
خالد نزار، هذا حدث له أن التقى بشخص.. جزائري مثلي و مثلكم .. لا هو ليس مثلي، بل أنتم لستم مثله.. عانقه خالد نزّار، و طلب منه أن يسامحه " دنيا و آخرة"! و لأن الرجل لم يرد ربما و لم يقل له إن كان قد سامحه في الدنيا فقط أو في الآخرة وحدها، أو إن كان يرفض مسامحته لا في الدنيا و لا في ما بعد الحياة، فقد وجد عمي نزّار نفسه مرغما على أن يكرّر اعتذاره ثلاث مرات... سامحني.. سامحني... سامحني ! لكن، و لأن الرجل ظل صامتا، و وجهه خاليا من أي تعبير، ما أوحى ربما بأنه يرفض أي صفح، فقد اضطرّ الشّايب نزّار إلى أن يُدخل يده إلى جيبه، لا لكي يُخرج علبة السجائر، فنحن عهدناه مدخنا، و إنما ليُخرج علبة دواء أظهرها للرجل الذي لم يتفوّه بكلمة! و لأن صاحبنا، لم يبد أي رد فعل حتى بعدما رأى "قابصة" الدواء، فقد قدّر المتقاعد نزّار ضرورة إفادة الرجل الذي كان يقول له " سامحني"، بمعلومة كان يجهلها ربما، و هي معلومة كفيلة بأن تجعل قلبه يلين من دون شك، و تقوده بالتالي إلى العفو عنه... لقد قال له نزّار:" إنني مريض ! ". و كأنه بذلك كان يستعطفه و يريد أن يخاطب قلبه بما معناه: إذا كانت توسلاتي لك بأن تصفح عني لم تجد حيزا في قلبك، فسامحني على الأقل لأنني مريض !
هذا اللقاء السريالي الذي يعجز سلفادور دالي عن تجسيده، هذا le dessin animé الذي لا لم ينتجه والت ديزني تم بين اللواء خالد نزّار و عبد الحق لعيايدة!
نعم ... ماذا قلتم؟ ... من يكون عبد الحق لعيايدة ؟! سؤال وجيه كما يقول أولاد الـ... الذين هتكوا عرض الأرض الوليّة. يا سيدي، عبد الحق لعيايدة هذا، يوصف بأنه مؤسس الجماعة الإسلامية المسلحة " الجيا"... G.I.A.
ماذا ؟... أنتم لا تعرفون الـ G.I.A ؟! يا سيدي، "الجيا " هذه كانت جمعية علمية ثقافية خيرية تعني بدراسة الجثث و كل ما له صلة بتشريح الأحياء من البشر. و خالد نزّار حينما كان وزيرا للدفاع، يُقالُ بأنه و مجموعة ممن كانوا معه، ظلوا يطاردون أفراد هذه الجماعة من حي إلى حي و من عمارة إلى عمارة و من بيت إلى بيت بالعاصمة الطويلة العريضة، ثم راحوا يلاحقونهم من جبل إلى جبل و من قرية إلى قرية و من دوار إلى دوار في أرض الززاير الشاسعة ... و كلما عبروا مكانا، كان أفراد " الجيا" يتركون وراءهم بحيرات من الدماء، و "كميّة مقبولة" من الجثث الآدمية المشرّحة ، و ذلك على سبيل الأمارة التي تقول لخالد نزّار و من معه بأن " الجيا مرّت من هنا". هكذا يستطيع خالد نزار و أعضاء فريقه أن يقتفوا أثر الخصم... الخصم في اللعبة طبعا... نعم، لقد كانت مجرد لعبة !... لعبة مطاردة على طريقة TOM ET JERRY ... نعم، مجرّد لعبة، لا أكثر !
ماذا ؟... من كان TOM و من كان JERRY ؟! .... والله، في الحقيقة و في الواقع كما يقول أولاد الـ... ، الذاكرة تخونني، و لكني أظن و الله أعلم،
أن عبد الحق لعيايدة كان يلعب دور الفأر، و نزّار كان يؤدي دور القط. لكن اليوم، بعد الذي قاله الأستاذ الفاضل عبد الحق لعيايدة عن ذلك اللقاء الذي تم بينه و بين خالد نزّار، يبدو لي أني و أنتم معي، لم نكن نفقه جيدا قواعد المطاردة... اللعبة، في ذلك الوقت. لأنني حينما أعرف بأن نزّار يطلب " السماح" من الأخ الكريم عبد الحق، تختلط علي الأمور، و أصبح لا أعرف من من الاثنين كان قطا و من منهما كان فأرا ! فهل خالد نزّار عندما يسأل لعيايدة العفو، يفعل لأنه كان القط الذي أرهق الفأر بالجري و الهرب المستمر من مكان لآخر، أم لأنه كان الفأر الذي كثيرا ما أزعج القط بتطفّله على موائده، أو ببساطة لأن نزّار الفأر أدرك بأنه ارتكب حماقة العصر، حينما حرم لعيايدة القط من شرف التهامه حيّا، تماما كما كان يفضل دائما أكل فرائسه ؟!... يعلم الله، أنا لم أعد متأكدا من أي شيء، و لكن ما أنا متأكد منه الآن هو أنني أريد أن أقول: PUTIN DE MERDE ! ما هذا الذي أسمع.. ما هذا الذي أقرأ؟!
