بنت جبل العمور
:: عضو مُشارك ::
- إنضم
- 5 سبتمبر 2008
- المشاركات
- 125
- نقاط التفاعل
- 0
- النقاط
- 6
" فإذا جاءت الطامة الكُبرى , يوم يتذكر الإنسان ما سعى , وبُرّزت الجحيم لمن يرى . فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا ,فإنّ الجحيم هي المأوى , وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى , فإنّ الجنة هي المأوى " ..
إنّ الحياة الدنيا متاع . متاعٌ مُقدّر بدقة وإحكام .وِفق تدبير يرتبط بالكون كله ونشأة الحياة والإنسان .
ولكنه متاع . متاعٌ ينتهي إلى أجله .. فإذا جاءت الطامة الكبرى غطّت على كلّ شيء , وطمّت على كلّ شيء . على المتاع الموقوت . وعلى الكون المتين المقدّر المنظم . على السماء المبنية والأرض المَدْحوّة والجبال المُرساة والأحياء والحياة وعلى كلّ ما كان من مصارع ومواقع . فهي أكبر من هذا كله , وهي تَطمّ وتعمّ على هذا كلّه !
عندئذٍ يتذكر الإنسان ما سعى . يتذكر سعيه ويستحضره , إن كانت أحداث الحياة , وشواغل المتاع أغفلته عنه وأنسته إياه . يتذكره ويستحضره ولكن حيث لا يُفيده التذكر والاستحضار إلا الحسرة والأسى وتصوُّرِ ما وراءه من العذاب والبلوى !
" وبُرّزت الجحيم لمن يرى " .. فهي بارزةٌ مكشوفة لكلّ ذي نظر . ويشدد التعبير في اللفظ " بُرِّزَت " تشديداً للمعنى والجَرْس , ودفعاً بالمشهد إلى كلّ عين !
عندئذٍ تختلف المصائر والعواقب ؛ وتتجلى غاية التدبير والتقدير في النشأة الأولى :
" فأما من طغى , وآثَر الحياة الدنيا , فإنّ الجحيم هي المأوى " ..
والطغيان هنا أشمل من معناه القريب . فهو وصفٌ لكلّ من يتجاوز الحقّ والهدى . ومَداه أوسع من الطغاة ذوي السلطان والجبروت , حيث يشمل كل متجاوز للهدى , وكلّ من آثر الحياة الدنيا , واختارها على الآخرة .
فعمل لها وَحدَها ,غير حاسب للآخرة حساباً . واعتبارُ الآخرةِ هو الذي يُقيم الموازين في يد الإنسان وضميره .
فإذا أهمل حساب الآخرة أو آثَرَ عليها الدنيا اختلّت كلّ الموازين في يده , واختلّت كلّ القِيَم في تقديره , واختلّت كلّ قواعد الشعور والسلوك في حياته , وعُدَّ طاغياً وباغياً ومتجاوزاً للمدى.
فأما هذا .. " فإنّ الجحيم هي المأوى " .. الجحيم المكشوفة المبرزة القريبة الحاضرة . يوم الطامة الكُبرى !
" وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى . فإنّ الجنة هي المأوى " ..
والذي يخاف مقامَ ربه لا يُقدِم على معصية , فإذا أقدم عليها بحكم ضعفه البشري قاده خوف هذا المقام الجليل إلى الندم والاستغفار والتوبة . فظلّ في دائرة الطاعة .
ونَهيُ النفس عن الهوى هو نقطة الارتكاز في دائرة الطاعة . فالهوى هو الدافع القوي لكلّ طغيان , وكلّ تجاوز , وكلّ معصية . وهو أساس البلوى , وينبوع الشر , وقَلَّ أن يُؤتى الإنسان إلا من قِبَل الهوى . فالجهل سهلٌ علاجه . ولكن الهوى بعد العلم هو آفة النفس التي تحتاج إلى جهاد شاق طويل الأمد لعلاجها .
