الحظيرة الوطنية بالأهقار ..
متحف طبيعي وإرث حضاري عريق وزاخر
تكتسي الحظيرة الوطنية بالأهقار بتمنراست أهمية بالغة ذات أبعاد متعددة لما تزخر به من الكثير من الشواهد الطبيعية الحية التي لازالت تعبر على مدى آلاف السنين عن أسرار الوجود الانساني والحيواني والنباتي بهذه المنطقة من الجنوب الكبير حيث يعود البعض منها إلى ما قبل 12 ألف سنة .
وقد تحول هذا الفضاء الطبيعى المصنف كأكبر المتاحف المفتوحة على الطبيعة في العالم والممتد على مساحة تقدر بنحو 500 ألف كلم مربع تصل إلى منطقة التيدكلت إلى قطب سياحي ذي أهمية وطنية ودولية بالنظر إلى ما يحتويه من كنوز وشواهد تحمل الكثير من خصوصيات منطقة الأهقار التي تتميز بتنوع تضاريسها ومناخها الذى يتميز بالاعتدال في الأهقار بينما يكون جافا وشبه حار بمنطقة التيدكلت الصحراوية. ومن الخصائص الطبيعية الفريدة من نوعها للحظيرة الوطنية بالأهقار سلسلة الجبال الشاهقة التي صقلتها الرياح المحملة بالرمال الممتدة في اشكال غريبة تشد نظر الانسان كما تحتوى صخورها بقايا حيوانية ونباتية تدل دلالة واضحة على وجود الحياة بهذه المنطقة منذ العصور الجيولوجية القديمة . وتتواجد بهذا الفضاء الطبيعى بقايا غابات تدل عليها تلك الاشجار الضخمة المتحجرة بفعل العوامل المناخية والتي توحى اليوم بمفارقة غريبة إلى تواجد غابة استوائية وسط صحراء قاحلة فضلا عن انتشار اكثر من 350 نوع من النباتات حيث يمثل هذا الغطاء النباتى مساحة رعوية كانت تقتات منها الحيوانات البرية والاليفة ولازال العديد من انواع هذه النباتات يستعمل اليوم لدواعى العلاج والصناعات التقليدية وبناء المساكن بالأهقار. وتكشف الكثير من الدلائل ان هذا الغطاء النباتى كان كثيفا وكانت تنتشر به منذ اكثر من 10 الاف سنة حيوانات تعيش بالمناطق الاستوائية كالزرافة ووحيد القرن والفيلة وتشهد على ذلك ايضا الرسوم والنقوش الصخرية المنتشرة في معظم مناطق الحظيرة.
وإلى جانب هذا الغطاء النباتي تنتشر بعض مصادر المياه والتي تعتبر قليلة مقارنة بالمساحة الشاسعة للحظيرة والتي تقتصر على آبار وقلتات "برك مائية" والتي كانت تعد مصدر الحياة لسكان المنطقة وللحيوانات البرية.
كما تحتوى الحظيرة الكثير من المواقع الجيولوجية والمناجم والاثريات وبقايا المقابر التي تعود إلى ما قبل ظهور الإسلام والكثير من النقوش المختلفة والرسومات الصخرية التي لا زالت تروي إلى اليوم ماضي واسرار المنطقة . كما تم مؤخرا اكتشاف انثى الفهد بالجهة وهو الاكتشاف الذى لا زال محل دراسات عالمية . وبالنظر إلى الاهمية التي تكتسيها المنطقة فقد انشىء الديوان الوطني لحظيرة الأهقار سنة 1987 بموجب مرسوم رئاسى وهو جهاز ذو طابع ادارى وثقافي اسندت له من خلال مديرياته الثلاثة في كل من تمنراست وعين صالح وادلس مهمة حماية وترقية هذا الإرث الحضاري بالمنطقة. إلا ان نشاط الديوان أصبح اليوم في حاجة إلى امكانيات مادية وبشرية تساعده على اداء مهمته وحماية هذا التراث الهام على اكمل وجه سيما بعد انتشار ظواهر خطيرة تهدد الحظيرة من بينها اتلاف بعض المواقع وسرقة كنوزها الأثرية واصطياد بعض انواع الحيوانات المهددة بالانقراض كالغزال وبعض انواع الطيور.