الاتصالات الحيوانية 4

الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.

s80toufik

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
17 أوت 2006
المشاركات
1,883
نقاط التفاعل
8
النقاط
77
إصدار الأصوات: هناك عدة طرائق تولد بها الحيوانات الأصوات التي تستخدمها في الاتصال. ولئن كانت كل فعاليات الحيوان، من بلع ومشي وطيران، تولد أصواتاً عابرة، إلا أن هذه الأصوات لا تزيد على كونها تسهم في الضوضاء العامة للوسط، وقلما تحمل سمات بيولوجية بمعنى الإشارة الاتصالية. ولكن مع ذلك، هناك حيوانات تستخدم هذه الأصوات لأغراض اتصالية. فمثلاً يجذب صوت أجنحة أنثى البعوض ذكورها بهدف التزاوج. أما معظم أصوات الحشرات فإنها أصوات قرع يولدها النقر على جسم ما أو حك بنى مشطية الشكل بعضها ببعض. وفي هذه الحالة الأخيرة يمكن لبعض الحشرات أن تولد أصواتاً ذات جرس موسيقي نوعاً ما. أما في الفقاريات فإن بعض الأسماك يولد الصوت باهتزاز كيس مملوء هواء، وبعضها الآخر يفرك أجزاء من هيكله العظمي ليولد صوتاً. كما أن الثدييات تستخدم حبالاً صوتية تهتز بفعل تيار هوائي متحرك، وأن الطيور تستخدم حجرات وأعمدة هوائية تتجاوب بالطنين. ويجري تحوير الأصوات في أثناء مرورها في حجرات جوفاء، أو في الفم الذي يقويها أو يضعفها فيتيح تنوعاً هائلاً في نماذجها.

استقبال الأصوات: يتم استقبال الأصوات في تشكيلة كبيرة من الأعضاء. فهناك العديد من الحيوانات الدنيا تستقبل الأصوات بالأعضاء اللمسية في الجلد. إلا أن الحيوانات التي تستخدم الأصوات في الاتصال على نحو مميز فإنها تمتلك مستقبلات خاصة بالصوت وحده.

فذكور البعوض مثلاً تستخدم قرون استشعارها المكسوة بأشعار دقيقة، إذ يقوم عضو خاص بصلي الشكل عند قواعدها يدعى عضو جونستون Johnston's body باستقبال الاهتزازات الصوتية. كما أن للجنادب grasshoppers آذاناً على جانبي الجسم، في حين يمتلك الزيز cicada والجدجد cricket آذاناً مشابهة في الأرجل، ويمتلك العث moth آذاناً راقية متخصصة على صدره، وربما أمكن عد هذه الأعضاء آذاناً بحق، إذ إنها لا تكتفي بالتقاط الصوت فحسب، بل تميز أجزاءه المهمة من ضوضاء الوسط.

وإذا استعرضت الفقاريات وجد أن لها كذلك آذاناً متخصصة تمكن من تمييز تواتر الصوت وأنساقه الزمنية بحيث تستفيد من تشكيلة واسعة من الإشارات الصوتية لغرض الاتصال.

أغراض الاتصال الصوتي: يستحسن البدء بأمثلة من الطيور والثدييات فيما يخص استخدام الإشارات الصوتية في الاتصال الحيواني لما هو مألوف منها. فكثير منا يعد تغريد الطير شكلاً ابتدائياً من الموسيقى يعبر به الطائر عن سعادته وابتهاجه. ولكن صداح الطيور له من الأغراض ما هو أكثر جدية من ذلك بكثير، شأنه في ذلك شأن أصوات الثدييات التي لا تعد أغاني. ففي أغنية ذكر الطير إعلان لباقي الذكور من نوعه في الجوار عن منطقته التي يحميها ويدافع عنها، ودعوة للإناث من نوعه للتزاوج معه. وكذلك الحال مع ذكر للفقمة (من الثدييات) الذي يخص نفسه بأرض في إقليم ملائم للتكاثر ويعلن استعداده للدفاع عنها بزئير مرتفع، وذكر للرئيسات، ولاسيما الغوريلا الذي يضرب بقبضة يده على صدره أو على الأرض ويزمجر زمجرة قوية معلناً عزمه على الدفاع عن حماه.

وفي غرض آخر من أغراض الاتصال يُطْلِق الطائر أصوات تحذير لباقي أفراد النوع إذا ما رأى خطراً، أو يشترك أفراد المجموعة في صياح جماعي لإرباك الحيوان المفترس. وليست الثدييات أقصر باعاً في استخدام الأصوات للتحذير، من بعيد. فالموظ moose والإلكة elk والأيل تُطْلِق خُواراً قوياً عندما تفلت من ساحة الخطر، كما يبعث الشمواه الأوربي بصفير تحذيري، وكذلك العديد من الرئيسات مثل القرود ومنها البابون baboon التي تنبح عند الطوارئ، حتى الزرافة التي تلزم عادة الصمت تعلن عن حالة الخطر بصهيل أو مأمأة حادة. أما الجرذان والفئران التي تعيش في مجموعات كبيرة متخلخلة التماسك فإنها، وإن بقيت منفصلة (فيما عدا وقت التكاثر)، تطلق عند الخطر نداء كرب من طبيعة فوق صوتية لا يسمعها الإنسان بل يسمعها أفراد نوعها فتعدو إلى أوكارها مسرعة.

