- إنضم
- 4 أوت 2008
- المشاركات
- 1,387
- نقاط التفاعل
- 4
- النقاط
- 37
كلما رأيت امرأة، رأيت الحياة تسير على قدمين وقد كانت المرأة دائما وستظل، هي الهاجس الاول للرجل، والموقدة الاولى لجذوة الحياة في نفسه وجسده معا. ولم يفهم الرجل المرأة أبدا، فهي في نظره دائما لغز بلا مفتاح، وربما كان هذا أحد جوانبها السحرية التي تشده اليها، ولأنه لا يفهمها، في نفس الوقت الذي هو أسير لها، فقد تطوح موقفه منها من النقيض للنقيض، فقد رآها ووضعها فوق قاعدة تمثال باعتبارها ملهمة وساحرة وحورية وأما للطبيعة وللكون والآلهة، وباعثة لعرائس الاحلام وللشعر والالهام والحب والجمال والخيال.
وفي النقيض الآخر، ولأنه لا يفهمها، راح ايضا يراها في صورة الشيطانة الماكرة صاحبة الكيد العظيم والاحاييل والاقاويل، ناصبة الشراك والفخاخ له ليسقط فيها، صانعة الغواية التي أخرجته من الجنة والنعيم وألقته على ارض التعب والدموع، وهي صانعة السحر الشريرة الشيطانية الالاعيب، القادرة على اسقاط أعتى الرجال وأعظم الاباطرة وأقوى القياصرة ليصبحوا خواتم في اصابعها بعد أن تسلبهم قوتهم كما فعلت دليلة بشمشون الجبار، وما هو سوى تكرار ابدي لما فعلته حواء بآدم. وسلاح المرأة الذي يرعب الرجل ويرهبه هو جسدها، ذلك الكيان الفذ ذو القدرة اللامحدودة على الاغراء والغواية، وعلى اثارة أعمق وأشد المشاعر في الرجل، عاصفة بهدوئه وسلامة نفسه وقدرته على الانضباط مثيرة فيه مشاعر التأجج والتوقد وباعثة فيه الرغبة في الحياة والبقاء.
انه سر دفين عجيب ذلك الذي يخفيه ويحتويه جسد المرأة فيحار ويذهل امامه الرجل ويتطوح في دفاعه عن نفسه امامه بين أقصى نقيضي العبادة والتقديس المبالغ، واللعن والتحقير والعنف والتحجيم، في مسلسل لا ينتهي من المحاولات اليائسة للتحرر من سحر المرأة وسلطانها، والرغبة في السيطرة عليها وامتلاكها واخضاعها. وبين هذين النقيضين في تصور الرجل للمرأة، جاء فهم نجيب محفوظ لها هو الاجمل والاكمل : فالمرأة هي الحياة نفسها تسير على قدمين.. ولأن الحياة معقدة مركبة متشعبة ومتعددة الابعاد واسعة الآماد فهكذا المرأة ايضا، فمن الصعب فهم المرأة لأنه من الصعب فهم الحياة.
