يتسائل البعض عن سمة التفاؤل: هل هي لغرض تربوي كرفع معنويات الناس، أو هي قناعة؟ وإذا كانت قناعة فما مصدرها؟
والحق أنها قناعة راسخة مصدرها أمور:
- أولاً: النظر في التاريخ وتقلباته:
فالتاريخ يعيد نفسه -كما يقال-، والله تعالى يقول: (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ) [آل عمران:140].
- ثانياً: النظر في الواقع:
فإننا نجد انهيار المعسكر الشيوعي ماثلاً أمامنا على رغم قوته الضاربة إلى أكثر من سبعين سنة، وبذلك يمكن انهيار قوى أخرى معادية لإسـرائيل.
ومن طبيعة الإنسان أحيانًا أنه يرى الواقع الذي يعيشه سرمدًا لا يزول، فقد نسينا الآن سقوط الشيوعية، وبدأنا نتصور أن الواقع باق لن يزول، وهذا خطأ كبير.
- ثالثاً: النظر في السنن الكونية والنواميس الإلهية:
فالله تعالى يقول -كما سلف-: (وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ) [آل عمران:140]، ويقول جل وعز: (وَلَوْلا دَفْعُ الله النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأرْضُ) [البقرة:251]، ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لما سُبقت ناقته العضباء: "حق على الله ألا يرتفع شيء إلا وضعه"( ).
إذا تـم شـيء بدا نقصـه
ترقـب زوالاً إذا قيـل تم( )
- رابعاً: النصوص الشرعية التي تؤكد انتصار الإسلام:
وهي كثيرة ذكرتها في رسالة "مستقبل الإسلام"، ورسالة "الجولة مع اليهود"، منها حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود، حتى يقول الشجر والحجر: يا مسلم، يا عبد الله، هذا يهودي ورائي تعال فاقتله"( )، هكذا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلا داعي أن نضرب ونرجم بالغيب بعد كلام الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم -، فوالله الذي لا إله غيره ما كَذَبْنا ولا كُذِبْنا، فهكذا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي أخبر الله تعالى عنه: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى.إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى) [النجم:3،4].
وجاء في رواية أخرى: "على نهر الأردن، أنتم شرقيُّه، وهم غربيُّه"( )، وهذه راوية إسنادها فيه ضعف يسير، لكن حسنه جماعة من أهل العلم، والواقع يصدقه، ويشهد على ثبوته.
فحين دُوِّنت الكتب من قبل وأُلِّفت، لم يكن لليهود وجود يذكر في فلسطين، ولم يكونوا قريبين من نهر الأردن، لكنهم وجدوا بعد ذلك خاصة في هذا الزمن.
وأنا أرجو الله تعالى ألا يتجاوزوا نطاقهم الحالي، وأظن أنهم لن يذهبوا عنه بعيدًا، لكن هذا بلا شك ليس قطعًا، وإنما هو ظن غالب، فقد يتوسع اليهود ثم ينكمشون بعد ذلك، وقد يكون الذي وعد به النبي - صلى الله عليه وسلم - معركة تأتي اليوم، أو غدًا، أو بعد عشر سنين، أو بعد خمسين سنة، فالله تعالى أعلم. المهم أن ننتبه إلى عدة أمور بشأن هذه المعركة:
أولاً: هذه المعركة حق، وكل مسلم يصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليه أن يؤمن بها، وأن يعلم أنها قادمة لا محالة، على رغم كل العقبات والظلمات والحواجز؛ فهذا غيب أخبر عنه الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام.
ثانيًا: هذا لا يعني أبدًا القعود وترك الأمر؛ بحجة أن المعركة قادمة، والنصر قادم، لا.. فالنصر ليس هبة للقاعدين والكسـالى؛ بل النصر هبة من الله - عز وجل - للمجـاهدين والمضحِّين والصابرين والمرابطين، قال - عز وجل -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا الله لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [آل عمران:200].
ثالثًا: هذه المعركة لا تعني ألا نهتم بما يجري الآن، ولا نكترث له، ونقول دعهم يفعلون ما يشاؤون؛ لأن الاهتمام بالواقع هو جِبِلّة وطبيعة عند الإنسان، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - كان موعودًا بالنصر، حتى إنه في مكة -كما في صحيح البخاري- كان يقول لأصحابه: "والله ليَتِمَّنَّ هذا الأمر، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله، والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون"( ).