طبعا، اللواء يقول بأن لعيايدة يكذب، و لعيايدة " قد" يقول أن نزار هو الذي يكذب. و قد يقول أبو جرة سلطاني ان الأمر لا يعدو أن يكون مجرد " تشابه في الأسماء" ، تماما كما قال لقناة " الجزيرة" عن محمد زيان حساني، ذلك الاطار في وزارة الخارجية الذي اعتقلته السلطات الفرنسية، لأنها تتهمه بظلوعه في جريمة اغتيال المحامي علي مسيلي.
السيد عبد الحق لعيايدة و هو يتحدث عن اللقاء الذي التمس خلاله نزار " السماح" ثلاث مرات، لم يقل بماذا رد على " اللواء"، أي أنه لم يقل مثلا إن كان قد أخذه في الحضن، و قال له: " ça va.. ça va ... يكفيني... بزّاف عليّا، قلبي راهو يتقطّع... راني مسامحك، خو... لم أكن أعرف بأنك مريض، و إلا لعايدتك في بيتك أو في عين النعجة، شريكي، و على كل إذا ما أنت عجزت عن العثور على دوائك، فانا هنا لأتدبّر الأمر لأجلك. عند الخاوة، فارماسي تتوفر على كل الأدوية النادرة... ça va.. ça va يا خالد خويا !".
لعيايدة لم يقل مثل هذا الكلام، طبعا، ما يعني أنه من الممكن جدا أنه لم يسامح خالد نزّار، أو ربما هو لا يزال يدرس الطلب! لأنه ليس من السهل أن يمحو شخص مثل لعيايدة بكل بساطة كل ما فعله نزار في حقّه و في حق رفاقه من " المجاهدين" و في حق البلد و الشعب الجزائري، فنزّار هو الذي كان يقود عصابة! ATTENTION.. C'EST PAS FACILE !
طبعا،من حق موسيو لعيايدة ألا يسامح خالد نزّار بكل تلك السرعة التي تتصورها عقولنا الساذجة. ثم، ماذا يمثل خالد نزار أمام شخصية مثل عبد الحق لعيايدة ؟!... ماذا يمثل أمامه ؟! جنرال ؟! ... طزززز ! فالجنرالات الذين التقى بهم، السير لعيايدة لا يُعدّون و لا يُحصون ، حتى أن " حقّو" لم يعُد يحفظ أسماء كل " الڤرايدية " الذين لم يلتق بهم فحسب و إنما أيضا، عانقهم و عانقوه، و " باسهم" " باسوه"... على سبيل المثال فقط، لا الحصر، سي عبد الحق يذكر الجنرال معيزة و الجنرال الراحل الشهير شريف فضيل! بالمناسبة، هناك شيئان حزّا في نفسي، أولهما أن هذا الأخير ( أي الجنرال فضيل) وجّه دعوة للعيايدة كي يزوره في منتجع كان يقيم به في موريتي، حسب ما أكده لعيايدة، بينما أنا لدي عشرة أصدقاء " طايوان" في السلطة، يقيمون كلهم بموريتي، و في كل شتاء، يعدونني بأيام صيفية وسطهم، هناك في جنّة الذين رضي عنهم أولياؤهم، و لكن أصدقائي و هم كذلك أولاد (...) يعطّلون أرقام هواتفهم من 31 ماي إلى 31 أوت، فلا أجد بمن أتصل، و لا يتحقق حلمي الذي لا يقل عمره عن طزّينة من السنوات، فتجدني أحقد على موريتي و كل من يقيم بموريتي، و لا أضيّع فرصة كتابة في حيزي هذا، إلا لأصف الساكنين بموريتي بكل الأوصاف... غيرة و بغض.. الله غالب ! في المقابل، ها هو لعيايدة يتلقّى دعوة لقضاء بضعة أيام في منتجع بموريتي... أنا ، لا أنا جنرال و لا إرهابي سابق، فهل هذا معناه أنني لن أستنشق نسيم موريتي إلى أن أموت ؟!... صحّة ليك يا لعيايدة، تستأهل كل خير !
أما الشيء الثاني الذي حزّ في قلبي، فهو أن حمّه لفرودور قال لي ذات مرة عام 1992: سيأتي زمن تصبح فيه خليدة وزيرة ! فقلت: يجوز ! و قال: يأتي يوم يصبح فيه حمراوي وزيرا لمرتين و مديرا أبديا للتلفزيون الجزائري ! و قلت: كل شيء ممكن !... و قال: يأتي عام يقول في خالد نزّار لعبد الحق لعيايدة، سامحني !... فقلت: JAMAIS ! لكن صدق لفرودور و كذب جمال الدين، و هذا ما لا يحزّ في نفسي فقط، و إنما يجعلني أتمنى لو بثّت القنوات العربية صوري و أنا أرقص في مهرجان الفيلم بوهران، على أن أعيش و أشهد على ما حدث !
لعيايدة " ڤصّر علينا بالمرتاح " و لم يقل إذا ما استجم لبعض الوقت في منتجع الجنرال فضيل، تماما مثلما لم يقل لنا إذا ما سامح نزّار أم لا. ربما لأنه فضّل الراحة و الاستجمام في منتجع أحمد أويحي أو عبد المالك سلاّل لأنه هناك يكون à l'aise ، خصوصا و أن كلا من أويحي و سلاّل كما شهد عبد الحق نفسه، أبديا حرصهما الشديد على سلامته و على حياته، و هما محقّين على كل حال، لأن البلد تعج بالإرهابيين................ مقال لجمال حريز