الأزمة
المالية: المفهوم والاسباب
اعداد
د. عبد الله
شحاتة
I - لمحة تاريخية
شهد العالم وبصورة
أساسية الاقتصاد الرأسمالي العديد من الأزمات منذ أواخر القرن التاسع عشر وأوائل
القرن العشرين و من أهمها:
· أزمة عام 1866حيث تعرضت عدد من البنوك الإنجليزية للإفلاس،
مما أدى في إلى أزمة مالية عصفت باستقرار النظام المالي البريطاني. وتعد هذه
الأزمة أقدم الأزمات المالية التي عرفها العالم.
· أزمة " الكساد الكبير Great
Depression " فى 1929والتي تعد أشهر الأزمات المالية التى شهدها
الاقتصاد العالمى وأقواها أثراً. إذ هبطت أسعار الأسهم فى سوق المال الأمريكية بنسبة
13 %، ثم توالت الانهيارات في أسواق المال على نحو ما لبث أن امتدت آثاره بشراسة
على الجانب الحقيقي للاقتصاد الأمريكى وما تبعه من انهيار في حركة المعاملات
الاقتصادية في الإقتصاد الأمريكي تمثلت مظاهره في:
- نخفاض شديد فى
الاستهلاك الكلى
- انخفاض الاستثمارات من
جانب القطاع الانتاجى
- ارتفاع معدلات البطالة لتصل
إلى حوالى ثلث قوة العمل الأمريكية فى عام 1932.
النتائج المترتبة:
- امتدت آثار هذه الأزمة إلى
خارج الولايات المتحده لتضرب دول أوروبا الغربية على نحو هدد أركان النظام الرأسمالي.
- فقدان شرعية الفروض الأساسية للنظام الاقتصادي
الكلاسيكي الحر المعروف بـ "دعه يعمل، دعه يمر".
- قيام الاقتصاديون في الغرب
بالبحث عن حلول لمشكلات الاقتصاد الحر.
- ظهرت النظرية الكينزية
لتؤكد على ضرورية تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية.
· أزمة الديون العالمية مع بداية الثمانينات من القرن العشرين: ففي ظل تحرير القطاع المالي والمصرفي وحرية حركة رؤوس الأموال، توسعت
البنوك التجارية العالمية فى الإقراض لحكومات دول العالم الثالث. وقد اقترنت حركة
التوسع في الإقراض بتعثر تلك الحكومات واعلان الدول المدينة عدم قدرتها على الوفاء
بأعباء الديون وخدمتها، كما فعلت المكسيك فى العام 1982 وتبعها عدد من الدول.
النتائج المترتبة:
- بدأت محاولات حكومات
الدول الدائنة لاحتواء أزمة الديون العالمية خوفا من انهيار مؤسساتها المالية
وقطاعها البنكي، فتدخلت لمنع مؤسساتها المالية من الافلاس وانهيار جهازها المصرفى
- استمرت الأزمة على مدار
عقدين من القرن الماضى، وخضوع الدول المدينة لوصفة المؤسسات الدولية تحت ماعرف ببرامح
الإصلاح الاقتصادي والتكيف الهيكلي "Economic
Reform and Structural Adjustment Program".
* الأزمة المالية عام 1997: شهدت الدول الأسيوية أزمة مالية شديدة بدأت
بانهيار عملة تايلاند عقب قرار تعويم العملة الذى اتخذته الحكومة والتي فشلت بعد
ذلك محاولاتها فى دعم عملتها فى مواجهة موجة المضاربات القوية التى تعرضت لها.
النتائج المترتبة:
- أثر ذلك فوراً على دول
أخرى مثل الفلبين، اندونيسيا ، كوريا الجنوبية وغيرها.
- تفاقمت الأزمة حيث تزايد
حجم الدين الخارجى لأربعة من أكبر الدول الآسيوية إلى أن بلغ 180% من حجم إجمالى
الناتج المحلى لها.
- تدخلت المؤسسات الدولية
وبصفة خاصة صندوق النقد الدولى فتم طرح حزمة سياسات لانقاذ الوضع شريطة قيام تلك
الدول بتنفيذ برامج معينة للاصلاح الاقتصادى والهيكلى كما حدث في أندونسيا وكوريا
الجنوبية ودول أخرى، فيما عدا ماليزيا التي رفضت هذه الحزمة.
· أزمة "فقاعات شركات الإنترنت" في أواخر
القرن العشرين ومطلع الألفية الثالثة: عرف
العالم نوعاً جديداً من الأزمات المالية بدأت حين أدرجت أسهم تلك الشركات فى سوق
الأوراق المالية في الولايات المتحدة والذي يعرف بمؤشر ناسداك "NASDAQ"
حيث ارتفعت أسعار أسهم تلك الشركات في البداية بشكل كبير فى وقت حقق فيه عدد قليل
من تلك الشركات أرباحاً حقيقية مما أدى إلى انفجار تلك الفقاعة فى عام 2000 .
النتائج المترتبة:
- انخفاض أسعار تلك
الأسهم بسرعة وبصورة ملحوظة.
- تزامن هذا الانخفاض مع
حدوث هجمات سبتمبر 2001 والتى أدت إلى إغلاق أسواق المال الأمريكية بشكل مؤقت.
- استمرار الانخفاض لتهبط
قيمة مؤشر التكنولوجيا المرجح لـنسداك بحوالى
78% فى 2002.
- قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي
الأمريكي بخفض سعر الفائدة من 6.25% إلى 1% وذلك لحفز النمو الاقتصادي نتيجة لتأثر
تلك الشركات بشدة.
II - مفهوم الأزمة المالية
وأنواعها
· المفهوم
لا يوجد تعريف أو مفهوم
محدد للأزمة المالية، لكن من المفاهيم المبسطة لمصطلح الأزمة المالية، هو أن الأزمة
المالية هي اضطراب حاد ومفاجئ فى بعض التوازنات الاقتصادية يتبعه انهيار في عدد من
المؤسسات المالية تمتد آثاره إلى القطاعات الأخرى.
· أنواع الازمات المالية
1. الأزمات المصرفية: تظهر الأزمات المصرفية عندما يواجه بنك ما
زيادة كبيرة ومفاجئة فى طلب سحب الودائع. فبما أن البنك يقوم بإقراض أو تشغيل معظم
الودائع لديه ويحتفظ بنسبة بسيطة لمواجهة طلبات السحب اليومي، فلن يستطيع بطبيعة
الحال الاستجابة لطلبات المودعين إذا ما تخطت تلك النسبة، و بالتالى يحدث ما يسمى
بـأزمة سيولة لدى البنك. وإذا حدثت مشكلة من هذا النوع وامتدت الى بنوك أخرى،
فتسمى فى تلك الحالة أزمة مصرفية "Systematic Banking Crisis".
وعندما يحدث العكس، أى تتوافر الودائع لدى البنوك وترفض تلك البنوك منح القروض
خوفاً من عدم قدرتها على الوفاء بطلبات السحب تحدث أزمة فى الإقراض، وهو ما يسمى
بـأزمة الائتمان او Credit Crunch. وقد حدث في التاريخ المالي للبنوك العديد من
حالات التعثر المالي مثل ما حدث فى بريطانيا لبنك " Overend& Gurney"
وما حدث في الولايات المتحدة عندما انهار "بنك الولايات المتحدة Bank
of United States" فى عام 1931 وبنك "Bear Stearns".
