أحمد الطائي، وبقية الدُعاة المنتشرين في مختلف الأقطار يبثون الدعوة ويجمعوا العهود. أخذت هذه الثورة الروحية تفعل فعلها في قلوب المستجيبين لدعوة التوحيد، فيجدون فيها أمنًا وأنسًا ونورًا لأرواحهم وهديًا لتوجهاتهم ودعةً و طمأنينةً.
غيبة الحاكم بأمر الله
في ليل 27 شوّال سنة 411 هـ (12/13 شباط سنة 1021 م.) غادر الحاكم بأمر الله قصره قاصدًا وكعادته في كل ليلة جبل المقطم، ولكنه لم يعد. وباحتجاب الحاكم علق الإمام حمزة الدعوة، وغاب هو وأخوته إسماعيل بن مُحمد التميمي، ومُحمد بن وهب القرشي وسلامه بن عبد الوهاب السامرّيّ بعد أن سلم أمور الدعوة إلى بهاء الدين عليّ بن أحمد الطائي.
الظاهر
وباحتجاب الحاكم بأمر الله اعتلى عرش الخلافة الفاطمية الأمير علي الملقب بالظاهر. حقد الخليفة الجديد، الظاهر، على حمزة وأتباعه لأنهم لم يعترفوا له بالإمامة التي كان الحاكم بأمر الله قد قلّدها لحمزة بن علي بعد أن أنتهي دور التأويل بقيام دعوة التوحيد.
زمن المحنة
أراد الظاهر الفتك بالموحدين مع أنه كان قد تعهد للحاكم بأمر الله بعدم التعرض للموحدين بأربعين قسم فأراد الظاهر إيجاد فتوى للتخلص من هذه الأيمان فجمع المشايخ فأفتوى له بالصوم أربعين نهار فما مضت الأربعين على احتجاب الحاكم بأمر الله حتى أقام الظاهر على الموحدين محنة هدر فيها دمائهم في أنحاء مملكته، من انطاكيا شمالًا إلى الإسكندرية جنوبًا، مما جعل بهاء الدين يقوم بحجب الدعوة أكثر أيام المحنة. أهم محنتان تعرض لهم الموحدون في هذه الفترة هما؛ محنة حلب ومحنة إنطاكية، حيث قتل الألوف منهم بعد العذاب والتنكيل. فكان رجال الظاهر يذبحون الموحدين ويرفعوا رؤوسهم على الرماح، أو يحرقونهم في النار، أو يعملوا فيهم السيف ويبقرون البطون ويقطعون القلوب والأكباد. وكانوا يصلبون الرجال على الصلبان، ويسلبونهم أموالهم، ويسبون النساء والأولاد ويذبحون الأطفال الرضّع في أحضان أُمهاتهم. دامت المحنة سبعة سنوات قاسية كانت بمثابة امتحان للموحدين، والديانة الحقة لا تصح إلا عند الامتحان وقد سلط الباري عز وجل خلال سنتي 1025ـ1027 على أهالي مصر وباء الجفاف وانتشار الفئران بشكل لم يعد الأطفال والناس في مأمن على شرابهم وطعامهم ومحاصيلهم وأصاب بعض من الوباء بلاد الشام مما ساهم في إلهاء الناس وشغل الدولة الفاطميةعن البطش بالموحدين .
متابعة الدعوة
سنة 417 هـ (1026 م) شهر بهاء الدين الدعوة من جديد. فبادر بهاء الدين بنشر الدعوة من جديد، فنصب الدعاة ونص الرسائل وأخذ المواثيق على المستجيبين ليوصلها إلى الإمام حمزة بن علي. فاستمرت ثورة مسلك التوحيد على التكليف التقليدي. فالتوحيد هو في حقيقته حرية وقوة ومحبة. وثورة التوحيد تسعى إلى تحقيق الإنسانية في الإنسان. إنها تحرر الإنسان ولا تستعبده، وتوجههُ في اتجاه العلم والمعرفة. إن الإنسان يتميز عن المخلوقات الأُخرى بالعقل الذي يمكنه من تحقيق الإنسانية فيه. والإنسانية هي شعور الإنسان بأنهُ واحد بالواحد. فمن ضعف أمام الشهوات والأهواء يصبح شبيهاً بالحيوان. ومن يضعف أمام المصالح الشخصية والمكاسب المادية هو بعيد كل البعد عن التوحيد ومفهومه. لهذا، وعندما يتبين لبعض الذين استجابوا لدعوة التوحيد أنها لا تتفق ومصالحهم فسرعان ما يرتدون عنها إلى ما تمليه عليهم مصلحتهم ومطامعهم. انتشرت الدعوة واتسع نطاقها، غير أن الصعوبات التي واجهت بهاء الدين من الداخل كانت أشد وطأة من أعداء الخارج. فبعض الدعاة أفسدوا العقيدة وانحرفوا في اللهمهم وسلوكهم عن المُثل الأخلاقية للدعوة. حاول بهاء الدين في عددٍ من الرسائل وضع حدٍ لهذه المحاولات ولكنه فشل. فجرد هؤلاء الدعاة من الصلاحيات التي أسندت إليهم، وأوصى الموحدين الحذر من كل من يدعي السلطة. وأوطد مبادئ ودعائم المساواة بين الموحدين بحيث لا يتميزون إلا في حفظ الحكمة والسلوك وفقاً لاللهمها.
