مرسيدس 300sl موديل 1955كان الملك حسين يشارك بها في السباقات (تصوير علي الشواف)
وراء مقود هذه السيارة نجا الملك الراحل الحسين بن طلال من محاولتي اغتيال عام 1970. أما تلك فاقتناها مؤسس الأردن الحديث عبد الله الاول في عشرينيات القرن الماضي بينما تقف بزهو سيارة ثالثة شاهدة على حفل تتويج الحسين عام 1953 ونجله البكر جلالة الملك عبد الله الثاني عام 1999.
في حديقة "السيارات الملكية" فوق ربوة "دابوق" وسط مروج خضراء، تصطف 80 تحفة ميكانيكية اقتنتها العائلة المالكة على امتداد القرن الماضي لتختزل تاريخ وطن تعاقب عليه أربعة ملوك هاشميين منذ نشأته الحديثة عام 1921.
سيارتا فيراري F40 وF50 (تصوير علي الشواف)
احتل هذا المعلم الفريد مساحة واسعة على خريطة السياحة الأردنية، إذ يستقبل 125 ألف زائر سنويا ليحل ثالثا من حيث مؤشر الاستقطاب السياحي- بعد درّة الأردن- البتراء المنقوشة وشما حجريا على خد الزمان، وجرش المرصوفة بأعمدة الغار.
هذا ما يفتخر به مدير ومهندس إنشاء المتحف رجا غرغور الذي نحت هذا الموقع بالتعاون مع زياد ديرانية وجعفر طوقان، حتى حلّق إلى جانب ما يزيد عن خمسة وعشرين ألف موقعا أثريا وطبيعيا في المملكة.
أستون مارتن" موديل 1952 كانت أول سيارة رياضية يقتنيها الحسين الشاب (تصوير علي الشواف)
إسقاط البعد التاريخي يمر عبر بانوراما أرشيفية بالصوت والصورة جمعها غرغور بعناية فائقة، وهو الخبير في حقل السيارات، إلى جانب مواقع افتراضية ومكتبة ومعرض إعلامي وتثقيفي ومركزا لبيع التذكارات.
لكل مركبة حكاية. بعضها مأساوية ترتبط بانقلابات ومؤامرات وبعضها الآخر تحفر في الذاكرة أيام فرح وتستحضر تواصل القائد مع الجماهير.
جلالة الملك حسين - رحمه الله - في "المبروكة"
على مدخل المتحف يستقبل الزائر مذياع خشبي قديم يصدح منه صوت جهوري للملك المؤسس وهو يلقي خطابا أمام مجلس الأمة عام 1947، بعد سنة من تأسس المملكة. ثم يعلو صوت الملك حسين في أحد خطاباته الشعبية. بين القمّة والقمّة، يجول الزائر وسط مقاهي ومحال تجارية يخترقها "الموكب الملكي الأحمر" في محاكاة للحي القديم في قاع المدينة.
بويك "رودماستر" موديل 1949 من سيارات الملك عبدالله الاول
"أستون مارتن" البريطانية موديل 1952 كانت أول سيارة رياضية يقتنيها الحسين الشاب قبل أن يعود من لندن إلى عمان لاعتلاء العرش. بعد بضع سنوات أهدى الحسين تلك السيارة إلى ابن عمه وصديقه من أبناء جيله فيصل الثاني الذي أطيح بعرشه في بغداد عام 1958.
في غمرة تلك الأحداث الدامية ضاع أثر هذه التحفة لعدة سنوات حتّى عثر عليها بحالة رثّة وأعيدت إلى الحسين الذي أعاد بنائها في مهد صناعتها البريطاني. من هناك أرسلها الملك عبد الله الثاني لتصطف في حديقة السيارات.
كورد 812 موديل 1940 (تصوير علي الشواف)
للينكولن كونتيننتال الكشف موديل 1961 حكايات مع الأفراح واحتفالات التتويج الوطنية.
