يمكن اعتبار شهر رمضان في الجزائر "الفرصة الذهبية" التي لا تفوتها شريحة عريضة من الشباب للتقرب من الله وطلب التوبة والغفران منه، أملاً في مسح ذنوب السنة. ويظهر ذلك من خلال السلوكيات المنضبطة التي تميز هؤلاء الشباب منذ بداية الشهر حتى نهايته، إذ تتحول المساجد قبلتهم المفضلة بعد أن كانت المقاهي ومحال الانترنت تستهلك من أيامهم الوقت الطويل والمال الكثير.
اللافت أن هؤلاء الشباب أو "متديني المناسبات" كما يسميهم بعضهم، يحرصون طوال أيام رمضان على مراقبة أدنى تصرفاتهم سواء في الشارع أم في الجامعات والأسواق. وإذا كانوا يسمحون لأنفسهم خلال أيام السنة العادية بمعاكسة الفتيات ومضايقتهن، فإنهم يكتفون خلال أيام رمضان بترديد عبارتي "اللهم إني صائم" و"استغفر الله" كلما شاهدوا ملامح فتاة جميلة أو متبرجة. وإذا تعودوا خلال أيام السنة على التمتع بالاستماع إلى أغاني "الراي"، أو مشاهدة الأفلام والمسلسلات الآتية من وراء البحار، فإنهم في المقابل يكتفون خلال أيام الصيام بالاستماع إلى أشرطة القرآن، ومتابعة الحصص الدينية التي تبثها القنوات الفضائية المتخصصة.
وعلى رغم السهرات الفنية والحفلات المتنوعة التي تشهدها ليالي رمضان، ولا سيما في المدن الجزائرية الكبرى مثل العاصمة وهران وعنابة، يفضل عدد كبير من الشباب قضاء سهراته بعيداً من صخب الموسيقى وفتنة الجنس الآخر، تفادياً لارتكابهم أي "ذنب" يكون السبب في بطلان صيامهم، فتجدهم يختارون الجلوس في جماعات يغلب على أحاديثها الطابع الديني، وآخر فتاوى الدعاة، وأحياناً عن أحدث موديلات السيارات أو نتائج مباريات الدوري لكرة القدم.
رفيق (24 عاماً) يعترف بأنه عاد خلال هذا الشهر إلى أداء فريضة الصلاة، كما أنه أطلق لحيته، على رغم حرصه المعتاد والشديد على تشذيبها يومياً قبل الخروج من البيت. ويقول رفيق: "ينتابني شعور غريب في هذا الشهر الكريم، أحس أكثر من أي وقت بضرورة التقرب من الله، لذلك أحس بأن سلوكياتي تتغير وأصبح أكثر هدوءاً من المعتاد. كما أنني أقضي على غير عادتي معظم أوقاتي في البيت لمتابعة الحصص الدينية أو المسلسلات التاريخية بينما اختار أداء صلوات اليوم في المسجد برفقة أصدقائي".
الشعور نفسه ينتاب وداد (23 عاماً) التي تقول إن برنامجها اليومي خلال شهر رمضان يتغير تماماً بحيث إنها تقضي غالبية أوقاتها بين الجامعة والمكتبة والبيت، عكس الأيام الأخرى التي تسمح لنفسها خلالها بالبقاء لمدة طويلة مع زميلاتها في الجامعة على رغم انتهاء مواعيد المحاضرات. وترى وداد أن شهر رمضان يعتبر مناسبة لا يجب تفويتها للتكفير عن الذنوب والتقرب من الله، لذلك فهي تحرص يومياً على أداء صلاة التراويح في المسجد برفقة والدتها وشقيقتها.
وإذا كان رفيق ووداد يعتبران مثالاً للكثير من الشباب الجزائريين الذين يشعرون بالرغبة القوية في التقرب من الله، وأداء فريضة الصوم من دون المساس بمشاعر الغير أو إلحاق الأذى بهم، فإن شباباً آخرين يتحولون خلال شهر رمضان إلى أئمة أو دعاة حتى إنهم لا يجدون حرجاً في تقديم النصائح والإرشادات لزملائهم وزميلاتهم، كأن يقولوا لأحدهم "كف عن التدخين" أو لإحداهن "لماذا لا ترتدين الحجاب؟"، وغيرهما من النصائح التي أشارت إليها نبيلة، وهي طالبة في كلية الإعلام والاتصال في العاصمة.
وتعرب نبيلة عن استغرابها من التغير الكبير الذي طرأ على بعض زملائها في الجامعة بحلول شهر رمضان، وتقول: "لم أكن أتوقع أن يقول لي أحد الزملاء انني أتعب نفسي بالصيام سدى، لأنني لا أرتدي الحجاب ولا أصلي". وتضيف: "بصراحة أنا لم أفهم هل كان زميلي يريد إحراجي أمام بقية الزملاء أم أنه كان يمزح فقط! لكن الأمر المؤكد هو أن طريقة كلامه معنا تغيرت، وأصبح منذ بداية رمضان يتفادى قدر الإمكان الحديث مع البنات. وحتى إذا تحدث معهن، فيكون كلامه مجرد ملاحظات قاسية أو نصائح".
ولا ينفي عبد القادر مصباح وهو إمام مسجد، أن نسبة الشباب المقبلين على المسجد ترتفع بنسبة كبيرة خلال شهر رمضان، لا سيما في الليل لأداء صلاة التراويح. ويقول عبد القادر إنه يستقبل يومياً عشرات الشباب الذين يسألونه عن أمور الدين، ويستفسرون منه عن الأشياء التي يتوجب عليهم تفاديها خلال هذا الشهر. وعلى رغم ارتياحه لهذا الاهتمام الكبير بالشعائر، يأسف "لأن الإقبال غير دائم ويرتبط فقط بشهر رمضان".