ومع ذلك في معركة بدر، لما رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - قوة العدو وبأسه وكثرته، وقلة أصحابه، رفع يديه إلى السماء، ودعا الله - عز وجل -، وخشع وابتهل، وقال: "اللهم، إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسـلام لا تُعبد في الأرض"( )، فهذه طبيعة الإنسان، أن يهتم بواقعه ويتابعه؛ إذ الاهتمام به جِبِلّة.
والاهتمام بأمور المسلمين مطلب يدل على التعاطف، والرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول: "مثل المسلمين في توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم، مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"( )، ويقول - صلى الله عليه وسلم -: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا"( ).
رابعًا: لننظر ماذا يقول القرآن عن خصومنا من اليهود: (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَمَا ثُقِفُوا إِلاَّ بِحَبْلٍ مِنَ الله وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ الله وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ) [آل عمران:112]، ويقول سبحانه: (لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلاَّ فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى) [الحشر:14].
وقد عاش اليهود زمانًا طويلاً تحت ظل البطش والإرهاب في أكثر من بلد، وهم الآن يتحركون بالعقلية ذاتها.. عقلية اليهودي المضطهد، فهي عقلية تبالغ في التخوف من كل شيء، مما قد يبدو للناس أنه مكر ودهاء.
والواقع أن عقلية الشعور بالاضطهاد تجعل اليهود دائمًا خائفين، حتى وهم متمكنون الآن، فشعور التوتر والقلق وعدم الاستقرار الأمني والسياسي والاجتماعي والاقتصادي يطاردهم.
إن اليهود طائفة محصورة محدودة، غير قابلة للنماء والزيادة؛ لأنهم لا يقبلون انضمام أحد إليهم، وهذه بحد ذاتها معضلة كبرى، خاصة واليهود يواجهون الشعوب الإسلامية وهي تتزايد بشكل غريب جدًّا، وكثافة عددية هائلة لا يقاس بها أي شعب آخر.
فكم يجني أولئك الذين يمنحون إسـرائيل السلام والاستقرار، وكم يقدمون من خير!
نسأل الله أن ينصر دينه ويعلي كلمته، ويثبت المجاهدين في سبيله، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
والحق أنها قناعة راسخة مصدرها أمور:
- أولاً: النظر في التاريخ وتقلباته:
فالتاريخ يعيد نفسه -كما يقال-، والله تعالى يقول: (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ) [آل عمران:140].
- ثانياً: النظر في الواقع:
فإننا نجد انهيار المعسكر الشيوعي ماثلاً أمامنا على رغم قوته الضاربة إلى أكثر من سبعين سنة، وبذلك يمكن انهيار قوى أخرى معادية لإسـرائيل.
ومن طبيعة الإنسان أحيانًا أنه يرى الواقع الذي يعيشه سرمدًا لا يزول، فقد نسينا الآن سقوط الشيوعية، وبدأنا نتصور أن الواقع باق لن يزول، وهذا خطأ كبير.
- ثالثاً: النظر في السنن الكونية والنواميس الإلهية:
فالله تعالى يقول -كما سلف-: (وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ) [آل عمران:140]، ويقول جل وعز: (وَلَوْلا دَفْعُ الله النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأرْضُ) [البقرة:251]، ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لما سُبقت ناقته العضباء: "حق على الله ألا يرتفع شيء إلا وضعه"( ).
إذا تـم شـيء بدا نقصـه
ترقـب زوالاً إذا قيـل تم( )
- رابعاً: النصوص الشرعية التي تؤكد انتصار الإسلام:
وهي كثيرة ذكرتها في رسالة "مستقبل الإسلام"، ورسالة "الجولة مع اليهود"، منها حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود، حتى يقول الشجر والحجر: يا مسلم، يا عبد الله، هذا يهودي ورائي تعال فاقتله"( )، هكذا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلا داعي أن نضرب ونرجم بالغيب بعد كلام الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم -، فوالله الذي لا إله غيره ما كَذَبْنا ولا كُذِبْنا، فهكذا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي أخبر الله تعالى عنه: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى.إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى) [النجم:3،4].
