اضحك تضحك لك الدنيا!! الضحك لغة عالمية ليست في حاجة إلى قاموس، وهي لغة يفهمها الطفل والشاب والفتاة والعجوز.. ونستطيع أن نؤكد أن وطن الضحك العالم كله ودستوره المرح.. والابتسام.. والسرور..يقول الكاتب الروائي الفرنسي "يـوجـين يـونســـكو" نحـن نضحك كـي لا نبكي ولعل سر نجاح الممثل العالمي الضاحك الصامت "شارلي شابلن" كما جاء في مذكراته أنه رغم مشاكله اليومية المعقدة بما فيها من خوف وهموم وقلق ومصائب فقد كان دائمًا ينهى برامجه بابتسامات وقد أخذ التلفاز العربي بنصيحة شارلي شابلن فأصبح ينهى برامجه بابتسامات.. وعرف الضحك أيضًا عند العرب وظهر جليًا في أشعار أبي نواس وقصص جُحا وأناشيدهم الشعبية. ومن أجمل أمثالنا السائرة "اضحك تضحك لك الدنيا" وقد أفرد الكاتب الأمريكي "جيليان ساندس" مقالاً عن أهمية الضحـــك في افتتــاحية مجــلة "وما نزريم" إذ يقول: إن الضحك يطيل العــمـر ويجــب أن يســـتغل الإنســـان كل دقـيقة في عمره وهو يبتسم وحتى يتعلم أطفالنا السعادة من وجوهنا الضاحكة. الضحك وأسبابهيقول الدكتور محمد السيد عبدالرحمن أستاذ الصحة النفسية بكلية التربية "جامعة الزقازيق": إن هذه الألوان والأنواع المختلفة من الفكاهة إنما ترجع طرافتها إلى أنها تســبب لنـا الابتـســام أو الضحك فتغمرنا موجة من السرور ونشعر بنشوة بهيجة.. وتساءل الفلاسفة كثيرًا عن علة الضحك ولماذا كان مظهرًا للسرور والفرح وكثرت إجاباتهم فمن قائل: إنه صنيع فسيولوجي مادي يتصل بانتقال الشعور انتقالاً مفاجئاً من الأعصاب إلى العضلات.. ومن قائل: إنه صنيع نفس ينشأ من إفراغ التعب الذي يصيبنا في الحياة إذ يخرجنا المضحك من حياتنا الجادة المجهدة فنشعر بالراحة ونضحك..وعمومًا الناس يضحكون دون أن يعرفوا لماذا يضحكون وهو ضحك يريح أعصابهم ويشرح صدورهم ويقوم أخلاقهم ويشعرهم بشيء من الصلة فيما بينهم ويربي فيهم ملكة النقد.. وهم يضحكون من كل ما يحسون فيه مخالفة للمألوف.. يضحكون من الممثل الهزلي وإشارته وحركاته.. ويضحكون من الصور الساخرة "الكاريكاتورية" ويضحكون من النوادر والنكت والمزاح ثم هم يضحكون إزدراء أو ضحك إعجاب أو ضحك سخرية أو هزل انتصارًا في أمر ما وعلى هذا فصور الضحك منابعها كثيرة.. ما الضحك؟يقول الدكتور عاطف رشاد زعتر أستاذ علم النفس بكلية الآداب "جامعة الزقازيق": إن الضحك هو استجابة انفعالية لمواقف تعبر عن الشعور بالرضا أو السرور وتختلف مثيرات الضحك بين الأفراد.. فالصغار يضحكون أسرع من الكبار وقد يضحك فرد لنكتة مثلاً ولا يضحك لها آخر.. وهناك ضحك ينتج عن الشعور بالسعادة والفرح وقد ينتج الضحك عند الأطفال إما طبيعي وإما بإيقاظ حواسهم مثل "الزغزغة".