ــــــ
اللافت أن هؤلاء الشباب أو "متديني المناسبات" كما يسميهم بعضهم، يحرصون طوال أيام رمضان على مراقبة أدنى تصرفاتهم سواء في الشارع أم في الجامعات والأسواق. وإذا كانوا يسمحون لأنفسهم خلال أيام السنة العادية بمعاكسة الفتيات ومضايقتهن، فإنهم يكتفون خلال أيام رمضان بترديد عبارتي "اللهم إني صائم" و"استغفر الله" كلما شاهدوا ملامح فتاة جميلة أو متبرجة. وإذا تعودوا خلال أيام السنة على التمتع بالاستماع إلى أغاني "الراي"، أو مشاهدة الأفلام والمسلسلات الآتية من وراء البحار، فإنهم في المقابل يكتفون خلال أيام الصيام بالاستماع إلى أشرطة القرآن، ومتابعة الحصص الدينية التي تبثها القنوات الفضائية المتخصصة.
وعلى رغم السهرات الفنية والحفلات المتنوعة التي تشهدها ليالي رمضان، ولا سيما في المدن الجزائرية الكبرى مثل العاصمة وهران وعنابة، يفضل عدد كبير من الشباب قضاء سهراته بعيداً من صخب الموسيقى وفتنة الجنس الآخر، تفادياً لارتكابهم أي "ذنب" يكون السبب في بطلان صيامهم، فتجدهم يختارون الجلوس في جماعات يغلب على أحاديثها الطابع الديني، وآخر فتاوى الدعاة، وأحياناً عن أحدث موديلات السيارات أو نتائج مباريات الدوري لكرة القدم.
رفيق (24 عاماً) يعترف بأنه عاد خلال هذا الشهر إلى أداء فريضة الصلاة، كما أنه أطلق لحيته، على رغم حرصه المعتاد والشديد على تشذيبها يومياً قبل الخروج من البيت. ويقول رفيق: "ينتابني شعور غريب في هذا الشهر الكريم، أحس أكثر من أي وقت بضرورة التقرب من الله، لذلك أحس بأن سلوكياتي تتغير وأصبح أكثر هدوءاً من المعتاد. كما أنني أقضي على غير عادتي معظم أوقاتي في البيت لمتابعة الحصص الدينية أو المسلسلات التاريخية بينما اختار أداء صلوات اليوم في المسجد برفقة أصدقائي".
الشعور نفسه ينتاب وداد (23 عاماً) التي تقول إن برنامجها اليومي خلال شهر رمضان يتغير تماماً بحيث إنها تقضي غالبية أوقاتها بين الجامعة والمكتبة والبيت، عكس الأيام الأخرى التي تسمح لنفسها خلالها بالبقاء لمدة طويلة مع زميلاتها في الجامعة على رغم انتهاء مواعيد المحاضرات. وترى وداد أن شهر رمضان يعتبر مناسبة لا يجب تفويتها للتكفير عن الذنوب والتقرب من الله، لذلك فهي تحرص يومياً على أداء صلاة التراويح في المسجد برفقة والدتها وشقيقتها.
وإذا كان رفيق ووداد يعتبران مثالاً للكثير من الشباب الجزائريين الذين يشعرون بالرغبة القوية في التقرب من الله، وأداء فريضة الصوم من دون المساس بمشاعر الغير أو إلحاق الأذى بهم، فإن شباباً آخرين يتحولون خلال شهر رمضان إلى أئمة أو دعاة حتى إنهم لا يجدون حرجاً في تقديم النصائح والإرشادات لزملائهم وزميلاتهم، كأن يقولوا لأحدهم "كف عن التدخين" أو لإحداهن "لماذا لا ترتدين الحجاب؟"، وغيرهما من النصائح التي أشارت إليها نبيلة، وهي طالبة في كلية الإعلام والاتصال في العاصمة.
وتعرب نبيلة عن استغرابها من التغير الكبير الذي طرأ على بعض زملائها في الجامعة بحلول شهر رمضان، وتقول: "لم أكن أتوقع أن يقول لي أحد الزملاء انني أتعب نفسي بالصيام سدى، لأنني لا أرتدي الحجاب ولا أصلي". وتضيف: "بصراحة أنا لم أفهم هل كان زميلي يريد إحراجي أمام بقية الزملاء أم أنه كان يمزح فقط! لكن الأمر المؤكد هو أن طريقة كلامه معنا تغيرت، وأصبح منذ بداية رمضان يتفادى قدر الإمكان الحديث مع البنات. وحتى إذا تحدث معهن، فيكون كلامه مجرد ملاحظات قاسية أو نصائح".
ولا ينفي عبد القادر مصباح وهو إمام مسجد، أن نسبة الشباب المقبلين على المسجد ترتفع بنسبة كبيرة خلال شهر رمضان، لا سيما في الليل لأداء صلاة التراويح. ويقول عبد القادر إنه يستقبل يومياً عشرات الشباب الذين يسألونه عن أمور الدين، ويستفسرون منه عن الأشياء التي يتوجب عليهم تفاديها خلال هذا الشهر. وعلى رغم ارتياحه لهذا الاهتمام الكبير بالشعائر، يأسف "لأن الإقبال غير دائم ويرتبط فقط بشهر رمضان".
ــــــ