الضمانات البنكية
بعض الاعتبارات المتعلقة بالضمانات البنكية:
-1-i مفهومالضمانات البنكية:
تعتبر الضمانات البنكية وسيلة من خلالها يمكن للمتعاملينتقديمها, للحصول على قروض من البنك, هذا من جهة, و من جهة أخرى, فهي أداة إثبات حقالبنك إلى الحصول على أمواله التي اقرضها بالطريقة القانونية, وذلك في حالة عدمتسديد العملاء أو الزبائن لديونهم.
و قد لجأت المصارف إلى زيادة استعمالالضمانات في السنوات الأخيرة للأسباب التالية:
1- قلة اهتمام بعض المؤسساتالتجارية و الصناعية بالمحافظة على السمعة و حسن التعامل, مما يضطر المصرف إلى طلبهذه الضمانات.
2- كبر حجم العمليات الإئتمانية, بالنسبة إلى مالية المتعاملنتيجة لبعض الظروف الاقتصادية التي طرأت مؤخراً مثل برنامج التنمية و ما تستتبعه مننشاط اقتصادي متزايد, و الغلاء, و ما ينتج عنه من انخفاض القدرة الشرائية النقدالوطني, فيزداد حجم الكتلة النقدية الواجب صرفها على الواردات.
كما يعتبر الخطرعنصراً ملازما للقرض, لا يمكن بأي حال من الأحوال إلغاؤه بصفة نهائية, أو استبعادإمكانية حدوثه مادامت هناك فترة انتظار قبل حلول أجال استرداده. و لذلك, يجب علىالبنك أن يتعامل مع هذا الواقع بشكل حذر, و أن يقرأ المستقبل قراءة جيدة.
و أمامهذا الواقع الذي لا يمكن تجنبه, و من أجل زيادة الاحتفاظ قد يلجأ البنك فضلاً عنالدراسات السابق, إلى طلب ضمانات كافية من المؤسسات التي تطلب القرض, و سوف نلاحظأن هذه الضمانات ذات أهمية كبرى بالنسبة للبنك خاصة عندما يتعلق الأمر بالقروضطويلة الأجل. فالأمر هنا لا يقتصر فقط على القيام بدراسة و تحليل وثائق المؤسسة وقراءة أرقامها, و إنما يتمثل الأمر في طلب أشياء ملموسة وذات قيمة كضمان قبل منحالقرض.
و في الواقع تختلف طبيعة الضمانات التي يطلبها البنك و الأشكال التي يمكنأن تأخذها, و تتحدد طبيعة هذه الأشياء بما يمكن أن تقدمه هذه المؤسسة.
-2-i قيمة الضمان:
إن طلب الضمانات من قبل البنك, يفتح الباب لتساؤل حول العديد منالمسائل المرتبطة بهذه الضمانات, و من بين هذه التساؤلات, قيمة الضمان.
فعندمايقدم البنك على طلب ضمان من المؤسسة التي تريد أن تقترض منه, فهو يصطدم بمشكلة أولىهي ما قيمـة هـذا الضمـان ؟ وفي الواقع لا يمكن أن ننتظر إجابة قاطعة في هذا الخصوصباعتبار أنه لا يوجد قانونا يحدد هذه القيمة. و مع ذلك, يمكننا أن نتصور بأن قيمةهذا الضمان لا يمكن أن تتجاوز مبلغ القرض المطلوب.
و على هذا الأساس, يمكننا أننرجع تحديد قيمة الضمان إلى بعض الاعتبارات التي تساعد البنك على القيام بهذهالخطوة. و أولى هذه الاعتبارات هي ما يتعلق بالعرف البنكي, فالبنوك بصفة عامة لهاعادات و تقاليد مكتسبة في شأن الضمانات, كما أن تجاربها المتراكمة في هذا الميداننجعلها قادرة على تحديد قيمة الضمان المطلوب حسب طبيعة كل نوع من أنواع القروض, وفي هذا المجال ليس هناك أحسن من وجهة نظر البنك طبعا, من أن تكون قيمة الضمانمساوية لمبلغ القرض, بحيث يسمح له ذلك بانتظار موعد التسديد في طمأنينة, و لكن ذلكأمر نسبي بطبيعة الحال.
كما أن هناك اعتبارات أخرى تدخل في تحديد قيمة الضمان وهي ترتبط بالشخص أو المؤسسة التي تطلب التمويل, فالمؤسسة التي تتمتع بسمعة جيدة فيالسوق قد تكون الضمانات المطلوبة منها لاتخضع إلا لاعتبارات شكلية. كما أن أي شخصلا يمكنه أن يعطي ضمانات إلا في حدود ما يملك, وقد يدفع عدم كفاية ما يملك إلىاللجوء إلى أطراف أخرى لضمانه أمام البنك.
و قيمة الضمانات المطلوبة كما قلناسابقا, أمر نسبي إلى حدّ بعيد, خاصة فيما يتعلق ببعض أنواع الضمانات, فالضمانالمطلوب في الوقت الراهن قد تكون قد تكون قيمته في المستقبل مختلفة تماماً عن قيمتهالآن.