وقد لجأ الرجل على مر التاريخ الى موقفين أساسيين تجاه المرأة يعكسان موقفه تجاه الحياة، كان الموقف الاول – وهو الاكثر شيوعا- هو الموقف المعادي للمرأة المرتعب منها كتعبير عن رعبه من الحياة وخوفه من معاناتها، ويؤدي هذا الموقف المعادي (للمرأة – الحياة) الى هروب الرجل من المرأة –الحياة عن طريق التوحد أو التدين المفرط أو الرهبنة لدى البعض، او الى المواجهة المرتعبة العنيفة ضد المرأة وشياطينها التي تتلبسها ومحاولة السيطرة عليها والحد من سطوتها بتجريدها من أسباب القوة وتكبيلها بقيود اجتماعية قبلية وتفسيرات متزمتة لنصوص دينية تحرمها بها من حقوق المساواة وتضعها في موضع سفلي ضعيف، ويكون ذلك عن طريق تشويهها نفسيا بوصفها بأنها شيطانة أو مخبولة أو ناقصة العقل أو عاطفية لا تملك التحكم في نفسها، وفي نفس الوقت عن طريق تشويه جسدها (الملعون) المليء بالشياطين بوصفه بأنه مبعث الخطيئة لدى الرجل وانه الاثارة مجسدة وانه الوعاء الفعلي لشرف الرجل، في نفس الوقت الذي هو – جسد المرأة – ليس سوى عورة لا تقع عليها عين الرجل الا ويسقط في الخطيئة ولذلك يجب تقميطه وحجبه عن العيون وحبسه داخل جدران البيوت اذا أمكن. بينما كان الموقف الآخر هو موقف الرجال المحبين للحياة في شغف وقوة غير الخائفين منها ولذلك كانوا دائما مقبلين على المرأة يرغبونها ويشغفون بها ويكتبون فيها الشعر ويغنون لها الاغاني ويسافرون لها قاطعين الوديان والجبال مقتحمين من أجلها الحصون والقلاع، كان هؤلاء هم فرسان الحياة وعشاقها من المغامرين والشعراء والفنانين والمبدعين والكتاب والمارقين الشجعان شذاذ الآفاق في كل مكان وزمان، هؤلاء رأوا في المرأة كل ما في الحياة من اثارة ودهشة وسحر وألغاز وغرائز وسمو وشموخ وبهاء وجمال باهر مثير لإرادة البقاء وحب الحياة. وقد عبر هؤلاء عن موقفهم من المرأة – الحياة تعبيرا فنيا، اي استطاعوا أن يفجروا مشاعرهم المتلاطمة المتوهجة تجاه المرأة –الحياة في صورة ابداعات فنية في الكلمة والموسيقى والرقص والرسم والنحت والمسرح والسينما بل وفي الابداعات العلمية التي ما هي سوى تعبير آخر عن الفرح بالحياة والرغبة الطفولية الجميلة في فك اسرارها وامتلاك مكنوناتها المثيرة. ولا شك أن هذا الموقف الثاني هو الذي استطاع أن يتخلص من الخوف البدائي القديم من المرأة ويحوله الى مشاركة مثيرة معها في صنع حضارة راقية بديعة. ولا غرابة في أن المجتمعات التي ماتزال تنظر للمرأة تلك النظرة القديمة البدائية المرتعبة هي المجتمعات المتخلفة في كل شيء اليوم. ...
وفي النقيض الآخر، ولأنه لا يفهمها، راح ايضا يراها في صورة الشيطانة الماكرة صاحبة الكيد العظيم والاحاييل والاقاويل، ناصبة الشراك والفخاخ له ليسقط فيها، صانعة الغواية التي أخرجته من الجنة والنعيم وألقته على ارض التعب والدموع، وهي صانعة السحر الشريرة الشيطانية الالاعيب، القادرة على اسقاط أعتى الرجال وأعظم الاباطرة وأقوى القياصرة ليصبحوا خواتم في اصابعها بعد أن تسلبهم قوتهم كما فعلت دليلة بشمشون الجبار، وما هو سوى تكرار ابدي لما فعلته حواء بآدم. وسلاح المرأة الذي يرعب الرجل ويرهبه هو جسدها، ذلك الكيان الفذ ذو القدرة اللامحدودة على الاغراء والغواية، وعلى اثارة أعمق وأشد المشاعر في الرجل، عاصفة بهدوئه وسلامة نفسه وقدرته على الانضباط مثيرة فيه مشاعر التأجج والتوقد وباعثة فيه الرغبة في الحياة والبقاء.