2. أزمات العملة وأسعار
الصرف: تحدث
عندما تتغير أسعار الصرف بسرعة بالغة بشكل يؤثر على قدرة العملة على آداء مهمتها
كوسيط للتبادل أو مخزن للقيمة، لذلك تسمى هذه الأزمة أيضاً بأزمة ميزان المدفوعات Balance
of Payments Crisis. وتحدث تلك الأزمات لدى
اتخاذ السلطات النقدية قرار بخفض سعر العملة نتيجة عمليات المضاربة، وبالتالى تحدث
أزمة قد تؤدى لانهيار سعر تلك العملة، وهو شبيه بما حدث فى تايلاند وكان السبب
المباشر فى اندلاع الأزمة المالية فى شرق آسيا عام 1997. وعلى الرغم من أن قرار تعويم أو خفض سعر صرف
العملة الوطنية قد يبدو قراراً تطوعياً من السلطة النقدية، الا أنه فى أغلب
الحالات يكون قراراً ضرورياَ تتخذه فى حال وجود قصور فى تدفقات رأس المال الأجنبى
أو تزايد فى التدفقات الخارجة. بعض تلك الأزمات لها أثر محدود على القطاع غير
المالى، أما البعض الآخر فيلعب دوراً أساسياً فى تباطؤ النمو الاقتصادى وحدوث
الانكماش بل قد تصل الى درجة الكساد.
3. أزمات أسواق المال
"حالة الفقاعات": تحدث العديد من الأزمات في أسواق المال نتيجة ما يعرف اقتصادياً بظاهرة
"الفقاعة" "bubble".
حيث تتكون "الفقاعة" عندما يرتفع سعر الأصول بشكل يتجاوز قيمتها العادلة،
على نحو ارتفاع غير مبرر. وهو ما يحدث عندما يكون الهدف من شراء الأصل – كالأسهم
على سبيل المثال – هو الربح الناتج عن ارتفاع سعره وليس بسبب قدرة هذا الأصل على
توليد الدخل. فى هذه الحالة يصبح انهيار أسعار الأصل مسألة وقت عندما يكون هناك
اتجاهاً قوياً لبيع ذلك الأصل فيبدأ سعره فى الهبوط، ومن ثم تبدأ حالات الذعر فى
الظهور فتنهار الأسعار ويمتد هذا الأثر نحو أسعار الأسهم الأخرى سواء في نفس
القطاع أو القطاعات الأخرى.
III - أسباب الأزمات
المالية
تتعدد النظريات المفسرة
لظهور الأزمات المالية وتختلف من حيث نوع هذه الأزمات كما تختلف أيضا في حدتها
وتأثيرها ومداها الزمني. فمنها ما قد ينتج عن ذعر مصرفى "Banking
Panic"، والذي بدوره يترتب عليه كساد أو انكماش فى
النشاط الاقتصادي؛ بينما فى أحيان أخرى قد يكون السبب إنهيار حاد فى أسواق الاسهم
خاصةً بعد وجود فقاعة Bubble،
في أسعار بعض الأصول – كما سبق الإشارة-؛ أو بسبب أزمة عملة وانهيار سعر الصرف مما
ينتج عنه عدداً من الآثار السلبية على المسار التنموي للاقتصاد القومي.
وتشير الأدبيات الاقتصادية إلى الجدل الدائر
حول إلقاء ظلال المسئولية على النظام الرأسمالى. فهناك من يرفض النظام الرأسمالي
برمته، فوفقا لنظرية "مينسكي" "Minsky'sTheory" فإن القطاع
المالى فى الاقتصاد الرأسمالي عامة يتسم بالهشاشة أو ما أسماه "FinancialFragility"
وتختلف درجة هشاشة القطاع المالى باختلاف المرحلة التى يمر بها الاقتصاد من مراحل
الدورات الاقتصادية، ومن ثم تزيد خطورة حدوث أزمة فى ذلك القطاع على الاقتصاد ككل.
و تدور نظرية "مينسكى" في تفسير الأزمات المالية في النظام
الرأسمالي على أن أي اقتصاد يمر بالمراحل
المعروفة للدورة الاقتصادية، فبعد مرور
الاقتصاد بمرحلة كساد، تفضل الشركات تمويل أنشطتها بحرص وعدم تحمل مخاطر كبيرة فى
تعاملها مع القطاع المالى، وهو ما يسمى "التمويل المتحوط". وفي إبان
مرحلة النمو، تبدأ التوقعات المتفائلة فى الطفو على السطح وتتوقع الشركات ارتفاع
الأرباح، ومن ثم تبدأ فى الحصول على التمويل والتوسع فى الاقتراض بافتراض القدرة
المستقبلية على سداد القروض بلا مشكلات ُذكر. وتنتقل "عدوى" التفاؤل
بدورها بعد ذلك إلى القطاع المالي، ويبدأ المقرضون فى التوسع فى إقراض الشركات دون
تحوط كاف أو التحقق من قابلية استرداد القروض مجدداً، ولكن بناءً على قدرة تلك
الشركات على الحصول على تمويل مستقبلي نظراً لأرباحهم المتوقعة. وفى ذلك الوقت
يكون الاقتصاد قد تحمل مخاطرةً بشكل معنوي فى نظام الائتمان. وفى حال حدوث مشكلة
مادية أو أزمة مالية لكيان اقتصادى كبير يبدأ القطاع المالى فى الإحساس بالخطر مما
يؤثر على قابليته للإقراض، الأمر الذى يؤثر بدوره على قدرة معظم الكيانات
الاقتصادية على سداد التزاماتها، وتبدأ الأزمة المالية التى قد لا يتمكن ضخ أموال
فى الإقتصاد من حلها، وتتحول الى أزمة اقتصادية تؤدى لحدوث كساد ويعود الاقتصاد
لنقطة البداية مجدداً.
ومن التفسيرات الحديثة للأزمة المالية ما طرحته نظرية المباريات "game
theory" تحت ما يعرف "بمباريات التنسيق بين
اللاعبين في الأسواق المالية"Coordination Games". إذ تؤكد أدوات التحليل
الإقتصادى وجود علاقات موجبة بين القرارات التى يتخذها لاعبو الحلبة الاقتصادية
(المضاربون، المستثمرون،....). فقد يكون قرار المستثمر فى كثير من الأحيان باتخاذ
الاتجاه الذى يتوقع هذا المستثمر الآخرين أن يتخذوه. بمعنى آخر، قد يكون قرار شراء
أصل ما، بناءً على التوقع بأن قيمة ذلك الأصل ستزداد، وأن له القدرة على توليد دخل
مرتفع. بينما فى أحيان أخرى قد يتخذ المستثمر القرار ذاته نظراً لتوقعه قيام
المستثمرين الآخرين بأخذ ذات القرار، حينئذ، تبدو الصورة مختلفة. وقد أكدت بعض
النماذج الرياضية التى استخدمت لتحليل أزمات العملة مثل نموذج "بول كروجمان PaulKrugman"
– ذلك السلوك. على سبيل المثال أن نظام سعر الصرف الثابت قد يحتفظ باستقراره لفترة
طويلة، ولكن قد يحدث له انهيار سريع لمجرد وجود عوامل قد تسبب أن يتوقع الآخرون
انخفاض سعر الصرف، ومن ثم يبدأ السعر فى الانخفاض وربما الانهيار فعلياً.