وجاء في رواية أخرى: "على نهر الأردن، أنتم شرقيُّه، وهم غربيُّه"( )، وهذه راوية إسنادها فيه ضعف يسير، لكن حسنه جماعة من أهل العلم، والواقع يصدقه، ويشهد على ثبوته.
فحين دُوِّنت الكتب من قبل وأُلِّفت، لم يكن لليهود وجود يذكر في فلسطين، ولم يكونوا قريبين من نهر الأردن، لكنهم وجدوا بعد ذلك خاصة في هذا الزمن.
وأنا أرجو الله تعالى ألا يتجاوزوا نطاقهم الحالي، وأظن أنهم لن يذهبوا عنه بعيدًا، لكن هذا بلا شك ليس قطعًا، وإنما هو ظن غالب، فقد يتوسع اليهود ثم ينكمشون بعد ذلك، وقد يكون الذي وعد به النبي - صلى الله عليه وسلم - معركة تأتي اليوم، أو غدًا، أو بعد عشر سنين، أو بعد خمسين سنة، فالله تعالى أعلم. المهم أن ننتبه إلى عدة أمور بشأن هذه المعركة:
أولاً: هذه المعركة حق، وكل مسلم يصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليه أن يؤمن بها، وأن يعلم أنها قادمة لا محالة، على رغم كل العقبات والظلمات والحواجز؛ فهذا غيب أخبر عنه الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام.
ثانيًا: هذا لا يعني أبدًا القعود وترك الأمر؛ بحجة أن المعركة قادمة، والنصر قادم، لا.. فالنصر ليس هبة للقاعدين والكسـالى؛ بل النصر هبة من الله - عز وجل - للمجـاهدين والمضحِّين والصابرين والمرابطين، قال - عز وجل -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا الله لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [آل عمران:200].
ثالثًا: هذه المعركة لا تعني ألا نهتم بما يجري الآن، ولا نكترث له، ونقول دعهم يفعلون ما يشاؤون؛ لأن الاهتمام بالواقع هو جِبِلّة وطبيعة عند الإنسان، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - كان موعودًا بالنصر، حتى إنه في مكة -كما في صحيح البخاري- كان يقول لأصحابه: "والله ليَتِمَّنَّ هذا الأمر، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله، والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون"( ).
ومع ذلك في معركة بدر، لما رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - قوة العدو وبأسه وكثرته، وقلة أصحابه، رفع يديه إلى السماء، ودعا الله - عز وجل -، وخشع وابتهل، وقال: "اللهم، إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسـلام لا تُعبد في الأرض"( )، فهذه طبيعة الإنسان، أن يهتم بواقعه ويتابعه؛ إذ الاهتمام به جِبِلّة.
والاهتمام بأمور المسلمين مطلب يدل على التعاطف، والرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول: "مثل المسلمين في توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم، مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"( )، ويقول - صلى الله عليه وسلم -: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا"( ).
رابعًا: لننظر ماذا يقول القرآن عن خصومنا من اليهود: (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَمَا ثُقِفُوا إِلاَّ بِحَبْلٍ مِنَ الله وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ الله وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ) [آل عمران:112]، ويقول سبحانه: (لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلاَّ فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى) [الحشر:14].
وقد عاش اليهود زمانًا طويلاً تحت ظل البطش والإرهاب في أكثر من بلد، وهم الآن يتحركون بالعقلية ذاتها.. عقلية اليهودي المضطهد، فهي عقلية تبالغ في التخوف من كل شيء، مما قد يبدو للناس أنه مكر ودهاء.
والواقع أن عقلية الشعور بالاضطهاد تجعل اليهود دائمًا خائفين، حتى وهم متمكنون الآن، فشعور التوتر والقلق وعدم الاستقرار الأمني والسياسي والاجتماعي والاقتصادي يطاردهم.
إن اليهود طائفة محصورة محدودة، غير قابلة للنماء والزيادة؛ لأنهم لا يقبلون انضمام أحد إليهم، وهذه بحد ذاتها معضلة كبرى، خاصة واليهود يواجهون الشعوب الإسلامية وهي تتزايد بشكل غريب جدًّا، وكثافة عددية هائلة لا يقاس بها أي شعب آخر.
فكم يجني أولئك الذين يمنحون إسـرائيل السلام والاستقرار، وكم يقدمون من خير!
نسأل الله أن ينصر دينه ويعلي كلمته، ويثبت المجاهدين في سبيله، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.