عودة المحنة
سنة 1035 م (426 هجري) عاد الخليفة، الظاهر، إلى الفتك بالموحدين وذلك للقضاء على نشاطهم في بث التوحيد. ولكن بهاء الدين تدارك الأمر وعلق الدعوة. سنة 1036م. (427 هجري) مات الظاهر وتسلم الخلافة أبنه المستنصر بالله. عاد بهاء الدين إلى القاهرة والتقى بالخليفة الجديد، فأعجب الخليفة ببهاء الدين وعينه قاضيًا له ومُدرسًا في القصر ومفتيًا للناس.
متابعة وإغلاق الدعوة
وفي سنة 1037 م (429 هـ) أمر بهاء الدين بفتح الدعوة ومتابعة نشاطها من جديد، واستمرت حتى سنة 1043 م (435 هـ) حين أمر بهاء الدين بإقفال الدعوة نهائيًا مستودعاً الموحدين حقائق الحكمة يستدلون بها على مسلك التوحيد ويهتدون بهديها في تحققهم بالواحد الأحد المُنزه عن الوجود، وأوصاهم بحفظ معالم الدين والإيمان.
عقائد الدروز
لا يحق للموحد أن يعطي الحكمة لمن لا يستحقها ولا أن يمنعها عن أهلها بغض النظر عن أديانهم وأهل الحكمة هم أهل التقوى والإيمان بالله من كل الأديان ومن فروض مذهب التوحيد : صدق اللسان و حفظ الإخوان و ترك العدم أي كل ما يرتبط بالشرك وحب الدنيا و التبرأ من الأبالسة
والطغيان والإقرار بوحدانية الباري في السر والحدثان . ويعد صدق اللسان أهم الفروض وهو مطلوب في السر والعلن ومع الموحدين ومع كل الناس على السواء ويكره الموحدون النفاق و الكذب ويفضلون الصمت في الموضوعات الخلافية كما يؤمنون بفكرة (التقمص) أي انتقال النفس البشرية من جسد لجسد لجميع أفراد البشر. لا يقبل الموحدون التدخين و لا شرب الكحول ويحرمون أكل الميتة والدم والخنزير . كما لا يسمحون لأفراد طائفتهم بالتزاوج مع أفراد الديانات الأخرى إلا أن هذا يخترق عند الدروز غير المتدينين سيما في بلدان مثل لبنان ويحرم هؤلاء من اتباع المسلك الديني طيلة حياتهم.
شعار الدروز نجمة خماسية ملونة ترمز ألوانها إلى المباديء الكونية الخمسة : العقل (الأخضر) ، النفس (الأحمر) ، الكلمة (الأصفر) ، القديم أوالسابق (الأزرق) ، والوجود أو التالي (الأبيض) . هذه المثل تمثل النفوس الخمسة التي تتقمص بشكل مستمر في الكون في أشخاص الأنبياء و الرسل والفلاسفة بما فيهم آدم وإدريس ، فيثاغورس ، أخناتون وغيرهم.
يعتقد الدروز أن الباري عز وجل دعى البشرية إلى توحيده في أدوار ثلاثة منذ حلول النفوس البشرية في الأجساد وفي بداية كل دور تكشف النفوس الخمسة عن كوامنها ببروز طبائع الخير فيها ويؤيدها الباري بسلطان نصير ذو منزلة عالية من التوحيد وتتم الدعوة بالموعظة والكلمة الطيبة والإقناع ولا يجوز لغير هؤلاء إقامة الدعوة أو الدعاية للتوحيد ويطلب من الموحدين الاقتصار على صون أنفسهم وتنفيذ شروط التوحيد وعدم الخوض في زخارف الدنيا ودعواتها والتعفف عن شهواتها ومباهجها ومن الواجبات الدينية قرآة الأذكار والمذاكرة مع الموحدين الآخرين في شؤوون الحكمة واللاهوت و محاولة الوصول للصفاء الروحي من خلال استشعار حقيقة الوجود و الألوهية و لهم مفاهيم أعمق من مجرد الحركات . فحقيقة التسليم عند نهاية الصلاة لديهم هي تسليم العبد جميع أموره إلى الله طالبا عونه و رحمته .
ينقسم المجتمع عند الدروز عادة إلى عقال (يكونون قد اتبعوا المسلك الديني) و جهال (يعلمون بأمور عقيدتهم لكنهم غير متبعين طريق الزهد أو المسلك الديني).
.