ومع اختلاف صور الأزمات
المالية التى يشهدها الاقتصاد العالمى الا ان هناك عدة عوامل قد تزيد من حدة و
تأثير تلك الأزمات، مثل:
· عدم الموائمة بين حجم الأصول
وحجم الالتزامات للمؤسسات المالية: حيث لا تتناسب المخاطر
التى تتحملها تلك المؤسسات مع أصولها، خاصة مع ارتفاع الوزن النسبي لحجم الأصول
طويلة الأجل بميزانية تلك المؤسسات، وبالتالى تتعرض لامكانية التعثر والافلاس.
فعلى سبيل المثال حين تتيح البنوك سحب الودائع فى أى وقت بينما تتوسع فى الاقراض
طويل الأجل – كالقروض لتمويل شراء العقارات مثلاً – فهى بذلك تتحمل مخاطر مالية
مرتفعة. كذلك الحال بالنسبة للدول، فكثير من الاقتصادات النامية تلجأ الى إصدار
سندات قيمتها الاسمية مقيمة بالدولار أو اليورو، وهو ما قد يؤدى الى عدم تناسب
القيمة الاسمية لالتزاماتهم – أى السندات المصدرة– وأصول تلك الحكومات المتمثلة في الضرائب المحصلة
بالعملة المحلية. وفى تلك الحالة تظهر امكانية حدوث ما يسمى بحالة التعثر عن سداد
الالتزمات أي عندما تعجز تلك الحكومات عن الوفاء بالتزاماتها من العملة الأجنبية
عند استحقاق تلك السندات.
· أثر العدوىأو ما يسمى"Contagion
Effect " أى انتقال الأزمات المالية - مثل تلك الخاصة
بأسعار العملة أو انهيار أسواق الأسهم - وانتشارها في دول أخرى. ويختلف
الاقتصاديون حول ما إذا كان حدوث أزمة فى أكثر من دولة فى ذات الوقت نتيجة لانتشار
غير مبرر "للعدوى" بالفعل، أم بسبب مشكلات حقيقية تعانى منها الاقتصادات
التى انتقلت إليها الأزمة، سواء اختلفت تلك الأسباب فيما بينها أم تشابهت.
IV- الأزمة المالية عام
2008:
تعرض العالم فى الآونة
الأخيرة لأزمة مالية توصف بأنها الأسوأ ربما منذ أزمة الكساد الكبير على حد تعبير
الخبراء الاقتصاديين. فمنذ مطلع العام تنبأت المؤشرات الاقتصادية المختلفة بحدوث
كساد فى النشاط الاقتصادى على المستوى العالمى. كان من أهم تلك المؤشرات الارتفاع
المطرد فى أسعار البترول؛ تكرر الأزمات الإئتمانية فى الأسواق العالمية؛ أزمة الرهن
العقارى فى الولايات المتحدة؛ وإرتفاع معدل البطالة.
ففى يناير 2008، ارتفعت أسعار البترول لتصل الى 147 دولار للبرميل فى
يوليو، وذلك قبل أن تبدأ فى الانخفاض بعد ذلك. وقد أدى ذلك الارتفاع الذى استمر
لفترة الى قفزة كبيرة فى أسعار السلع
الأساسية مما هدد بحدوث ركود أو "كساد" تضخمى Stagflation.
أما فى النصف الثانى من 2008 فقد شهدت أسعار معظم السلع انخفاضاً فى ظل التوقع
لحدوث كساد عالمى.
من ناحية أخرى، سجلت معدلات التضخم العالمية مستويات تاريخية، حيث
كان هناك اتجاه عام لزيادة عرض النقود خاصة من قِــبل البنك المركزى الأمريكي "FED"،
فى محاولة للتخفيف من حدة أزمة الرهن العقارى الأمريكية. وقد كان هذا التضخم أكثر
قوة فى البلاد المصدرة للبترول حيث ارتفعت لديها إحتياطيات النقد الأجنبي، مع
الإفتقار إلى حزمة من السياسات النقدية المناسبة – مثل عمليات السوق المفتوحة على
سبيل المثال – وذلك للاحتفاظ بالمعدلات المستهدفة لأسواق النقد وأسعار الفائدة،
فيما يٌسمى بعمليات التعقيم Sterilization.
الأزمة فى الولايات
المتحدة الأمريكية:
اندلعت أزمة الرهن
العقار Mortgage
Crisis فى الولايات المتحدة الأمريكية فى بداية العام 2007
حيث كان هناك ندرة فى السيولة فى أسواق الإئتمان والأجهزة المصرفية العالمية، إلى
جانب بداية الإنكماش فى قطاع العقارات فى الولايات المتحدة، والممارسات المرتفعة
المخاطرة فى الاقراض والاقتراض. وقد ظهرت الأزمة بصورتها الحالية عندما انفجرت
فقاعة سوق العقارات، والتى نتجت عن تسويق العقارات لمحدودى الدخل فى الولايات
المتحدة بطريقة ملتفة وشروط تبدو سهلة للوهلة الأولى، ولكن بعقود كانت صياغتها
بمثابة فخ لمحدودى الدخل فقد كانت في مجملها التفاف علي قوانين الدولة والحد
الائتماني. حيث تضمنت العقود نصوصاً تجعل القسط يرتفع مع طول المدة. وعند عدم
السداد لمرة واحده تؤخذ فوائد القسط 3 أضعاف عن الشهر الذي لم يتم سداده. فضلاً عن
وجود بنود في العقود ترفع الفائدة عند تغيرها من البنك
الفيدرالي الأمريكي، فيما يسمى بـالرهن العقارى ذى الفائدة القابلة
للتغيير Adjustable Rate Mortgages ARM.
حيث شهدت السنوات السابقة لذلك تساهلاً ملحوظاً فى
شروط الائتمان واتجاهاً طويل المدى لارتفاع أسعار العقارات، حيث ارتفعت أسعار
العقارات (بالتحديد السكنية منها) بما يقرب 124% خلال الفترة 1997- 2006، مما حفز
الكثيرون على الاقتراض لتمويل شراء مساكنهم الخاصة، حيث ارتفع معدل التمليك السكنى
فى الولايات المتحدة الأمريكية من 64% فى 1996 الى 69.2% فى 2004. وفى ظل الارتفاع العام لأسعار تلك العقارات أخذ
كثير منهم فى الاقتراض بضمان قيمتها –التى لم تسدد فى الأساس – وكان الاعتماد فى
هذه القروض بشكل أساسى على قيمة العقار التى تتزايد باستمرار فى السوق كضمان.
وبعد فترة، وتحديداً خلال عامي 2006 و2007 بدأت أسعار
الفائدة فى الإرتفاع على غير المتوقع مما أدى الى تزايد التزامات محدودى الدخل حيث
ارتفعت أعباء قروض العقارات التى التزموا بها، بالإضافة الى القروض التى تشكل قيمة
العقارات ضماناً لها، فامتنع الكثيرون عن السداد بعد أن ارهقتهم الأقساط
المتزايدة، وبدأت أسعار العقارات تهوى لأسفل.
