hakim4algeria
:: عضو مُشارك ::
- إنضم
- 7 أوت 2006
- المشاركات
- 144
- نقاط التفاعل
- 0
- النقاط
- 6
- العمر
- 50
روكسل··· الخناق على المسلمين مؤجل إلى حين
جزائريون في ''الدرج العالي وآخرون في الثلث الخالي''
تختزل بروكسل المدينة الأوروبية، الكثير من الصراع الملتهب بين الإسلام والمصالح الأمنية في أوروبا، إلى حد لا يمكن تحديد ملامح له· وقد تبدو الأمور على أكثر ما يرام حين التأمل في طريقة ''تعايش'' كثير من الجنسيات هناك، وإن يكن أمر السكان ''الأصليين'' ممن ينطقون لغة ''الفلامان'' في خانة الاستثناء أو الشذوذ الذي لا يمكن القياس عليه أو اعتماده معيارا لتحديد مدى تقارب الأوروبيين من النازحين الجدد سيما من شمال إفريقيا، فإن النقيض يصنعه على الخصوص سكان العاصمة بروكسل والقادمون من أوروبا الشرقية، لما تعوّدوه من تقارب دائم مع جميع الأجناس التي تصل بروكسل للعمل لا أكثر· وإن كان مفهوم الهجرة مرتبطا في التقارير الرسمية الأوروبية، بالمغرب العربي وأمريكا اللاتينية، وهذا إلى وقت قريب، فإن بروكسل التي تحتضن مقر اللجنة الأوروبية، لا تعترف بهذا التصنيف؛ فالمنطقة تحوّلت إلى مزيج أو خليط أبطاله قادمون من أوروبا الشرقية، والحال هنا يتعلق بقادمين من ألبانيا ورومانيا وبلاروسيا، ثم بلغاريا وبولونيا· كما تشهد بروكسل حركة مكثفة لنازحين من باكستان وأفغانستان وكمبوديا وحتى الفلبين· وفي مرتبة متقدمة يحل المهاجرون من تركيا·· وكل فئة تجمعها مهن موحدة أو أحياء متقاربة، وكأنما الحال عبارة عن مقاطعات صغيرة تتوزع على أطراف وسط العاصمة البلجيكية، في الوقت الذي يتمسك فيه السكان الأصليون بكل ما يتعلق بعالم المال والأعمال والبنوك والمصارف ثم التجارة والمستثمرات الفلاحية وقطاع الخدمات· البحث عن الجزائريين هناك قد يبدو سهلا أول الأمر، بالنظر للأعداد الهائلة من أصول شمال إفريقيا، والذين يتجولون وسط المدينة منذ الساعات الأولى وإلى غاية الساعات الأخيرة من الليل، إلا أن الحقيقة تتجلى في وضوح أن هؤلاء على غالبيتهم قادمون من المغرب، ولن تتمكن من ملاقاة جزائري إلا بعد جهد جهيد· ولبروكسل قصة غريبة مع المهاجرين المغاربة، هذا قبل الحديث عن الجزائريين هناك، حيث ترتسم لدى الساكن بالمدينة أو حتى القادم إليها أن نصف المدينة من المغرب والنصف الآخر للبقية· يذكر في هذا السياق ''بوعيطة·ص''، وهو جزائري مقيم ببروكسل منذ قرابة 25 سنة، أن عدد المهاجرين من الجزائر وتونس والمغرب، كان قليلا جدا، لدرجة ''أنهم كانوا يتعارفون فيما بينهم ويتقاسمون الزيارات والمساعدة فيما بينهم''· ويتابع حين التقيناه بمنزله ''بحي مولمبارغ'' الشهير بتواجد الجالية العربية و المسلمة به ''إن الوضع تغير بكثير مع مرور الوقت، وعاد المكان ملكا للقادمين من المغرب بنفس الطريقة التي يستقر بها الجزائريون في فرنسا''· ومن بين الروايات التي باتت من النكت التي يرويها الجزائريون على المغاربة ''رغم تعايشهم جنبا إلى جنب''، أن الأمر بالنسبة لعمليات الزواج التي تتم بين المغربيات مثلا المقيمات في بلجيكا والشباب القادم من المغرب ''للحصول على وثائق الإقامة''، قد ''بلغت حد زواج شاب مغربي بطليقة والده وعاش معها مدة طويلة''··· أتدرون لماذا؟ فقط لأجل الوثائق·· ''مولمبارغ'' الحي الشهير كما أسلفنا ذكره، تحول في ظرف عشر سنوات إلى ''محمية للجالية''، ورغم أن الحي غير بعيد عن وسط المدينة، بل هو محسوب من الأحياء التي تتوسط بروكسل، إلا أنه تحوّل مع مرور الوقت إلى ملجأ للمهاجرين الجزائريين ''وظهرت به محلات كثيرة يديرها مغربيون وباكستانيون ونادرا أتراك''، حيث تنتشر محلات اللحوم الحلال والفواكه والخضر المستوردة من المغرب ''الزيتون''، وعدد كبير من الحمامات والمقاهي التي لا تختلف في شكلها عن أي مقهى بالرباط أو مراكش أو مقاهي إسلام اباد أو أنقرة· ويروي سكان الحي حين تقصينا عن السبب وراء ''عدم تحمّس الأمن البلجيكي لمراقبة الحي مثلما تفعل المصالح الأمنية الأخرى في العواصم الأوروبية مع المسلمين دون سبب واضح''، أن المصالح الاستخباراتية البلجيكية تلجأ إلى أكثر الأساليب ''خفية'' لمراقبة الحركة بالحي الكبير، وحتى محلات الأنترنت والهواتف المنتشرة وعددها كبير جدا بالحي مراقبة جميعها ''دون علم المتصلين·· والمراقبة تطال بالخصوص الاتصالات التي تتم بين بلجيكا وباكستان أو أفغانستان والدول المجاورة لها وحتى السعودية والأردن ومصر''· ويذكر العارفون بالحي الذي قضينا به ساعات طويلة رفقة أصدقاء جزائريين، أن المصالح الأمنية تضع يدها على كل شيء بأسلوب غير واضح ''تطبيقا لسياسة احترازية حتى لا تتحول بلجيكا لملاذ آمن للمتطرفين الذين بات يضيق الخناق عليهم في بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية ودول كفرنسا وإسبانيا وإيطاليا''· وكما يظهر معنى أحد الأمثال الجزائرية، فإن بلجيكا تأوي من الجزائريين من الأصناف الكثير·· واحتراما للفقراء أو ''الحرافة''، سنذكر بعضا من رواياتهم قبل ذكر روايات الجزائريين الآخرين من أصحاب الجاه والمال·· وللأمانة كما أوصى عدد من ''الحرافة'' الذين أوصلني إليهم صديق قديم يعيش في بروكسل منذ خمس سنوات، فإن غالبية الجزائريين هناك لا يختلف حالهم عن بقية المهاجرين في أوروبا عامة، فقطاع الأشغال العامة والبناءات والمطاعم ببروكسل يأوي الكثيرين ويشغلهم دونما حساب ''لديهم وثائق أم لا''· ومعلوم لدى الجميع أن رضى هؤلاء بما يكسبونه من مال مقابل ''تعب يوم واحد فقط'' كبير جدا، مما يمكّن من كراء شقة أو منزل كبير، حيث تتراوح قيمة الكراء ببروكسل ما بين ''350 أورو إلى غاية 600 أورو وهذا بالنسبة لشقة من 03 أو 04 غرف''· مقابل ذلك هناك من الجزائريين من تحولت إقامته إلى ''نعيم'' كما يفضلون وصفه· ونذكر هنا شابا في مقتبل العمر يدعى ''حيدر·م'' وينحدر من منطقة عزابة بولاية سكيكدة، ويشغل منصب تقني سامي لدى إحدى المؤسسات المتعددة الجنسيات ''أوروبية'' متخصص في برمجة آلات الدفع المالية التي تشتغل بنظام إلكتروني، حيدر يروي قصته التي انطلق فيها بكثير من الصعوبة ''قبل أن يتوّج تعبه بمنصب راق ووثائق إقامة دائمة''، وهما عاملان يصنعان من أي شاب مغترب ''محترما أمام الجميع ومفخرة أهله بالوطن''·· وفي