اغتيال قاصدي مرباح
فحسب النقيب أوڤنون من (ح.ج.ض.أ/MAOL) فإن إقامة قاصدي مرباح من 14 إلى 18 أوت 1993 في سويسرا مكنته من الاتصال بمختلف ممثلي المعارضة في المنفى ليضبط معهم مشروعه الذي كان سيتمخض عن القيام بثورة في الفاتح من نوفمبر 1993. وفي اليوم الثاني بالذات من عودته إلى الوطن تم اغتياله في برج البحري (واغتيل معه أخوه وابنه حكيم، 124 واثنان من حراسه، وقد كانوا يستقلون سيارتين اثنتين) من طرف كومندو متكون من خمسة عشر فردا. مطلعين جيدا على توقيته، وخط سيره، وإن الطريقة التي تمت بها تصفية رئيس الحكومة السابق تنم عن احترافية القائمين بها الذين اختفوا بكيفية عجيبة بعد ارتكاب الجريمة مباشرة دون أن ينسوا أخذ حقيبة الوثائق التي كانت معه، (ولم يأخذوا سلاحه!)
إن هذه العملية التي كانت مشفرة تحت اسم "فيروس" قد رويت كل مراحلها بالتفصيل في مقال نشر في 1999 على موقع (ح.ج.ض.أ/MAOL) 125 في الانترنيت والذي أكد أن رجال الكومندو القتلة كانوا يتبعون لوحدة 192، وكانوا بقيادة العقيد بشير طرطاڤ شخصيا. لا أدري إذا كانت هذه الرواية صحيحة، لأن مصادري تؤكد أن هذه العملية مدبرة من (م.ج.م/DCE) وليس من (م.م.أ.ج/DCSA) بدليل مشاركة عبد الله قاسي ضابط الصف السابق المدعو شكيب، عميل إسماعيل الذي سبق أن تحدثت عنه (أنظر الفصل السادس) على أنه من المحتمل أن يكون كل من (م.ج.م/DCE) و(م.م.أ.ج/DCSA) قد اشتركتا في عملية تصفية قاصدي مرباح، ومهما يكن اسم الجهاز الذي قام بارتكاب هذه الجريمة الشنعاء فإن الشيء المؤكد الذي لا يختلف عليه اثنان هو أنها من صنيع (ق.إ.أ/DRS)!
وكالعادة طبعا، لم يجرى أي تحقيق جدي، حيث نسبت الجريمة إلى جماعة مولود حطاب (الذي سيقتل بعد ذلك ببضعة أسابيع، إثر معارك داخلية لتصفية الحسابات بين الفصائل الإسلامية حسب الصحافة الجزائرية) وبسبب ذلك لم يعثر على الفاعلين أبدا!
وفي سبتمبر 1993، وكنت حينها في مهمة في الجزائر، فتجاذبت أطراف الحديث حولها مع إسماعيل العماري الذي أجابني حرفيا بأنها تدخل ضمن "منطق الدولة"، ولم أرد أن أبحث كثيرا في الموضوع، فمرحلة تصفية الحسابات قد بدأت. وأثناء قيامي بزيارة لمحمد عباس علالو، رئيس حزب الجمعية الشعبية للوحدة والعمل (وهو حزب صغير يقع مقره في حسين داي) تطرقنا إلى الحديث عن اغتيال قاصدي مرباح، فأعطاني بكل غرابة نفس الجواب "منطق الدولة" وبين لي أن مرباح كان يريد أن يعقد تحالفات مع الـ(ج.إ.إ/FIS) و(حمس/MSP) وينوي الذهاب إلى ليبيا في الفاتح من سبتمبر بدعوة من معمر القذافي لحضور احتفالات الذكرى السنوية للثورة الليبية، حيث كان يريد تنسيق العمل مع قادة المعارضة الإسلامية الجزائرية.
إنها بالضبط نفس العبارات التي قالها لي إسماعيل العماري قبل ذلك بساعة تقريبا! وحينها أدركت أن النظام قد تخلص من قاصدي مرباح ذلك الرجل الوطني النزيه الذي كان مثل المرحوم محمد بوضياف قادرا على إحباط المؤامرة المدبرة من جنرالات (ف.ج.ف/DAF) لامتلاك الجزائر، والاستحواذ على مقدراتها لحساب حماتهم من وراء البحر وأولياء نعمتهم القدامى والجدد، ماضيا وحاضرا!
وقد علمت فيما بعد، بفضل المساعد محمد شيرك الذي عين كاتبا لي في بون، بأن عبد الله قاسي قد قدم مساعدة لوجيستية هامة لقاتلي قاصدي مرباح بإيوائهم في إقامته بالقرب من مدينة برج الكيفان مباشرة بعد انتهائهم من المهمة وقد كوفئ عبد الله قاسي على هذا الجميل بمقعد نائب في البرلمان المعين سنة 1994 (المجلس الوطني الانتقالي/CNT) وهكذا وجد ضابط صف في(أ.ع/SM) مطرود من (ج.و.ش/ANP) بسبب مشاركته في مؤامرة (قضية "ڤفصة") نفسه نائبا في برلمان الجزائر "الجمهورية" المسيرة من طرف مجرمين من "عصابة يناير" وبعد الشكوى التي قدمتها ضده أرملة المرحوم قاصدي مرباح على إثر اغتيال زوجها سيتم اغتيال عبد الله قاسي هو نفسه بطريقة غريبة في منزله يوم 24 أوت 1994.
إلى القاء في حلقة أخرى
......................................................................