خطبة جمعة عن التكفير والتفجير والعمليات الإنتحارية

الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.

صهيب الرومي

:: عضو متألق ::
أحباب اللمة
إنضم
28 جانفي 2008
المشاركات
3,615
نقاط التفاعل
18
نقاط الجوائز
517
الجنس
ذكر
آخر نشاط
خطبة جمعة عن التكفير والتفجير والعمليات الإنتحارية

عباد الله: إنّ مما ابتليت به مجتمعاتنا في هذه العصور تغلغل فكر التكفير والتفجير، حتى انغمس فيه عدد من شباب الأمة الإسلامية يحسبونه هدى وهو ضلال، ويظنونه حقاً وهو باطل، انغمسوا في مستنقعات الهوى وفي أحضان أئمة الضلال فضلّوا وأضلّوا، مع جهل عاطل، وعاطفة عاصفة.

كل هذه الأسباب جعلتهم لا يلتفتون إلى نداءات العلماء وصيحات الناصحين، بأن ما يفعلونه ليس بصواب، وأن دربهم درب يودي بهم إلى الهلاك، فكان حالهم كقول الله تعالى: (الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً).

حسبوا أن تكفير المجتمعات الإسلامية وتكفير حكامها هو من لوازم الإيمان ومن أصول الولاء والبراء، وما علموا أنّ القرآن والسنة جاء فيهما النهي الواضح والصريح عن تكفير المسلمين بغير مكفّر يفعلونه وأنه جعل للتكفير ضوابط مهمة لابد منها كاشتراط توفر شروط التكفير وانتفاء موانعه، كالجهل والإكراه والخطأ والنسيان.

كما جاء في الصحيح من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-، عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم-: (( إذا كفّر الرجل أخاه فقد باء بها أحدهما )) ، وفي لفظ: (( من دعا رجلاً بالكفر، أو قال: عدو الله، وليس كذلك إلا حار عليه )) رواهما مسلم.

فالتكفير -بغير دليل وقبل النظر في أحوال من قام به الكفر- خطره عظيم، ومغبته كبيرة، فعلى المسلم أن يحرص على سلامة دينه، فلا يكفر مسلماً ليس أهلاً لذلك.

والتكفير بغير دليل من علامات أهل البدع والأهواء، ومن سمات الخوارج في القديم والحديث، بخلاف أهل السنّة فهم أرحم الخلق بالخلق، ولا يكفرون مسلماً ثبت إسلامه بيقين، إلا بدليل قاطع كالشمس.

والتكفير حق لله ورسوله، والعلماء هم أهل النظر في الاجتهاد فيه، وليس لأهل الجهل والتعالم، خاصة إذا كان يترتب على هذا الحكم، دماء وأعراض وأموال، كما هو الحال في تكفير الحاكم أو السلطان.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: (( المبادرة إلى التكفير، إنّما تغلب على طباع من يغلب عليهم الجهل )).

فليس كل من وقع في الكفر فهو كافر فقد يكون له عذر يسقط عنه حكم التكفير، وليس كلّ فعل محرم فهو كفر، فالحكم بغير ما أنزل الله ليس بكفر على إطلاقه، بل هو في الأصل كفر أصغر ومعصية ليس بمخرج من الملة، إلا إن اقترن به تقديم أو تفضيل أو مساواة القوانين الوضعية بشرع الله وأن يصرح بهذا المعتقد، ولكن البلاء أنهم ظنوا أن إقرار المعاصي كالربا من الاستحلال لها، وهذا قول باطل بل إن إقرار المعاصي معصية لا يجعل فاعلها كافراً إلا إذا صرح بما في قلبه من الاستحلال وقال إن الربا حلال وليس بحرام.

وحسبوا أنّ كلّ فتنة وحرب تدور في بلاد الإسلام هي من الجهاد في سبيل الله، فشدوا لها الحزام، ولبسوا لأمة الحرب، ورحلوا إلا تلك البلاد، التي يكون فيها الوضع من الفتن التي يحار فيها الحليم، ويتخبط فيها الحكيم، فليس هناك راية للجهاد، ولا قوّة أمر الله بها قد أعدوها تكون لهم كالعتاد، بل قوم مشردون في الأودية والجبال، يجرّون على المسلمين في تلك البلاد أسباب القتل والهلاك من الكفار، فهم يقتلون ثم يهربون ويختبؤون فتكون بعد ذلك الويلة من الكفار على السكان الأبرياء وأهل القرى المساكين، فلا هم للكفر دحروا، ولا للإسلام نصروا.