رحلتنا للبحث عن جزائريين، كان من السهل لقاء بعضهم في أماكن عملهم، كان مرافقي يشير نحوهم كلما صادفنا أحدهم، وقد توزعوا على محلات مختلفة بأطراف المدينة، وكان فيهم من حظي بفرصة عمل كحارس أمن بمؤسسة ''الميترو''، وفيهم من يعمل نادلا بفندق فخم أو مقهى بقلب بروكسل أو حتى حانة من الدرجة السفلى التي يرتادها العرب عادة· وبقدر عدد الجزائريين ببروكسل، كنت أسمع أن عددهم بذات القدر في مدينة ''بروج'' في الشمال، أو ''لياج'' في الجنوب· يروي ''عبد الكريم'' وهو شاب قادم من غليزان ويعيش هناك من دون وثائق كنت التقيته صدفة ليلا في أحد المقاهي، أنه قبل اشتغاله بمطعم يملكه شخص إيطالي كطاهٍ، كان يشتغل لدى شخص بلجيكي ''ببروج''· ويضيف محدثي الذي لم يزر الجزائر منذ 1999 ''لقد قبلت بالعمل لدى ذلك الشخص رغم علمي أنه ينحدر من أصول يهودية''· والحقيقة أن ''عبد الكريم'' قد اشتغل مصلحا للبواخر الصغيرة في ورشة لنفس الشخص، وتمكن حسب روايته من كسب مال وفير ''رغم علمه بأن مشغّله يهودي''· أذكر ليلتها أن ''عبد الكريم'' قد ظل يسألني بين الفينة والأخرى ''كيف حال البلاد؟''·· و كان من الصعب علي إفادته بجواب ''فإن أنا قلت كل الحقيقة فسأحسب ربما ممن يفشون أسرار البلد في بلاد الأجانب، وهذا يصنف لدينا ضمن تهمة الخيانة العظمى''! وأذكر أيضا أني أجبته بكثير من الدبلوماسية ''البلاد تتحسن شيئا فشيئا، وإن أردت العودة إليها نهائيا فما عليك إلا المجيء محمّلا بأموال كثيرة لتعيش كما تريد''·
اقتراحات حلول أزمة الشغل في بلجيكا تتجه نحو المغتربين
التقارير والخطابات السياسية المعتمدة في الدول الأوروبية موجهة للاستهلاك أكثر منها تعبيرا عن واقع معاش، وهنا الأمر يتعلق بالهجرة الشرعية وغير الشرعية·· ولئن كانت الخطابات تصب غالبا نحو ضرورة تصفية أوروبا ممن تعتبرهم ''خطرا على أمنها وأمن شعوبها''، فإن التقارير المعدة من قبل الخبراء تصب في وجهة أخرى تسمى ''النقيض''· والمتطلع فقط للتقارير المعدة من طرف اللجان العديدة المتفرّعة عن اللجنة الأوروبية، فإنه سيعرف بالطبع حجم الحرج الذي يصيب تلك الدول وعلى وجه التحديد بلجيكا، جراء النقص الفادح في أيادٍ عاملة وشابة· وهنا تشير التقارير أن بلجيكا مثلا في حاجة دائمة لأيادٍ عاملة مهاجرة، وهو ما تؤكده الأرقام الخاصة بالشركات الصغيرة والمتوسطة المملوكة للخواص، والتي تمثل نسبة هامة من الاقتصاد الوطني الداخلي، حيث يرى سياسيون في البرلمان البلجيكي الذي يحتل فيه المغاربة موقعا هاما، بالإضافة إلى تموقع امرأة مغربية على رأس وزارة الثقافة في بلجيكا، أن الحكومة ''مجبرة'' على التعاطي بحذر مع ملف المهاجرين وأن ''عليها مسايرة طلبات الإقامة بشكل مدروس حفاظا على مقومات الاقتصاد البلجيكي''· لذلك يمكن التأكيد أن قطاع الخدمات أصبح مملوكا لخليط من مهاجرين من إيطاليا ثم شمال إفريقيا، وبعدها أوروبا الشرقية وتركيا· والمتجول فقط وسط بروكسل سوف يرى ببساطة هذا المزيج، ويأتي في مرتبة أخرى الجزائريون، كما هو الحال لأحد الفنادق الفاخرة بوسط بروكسل يملكه شاب ينحدر من مدينة عنابة، يرى فيه المهاجرون هناك أملا في أن يتحوّل إلى كبار المستثمرين في قطاع السياحة هناك·