في العام 1993 حمل هودج هذه "المهرة" العروسين عبد الله الثاني ورانيا قبل أن تتزين في موكب التتويج عام 1999. حجلت هذه المركبة الكلاسيكية قبل ذلك في مواكب قران "فاردة" العديد من الأمراء في مقدمتهم محمد بن طلال عم العاهل الأردني الحالي.
سيارة لينكولن 1961 التي شهدت العديد من الاعراس الملكية لعل آخرها كان زفاف الامير حمزة (تصوير علي الشواف)
في المناسبات الرسمية، أقلّت اللينكولن قادة عربا وأجانب في مقدمتهم زعيم تونس السابق الحبيب بورقيبة (الذي عزل عن الحكم عام 1987)، أحد ملوك ماليزيا والرئيس العراقي الأسبق عبد الرحمن عارف والسوري والمصري السابقين حافظ الأسد وأنور السادات فضلا عن شاه إيران (المخلوع عام 1979) محمد رضا بهلوي وملك نيبال والمستشار النمساوي السابق كورت فالديهم.
وتبقى هذه التحفة التاريخية المتحركة جاهزة للمناسبات الرسمية رغم انزوائها في أحد أجنحة المتحف، حسبما يؤكد غرغور.
"المبروكة": المرسيدس 300sel 6.3 التي نجت مع الحسين من الموت مرتين (تصوير علي الشواف)
في المناسبات الرسمية تخرج كوكبة السيارات بخيلاء إلى شوارع العاصمة في استحضار لبدايات تأسيس المملكة.
يحوي المتحف أيضا "لنكولن كابري" كشف موديل 1952 التي انتقلت مع الحسين بن طلال من لندن إلى عمان ليعتلي صهوتها في حفل تتويجه في أيار/مايو 1953.
ثمة أيضا هدايا من زعماء عرب وأجانب من بينهم الأمريكي آيزنهاور. وهناك قطعة نادرة من طراز "آلفيس" موديل 1936 كان يمتلكها ملك العراق الثاني غازي بن فيصل الذي قضى في حادث سيارة عام 1939 بعد ست سنوات من اعتلائه العرش. عثر على هذه السيارة النادرة في منطقة مهجورة داخل الصحراء ومن هناك أرسلها الديوان الملكي إلى بريطانيا لإعادة تأهيلها.
طائرة الدوف التي كان يستخدمها عبد الله الأول للسفر بين عمان والقدس الشرقية (تصوير علي الشواف)
ل"مرسيدس بنز- 300 إس إي إل 6.3" الألمانية موديل 1968، قصة حياة وموت نجت منها مرتين دون خدش مع سائقها الحسين بن طلال عام 1970. منذ ذلك التأريخ أطلق على المرسيدس إسم "المبروكة".
في باحة المتحف وسط حديقة "الملك حسين" تربض طائرة من طراز "دي هافيلاند دوف" موديل 1947 كانت أثيرة على قلب المغامر الراحل لأنه تعلم الطيران في قمرتها عندما كان يستخدمها عبد الله الأول للسفر بين عمان والقدس الشرقية، التي كانت وسائر الضفة الغربية جزءا من المملكة حتى العام 1967.
مرسيدس نادرة من طراز C111 (تصوير علي الشواف)
داخل قمرة هذه الطائرة البريطانية-الكندية، سعة ثمانية ركاب، نجا الحسين بن طلال من محاولة اغتيال فوق الأجواء السورية عندما طاردته مقاتلات حربية سورية في غمرة اضطرابات وانقسامات أيديولوجية كانت تعصف بالمنطقة آنذاك، حسبما ورد في سيرة العاهل الراحل.
أرشفة ميكانيكية على عجلات. صندوق حكايا تطل منها شجون ومسرّات دولة في سيرورة على مدار القرن الماضي. سيارات تأخذ الزائر في رحلة عبر الزمن الجميل والصعب في آن، إلى بدايات التشكيل.