انه سر دفين عجيب ذلك الذي يخفيه ويحتويه جسد المرأة فيحار ويذهل امامه الرجل ويتطوح في دفاعه عن نفسه امامه بين أقصى نقيضي العبادة والتقديس المبالغ، واللعن والتحقير والعنف والتحجيم، في مسلسل لا ينتهي من المحاولات اليائسة للتحرر من سحر المرأة وسلطانها، والرغبة في السيطرة عليها وامتلاكها واخضاعها. وبين هذين النقيضين في تصور الرجل للمرأة، جاء فهم نجيب محفوظ لها هو الاجمل والاكمل : فالمرأة هي الحياة نفسها تسير على قدمين.. ولأن الحياة معقدة مركبة متشعبة ومتعددة الابعاد واسعة الآماد فهكذا المرأة ايضا، فمن الصعب فهم المرأة لأنه من الصعب فهم الحياة.
وقد لجأ الرجل على مر التاريخ الى موقفين أساسيين تجاه المرأة يعكسان موقفه تجاه الحياة، كان الموقف الاول – وهو الاكثر شيوعا- هو الموقف المعادي للمرأة المرتعب منها كتعبير عن رعبه من الحياة وخوفه من معاناتها، ويؤدي هذا الموقف المعادي (للمرأة – الحياة) الى هروب الرجل من المرأة –الحياة عن طريق التوحد أو التدين المفرط أو الرهبنة لدى البعض، او الى المواجهة المرتعبة العنيفة ضد المرأة وشياطينها التي تتلبسها ومحاولة السيطرة عليها والحد من سطوتها بتجريدها من أسباب القوة وتكبيلها بقيود اجتماعية قبلية وتفسيرات متزمتة لنصوص دينية تحرمها بها من حقوق المساواة وتضعها في موضع سفلي ضعيف، ويكون ذلك عن طريق تشويهها نفسيا بوصفها بأنها شيطانة أو مخبولة أو ناقصة العقل أو عاطفية لا تملك التحكم في نفسها، وفي نفس الوقت عن طريق تشويه جسدها (الملعون) المليء بالشياطين بوصفه بأنه مبعث الخطيئة لدى الرجل وانه الاثارة مجسدة وانه الوعاء الفعلي لشرف الرجل، في نفس الوقت الذي هو – جسد المرأة – ليس سوى عورة لا تقع عليها عين الرجل الا ويسقط في الخطيئة ولذلك يجب تقميطه وحجبه عن العيون وحبسه داخل جدران البيوت اذا أمكن. بينما كان الموقف الآخر هو موقف الرجال المحبين للحياة في شغف وقوة غير الخائفين منها ولذلك كانوا دائما مقبلين على المرأة يرغبونها ويشغفون بها ويكتبون فيها الشعر ويغنون لها الاغاني ويسافرون لها قاطعين الوديان والجبال مقتحمين من أجلها الحصون والقلاع، كان هؤلاء هم فرسان الحياة وعشاقها من المغامرين والشعراء والفنانين والمبدعين والكتاب والمارقين الشجعان شذاذ الآفاق في كل مكان وزمان، هؤلاء رأوا في المرأة كل ما في الحياة من اثارة ودهشة وسحر وألغاز وغرائز وسمو وشموخ وبهاء وجمال باهر مثير لإرادة البقاء وحب الحياة. وقد عبر هؤلاء عن موقفهم من المرأة – الحياة تعبيرا فنيا، اي استطاعوا أن يفجروا مشاعرهم المتلاطمة المتوهجة تجاه المرأة –الحياة في صورة ابداعات فنية في الكلمة والموسيقى والرقص والرسم والنحت والمسرح والسينما بل وفي الابداعات العلمية التي ما هي سوى تعبير آخر عن الفرح بالحياة والرغبة الطفولية الجميلة في فك اسرارها وامتلاك مكنوناتها المثيرة. ولا شك أن هذا الموقف الثاني هو الذي استطاع أن يتخلص من الخوف البدائي القديم من المرأة ويحوله الى مشاركة مثيرة معها في صنع حضارة راقية بديعة. ولا غرابة في أن المجتمعات التي ماتزال تنظر للمرأة تلك النظرة القديمة البدائية المرتعبة هي المجتمعات المتخلفة في كل شيء اليوم. ...