جزائريون في ''الدرج العالي وآخرون في الثلث الخالي''
تختزل بروكسل المدينة الأوروبية، الكثير من الصراع الملتهب بين الإسلام والمصالح الأمنية في أوروبا، إلى حد لا يمكن تحديد ملامح له· وقد تبدو الأمور على أكثر ما يرام حين التأمل في طريقة ''تعايش'' كثير من الجنسيات هناك، وإن يكن أمر السكان ''الأصليين'' ممن ينطقون لغة ''الفلامان'' في خانة الاستثناء أو الشذوذ الذي لا يمكن القياس عليه أو اعتماده معيارا لتحديد مدى تقارب الأوروبيين من النازحين الجدد سيما من شمال إفريقيا، فإن النقيض يصنعه على الخصوص سكان العاصمة بروكسل والقادمون من أوروبا الشرقية، لما تعوّدوه من تقارب دائم مع جميع الأجناس التي تصل بروكسل للعمل لا أكثر· وإن كان مفهوم الهجرة مرتبطا في التقارير الرسمية الأوروبية، بالمغرب العربي وأمريكا اللاتينية، وهذا إلى وقت قريب، فإن بروكسل التي تحتضن مقر اللجنة الأوروبية، لا تعترف بهذا التصنيف؛ فالمنطقة تحوّلت إلى مزيج أو خليط أبطاله قادمون من أوروبا الشرقية، والحال هنا يتعلق بقادمين من ألبانيا ورومانيا وبلاروسيا، ثم بلغاريا وبولونيا· كما تشهد بروكسل حركة مكثفة لنازحين من باكستان وأفغانستان وكمبوديا وحتى الفلبين· وفي مرتبة متقدمة يحل المهاجرون من تركيا·· وكل فئة تجمعها مهن موحدة أو أحياء متقاربة، وكأنما الحال عبارة عن مقاطعات صغيرة تتوزع على أطراف وسط العاصمة البلجيكية، في الوقت الذي يتمسك فيه السكان الأصليون بكل ما يتعلق بعالم المال والأعمال والبنوك والمصارف ثم التجارة والمستثمرات الفلاحية وقطاع الخدمات· البحث عن الجزائريين هناك قد يبدو سهلا أول الأمر، بالنظر للأعداد الهائلة من أصول شمال إفريقيا، والذين يتجولون وسط المدينة منذ الساعات الأولى وإلى غاية الساعات الأخيرة من الليل، إلا أن الحقيقة تتجلى في وضوح أن هؤلاء على غالبيتهم قادمون من المغرب، ولن تتمكن من ملاقاة جزائري إلا بعد جهد جهيد· ولبروكسل قصة غريبة مع المهاجرين المغاربة، هذا قبل الحديث عن الجزائريين هناك، حيث ترتسم لدى الساكن بالمدينة أو حتى القادم إليها أن نصف المدينة من المغرب والنصف الآخر للبقية· يذكر في هذا السياق ''بوعيطة·ص''، وهو جزائري مقيم ببروكسل منذ قرابة 25 سنة، أن عدد المهاجرين من الجزائر وتونس والمغرب، كان قليلا جدا، لدرجة ''أنهم كانوا يتعارفون فيما بينهم ويتقاسمون الزيارات والمساعدة فيما بينهم''· ويتابع حين التقيناه بمنزله ''بحي مولمبارغ'' الشهير بتواجد الجالية العربية و المسلمة به ''إن الوضع تغير بكثير مع مرور الوقت، وعاد المكان ملكا للقادمين من المغرب بنفس الطريقة التي يستقر بها الجزائريون في فرنسا''· ومن بين الروايات التي باتت من النكت التي يرويها الجزائريون على المغاربة ''رغم تعايشهم جنبا إلى جنب''، أن الأمر بالنسبة لعمليات الزواج التي تتم بين المغربيات مثلا المقيمات في بلجيكا والشباب القادم من المغرب ''للحصول على وثائق الإقامة''، قد ''بلغت حد زواج شاب مغربي بطليقة والده وعاش معها مدة طويلة''··· أتدرون لماذا؟ فقط لأجل الوثائق·· ''مولمبارغ'' الحي الشهير كما أسلفنا ذكره، تحول في ظرف عشر سنوات إلى ''محمية للجالية''، ورغم أن الحي غير بعيد عن وسط المدينة، بل هو محسوب من الأحياء التي تتوسط بروكسل، إلا أنه تحوّل مع مرور الوقت إلى ملجأ للمهاجرين الجزائريين ''وظهرت به محلات كثيرة يديرها مغربيون وباكستانيون ونادرا أتراك''، حيث تنتشر محلات اللحوم الحلال والفواكه والخضر المستوردة من المغرب ''الزيتون''، وعدد كبير من الحمامات والمقاهي التي لا تختلف في شكلها عن أي مقهى بالرباط أو مراكش أو مقاهي إسلام اباد أو أنقرة· ويروي سكان الحي حين تقصينا عن السبب وراء ''عدم تحمّس الأمن البلجيكي لمراقبة الحي مثلما تفعل المصالح الأمنية الأخرى في العواصم الأوروبية مع المسلمين دون سبب واضح''، أن المصالح الاستخباراتية البلجيكية تلجأ إلى أكثر الأساليب ''خفية'' لمراقبة الحركة بالحي الكبير، وحتى محلات الأنترنت والهواتف المنتشرة وعددها كبير جدا بالحي مراقبة جميعها ''دون علم المتصلين·· والمراقبة تطال بالخصوص الاتصالات التي تتم بين بلجيكا وباكستان أو أفغانستان والدول المجاورة لها وحتى السعودية والأردن ومصر''· ويذكر العارفون بالحي الذي قضينا به ساعات طويلة رفقة أصدقاء جزائريين، أن المصالح الأمنية تضع يدها على كل شيء بأسلوب غير واضح ''تطبيقا لسياسة احترازية حتى لا تتحول بلجيكا لملاذ آمن للمتطرفين الذين بات يضيق الخناق عليهم في بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية ودول كفرنسا وإسبانيا وإيطاليا''· وكما يظهر معنى أحد الأمثال الجزائرية، فإن بلجيكا تأوي من الجزائريين من الأصناف الكثير·· واحتراما للفقراء أو ''الحرافة''، سنذكر بعضا من رواياتهم قبل ذكر روايات الجزائريين الآخرين من أصحاب الجاه والمال·· وللأمانة كما أوصى عدد من ''الحرافة'' الذين أوصلني إليهم صديق قديم يعيش في بروكسل منذ خمس سنوات، فإن غالبية الجزائريين هناك لا يختلف حالهم عن بقية المهاجرين في أوروبا عامة، فقطاع الأشغال العامة والبناءات والمطاعم ببروكسل يأوي الكثيرين ويشغلهم دونما حساب ''لديهم وثائق أم لا''· ومعلوم لدى الجميع أن رضى هؤلاء بما يكسبونه من مال مقابل ''تعب يوم واحد فقط'' كبير جدا، مما يمكّن من كراء شقة أو منزل كبير، حيث تتراوح قيمة الكراء ببروكسل ما بين ''350 أورو إلى غاية 600 أورو وهذا بالنسبة لشقة من 03 أو 04 غرف''· مقابل ذلك هناك من الجزائريين من تحولت إقامته إلى ''نعيم'' كما يفضلون وصفه· ونذكر هنا شابا في مقتبل العمر يدعى ''حيدر·م'' وينحدر من منطقة عزابة بولاية سكيكدة، ويشغل منصب تقني سامي لدى إحدى المؤسسات المتعددة الجنسيات ''أوروبية'' متخصص في برمجة آلات الدفع المالية التي تشتغل بنظام إلكتروني، حيدر يروي قصته التي انطلق فيها بكثير من الصعوبة ''قبل أن يتوّج تعبه بمنصب راق ووثائق إقامة دائمة''، وهما عاملان يصنعان من أي شاب مغترب ''محترما أمام الجميع ومفخرة أهله بالوطن''·· وفي رحلتنا للبحث عن جزائريين، كان من السهل لقاء بعضهم في أماكن عملهم، كان مرافقي