وحسبوا أنّ قتل النفس وإهلاكها في مواجهة العدو من الجهاد في سبيل الله، فلبسوا حزام التفجير، وأهلكوا أنفسهم، فكان قتلهم لأنفسهم يقيناً، وقتلهم لعدوهم محتملاً مظنوناً، فكم من شخص لما يحصل بعد قتل نفسه إلا جرح العدو أو تطاير أجزاء بدنه بلا نتيجة، وهم بذلك خالفوا الإسلام الذي هو دين الرحمة، قال تعالى: (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً)، وخالفوا الله الذي نهى عن قتل المؤمن فلغموا إخوانهم عمداً وفجروهم، قال تعالى: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً). وخالفوا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي نهى عن قتل النفس وتوعد على ذلك، كما جاء في صحيح البخاري في باب ما جاء في قاتل النفس، وفيه عن ثَابِتِ بن الضَّحَّاكِ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من حَلَفَ بِمِلَّةٍ غَيْرِ الْإِسْلَامِ كَاذِبًا مُتَعَمِّدًا فَهُوَ كما قال وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ عُذِّبَ بها في نَارِ جَهَنَّمَ)، وعن جُنْدَب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كان بِرَجُلٍ جِرَاحٌ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فقال الله بَدَرَنِي عَبْدِي بِنَفْسِهِ حَرَّمْتُ عليه الْجَنَّةَ، وعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم الذي يَخْنُقُ نَفْسَهُ يَخْنُقُهَا في النَّارِ وَالَّذِي يَطْعُنُهَا يَطْعُنُهَا في النَّارِ.

وبتحريم هذه العمليات أفتى العلماء الذين هم أهل العلم الصحيح المستقى من الكتاب والسنة وأهل العدل والمنهج السليم،

فقد سئل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى عن العمليات الانتحارية فقال: (الذي أرى أن هذا لا يصلح لأنه قاتل نفسه ، والله يقول تعالى يقول في سورة النساء { ولا تقتلوا أنفسكم }، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول كما في صحيح البخاري ومسلم (( من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة )) يسعى في هدايتهم ، وإذا شرع الجهاد جاهد مع المسلمين ، وإن قتل فالحمد لله ، أما أنه يقتل نفسه يحط اللغم في نفسه حتى يقتل معهم ، هذا غلط لا يجوز أو يطعن نفسه معهم لا يجوز ، ولكن يجاهد حيث شرع الجهاد مع المسلمين)

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: (الذي يجعل المتفجرات في جسمه من أجل أن يضع نفسه في مجتمع من مجتمعات العدو قاتل لنفسه ، وسيعذب بما قتل به نفسه ... وعجباً من هؤلاء الذين يقومون بمثل هذه العمليات ، وهم يقرؤون قول الله تعالى { ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً } ثم من يفعلون ذلك هل يحصدون شيئاً ؟ هل ينهزم العدو ؟ أم يزداد العدو شدة على هؤلاء الذين يقومون بهذه التفجيرات كما هو مشاهد الآن حيث لم يزدادوا بمثل هذه الأفعال إلا تمسكا ً بعنجهيتهم).

عباد الله: إن للجهاد شروط وأحكام، ولا يفتي به إلا العلماء المحققون لا الجهال وأشباه العوام، والتكفير من المسائل الحساسة التي لا يتكلم بها إلا أهل العلم المشهود لهم باتباع الكتاب والسنة على طريقة السلف الصالح، لذلك كان من أسباب ضلال هؤلاء هو تركهم لهؤلاء العلماء وتشبثهم بأسياد الضلال وأقطاب التكفير، لذلك يجب على شباب الأمة الإسلامية الرجوع لأهل العلم وسؤالهم عما أشكل عليهم في دينهم وخاصة في مسائل الفتن، فإن الفتنة إذا أقبلت لا يعرفها إلا العلماء، إما الجهلاء فينغمسون بها من غير روية ولا درية. لذلك كان الحسن البصري -رحمه الله- يقول: (( إن هذه الفتنة إذا أقبلت عرفها كلّ عالم، وإذا أدبرت عرفها كل جاهل )).

ومن أسباب انحرافهم مخالطتهم لأهل البدع والأخذ من كل كتاب، فالسلامة عباد الله في ترك مجالسة أهل البدع كأهل التكفير والتفجير، والابتعاد عن كتبهم ومنتدياتهم وعدم الدخول عليها، وعلى الأهل أن ينتبهوا من أبنائهم ويسألوا أهل الثقة عن تلك الخلطة وعن أهل تلك المجالس، ولا يغرهم كونهم يظهرون الاستقامة والتدين، فكم من مجلس ظاهره الرحمة وباطنة التكفير والتفجير والضلال، فاحرصوا على أولادكم وأخوانكم وانتبهوا لبطانتهم، فإن الشاب إذا نشأ مع أهل البدع فايئس منه وإذا نشأ مع أهل السنة فارجه، كما قال الإمام أحمد رحمه الله.

إننا حقيقة ليأخذنا الأسف والأسى والحزن على هؤلاء الشباب المساكين، وننظر لهم بعين الرحمة كما ننظر لهم بعين الشرع، وندعوا الله أن يعفو عنهم لجهلهم ويصبر أهلهم وذويهم، فإنهم قد لُبس عليهم وأُظهر لهم الباطل بصورة الحق، فعلى من أفتاهم الإثم الأكبر والوزر الأعظم، ومما يظهر تناقضهم وبطلان قولهم أنّهم يرسلون شباب المسلمين وتجده هو لا يذهب ولا يتشجع للذهاب، بل لا يسمح لأولاده أن يذهب ليفجر نفسه، مع هذا تجدهم في مجلس يحثوا على الذهاب إلى تلك البلدان، ويشجعون على تفجير النفس وقتلها، ويقولون هذا هو الجهاد في سبيل الله، زورا وبهتاناً. فإلى الله المشتكى.

فاللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه

===========

(الخطبة الثانية)

عباد الله: لقد كثر الفتن في عصرنا هذا فتنا متنوعة في أبواب الشهوات النفسية والشبهات العقلية، ولا يأتي زمان إلا والذي بعده أشر منه، أبي هُرَيْرَةَ قال قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فيها خَيْرٌ من الْقَائِمِ وَالْقَائِمُ فيها خَيْرٌ من الْمَاشِي وَالْمَاشِي فيها خَيْرٌ من السَّاعِي من تَشَرَّفَ لها تَسْتَشْرِفْهُ فَمَنْ وَجَدَ فيها مَلْجَأً أو مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ) رواه البخاري.

فعلى من أراد السلامة أن ينكر هذه الفتن ويردها ولا يقبلها، روى مسلم في صحيحه عن حُذَيْفَةَ قال كنا عِنْدَ عُمَرَ فقال أَيُّكُمْ سمع رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُ الْفِتَنَ فقال قَوْمٌ نَحْنُ سَمِعْنَاهُ فقال لَعَلَّكُمْ تَعْنُونَ فِتْنَةَ الرَّجُلِ في أَهْلِهِ وَجَارِهِ قالوا أَجَلْ قال تِلْكَ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ وَلَكِنْ أَيُّكُمْ سمع النبي صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُ الْفِتَنَ التي تَمُوجُ مَوْجَ الْبَحْرِ قال حُذَيْفَةُ فَأَسْكَتَ الْقَوْمُ فقلت أنا قال أنت لِلَّهِ أَبُوكَ قال حُذَيْفَةُ سمعت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول تُعْرَضُ الْفِتَنُ على الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَ فيه نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَ فيه نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ حتى تَصِيرَ على قَلْبَيْنِ على أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فلا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ ما دَامَتْ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَالْآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا ولا يُنْكِرُ مُنْكَرًا إلا ما أُشْرِبَ من هَوَاهُ.

فالسلامة في العلم والتعلم والتمسك بالكتاب والسنة على فهم السلف الصالح والرجوع إلى أهل العلم كتب عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- رسالة إلى عدي بن أرطأة يقول فيها:

(( أما بعد: فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو.

أما بعد: فإني أوصيك بتقوى الله، والاقتصاد في أمره، واتباع سنة نبيه -صلّى الله عليه وسلّم-، وترك ما أحدث المحـدِثون مما قد جرت سنته، وكفوا مؤنته، فعليك بلزوم السنة، فإن السنة إنما سنها من قد عرف ما في خلافها من الخطأ والزلل والحمق والتعمق، فارض لنفسك ما رضي به القوم لأنفسهم، فإنهم عن علم وقفوا، وببصر نافذ قد كفوا، وهم كانوا على كشف الأمور أقوى وبفضل ما كانوا فيه أولى، فلئن قلتم: أمر حدث بعدهم، ما أحدثه بعدهم إلا من اتبع غير سنتهم، ورغب بنفسه عنهم، إنهم لهم السابقون، فقد تكلموا منه بما يكفي، ووصفوا منه ما يشفي، فما دونهم مقصر، وما فوقهم محسر، لقد قصر عنهم آخرون فضلوا، وإنهم بين ذلك لعلى هدى مستقيم )) .

فنسأل الله -تعالى- أن يلهمنا رشدنا، وأن يكفينا شرّ الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن ينصر دينه، ويعلي كلمته.


__________________
*********************************​


أخوكم / خالد بن ضحوي الظفيري
 
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
أخي صهيب المة الجزائرية تجمع جميع الجزائريين وكلنا أحرار
شكرا على الموضوع أخي المشرف ولنستبين الحق من الباطل والدراسة تغنينا عن أي حكم مسبق او جاء من تلقين روتيني ، أخوك Dirsir
 
(( إذا كفّر الرجل أخاه فقد باء بها أحدهما ))

لو فهمو معنى هذا الحديث لتجنبنا الكثير من المآسي

شباب مندفع تناسى ان رسالة الاسلام هي نشر السلام و الامن

وان الرسول صلى الله عليه وسلم لم يدخل حربا الا كان مظطرا لها ولم يكن هدفه في رسالته الحرب

والتفجيرات في بلاد المسلمين وغيرهم تودي بحياة الابرياء ومن قتل نفسا بغير حق كانما قتل الناس جميعا
وتصب كلها في صالح عدو الامة وتثبت على المسلمين تهمة الارهاب و الهمجية

حسبنا الله ونعم الوكيل في هؤلاء
 
بارك الله فيكم
 
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
العودة
Top