..
ما أصعب أن تبكى بلا دموع، وتتألم بلا صوت أنين يُسمَع...
أن تحيي لتموت،أن تعطى بلا شكر،أن تذبح في صمت،أو تقتل بسكين بارد،أن تذهب فلا تعود،أو ترحل فلا خلود..
ما أصعبَ أن تحكى فلا يسمعك أحد، أو تنادى فلا يلبى أحد،أن تجد العالم من حولك موحشاً،وان تجد الدروب في واحتك مقفرةً،والبهاء في دنياك قبحاً معيباً ..
ساعتها تبكى حتى ينقطع الدمع، وتصرخ حتى ينقطع الصوت،بحارُ من الدموع وأنهارٌ من الألم ..
فما أشقى دنيا الناس، وما أتعبَ حال البشر،كدٌ ونَصَبْ،وجهد وألم،وأنين ،فترى كل شيء من حولك عدما ، وجودك بين الناس وحدة،و لجوؤك إلى وطنك غربة ، فشواطئ الأيام مهجورة،ومراكب المرسى غير آمنة أو مستورة ..
ويسودك إحساس النـــــــدم على إثــم لا تعرفه .... وذنبٍ لم تقترفه ،فتشعر بالحزن العميق وكأن كل من حولك شجن، أثواب قد تعرت فهتكت ستر الكلمات،ونزعت رداء الحشمة،فبدلت ثيابها بثياب بالية،وهندامها بأكفان خاوية ..
تعيش داخل نفسك، بلا أنيس أو رفيق،تشعر أن المكوث على سطح القمر أقرب إليك من كل فرح، فالألم في داخلك عريق، والجرح في نفسك عميق، ساعتها تغرق عينك في بحر من الدموع،أمواجه عاتية، ومياهه جارية،عميق قعره،ظلام ليله ..
ساعتها توقن أن كل شئ يزول،فلا سعادة تبقى،ولا حزن يدوم، ولا حياة تطول، تصعق أن تجد الأمل سراباً وأن تجد المعمور من الأرض خرابا،لا تتكلم إلا همسا، فالحروف تموت حين تقال، والمعاني تذوى حين تسقط أوراقها خجلى على أرض يابس ....
فتكفكف الدمع .... وتمسح الألم ....
وتشمر عن ساعد الجد وتنادى :
حيي على خير العمل ..
فلو كانت بيدك فسيلة فلتغرسها، رغم أن ثمرها غير قريب، وربما لا تطعمها،وتكون لغيرك !!!
لكنه الأمل الذي يصحبه العمل...