- إنضم
- 28 جانفي 2008
- المشاركات
- 3,615
- نقاط التفاعل
- 18
- نقاط الجوائز
- 517
- الجنس
- ذكر
ظلمات التكفير
لا ننكر أنه يوجد في مجتمعاتنا أناسٌ منافقون من العلمانيين وغيرهم من الذين ليس لهم قيمة في المجتمع لا دينياً ولا دنيوياً، بل إنهم في آخر الركب في كل شيء، وأكثرهم من السفلة وسقط المتاع.وهؤلاء المنحرفون لا يريدون قيام الدين ولا سنة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم.
ويظهر ذلك واضحاً جلياً في كتاباتهم التي تملأ أعمدة الصحف ليل نهار، من دعوتهم لمحو رسوم الإسلام وإعلان الفسق والفجور والاختلاط بين الجنسين وجعل الدولة دولة علمانية، وتحجيم العمل الخيري، والتحريض على أهل الخير واستهجانهم، والتعليقات الساخرة عليهم، وتأييد الكفار في قمع المسلمين وتقتيلهم، وتثبيط الناس عن نصرتهم.. وزعزعة الإسلام في قلوب أهله.
وهؤلاء المنافقون لا مكّنهم الله، لو جعل لهم من الأمر شيء لأيّدوا القول بالفعل، ولكن لعل نداءات بعض أهل الخير تقف دون تحقيق مبادئهم المنحلة، وعموماً فإني أبشر كل من وقف ضد الإسلام بسوء العاقبة.. قال تعالى: {إن شانئك هو الأبتر} أي: مبغضك هو المقطوع، فليُبشَّرُ هؤلاء بما يسوؤهم.
والحقيقة.. أن هؤلاء الجهال الباحثين عن الشهرة لم يجدوا لها سبيلاً إلا بالطعن في دين الله العظيم اغترارا بحلم الله، ولكن الويل لهم إن وقع عذاب الله فلا نجاة لهم يومئذ.
وتأمل حال هؤلاء: تجدهم في عزلة، مبغوضين من الناس، مشتتين في أسرهم، نزعت البركة من حياتهم، يعانون ضيق الصدر وكثرة الأحزان.
لِمَ؟!!!! ... {إن شانئك هو الأبتر}.
لكن على الرغم من هذا الزخم السيء، يجب ألا ننظر إلى المجتمع نظرة قاتمة ونعمم الأحكام على الناس خصوصاً في مسألة التكفير.. فإن بعض الناس بسبب تشدده وتكفيره للمجتمعات بسبب المعاصي قد عاش في عزلة وبدأ ينظر للمسلمين بازدراء وكأن الجنة لا تسع إلا من كان على طريقته وباقي الناس كفار ابتداء بالحاكم وانتهاء بالمحكوم.
إن التكفير عند أهل السنة يقوم على أصلين مهمين احفظهما جيداً:
ويجب الحذر من أن يُنسب أحدٌ إلى التكفير دون بينة؛ لأن الخطأ في الحكم على المرء بالإسلام أهون من الحكم عليه خطأ بالكفر؛ لما يترتب عليه من أحكام، قال صلى الله عليه وسلم: 1- دلالة الكتاب والسنة على أن القول أو الفعل الصادر من المحكوم عليه موجب للكفر. 2- انطباق هذا الحكم على القائل المعين أو الفاعل المعين، وهنا لا بد أن تتم به شروط التكفير وتنتفي الموانع."من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما".
فإما أن يكون كذلك وإلا رجعت على القائل.
قال ابن تيمية رحمه الله: "هذا مع أني دائماً ومن جالسني يعلم ذلك مني أني من أعظم الناس نهياً عن أن ينسب معين إلى تكفير وتفسيق ومعصية، إلا إذا قامت عليه الحجة الرسالية التي من خالفها كان كافراً تارة، وفاسقاً تارة، وعاصياً أخرى"اهـ. [مجموع الفتاوى 3/229]
ولا أعني بهذا أن يُتسامح بتكفير من سبّ الله ورسوله أو انتقص نبياً أو أنكر رسالة النبي صلى الله عليه وسلم، أو طعن في القرآن، أو أنكر صفات الله، ولكن هذه دعوة لبيان أنه يجب معرفة كون هذا الأمر كفراً.. ومعرفة أن هذا الكفر مما يكفّر به الشخص المعيّن.
ومن أراد الاستزادة في هذا المبحث المهم الخطير فليراجع كتابَ "موقف أهل السنة من أهل البدع والأهواء" لفضيلة الشيخ إبراهيم بن عامر الرحيلي ـ حفظه الله ـ فقد ذكر له فصلا خاصا وبين شروط التكفير وموانعه، مع الرد على المخالفين في مبحث قلما تجد مثله في الرصانة والرد العلمي.
كما أنني أنبه أن مثل هذه المواضيع الحساسة لا تؤخذ إلا من أهل العلم الموثقين المشهود لهم بالعلم والتبحر والخشية واتباع السنة دون الأهواء المضلة، ولا يُقرأ فيها لكل كاتب ولو كان متخبطا يكتب دون علم ولا برهان أو سداد رأي.
وعموماً فإن كثيراً من دعاة السياسة في عصرنا الحالي يستدل بقول الله تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} وهذه الآية تحتاج إلى وقفات..
أولاً: الذي ندين الله به أن الحكم بغير ما أنزل الله وتعطيل حكم الله هو أساس فساد العالم وانفلات أمورهم وتبدد أحلامهم واختلاط أفكارهم وسبب لانفلات الأمن وإهدار الدماء، ولو حكموا بما أنزل الله لطابت لهم دنياهم وأفلحوا في آخرتهم، كيف لا؟! والله هو الحكم العدل وأعلم بمصالح عباده وما يصلح شؤونهم، فكل حكم بما سوى كتاب الله باطل وجريمة عظمى وفاجعة شنيعة.
ثانياً: هذه الآية عامة، فلماذا بعض دعاة السياسة يجعلها خاصة في الحاكم دون المحكوم، و{مَن} من ألفاظ العموم، ويؤيد العموم أن سبب نزول الآية في أناس من أهل الكتاب لم يكونوا من الحكام.