ولاحتواء
ذلك الوضع قامت البنوك وشركات العقار ببيع ديون المواطنين فى شكل سندات لمستثمرين
عالميين بضمان العقارات، الذين لجأوا بدورهم -بعد أن تفاقمت المشكلة- لشركات
التأمين التي أوجدت من الأزمة فرصه للربح بضمان العقارات فيما لو امتنع محدودو الدخل عن
السداد. فقامت بتصنيف سندات الديون لفئتين (أ) قابله للسداد (ب) لا يمكن سدادها
وبدأت شركات التأمين بأخذ أقساط التامين علي السندات من هؤلاء المستثمرين.
وفى ظل تلك الظروف قام البنك الفيدرالى الأمريكى بخفض
أسعار الفائدة حيث قام فى يناير 2008 بخفض معدل فائدته الرئيسية ثلاثة
أرباع النقطة إلي 3,50% وهو إجراء ذو حجم استثنائي، ثم تخفيضه تدريجياً إلي 2% بين
يناير وابريل من ذات العام.
ولدى تفاقم الأزمة وتوقف محدودي الدخل عن السداد، اضطرت الشركات والبنوك
لمحاولة بيع العقارات محل النزاع والتي رفض ساكنوها الخروج منها، فعجزت قيمة
العقار عن تغطية التزامات أياً من البنوك أو شركات العقار أو التأمين، مما أثر علي
السندات فطالب المستثمرون بحقوقهم عند شركات التأمين، فأعلنت أكبر شركة تأمين في
العالم "ايه آي جي AIG" عدم قدرتها على الوفاء بإلتزاماتها تجاه 64 مليون
عميل تقريبًا مما دفع بالحكومة الأمريكية إلى منحها مساعدة بقيمة 85 مليار دولار
مقابل امتلاك 79.9% من رأسمالها، ولحق بها
كثير من المؤسسات المالية الأمريكية مثل مورجان ستانليو جولدمان ساكس، وفى سبتمبر 2008 أعلن بنك "الأخوة
ليمان" Lehman
Brothers" افلاسه.
و قد قٌدرت خسائر المؤسسات المالية حول العالم فى يوليو 2008 بما يقرب من
435 مليار دولار أمريكي، وشهدت البورصات فى أغسطس 2007 تدهوراً شديداً أمام مخاطر اتساع الأزمة وتدخلت
المصارف المركزية لدعم سوق السيولة.
هذه الأزمة ما لبثت أن ظهرت آثارها بأن شهد الاقتصاد الأمريكيانكماشاً ملحوظاً على
مدار العام 2008،
ظهرت جلية في معدلات البطالة، حيث وصلت
معدلات البطالة إلى 6.1%، وهو المعدل الأعلى فى خمس سنوات في سبتمبر 2008. حيث قام
أصحاب العمل بالاستغناء عن ما يقرب من 605,000 وظيفة منذ بداية الشهر الأول من هذا
العام. وقد انعكست هذه الصورة السلبية على سوق الأوراق المالية في صورة انخفاضات
حادة في أسعار الأسهم والسندات.
الأزمة فى أوروبا:
امتد أثر الأزمة
المالية بطبيعة الحال ليشمل الدول الأخرى وعلى رأسها دول الاتحاد الأوربي، حيث هبط
الانتاج الصناعى الأوربى فى مايو 2008 بمعدل
1.9%، وهو الانخفاض الأكثر حدة فى شهر واحد منذ أزمة سعر الصرف فى 1992. وقد سجل
الاقتصاد الأوروبى فى الربع الثانى من العام انخفاضاً قدره 0.2%. على سبيل المثال ارتفعت حالات البطالة فى
الاقتصاد البريطانى حسب إحصاءات "مكتب الإحصاءات القومية إلى 904,900، بزيادة
حوالى 32,500 حالة وذلك فى أغسطس 2008. بينما
شهد الاقتصاد الايرلندى فى الربع الأول من العام انكماشاً فى اجمالى الناتج المحلى
قدره 1.5%، وهى السابقة الأولى لها منذ عام 1983، وكذلك انكماشاً قدره 0.5% فى
الربع الثانى لتصبح بذلك أيرلندا أولى دول الاتحاد الأوربى دخولاً فى الكساد
الإقتصادى.
أما أسبانيا فقد نجحت فى تجنب الانكماش فى النشاط الاقتصادى ولكنها –
بالرغم من ذلك – قد عانت من ارتفاع شديد فى معدلات البطالة حيث وصلت إلى 9.9%، فقد
ازدادت حالات البطالة فى الاقتصاد الأسبانى بنحو 425 ألف حالة عن العام 2007.
كل تلك الظواهر الخاصة بالأزمة انتقلت بدورها إلى الدول الأخرى مثل بلجيكا
والنمسا والمانيا والسويد والدانمرك وغيرهم من الدول الأوروبية.
سياسة العلاج ومواجهة الأزمة:
ففي الولايات المتحده: أوصى
كل من محاقظ البنك الفيدرالى ووزير الخزانة الأمريكي بضرورة تخصيص كم كبير من
التمويل لاعادة الاستقرار للقطاع المالي الأمريكي. كذلك تدخلت الحكومة الأمريكية فى
سوق المال وذلك بمنع البيع على المكشوف لنحو 799 سهم مدرجة فى سوق الأسهم
الأمريكية. وتبلغ التقديرات المبدئية للتكلفة المالية للخزانة الأمريكية فى المشروع
الذى قدمته إدارة "بوش" فى سبتمبر 2008 بحوالى 700 مليار إلى تريليون
دولار أمريكى. والمفارقه الغريبة أن وصفة العلاج التي طرحتها الدول الغربية وعلى
رأسها الولايات المتحدة لمواجهة الأزمة تتعارض مع ما تنادي به دائما من حرية
القطاع المالى.
وفي إطار الخروج من الأزمة أيضا فإن اللجوء
للتأميم بات حلاً مطروحاً كورقة أخيرة فى أيدى تلك الحكومات للدفاع عن الاقتصاد
القومى. وقد شهد مسلسل تأميم بعض المؤسسات المالية حلقات عديدة، منها تأميم
"إندى ماك IndyMac" أحد أكبر مؤسسات القروض العقارية فى الولايات
المتحدة الأمريكية، وذلك فى يوليو 2008. فضلاً عن انقاذ شركة التأمين الكبرى AIG مقابل امتلاك الحكومة لحصة تبلغ حوالى 80% من
الشركة.
ولم يختلف الأمر كثيراً فى أوروبا، حيث تم تأميم عدد من البنوك والمؤسسات
المالية الأوربية. فقد شهد سبتمبر 2008 تأميم" برادفورد & بينجلى "Bradford
& Bingley"، أكبر
مؤسسات القروض العقارية فى بريطانيا، كذلك قامت حكومة أيسلندا بشراء حصة 75% من Glitnir Bank""،
ثالث أكبر مؤسسة إقراض فى ايسلندا.
هذه الجهود المختلفة تأتى فى إطار محاولات الدول استعادة توازنها الذى
فقدته فى ظل الأزمة المالية الراهنة، والذى كان احد أهم أسبابها – إن لم يكن أهمها
على الإطلاق- هو أزمة الرهن العقارى التى
ولّدها القطاع المالى الذى أصبح – على حد تعبير البعض – "طفلاً يحتاج الى وصاية"، هذه الوصاية هي
التدخل الحكومي.