وفي غرض ثالث من أغراض الاتصال يطلق نورس الرنكة herring gull والحجل المقوقي أو شقر chukar partridge وقرد الجيبون gibbon وغيرها نداءات خاصة للدلالة على موقع الطعام.

وفي غرض رابع وحيوي يستخدم ذكر الطير الغناء في اجتذاب الإناث. ولما كانت نماذج أغاني الطيور عاملاً محدداً في لقاء الجنسين، فإنها تؤسس مجموعات منفصلة ضمن النوع الواحد، فتؤدي دوراً مهماً في تطور الطيور وتنوعها. أما بين الثدييات فيذكر ذكور الهر والنمر والأسد والعديد من الحافريات Ongulata التي تستخدم الأصوات في اجتذاب الجنس الآخر.

ولئن كان المقام لا يسمح بالخوض في تفاصيل استخدام الإشارات الصوتية عند باقي المجموعات الحيوانية فإنه يكتفى بذكر نقيق الضفادع بأنواعه المختلفة وقباع بعض أنواع السمك وزئير بعض التماسيح وفحيح بعض العظايا. كما يذكر صرير الزيز والجندب والجدجد الذي يعد لغة للاتصال تعتمد تواتر النبضات الصوتية في الأغراض السلوكية المختلفة.

الجمل الكهربائية: إن لبعض الأسماك مستقبلات تستشعر بها الوسط بالاستناد إلى خصائص الإشارة الكهربائية. وتستطيع هذه الأسماك المولدة للنبضات الكهربائية أن تتعرف ما يدور في الوسط الذي تعيش فيه من اختلاف الناقلية الكهربائية لعناصر ذلك الوسط، كما تستطيع استخدام تلك الأعضاء المولدة للكهرباء والأعضاء المستقبلة الكهربائية في أغراض الاتصال فيما بينهما. فالمعروف أن الأنقليس الكهربائي electric eel يطلق أرتالاً من التفريغات الكهربائية تجذب إليه الأقران من نوعه. فإذا وضعت مثل هذه السمكة بمعزل عن أقرانها فإنها تبث إيقاعاً معيناً من النبضات الكهربائية ساعات طوالاً وربما أياماً، ولكن الإيقاع سرعان ما يتغير بوضوح عندما يدخل الوسط قرين يقترب منها حتى مسافة 20ـ30 سنتمتراً. وما هذا التآثر بينهما إلا وسيلة لتبادل المعلومات بينهما، وكأنه يمكن القول بأن مثل هذه الأسماك إنما يتصل بعضها ببعض بالإشارات الكهربائية، ولإيضاح هذا القول يذكر أن سمكة المورميريد mormyrid مثلاً تطلق نسقاً نمطياً من التفريغ الكهربائي في أثناء الأكل، فإذا ما تلقت سمكة أخرى من نوعها هذه الإشارة فإنها سرعان ما تبدي استجابات حركية وكهربائية خاصة بتناول الطعام.

تطور الاتصالات الحيوانية مع التطور النوعي phyllogenic والتطور الفردي ontogenic: من الواضح أن إشارات الاتصال بين الحيوان تطورت على نهج تطور البنى والفعاليات المختلفة لدى الحيوانات. لكنه لا يعرف إلا القليل عن هذا التطور لعدم إمكان العثور على مستحاثات للسلوك مثلما أمكن العثور على مستحاثات للأسنان والعظام قدمت بدورها إطاراً لأفكارنا عن الماضي البنيوي للحيوانات. فلا يملك المرء إذاً إلا أن يؤول ما يراه حاضراً من السلوك. وباستقراء مايراه، يبدو أن إشارات الاتصال تنشأ عادة على شكل حركات غرضية متحورة؛ بمعنى أن الحيوان عندما يقوم بحركة ما فإنه يهدف إلى غرض ما، ثم تغدو هذه الحركة بالتدريج إشارة يستفيد منها أقرانه، كما يغدو تسلسل الحركات وطرازها نموذجاً نمطي التجسيم هادفاً وقابلاً للتوريث على مستوى النوع الحيواني الواحد. إلا أن ما يرثه الصغير من هذه النماذج الاتصالية والسلوكية مرهون في أدائه بالتوقيت المناسب الذي تكتمل عنده أسباب الأداء. فأساريع الفراشات مثلاً لابد أن تنتظر ظهور الأجنحة حتى تقوم بأداء الإشارات الجنسية التي تؤديها الفراشات البالغة. ولئن أمكن توريث نماذج الترميز الاتصالي النمطية النوعية، فهناك جانب يتعلمه فرد الحيوان في أثناء نموه ويكون غير قابل للتوريث. وهكذا يسهم في الأداء الاتصالي مُكَوِّنان اثنان: أولهما مبدئي وراثي، وثانيهما فردي اكتسابي. ويختلف وزنا هذين المكونين بين نوع وآخر، أو بين مجموعة حيوانية وأخرى. فالسمك البالغ يؤدي إلى نموذج سلوك النوع بشكله الكامل حالما تتوافر الأسباب البنيوية لهذا الأداء دونما مران أو تعلم، في حين يتدخل عامل الاكتساب في صوغ الأداء الاتصالي عند بعض الطيور على نحو ملحوظ
 
رد: الاتصالات الحيوانية 4

شكرا ويعطيك العافية
 
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top