وهناك من يضحك نتيجة التأثير من بعض الأمراض النفسية كشخص مشلول ومقيد ومع ذلك يضحك كثيرًا أو شخص مصاب بمرض في الجهاز العصبي المركزي مثل انسداد شرايين المخ ويضحك ويبكي في آن واحد لعدم السيطرة على مشاعره.. ويضيف أن الاستجابة للضحك متفاوتة بين الأشخاص فالضحك يتوقف على المستوى الثقافي والفكري والاقتصادي وهناك اختلاف في قدرة الإنسان في التعبير عن شعوره فأحيانًا يسمع أحد الأشخاص "نكتة" تثير الضحك في نفسه ومع ذلك يحاول ضبط مشاعره فلا يضحك.. وأيضًا قد يكون الضحك عدوانيًا عندما يشعر بعض الأشخاص برغبة في الضحك على الآخرين بدون سبب فيكون سلوكه في هذه الحالة عدوانيًا وغير طبيعي.. وبعض الأشخاص يدبرون "المقالب" للآخرين لإثارة الضحك عليهم ولإشباع غريزة السخرية في نفوسهم وهؤلاء ينطبق عليهم المثل القائل: "الضحك من غير سبب ...!! مرض". الطفل والضحكونلتقي بالدكتور محمد فوزي أستاذ قسم الأطفال بكلية الطب "جامعة الزقازيق" فيقول ضاحكاً: إذا كنا نقول إن في الأسفار عشر فوائد فللضحك ألف فائدة وفائدة.. فالضحك ضروري جدًا للإنسان ولازم لتنشيط الجسم ولتحريك عضلات مختلفة منه فعندما يضحك الإنسان تتحرك عضلات الوجه وعضلات كثيرة من الجسم وهذه العضلات تحتاج إلى تنشيط مستمر وعندما يبدأ الإنسان بالابتسامة تتحرك عضلتان في الوجه حول الفم وعندما يضحك بشدة فمن الصعب هنا إحصاء عدد العضلات التي تتحرك في الجسم فهناك عضلات في البطن وفي الحجاب الحاجز والصدر والوجه..والضحك نوع من التغيير في حياة الإنسان فهو ضروري كي يبتعد الإنسان ولو لبعض الوقت عن التفكير في العمل أو المشكلات أو المرض كما أنه من لوازم الصحة النفسية للإنسان.. والسليم نفسيًا والمتكامل الشعور هو الإنسان الضاحك..أما عن الطفل فيقول: يبدأ الضحك من ســن ثلاثة أشـهر تقريبًا ويكـون هذا من العلامات التي نســـتطيع أن نحكم بـها على عقليــة الطفـــل.. فالطفـــل الذي يتعدى هذه المرحلة ولا يضحك لمن حوله أو لمن يداعبه يكون نموه الجسمي غير طبيعي وكذلك نموه العقلي يكون أقل من غيره في مثل سنه والطفل صحيح النمو يضحك متجاوبًا لأي مداعبة أمامه ولكن في بعض الأحيان نجد بعض الأطفال لديهم تأخر ذهني ويظهر ذلك عندما نجدهم يضحكون بمفردهم دون أن يداعبهم أحد ونعتبر هذا الطفل أبله إلى حد ما..وعندما يوشك الطفل على بلوغه العام الأول نجده يضحك باستمرار لأي حركة تصدر عمن حوله حتى ولو لم تكن المداعبة أو الحركة موجهة له وعلى الأخص إذا وجد الطفل الاهتمام والرعاية والحنان من أهله فإننا نجده دائمًا ضاحكاً وسعيدًا..ويؤكد الدكتور محمد فوزي بأن الطفل يتأثر دائمًا بالجو العائلي المحيط به فإذا ساد الحب نشأ الطفل يضحك دائمًا للدنيا ولمن حوله ولا يعرف الخوف أو القلق على عكس الطفل الذي يعيش في جو عائلي حزين تسوده التفرقة بين أفراده فنجده يعيش في عزلة تامة ولهذا كان من الأهمية تهيئة الجو المناسب للطفل في تربيته الأولى وخصوصًا في عامه الأول وعندما يبلغ الطفل ســن ســنتين أو ثلاث سنوات ويكون قليل الضحك فإن الأم تشكو من أن طفلها لا يضحك كثيرًا مثل غيره ممن هم في مثل عمره، والسبب هو التربية السيئة في الوسط الذي لا يعرف معاني الحب والحنان.. وحتى عندما يدخل الطفل المدرسة لأول مرة يجب أن يعيش في جو مدرسي مشبع بوسائل الترفيه وبعيدًا عن الضغط النفسي والمدرسي وفكرة الطفل عن المدرسة تتوقف على كمية السعادة التي يشــعر بها لأن الطفـــل تلتــصـق في ذهنه الانطباعات الأولى التييكونها عن المدرسة ولهذا يجب أن يتسم الجو المدرسي بالمرونة والضحك..