يشير نحوهم كلما صادفنا أحدهم، وقد توزعوا على محلات مختلفة بأطراف المدينة، وكان فيهم من حظي بفرصة عمل كحارس أمن بمؤسسة ''الميترو''، وفيهم من يعمل نادلا بفندق فخم أو مقهى بقلب بروكسل أو حتى حانة من الدرجة السفلى التي يرتادها العرب عادة· وبقدر عدد الجزائريين ببروكسل، كنت أسمع أن عددهم بذات القدر في مدينة ''بروج'' في الشمال، أو ''لياج'' في الجنوب· يروي ''عبد الكريم'' وهو شاب قادم من غليزان ويعيش هناك من دون وثائق كنت التقيته صدفة ليلا في أحد المقاهي، أنه قبل اشتغاله بمطعم يملكه شخص إيطالي كطاهٍ، كان يشتغل لدى شخص بلجيكي ''ببروج''· ويضيف محدثي الذي لم يزر الجزائر منذ 1999 ''لقد قبلت بالعمل لدى ذلك الشخص رغم علمي أنه ينحدر من أصول يهودية''· والحقيقة أن ''عبد الكريم'' قد اشتغل مصلحا للبواخر الصغيرة في ورشة لنفس الشخص، وتمكن حسب روايته من كسب مال وفير ''رغم علمه بأن مشغّله يهودي''· أذكر ليلتها أن ''عبد الكريم'' قد ظل يسألني بين الفينة والأخرى ''كيف حال البلاد؟''·· و كان من الصعب علي إفادته بجواب ''فإن أنا قلت كل الحقيقة فسأحسب ربما ممن يفشون أسرار البلد في بلاد الأجانب، وهذا يصنف لدينا ضمن تهمة الخيانة العظمى''! وأذكر أيضا أني أجبته بكثير من الدبلوماسية ''البلاد تتحسن شيئا فشيئا، وإن أردت العودة إليها نهائيا فما عليك إلا المجيء محمّلا بأموال كثيرة لتعيش كما تريد''·
اقتراحات حلول أزمة الشغل في بلجيكا تتجه نحو المغتربين
التقارير والخطابات السياسية المعتمدة في الدول الأوروبية موجهة للاستهلاك أكثر منها تعبيرا عن واقع معاش، وهنا الأمر يتعلق بالهجرة الشرعية وغير الشرعية·· ولئن كانت الخطابات تصب غالبا نحو ضرورة تصفية أوروبا ممن تعتبرهم ''خطرا على أمنها وأمن شعوبها''، فإن التقارير المعدة من قبل الخبراء تصب في وجهة أخرى تسمى ''النقيض''· والمتطلع فقط للتقارير المعدة من طرف اللجان العديدة المتفرّعة عن اللجنة الأوروبية، فإنه سيعرف بالطبع حجم الحرج الذي يصيب تلك الدول وعلى وجه التحديد بلجيكا، جراء النقص الفادح في أيادٍ عاملة وشابة· وهنا تشير التقارير أن بلجيكا مثلا في حاجة دائمة لأيادٍ عاملة مهاجرة، وهو ما تؤكده الأرقام الخاصة بالشركات الصغيرة والمتوسطة المملوكة للخواص، والتي تمثل نسبة هامة من الاقتصاد الوطني الداخلي، حيث يرى سياسيون في البرلمان البلجيكي الذي يحتل فيه المغاربة موقعا هاما، بالإضافة إلى تموقع امرأة مغربية على رأس وزارة الثقافة في بلجيكا، أن الحكومة ''مجبرة'' على التعاطي بحذر مع ملف المهاجرين وأن ''عليها مسايرة طلبات الإقامة بشكل مدروس حفاظا على مقومات الاقتصاد البلجيكي''· لذلك يمكن التأكيد أن قطاع الخدمات أصبح مملوكا لخليط من مهاجرين من إيطاليا ثم شمال إفريقيا، وبعدها أوروبا الشرقية وتركيا· والمتجول فقط وسط بروكسل سوف يرى ببساطة هذا المزيج، ويأتي في مرتبة أخرى الجزائريون، كما هو الحال لأحد الفنادق الفاخرة بوسط بروكسل يملكه شاب ينحدر من مدينة عنابة، يرى فيه المهاجرون هناك أملا في أن يتحوّل إلى كبار المستثمرين في قطاع السياحة هناك·