المالية: المفهوم والاسباب
اعداد
د. عبد الله
شحاتة
I - لمحة تاريخية
شهد العالم وبصورة
أساسية الاقتصاد الرأسمالي العديد من الأزمات منذ أواخر القرن التاسع عشر وأوائل
القرن العشرين و من أهمها:
· أزمة عام 1866حيث تعرضت عدد من البنوك الإنجليزية للإفلاس،
مما أدى في إلى أزمة مالية عصفت باستقرار النظام المالي البريطاني. وتعد هذه
الأزمة أقدم الأزمات المالية التي عرفها العالم.
· أزمة " الكساد الكبير Great
Depression " فى 1929والتي تعد أشهر الأزمات المالية التى شهدها
الاقتصاد العالمى وأقواها أثراً. إذ هبطت أسعار الأسهم فى سوق المال الأمريكية بنسبة
13 %، ثم توالت الانهيارات في أسواق المال على نحو ما لبث أن امتدت آثاره بشراسة
على الجانب الحقيقي للاقتصاد الأمريكى وما تبعه من انهيار في حركة المعاملات
الاقتصادية في الإقتصاد الأمريكي تمثلت مظاهره في:
- نخفاض شديد فى
الاستهلاك الكلى
- انخفاض الاستثمارات من
جانب القطاع الانتاجى
- ارتفاع معدلات البطالة لتصل
إلى حوالى ثلث قوة العمل الأمريكية فى عام 1932.
النتائج المترتبة:
- امتدت آثار هذه الأزمة إلى
خارج الولايات المتحده لتضرب دول أوروبا الغربية على نحو هدد أركان النظام الرأسمالي.
- فقدان شرعية الفروض الأساسية للنظام الاقتصادي
الكلاسيكي الحر المعروف بـ "دعه يعمل، دعه يمر".
- قيام الاقتصاديون في الغرب
بالبحث عن حلول لمشكلات الاقتصاد الحر.
- ظهرت النظرية الكينزية
لتؤكد على ضرورية تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية.
· أزمة الديون العالمية مع بداية الثمانينات من القرن العشرين: ففي ظل تحرير القطاع المالي والمصرفي وحرية حركة رؤوس الأموال، توسعت
البنوك التجارية العالمية فى الإقراض لحكومات دول العالم الثالث. وقد اقترنت حركة
التوسع في الإقراض بتعثر تلك الحكومات واعلان الدول المدينة عدم قدرتها على الوفاء
بأعباء الديون وخدمتها، كما فعلت المكسيك فى العام 1982 وتبعها عدد من الدول.
النتائج المترتبة:
- بدأت محاولات حكومات
الدول الدائنة لاحتواء أزمة الديون العالمية خوفا من انهيار مؤسساتها المالية
وقطاعها البنكي، فتدخلت لمنع مؤسساتها المالية من الافلاس وانهيار جهازها المصرفى
- استمرت الأزمة على مدار
عقدين من القرن الماضى، وخضوع الدول المدينة لوصفة المؤسسات الدولية تحت ماعرف ببرامح
الإصلاح الاقتصادي والتكيف الهيكلي "Economic
Reform and Structural Adjustment Program".
* الأزمة المالية عام 1997: شهدت الدول الأسيوية أزمة مالية شديدة بدأت
بانهيار عملة تايلاند عقب قرار تعويم العملة الذى اتخذته الحكومة والتي فشلت بعد
ذلك محاولاتها فى دعم عملتها فى مواجهة موجة المضاربات القوية التى تعرضت لها.
النتائج المترتبة:
- أثر ذلك فوراً على دول
أخرى مثل الفلبين، اندونيسيا ، كوريا الجنوبية وغيرها.
- تفاقمت الأزمة حيث تزايد
حجم الدين الخارجى لأربعة من أكبر الدول الآسيوية إلى أن بلغ 180% من حجم إجمالى
الناتج المحلى لها.
- تدخلت المؤسسات الدولية
وبصفة خاصة صندوق النقد الدولى فتم طرح حزمة سياسات لانقاذ الوضع شريطة قيام تلك
الدول بتنفيذ برامج معينة للاصلاح الاقتصادى والهيكلى كما حدث في أندونسيا وكوريا
الجنوبية ودول أخرى، فيما عدا ماليزيا التي رفضت هذه الحزمة.
· أزمة "فقاعات شركات الإنترنت" في أواخر
القرن العشرين ومطلع الألفية الثالثة: عرف
العالم نوعاً جديداً من الأزمات المالية بدأت حين أدرجت أسهم تلك الشركات فى سوق
الأوراق المالية في الولايات المتحدة والذي يعرف بمؤشر ناسداك "NASDAQ"
حيث ارتفعت أسعار أسهم تلك الشركات في البداية بشكل كبير فى وقت حقق فيه عدد قليل
من تلك الشركات أرباحاً حقيقية مما أدى إلى انفجار تلك الفقاعة فى عام 2000 .
النتائج المترتبة:
- انخفاض أسعار تلك
الأسهم بسرعة وبصورة ملحوظة.
- تزامن هذا الانخفاض مع
حدوث هجمات سبتمبر 2001 والتى أدت إلى إغلاق أسواق المال الأمريكية بشكل مؤقت.
- استمرار الانخفاض لتهبط
قيمة مؤشر التكنولوجيا المرجح لـنسداك بحوالى
78% فى 2002.
- قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي
الأمريكي بخفض سعر الفائدة من 6.25% إلى 1% وذلك لحفز النمو الاقتصادي نتيجة لتأثر
تلك الشركات بشدة.
II - مفهوم الأزمة المالية
وأنواعها
· المفهوم
لا يوجد تعريف أو مفهوم
محدد للأزمة المالية، لكن من المفاهيم المبسطة لمصطلح الأزمة المالية، هو أن الأزمة
المالية هي اضطراب حاد ومفاجئ فى بعض التوازنات الاقتصادية يتبعه انهيار في عدد من
المؤسسات المالية تمتد آثاره إلى القطاعات الأخرى.
· أنواع الازمات المالية
1. الأزمات المصرفية: تظهر الأزمات المصرفية عندما يواجه بنك ما
زيادة كبيرة ومفاجئة فى طلب سحب الودائع. فبما أن البنك يقوم بإقراض أو تشغيل معظم
الودائع لديه ويحتفظ بنسبة بسيطة لمواجهة طلبات السحب اليومي، فلن يستطيع بطبيعة
الحال الاستجابة لطلبات المودعين إذا ما تخطت تلك النسبة، و بالتالى يحدث ما يسمى
بـأزمة سيولة لدى البنك. وإذا حدثت مشكلة من هذا النوع وامتدت الى بنوك أخرى،
فتسمى فى تلك الحالة أزمة مصرفية "Systematic Banking Crisis".
وعندما يحدث العكس، أى تتوافر الودائع لدى البنوك وترفض تلك البنوك منح القروض
خوفاً من عدم قدرتها على الوفاء بطلبات السحب تحدث أزمة فى الإقراض، وهو ما يسمى
بـأزمة الائتمان او Credit Crunch. وقد حدث في التاريخ المالي للبنوك العديد من
حالات التعثر المالي مثل ما حدث فى بريطانيا لبنك " Overend& Gurney"
وما حدث في الولايات المتحدة عندما انهار "بنك الولايات المتحدة Bank
of United States" فى عام 1931 وبنك "Bear Stearns".