والخوف من الله هو الحاجز الصّلب أمام دَفَعات الهوى العنيفة . وقَلّ أن يثبت غير هذا الحاجز أمام دَفَعات الهوى . ومِن ثمّ يجمع بينهما السياق القرآني في آية واحدة . فالذي يتحدث هنا هو خالق هذه النفس العليم بدائها , الخبير بدوائها وهو وحده الذي يعلم دروبها ومُنحنياتها , ويعلم أين تكمن أهواؤها وأدواؤها , وكيف تُطارد في مكامنها ومخابئها !
ولم يُكلّف الله الإنسان ألا يَشتَجِرَ في نفسه الهوى . فهو – سبحانه – يعلم أنّ هذا خارجٌ عن طاقته . ولكنه كلّفه أن ينهاها ويَكبَحها ويُمسك بزمامها . وأن يستعين في هذا بالخوف . الخوف من مقام ربه الجليل العظيم المَهيب . وكَتبَ بهذا الجهاد الشاق , الجنة مثابةً ومأوى : " فإنّ الجنة هي المأوى " .. ذلك أنّ الله يعلم ضخامة هذا الجهاد ؛ وقيمته كذلك في تهذيب النفس البشرية وتقويمها ورفعها إلى المقام الأسنى .
إنّ الإنسانَ إنسانٌ بهذا النهي , وبهذا الجهاد , وبهذا الارتفاع . وليس إنساناً بترك نفسه لهواها , وإطاعة جواذبه إلى دَركِها , بحجة أن هذا مُركّبٌ في طبيعته . فالذي أودَعَ نفسَه الاستعداد لِجِيشِانِ الهوى , هو الذي أودعها الاستعداد للإمساك بزمامه , ونهيِ النفسِ عنه , ورَفعِها عن جاذبيته ؛ وجعل له الجنة جزاءً ومأوى حين ينتصر ويرتفع ويرقى .
وهنالك حرية إنسانية تليق بتكريم الله للإنسان . تلك هي حرية الانتصار على هوى النفس والانطلاق من أَسْرِ الشهوة , والتصرف بها في توازن تَثبتُ معه حرية الاختيار والتقدير الإنساني . وهنالك حرية حيوانية , هي هزيمة الإنسان أمام هواه , وعبوديته لشهوته , وانفلات الزمام من إرادته . وهي حرية لا يهتف بها إلا مَخلوقٌ مهزوم الإنسانية مُستعبَد يُلبس عبوديته رداءً زائفاً من الحرية !
إنّ الأول هو الذي ارتفع وارتقى وتهيأ للحياة الرفيعة الطليقة في جنة المأوى . أما الآخَر فهو الذي ارتَكَسَ وانتكس وتهيأ للحياة في درك الجحيم حيث تُهدَر إنسانيته ,ويَرتدِ شيئاً توقد به النار التي وَقودها الناس – من هذا الصنف – والحجارة !
وهذه وتلك هي المصير الطبيعي للارتكاس والارتقاء في ميزان هذا الدين الذي يَزن حقيقة الأشياء ..
وأخيراً يجيء الإيقاع الأخير في السورة هائلاً عميقاً مديداً :
" يسألونك عن الساعة : أيّان مُرساها ؟ فيم أنت من ذِكراها ؟ إلى ربك مُنتهاها . إنما أنت مُنذر من يَخشاها .كأنهم يوم يَرونها لم يَلبَثوا إلا عشيّةً أو ضُحاها " ..
وكان المتعنّتون من المشركين يسألون الرسول – صلى الله عليه وسلم – كلّما سمعوا وصف أهوال الساعة وأحداثها وما تنتهي إليه من حساب وجزاء .. متى أو أيّانَ موعدها .. أو كما يَحكي عنهم هنا : " أيّانَ مُرساها ؟ " ..