الضحك وأمثالنا الشعبيةويضيف الدكتور محمد عبدالسلام أستاذ الأدب الشعبي بكلية الآداب "جامعة الزقازيق" في البداية يجب أن نعلم جيدًا أن في البكاء رحمة وأحسب أن في الضحك رحمة ومن الخطأ الفادح التحكم التسلطي على هذه الانفعالات إذا انفجرت لا شعوريًا فإنها تيارات مريحة تعالج الاضطرابات الناشئة عن الاهتزازات الشاذة التي تنتج من قهر النفس على أشياء أذن الله سبحانه وتعالى أن تبوح بها.. إن الابتسامات والضحكات إذا انفجرت لا شعوريًا من شحنات داخلية هزت النفس فرحًا فأرسلت هذه التيارات المريحة التي تعالج كثيرًا من الاضطرابات فيعيش الإنسان في توازن جسمي ونفسي معًا.. ولذلك نرى أن أمثالنا الشعبية عن "الضحك" هي حقًا جديرة بالتحليل العلمي وهي متعددة نذكر منها على سبيل المثال:شر البلية ما يضحكبعض الناس يؤمن بأن الضحك "فلسفة" ويستطيعون أن يمروا من أي أزمة تعترض حياتهم وطريقهم بالضحك ومهما حلت بهم المصائب فلا طريق أمامهم غير الضحك وهؤلاء ينطبق عليهم هذا المثل.. والحقيقة أنهم يتخذون من الضحك وسيلة للترفيه والترويح عما في أنفسهم من حزن عميق مهما كانت البليه..الضحك مُعْدٍهذا صحيح فالضحك معد لدرجة كبيرة جدًا فلو دخل شخص وكان عابس الوجه وحزينًا ووجد جماعة يضحكون فبمجرد الجلوس معهم والتحدث إليهم سيجد نفسه قد نسي همومه وضحك معهم وربما "قهقه" أكثر منهم فالضحك مثل الحزن يؤثر في الجميع.فلان مات من الضحكلم يحدث أن مات شخص من الضحك أبدًا ولكن الذي يحدث أحيانًا أن ينصح الطبيب مريض القلب بالاعتدال في كمية "الضحك" فلا يجوع من الضحك ولا تصل الكمية إلى حد الشبع الكامل لأن عضلات الجسم كما قلنا تتحرك جميعها وقد تضر القلب وتجهده أكثر من اللازم كما أن الإنسان عندما يضحك يخرج نفسًا وراء الآخر ويكون متواصلاً فلو طالت مدة الضحك وكثر خروج النفس قد يشعر بعده بالتعب وتسارع دقات القلب فيشعر أن التنفس سيقف وأن دقات القب ســـتقف فجأة وهنــا يقـول "ها أنا أموت من كثرة الضحك" وبالطبع لن يموت..فلان فشته عايمةوالمقصود بهذا المثل ليس هو وجود "الفشة" أي الرئتين.. وعايمة في الماء لأن الرئتين لم تتعلما "العوم" أبدًا وليس هناك حوض سباحة داخل الجسم.. ولكن المقصود بالمثل أنه يوجد بعض أشخاص ليس لديهم أي هموم أو عمق في التفكير ويأخذون الأمور ببساطة وسطحية..وهؤلاء يضحكون باستمرار ولأي سبب والإنسان السطحي دائم الضحك لأنه لا يتخذ موقف الجدية في أي شيء فالأمور لديه كلها بسيطة وغير مهمة وذلك عكس الإنسان الجاد في موضوعاته فهو يأخذ الأمور بصورة عميقة فيضحك في الوقت المناسب وعلى الشيء المناسب وبطريقة مناسبة..وبعد.. عزيزي القارئ.. اضحك وابتسم ولا تغضب أبدًا واستمع إلى نصيحة (روكفلر) المليونير الأميريكي في مذكراته: إنه أصيب بمرض "القلق" بسبب خسارة مادية في إحدى صفقاته التجارية فذهب يستشير الطبيب وبعد أن عرف الطبيب سبب قلقه قدم له وصفة فيها العلاج.. وكان العلاج ( يأخذ جرعة ضحك ثلاث مرات )) . لا تبخلوا بردودكم