2. أزمات العملة وأسعار
الصرف: تحدث
عندما تتغير أسعار الصرف بسرعة بالغة بشكل يؤثر على قدرة العملة على آداء مهمتها
كوسيط للتبادل أو مخزن للقيمة، لذلك تسمى هذه الأزمة أيضاً بأزمة ميزان المدفوعات Balance
of Payments Crisis. وتحدث تلك الأزمات لدى
اتخاذ السلطات النقدية قرار بخفض سعر العملة نتيجة عمليات المضاربة، وبالتالى تحدث
أزمة قد تؤدى لانهيار سعر تلك العملة، وهو شبيه بما حدث فى تايلاند وكان السبب
المباشر فى اندلاع الأزمة المالية فى شرق آسيا عام 1997. وعلى الرغم من أن قرار تعويم أو خفض سعر صرف
العملة الوطنية قد يبدو قراراً تطوعياً من السلطة النقدية، الا أنه فى أغلب
الحالات يكون قراراً ضرورياَ تتخذه فى حال وجود قصور فى تدفقات رأس المال الأجنبى
أو تزايد فى التدفقات الخارجة. بعض تلك الأزمات لها أثر محدود على القطاع غير
المالى، أما البعض الآخر فيلعب دوراً أساسياً فى تباطؤ النمو الاقتصادى وحدوث
الانكماش بل قد تصل الى درجة الكساد.
3. أزمات أسواق المال
"حالة الفقاعات": تحدث العديد من الأزمات في أسواق المال نتيجة ما يعرف اقتصادياً بظاهرة
"الفقاعة" "bubble".
حيث تتكون "الفقاعة" عندما يرتفع سعر الأصول بشكل يتجاوز قيمتها العادلة،
على نحو ارتفاع غير مبرر. وهو ما يحدث عندما يكون الهدف من شراء الأصل – كالأسهم
على سبيل المثال – هو الربح الناتج عن ارتفاع سعره وليس بسبب قدرة هذا الأصل على
توليد الدخل. فى هذه الحالة يصبح انهيار أسعار الأصل مسألة وقت عندما يكون هناك
اتجاهاً قوياً لبيع ذلك الأصل فيبدأ سعره فى الهبوط، ومن ثم تبدأ حالات الذعر فى
الظهور فتنهار الأسعار ويمتد هذا الأثر نحو أسعار الأسهم الأخرى سواء في نفس
القطاع أو القطاعات الأخرى.
III - أسباب الأزمات
المالية
تتعدد النظريات المفسرة
لظهور الأزمات المالية وتختلف من حيث نوع هذه الأزمات كما تختلف أيضا في حدتها
وتأثيرها ومداها الزمني. فمنها ما قد ينتج عن ذعر مصرفى "Banking
Panic"، والذي بدوره يترتب عليه كساد أو انكماش فى
النشاط الاقتصادي؛ بينما فى أحيان أخرى قد يكون السبب إنهيار حاد فى أسواق الاسهم
خاصةً بعد وجود فقاعة Bubble،
في أسعار بعض الأصول – كما سبق الإشارة-؛ أو بسبب أزمة عملة وانهيار سعر الصرف مما
ينتج عنه عدداً من الآثار السلبية على المسار التنموي للاقتصاد القومي.
وتشير الأدبيات الاقتصادية إلى الجدل الدائر
حول إلقاء ظلال المسئولية على النظام الرأسمالى. فهناك من يرفض النظام الرأسمالي
برمته، فوفقا لنظرية "مينسكي" "Minsky'sTheory" فإن القطاع
المالى فى الاقتصاد الرأسمالي عامة يتسم بالهشاشة أو ما أسماه "FinancialFragility"
وتختلف درجة هشاشة القطاع المالى باختلاف المرحلة التى يمر بها الاقتصاد من مراحل
الدورات الاقتصادية، ومن ثم تزيد خطورة حدوث أزمة فى ذلك القطاع على الاقتصاد ككل.
و تدور نظرية "مينسكى" في تفسير الأزمات المالية في النظام
الرأسمالي على أن أي اقتصاد يمر بالمراحل
المعروفة للدورة الاقتصادية، فبعد مرور
الاقتصاد بمرحلة كساد، تفضل الشركات تمويل أنشطتها بحرص وعدم تحمل مخاطر كبيرة فى
تعاملها مع القطاع المالى، وهو ما يسمى "التمويل المتحوط". وفي إبان
مرحلة النمو، تبدأ التوقعات المتفائلة فى الطفو على السطح وتتوقع الشركات ارتفاع
الأرباح، ومن ثم تبدأ فى الحصول على التمويل والتوسع فى الاقتراض بافتراض القدرة
المستقبلية على سداد القروض بلا مشكلات ُذكر. وتنتقل "عدوى" التفاؤل
بدورها بعد ذلك إلى القطاع المالي، ويبدأ المقرضون فى التوسع فى إقراض الشركات دون
تحوط كاف أو التحقق من قابلية استرداد القروض مجدداً، ولكن بناءً على قدرة تلك
الشركات على الحصول على تمويل مستقبلي نظراً لأرباحهم المتوقعة. وفى ذلك الوقت
يكون الاقتصاد قد تحمل مخاطرةً بشكل معنوي فى نظام الائتمان. وفى حال حدوث مشكلة
مادية أو أزمة مالية لكيان اقتصادى كبير يبدأ القطاع المالى فى الإحساس بالخطر مما
يؤثر على قابليته للإقراض، الأمر الذى يؤثر بدوره على قدرة معظم الكيانات
الاقتصادية على سداد التزاماتها، وتبدأ الأزمة المالية التى قد لا يتمكن ضخ أموال
فى الإقتصاد من حلها، وتتحول الى أزمة اقتصادية تؤدى لحدوث كساد ويعود الاقتصاد
لنقطة البداية مجدداً.
ومن التفسيرات الحديثة للأزمة المالية ما طرحته نظرية المباريات "game
theory" تحت ما يعرف "بمباريات التنسيق بين
اللاعبين في الأسواق المالية"Coordination Games". إذ تؤكد أدوات التحليل
الإقتصادى وجود علاقات موجبة بين القرارات التى يتخذها لاعبو الحلبة الاقتصادية
(المضاربون، المستثمرون،....). فقد يكون قرار المستثمر فى كثير من الأحيان باتخاذ
الاتجاه الذى يتوقع هذا المستثمر الآخرين أن يتخذوه. بمعنى آخر، قد يكون قرار شراء
أصل ما، بناءً على التوقع بأن قيمة ذلك الأصل ستزداد، وأن له القدرة على توليد دخل
مرتفع. بينما فى أحيان أخرى قد يتخذ المستثمر القرار ذاته نظراً لتوقعه قيام
المستثمرين الآخرين بأخذ ذات القرار، حينئذ، تبدو الصورة مختلفة. وقد أكدت بعض
النماذج الرياضية التى استخدمت لتحليل أزمات العملة مثل نموذج "بول كروجمان PaulKrugman"
– ذلك السلوك. على سبيل المثال أن نظام سعر الصرف الثابت قد يحتفظ باستقراره لفترة
طويلة، ولكن قد يحدث له انهيار سريع لمجرد وجود عوامل قد تسبب أن يتوقع الآخرون
انخفاض سعر الصرف، ومن ثم يبدأ السعر فى الانخفاض وربما الانهيار فعلياً.