والجواب : " فيمَ أنت من ذِكراها ؟ " .. وهو جوابٌ يوحي بعظمَتِها وضخامتها , بحيث يبدو هذا السؤال تافهاً باهتاً , وتطفّلاً كذلك وتجاوزاً . فها هو ذا يُقال للرسول العظيم : " فيمَ أنت من ذِكراها ؟ " .. إنها لأعظم من أن تَسأل أو تُسأل عن موعدها . فأمرها إلى ربك وهي من خاصة شأنه وليست من شأنك :
" إلى ربك مُنتهاها " .. فهو الذي ينتهي إليه أمرها ,وهو الذي يعلم موعدها , وهو الذي يتولى كلّ شيء فيها .
" إنما أنت مُنذر من يخشاها ".. هذه وظيفتك , وهذه حدودك .. أن تُنذر بها من ينفعه الإنذار , وهو الذي يَشعر قلبه بحقيقتها فيخشاها ويعمل لها , ويتوقعها في موعدها الموكول إلى صاحبها سبحانه وتعالى .
ثم يُصوّر هولها وضخامَتها في صنيعها بالمشاعر والتصوّرات ؛ وقياس الحياة الدنيا إليها في إحساس الناس وتقديرهم : " كأنهم يوم يرونها لم يَلبثوا إلا عشيّةً أو ضُحاها "..
فهي من ضخامة الوَقْع في النفس بحيث تتضاءل إلى جوارها الحياة الدنيا , وأعمارها , وأحداثها , ومتاعها , وأشياؤها , فتبدو في حِسّ أصحابها كأنها بعض يوم .. عَشيّةً أو ضُحاها !
وتنطوي هذه الحياة التي يتقاتل عليها أهلها ويتطاحنون . والتي يؤثرونها ويَدَعون في سبيلها نصيبهم في الآخرة . والتي يرتكبون من أجلها من الجريمة والمعصية والطغيان . والتي يجرفهم الهوى فيعيشون له فيها .. تنطوي هذه الحياة في نفوس أصحابها أنفسهم , فإذا هي عندهم عشيةً أو ضُحَاها .
هذه هي : قصيرةٌ عاجلة , هزيلة ذاهبة , زهيدةٌ تافهة .. أفَمِن أجلِ عشيةٍ أو ضحاها يُضحّون بالآخرة ؟
ومن أجل شهوةٍ زائلة يَدَعون الجنة مثابةً ومأوى !
ألا إنها الحماقة الكُبرى . الحماقة التي لا يرتكبها إنسان . يسمع ويرى !
إنّ الحياة الدنيا متاع . متاعٌ مُقدّر بدقة وإحكام .وِفق تدبير يرتبط بالكون كله ونشأة الحياة والإنسان .
ولكنه متاع . متاعٌ ينتهي إلى أجله .. فإذا جاءت الطامة الكبرى غطّت على كلّ شيء , وطمّت على كلّ شيء . على المتاع الموقوت . وعلى الكون المتين المقدّر المنظم . على السماء المبنية والأرض المَدْحوّة والجبال المُرساة والأحياء والحياة وعلى كلّ ما كان من مصارع ومواقع . فهي أكبر من هذا كله , وهي تَطمّ وتعمّ على هذا كلّه !
عندئذٍ يتذكر الإنسان ما سعى . يتذكر سعيه ويستحضره , إن كانت أحداث الحياة , وشواغل المتاع أغفلته عنه وأنسته إياه . يتذكره ويستحضره ولكن حيث لا يُفيده التذكر والاستحضار إلا الحسرة والأسى وتصوُّرِ ما وراءه من العذاب والبلوى !
" وبُرّزت الجحيم لمن يرى " .. فهي بارزةٌ مكشوفة لكلّ ذي نظر . ويشدد التعبير في اللفظ " بُرِّزَت " تشديداً للمعنى والجَرْس , ودفعاً بالمشهد إلى كلّ عين !
عندئذٍ تختلف المصائر والعواقب ؛ وتتجلى غاية التدبير والتقدير في النشأة الأولى :
" فأما من طغى , وآثَر الحياة الدنيا , فإنّ الجحيم هي المأوى " ..
والطغيان هنا أشمل من معناه القريب . فهو وصفٌ لكلّ من يتجاوز الحقّ والهدى . ومَداه أوسع من الطغاة ذوي السلطان والجبروت , حيث يشمل كل متجاوز للهدى , وكلّ من آثر الحياة الدنيا , واختارها على الآخرة .
فعمل لها وَحدَها ,غير حاسب للآخرة حساباً . واعتبارُ الآخرةِ هو الذي يُقيم الموازين في يد الإنسان وضميره .
فإذا أهمل حساب الآخرة أو آثَرَ عليها الدنيا اختلّت كلّ الموازين في يده , واختلّت كلّ القِيَم في تقديره , واختلّت كلّ قواعد الشعور والسلوك في حياته , وعُدَّ طاغياً وباغياً ومتجاوزاً للمدى.
فأما هذا .. " فإنّ الجحيم هي المأوى " .. الجحيم المكشوفة المبرزة القريبة الحاضرة . يوم الطامة الكُبرى !
" وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى . فإنّ الجنة هي المأوى " ..
والذي يخاف مقامَ ربه لا يُقدِم على معصية , فإذا أقدم عليها بحكم ضعفه البشري قاده خوف هذا المقام الجليل إلى الندم والاستغفار والتوبة . فظلّ في دائرة الطاعة .
ونَهيُ النفس عن الهوى هو نقطة الارتكاز في دائرة الطاعة . فالهوى هو الدافع القوي لكلّ طغيان , وكلّ تجاوز , وكلّ معصية . وهو أساس البلوى , وينبوع الشر , وقَلَّ أن يُؤتى الإنسان إلا من قِبَل الهوى . فالجهل سهلٌ علاجه . ولكن الهوى بعد العلم هو آفة النفس التي تحتاج إلى جهاد شاق طويل الأمد لعلاجها .
والخوف من الله هو الحاجز الصّلب أمام دَفَعات الهوى العنيفة . وقَلّ أن يثبت غير هذا الحاجز أمام دَفَعات الهوى . ومِن ثمّ يجمع بينهما السياق القرآني في آية واحدة . فالذي يتحدث هنا هو خالق هذه النفس العليم بدائها , الخبير بدوائها وهو وحده الذي يعلم دروبها ومُنحنياتها , ويعلم أين تكمن أهواؤها وأدواؤها , وكيف تُطارد في مكامنها ومخابئها !
ولم يُكلّف الله الإنسان ألا يَشتَجِرَ في نفسه الهوى . فهو – سبحانه – يعلم أنّ هذا خارجٌ عن طاقته . ولكنه كلّفه أن ينهاها ويَكبَحها ويُمسك بزمامها . وأن يستعين في هذا بالخوف . الخوف من مقام ربه الجليل العظيم المَهيب . وكَتبَ بهذا الجهاد الشاق , الجنة مثابةً ومأوى : " فإنّ الجنة هي المأوى " .. ذلك أنّ الله يعلم ضخامة هذا الجهاد ؛ وقيمته كذلك في تهذيب النفس البشرية وتقويمها ورفعها إلى المقام الأسنى .
إنّ الإنسانَ إنسانٌ بهذا النهي , وبهذا الجهاد , وبهذا الارتفاع . وليس إنساناً بترك نفسه لهواها , وإطاعة جواذبه إلى دَركِها , بحجة أن هذا مُركّبٌ في طبيعته . فالذي أودَعَ نفسَه الاستعداد لِجِيشِانِ الهوى , هو الذي أودعها الاستعداد للإمساك بزمامه , ونهيِ النفسِ عنه , ورَفعِها عن جاذبيته ؛ وجعل له الجنة جزاءً ومأوى حين ينتصر ويرتفع ويرقى .
وهنالك حرية إنسانية تليق بتكريم الله للإنسان . تلك هي حرية الانتصار على هوى النفس والانطلاق من أَسْرِ الشهوة , والتصرف بها في توازن تَثبتُ معه حرية الاختيار والتقدير الإنساني . وهنالك حرية حيوانية , هي هزيمة الإنسان أمام هواه , وعبوديته لشهوته , وانفلات الزمام من إرادته . وهي حرية لا يهتف بها إلا مَخلوقٌ مهزوم الإنسانية مُستعبَد يُلبس عبوديته رداءً زائفاً من الحرية !