ومع اختلاف صور الأزمات
المالية التى يشهدها الاقتصاد العالمى الا ان هناك عدة عوامل قد تزيد من حدة و
تأثير تلك الأزمات، مثل:
· عدم الموائمة بين حجم الأصول
وحجم الالتزامات للمؤسسات المالية: حيث لا تتناسب المخاطر
التى تتحملها تلك المؤسسات مع أصولها، خاصة مع ارتفاع الوزن النسبي لحجم الأصول
طويلة الأجل بميزانية تلك المؤسسات، وبالتالى تتعرض لامكانية التعثر والافلاس.
فعلى سبيل المثال حين تتيح البنوك سحب الودائع فى أى وقت بينما تتوسع فى الاقراض
طويل الأجل – كالقروض لتمويل شراء العقارات مثلاً – فهى بذلك تتحمل مخاطر مالية
مرتفعة. كذلك الحال بالنسبة للدول، فكثير من الاقتصادات النامية تلجأ الى إصدار
سندات قيمتها الاسمية مقيمة بالدولار أو اليورو، وهو ما قد يؤدى الى عدم تناسب
القيمة الاسمية لالتزاماتهم – أى السندات المصدرة– وأصول تلك الحكومات المتمثلة في الضرائب المحصلة
بالعملة المحلية. وفى تلك الحالة تظهر امكانية حدوث ما يسمى بحالة التعثر عن سداد
الالتزمات أي عندما تعجز تلك الحكومات عن الوفاء بالتزاماتها من العملة الأجنبية
عند استحقاق تلك السندات.
· أثر العدوىأو ما يسمى"Contagion
Effect " أى انتقال الأزمات المالية - مثل تلك الخاصة
بأسعار العملة أو انهيار أسواق الأسهم - وانتشارها في دول أخرى. ويختلف
الاقتصاديون حول ما إذا كان حدوث أزمة فى أكثر من دولة فى ذات الوقت نتيجة لانتشار
غير مبرر "للعدوى" بالفعل، أم بسبب مشكلات حقيقية تعانى منها الاقتصادات
التى انتقلت إليها الأزمة، سواء اختلفت تلك الأسباب فيما بينها أم تشابهت.
IV- الأزمة المالية عام
2008:
تعرض العالم فى الآونة
الأخيرة لأزمة مالية توصف بأنها الأسوأ ربما منذ أزمة الكساد الكبير على حد تعبير
الخبراء الاقتصاديين. فمنذ مطلع العام تنبأت المؤشرات الاقتصادية المختلفة بحدوث
كساد فى النشاط الاقتصادى على المستوى العالمى. كان من أهم تلك المؤشرات الارتفاع
المطرد فى أسعار البترول؛ تكرر الأزمات الإئتمانية فى الأسواق العالمية؛ أزمة الرهن
العقارى فى الولايات المتحدة؛ وإرتفاع معدل البطالة.
ففى يناير 2008، ارتفعت أسعار البترول لتصل الى 147 دولار للبرميل فى
يوليو، وذلك قبل أن تبدأ فى الانخفاض بعد ذلك. وقد أدى ذلك الارتفاع الذى استمر
لفترة الى قفزة كبيرة فى أسعار السلع
الأساسية مما هدد بحدوث ركود أو "كساد" تضخمى Stagflation.
أما فى النصف الثانى من 2008 فقد شهدت أسعار معظم السلع انخفاضاً فى ظل التوقع
لحدوث كساد عالمى.
من ناحية أخرى، سجلت معدلات التضخم العالمية مستويات تاريخية، حيث
كان هناك اتجاه عام لزيادة عرض النقود خاصة من قِــبل البنك المركزى الأمريكي "FED"،
فى محاولة للتخفيف من حدة أزمة الرهن العقارى الأمريكية. وقد كان هذا التضخم أكثر
قوة فى البلاد المصدرة للبترول حيث ارتفعت لديها إحتياطيات النقد الأجنبي، مع
الإفتقار إلى حزمة من السياسات النقدية المناسبة – مثل عمليات السوق المفتوحة على
سبيل المثال – وذلك للاحتفاظ بالمعدلات المستهدفة لأسواق النقد وأسعار الفائدة،
فيما يٌسمى بعمليات التعقيم Sterilization.
الأزمة فى الولايات
المتحدة الأمريكية:
اندلعت أزمة الرهن
العقار Mortgage
Crisis فى الولايات المتحدة الأمريكية فى بداية العام 2007
حيث كان هناك ندرة فى السيولة فى أسواق الإئتمان والأجهزة المصرفية العالمية، إلى
جانب بداية الإنكماش فى قطاع العقارات فى الولايات المتحدة، والممارسات المرتفعة
المخاطرة فى الاقراض والاقتراض. وقد ظهرت الأزمة بصورتها الحالية عندما انفجرت
فقاعة سوق العقارات، والتى نتجت عن تسويق العقارات لمحدودى الدخل فى الولايات
المتحدة بطريقة ملتفة وشروط تبدو سهلة للوهلة الأولى، ولكن بعقود كانت صياغتها
بمثابة فخ لمحدودى الدخل فقد كانت في مجملها التفاف علي قوانين الدولة والحد
الائتماني. حيث تضمنت العقود نصوصاً تجعل القسط يرتفع مع طول المدة. وعند عدم
السداد لمرة واحده تؤخذ فوائد القسط 3 أضعاف عن الشهر الذي لم يتم سداده. فضلاً عن
وجود بنود في العقود ترفع الفائدة عند تغيرها من البنك
الفيدرالي الأمريكي، فيما يسمى بـالرهن العقارى ذى الفائدة القابلة
للتغيير Adjustable Rate Mortgages ARM.
حيث شهدت السنوات السابقة لذلك تساهلاً ملحوظاً فى
شروط الائتمان واتجاهاً طويل المدى لارتفاع أسعار العقارات، حيث ارتفعت أسعار
العقارات (بالتحديد السكنية منها) بما يقرب 124% خلال الفترة 1997- 2006، مما حفز
الكثيرون على الاقتراض لتمويل شراء مساكنهم الخاصة، حيث ارتفع معدل التمليك السكنى
فى الولايات المتحدة الأمريكية من 64% فى 1996 الى 69.2% فى 2004. وفى ظل الارتفاع العام لأسعار تلك العقارات أخذ
كثير منهم فى الاقتراض بضمان قيمتها –التى لم تسدد فى الأساس – وكان الاعتماد فى
هذه القروض بشكل أساسى على قيمة العقار التى تتزايد باستمرار فى السوق كضمان.
وبعد فترة، وتحديداً خلال عامي 2006 و2007 بدأت أسعار
الفائدة فى الإرتفاع على غير المتوقع مما أدى الى تزايد التزامات محدودى الدخل حيث
ارتفعت أعباء قروض العقارات التى التزموا بها، بالإضافة الى القروض التى تشكل قيمة
العقارات ضماناً لها، فامتنع الكثيرون عن السداد بعد أن ارهقتهم الأقساط
المتزايدة، وبدأت أسعار العقارات تهوى لأسفل.