إنّ الأول هو الذي ارتفع وارتقى وتهيأ للحياة الرفيعة الطليقة في جنة المأوى . أما الآخَر فهو الذي ارتَكَسَ وانتكس وتهيأ للحياة في درك الجحيم حيث تُهدَر إنسانيته ,ويَرتدِ شيئاً توقد به النار التي وَقودها الناس – من هذا الصنف – والحجارة !
وهذه وتلك هي المصير الطبيعي للارتكاس والارتقاء في ميزان هذا الدين الذي يَزن حقيقة الأشياء ..
وأخيراً يجيء الإيقاع الأخير في السورة هائلاً عميقاً مديداً :
" يسألونك عن الساعة : أيّان مُرساها ؟ فيم أنت من ذِكراها ؟ إلى ربك مُنتهاها . إنما أنت مُنذر من يَخشاها .كأنهم يوم يَرونها لم يَلبَثوا إلا عشيّةً أو ضُحاها " ..
وكان المتعنّتون من المشركين يسألون الرسول – صلى الله عليه وسلم – كلّما سمعوا وصف أهوال الساعة وأحداثها وما تنتهي إليه من حساب وجزاء .. متى أو أيّانَ موعدها .. أو كما يَحكي عنهم هنا : " أيّانَ مُرساها ؟ " ..
والجواب : " فيمَ أنت من ذِكراها ؟ " .. وهو جوابٌ يوحي بعظمَتِها وضخامتها , بحيث يبدو هذا السؤال تافهاً باهتاً , وتطفّلاً كذلك وتجاوزاً . فها هو ذا يُقال للرسول العظيم : " فيمَ أنت من ذِكراها ؟ " .. إنها لأعظم من أن تَسأل أو تُسأل عن موعدها . فأمرها إلى ربك وهي من خاصة شأنه وليست من شأنك :
" إلى ربك مُنتهاها " .. فهو الذي ينتهي إليه أمرها ,وهو الذي يعلم موعدها , وهو الذي يتولى كلّ شيء فيها .
" إنما أنت مُنذر من يخشاها ".. هذه وظيفتك , وهذه حدودك .. أن تُنذر بها من ينفعه الإنذار , وهو الذي يَشعر قلبه بحقيقتها فيخشاها ويعمل لها , ويتوقعها في موعدها الموكول إلى صاحبها سبحانه وتعالى .
ثم يُصوّر هولها وضخامَتها في صنيعها بالمشاعر والتصوّرات ؛ وقياس الحياة الدنيا إليها في إحساس الناس وتقديرهم : " كأنهم يوم يرونها لم يَلبثوا إلا عشيّةً أو ضُحاها "..
فهي من ضخامة الوَقْع في النفس بحيث تتضاءل إلى جوارها الحياة الدنيا , وأعمارها , وأحداثها , ومتاعها , وأشياؤها , فتبدو في حِسّ أصحابها كأنها بعض يوم .. عَشيّةً أو ضُحاها !
وتنطوي هذه الحياة التي يتقاتل عليها أهلها ويتطاحنون . والتي يؤثرونها ويَدَعون في سبيلها نصيبهم في الآخرة . والتي يرتكبون من أجلها من الجريمة والمعصية والطغيان . والتي يجرفهم الهوى فيعيشون له فيها .. تنطوي هذه الحياة في نفوس أصحابها أنفسهم , فإذا هي عندهم عشيةً أو ضُحَاها .
هذه هي : قصيرةٌ عاجلة , هزيلة ذاهبة , زهيدةٌ تافهة .. أفَمِن أجلِ عشيةٍ أو ضحاها يُضحّون بالآخرة ؟
ومن أجل شهوةٍ زائلة يَدَعون الجنة مثابةً ومأوى !
ألا إنها الحماقة الكُبرى . الحماقة التي لا يرتكبها إنسان . يسمع ويرى !