ولاحتواء
ذلك الوضع قامت البنوك وشركات العقار ببيع ديون المواطنين فى شكل سندات لمستثمرين
عالميين بضمان العقارات، الذين لجأوا بدورهم -بعد أن تفاقمت المشكلة- لشركات
التأمين التي أوجدت من الأزمة فرصه للربح بضمان العقارات فيما لو امتنع محدودو الدخل عن
السداد. فقامت بتصنيف سندات الديون لفئتين (أ) قابله للسداد (ب) لا يمكن سدادها
وبدأت شركات التأمين بأخذ أقساط التامين علي السندات من هؤلاء المستثمرين.
وفى ظل تلك الظروف قام البنك الفيدرالى الأمريكى بخفض
أسعار الفائدة حيث قام فى يناير 2008 بخفض معدل فائدته الرئيسية ثلاثة
أرباع النقطة إلي 3,50% وهو إجراء ذو حجم استثنائي، ثم تخفيضه تدريجياً إلي 2% بين
يناير وابريل من ذات العام.
ولدى تفاقم الأزمة وتوقف محدودي الدخل عن السداد، اضطرت الشركات والبنوك
لمحاولة بيع العقارات محل النزاع والتي رفض ساكنوها الخروج منها، فعجزت قيمة
العقار عن تغطية التزامات أياً من البنوك أو شركات العقار أو التأمين، مما أثر علي
السندات فطالب المستثمرون بحقوقهم عند شركات التأمين، فأعلنت أكبر شركة تأمين في
العالم "ايه آي جي AIG" عدم قدرتها على الوفاء بإلتزاماتها تجاه 64 مليون
عميل تقريبًا مما دفع بالحكومة الأمريكية إلى منحها مساعدة بقيمة 85 مليار دولار
مقابل امتلاك 79.9% من رأسمالها، ولحق بها
كثير من المؤسسات المالية الأمريكية مثل مورجان ستانليو جولدمان ساكس، وفى سبتمبر 2008 أعلن بنك "الأخوة
ليمان" Lehman
Brothers" افلاسه.
و قد قٌدرت خسائر المؤسسات المالية حول العالم فى يوليو 2008 بما يقرب من
435 مليار دولار أمريكي، وشهدت البورصات فى أغسطس 2007 تدهوراً شديداً أمام مخاطر اتساع الأزمة وتدخلت
المصارف المركزية لدعم سوق السيولة.
هذه الأزمة ما لبثت أن ظهرت آثارها بأن شهد الاقتصاد الأمريكيانكماشاً ملحوظاً على
مدار العام 2008،
ظهرت جلية في معدلات البطالة، حيث وصلت
معدلات البطالة إلى 6.1%، وهو المعدل الأعلى فى خمس سنوات في سبتمبر 2008. حيث قام
أصحاب العمل بالاستغناء عن ما يقرب من 605,000 وظيفة منذ بداية الشهر الأول من هذا
العام. وقد انعكست هذه الصورة السلبية على سوق الأوراق المالية في صورة انخفاضات
حادة في أسعار الأسهم والسندات.
الأزمة فى أوروبا:
امتد أثر الأزمة
المالية بطبيعة الحال ليشمل الدول الأخرى وعلى رأسها دول الاتحاد الأوربي، حيث هبط
الانتاج الصناعى الأوربى فى مايو 2008 بمعدل
1.9%، وهو الانخفاض الأكثر حدة فى شهر واحد منذ أزمة سعر الصرف فى 1992. وقد سجل
الاقتصاد الأوروبى فى الربع الثانى من العام انخفاضاً قدره 0.2%. على سبيل المثال ارتفعت حالات البطالة فى
الاقتصاد البريطانى حسب إحصاءات "مكتب الإحصاءات القومية إلى 904,900، بزيادة
حوالى 32,500 حالة وذلك فى أغسطس 2008. بينما
شهد الاقتصاد الايرلندى فى الربع الأول من العام انكماشاً فى اجمالى الناتج المحلى
قدره 1.5%، وهى السابقة الأولى لها منذ عام 1983، وكذلك انكماشاً قدره 0.5% فى
الربع الثانى لتصبح بذلك أيرلندا أولى دول الاتحاد الأوربى دخولاً فى الكساد
الإقتصادى.
أما أسبانيا فقد نجحت فى تجنب الانكماش فى النشاط الاقتصادى ولكنها –
بالرغم من ذلك – قد عانت من ارتفاع شديد فى معدلات البطالة حيث وصلت إلى 9.9%، فقد
ازدادت حالات البطالة فى الاقتصاد الأسبانى بنحو 425 ألف حالة عن العام 2007.
كل تلك الظواهر الخاصة بالأزمة انتقلت بدورها إلى الدول الأخرى مثل بلجيكا
والنمسا والمانيا والسويد والدانمرك وغيرهم من الدول الأوروبية.
سياسة العلاج ومواجهة الأزمة:
ففي الولايات المتحده: أوصى
كل من محاقظ البنك الفيدرالى ووزير الخزانة الأمريكي بضرورة تخصيص كم كبير من
التمويل لاعادة الاستقرار للقطاع المالي الأمريكي. كذلك تدخلت الحكومة الأمريكية فى
سوق المال وذلك بمنع البيع على المكشوف لنحو 799 سهم مدرجة فى سوق الأسهم
الأمريكية. وتبلغ التقديرات المبدئية للتكلفة المالية للخزانة الأمريكية فى المشروع
الذى قدمته إدارة "بوش" فى سبتمبر 2008 بحوالى 700 مليار إلى تريليون
دولار أمريكى. والمفارقه الغريبة أن وصفة العلاج التي طرحتها الدول الغربية وعلى
رأسها الولايات المتحدة لمواجهة الأزمة تتعارض مع ما تنادي به دائما من حرية
القطاع المالى.
وفي إطار الخروج من الأزمة أيضا فإن اللجوء
للتأميم بات حلاً مطروحاً كورقة أخيرة فى أيدى تلك الحكومات للدفاع عن الاقتصاد
القومى. وقد شهد مسلسل تأميم بعض المؤسسات المالية حلقات عديدة، منها تأميم
"إندى ماك IndyMac" أحد أكبر مؤسسات القروض العقارية فى الولايات
المتحدة الأمريكية، وذلك فى يوليو 2008. فضلاً عن انقاذ شركة التأمين الكبرى AIG مقابل امتلاك الحكومة لحصة تبلغ حوالى 80% من
الشركة.
ولم يختلف الأمر كثيراً فى أوروبا، حيث تم تأميم عدد من البنوك والمؤسسات
المالية الأوربية. فقد شهد سبتمبر 2008 تأميم" برادفورد & بينجلى "Bradford
& Bingley"، أكبر
مؤسسات القروض العقارية فى بريطانيا، كذلك قامت حكومة أيسلندا بشراء حصة 75% من Glitnir Bank""،
ثالث أكبر مؤسسة إقراض فى ايسلندا.
هذه الجهود المختلفة تأتى فى إطار محاولات الدول استعادة توازنها الذى
فقدته فى ظل الأزمة المالية الراهنة، والذى كان احد أهم أسبابها – إن لم يكن أهمها
على الإطلاق- هو أزمة الرهن العقارى التى
ولّدها القطاع المالى الذى أصبح – على حد تعبير البعض – "طفلاً يحتاج الى وصاية"، هذه الوصاية هي
التدخل الحكومي.