فاحتمال أن يفقد هذا الضمان جزء من قيمته أمر وارد جدا, فإذا كان موضوعهذا الضمان يتمثل على سبيل المثال في سمعة المؤسسة, فإن تدهور هذه السمعة لأي سببمن الأسباب سوف يؤدي إلى تدهور قيمة الضمان. و هناك مثال آخر يعكس هذه القضية بشكلأفضل, و هو الحال التي تكون فيها الضمان عبارة عن قيم منقولة (أسهم و سندات), فإذاتدهورت أسعار هذه القيم في البورصة, فهذا يعني أن قيمتها الحقيقية أصبحت أقل منقيمتها الإسمية مما يؤدي إلى فقدان الضمان لجزء من قيمته, و لهذه الاعتبارات, يعتبرتحديد قيمة الضمانات أمر هام و نسبي في ذات الوقت, فهو أمر هام لأنه يضع البنك فيمأمن ضد الأخطار المحتملة, و هو أمر نسبي لأن هذه القيمة من المحتمل أن تعتريها بعضالتغيرات في المستقبل و هي بحوزة البنك.
-3-i اختيار الضمانات:
تعتبر عمليةاختيار الضمانات مشكل من المشاكل التي تواجه البنك في قضية الضمانات, و في الحقيقةسمحت التجارب البنكية و العرف البنكي المتولد عنها إلى خلق عادات و صيغ لاختيارالضمانات, وتتركز هذه الصيغ بالخصوص على الربط بين أشكال الضمانات المطلوبة و مدةالقرض المتوجهة لتغطيته.
و في هذا المجال, و إذا كان الأمر يتعلق بقروض قصيرةالأجل, حيث آجال التسديد قريبة و احتمالات تغير الوضع الراهن للمؤسسة ضعيفة و يمكنتوقعها بشكل أفضل, كما أن هذه القروض ليست بالكبيرة, في هذه الحالة يمكن أن يكتفيالبنك بطلب تسبق على البضائع أو كفالته من طرف شخص آخر كضمان.
و لكن عندما يتعلقالأمر بالقروض متوسطة و طويلة الأجل حيث آجال التسديد بعيدة و تطورات المستقبل غيرمتحكم فيها تماماً, فإن البنك يمكن أن تكون هذه الضمانات يتوافق مع طبيعة القرض, ويمكن أن تكون هذه الضمانات متجسدة في أشياء ملموسة, و ذات قيمة و تأخذ شكل رهن هذهالأشياء و أهم أنواع هذه الضمانات هي الرهن العقاري.
-ii أنواعالضمانات:
-1-ii الضمانات الشخصية:
يتم الضمان الشخصي بتدخل شخص آخر خلافالمقترض و تعهد بسداد القرض (رأس مال المقترض و الفوائد المترتبة و كذا تكلفةالقرض), و في حالة توقف المدين عن الدفع البنك يمكن الرجوع على الفرد الضامن، هذاالأخير يعد البنك بتسديد المدين في حالة عدم قدرته على الوفاء بالتزاماته في تاريخالاستحقاق, و على هذا الأساس فالضمان الشخصي لا يمكن أن يقوم به المدين شخصيا, ولكن يتطلب ذلك تدخل شخص ثالث للقيام بدور الضامن, و في إطار الممارسة, يمكن أن نميزنوعين من الضمانات الشخصية: الكفالـة و الضمـان الاحتياطي.
-1-1-ii الكفالـة:
الكفالة هي نوع من الضمانات الشخصية, التي يلتزم بموجبها شخص معينبتنفيذ التزامات المدين تجاه البنك إذ لم يستطع الوفاء بهذه الالتزامات عند حلولآجال الاستحقاق.
و من الواضح أن الكفالة هي فعل حالي هدفه هو الاحتياط ضدالاحتمالات سيئة في المستقبل, و لا يمكن أن يتدخل الكافل بشكل فعلي إلا إذا تحققتهذه الاحتمالات السيئة و المتمثلة في عدم تمكن المدين على الوفاء بالتزاماته اتجاهالبنك.
و نظرا لأهمية الكفالة كضمان شخصي ينبغي أن يعطي له اهتمام كبير, و يتطلبأن يكون ذلك مكتوبا و متضمناً طبية الالتزام بدقة ووضوح, و ينبغي أن يمس هذا الوضوحكل الجوانب الأساسية للالتزام و المتمثلة على وجه الخصوص ي العناصر التالية:
- موضوع الضمان.
- مدة الضمان.
- الشخص المدين.(الشخص المكفول).
- الشخصالكافل
- أهمية و حدود الالتزام.
و عليه, تبقى الكفالة عبارة عن فعل رضائيووحيد الجانب, و يتمثل وجه الرضائية في أن قبول دور الكافل لا يخضع إلى أي شكل منالأشكال القانونية و المألوفة, كما أن عنصر أحادية الجانب ينعكس في أن اتفاقالكفالة لا يحرر إلا في نسخة واحدة.
و من جهة أخرى, و نظرا لأهمية موضوعالكفالة, تجبر الأنظمة المختلفة البنوك على ضرورة إعلام المدين بمبلغ الدين محلالالتزام و آجاله و ذلك خلال كل فترة معينة. و يمكن أن تسلط بعض العقوبات علىالبنوك التي لا تلتزم بهذا الأمر, و من الواضح أن مثل هذا الإجراء يهدف إلى تفاديالكثير من المنازعات الناجمة عن سوء التفاهم بين البنوك و الكفلاء.
-2-1-ii الضمان الاحتياطي:
– تعريف الضمان الاحتياطي:
تعريف أول:
في كثير منالأحيان يقوم الشخص بتحرير الورقة التجارية إلى شخص آخر و يرفض المستفيد أو المظهرإليه (الحامل الشرعي) قبول استلام هذه الورقة, وذلك لضعف الثقة المالية لديه عندالشخص (المضمون) لذلك يطلب من الشخص الذي ظهر الورقة التجارية إليه تأميناً لكييقبلها و يطمئن إلى وفاء الورقة التجارية, و هذا التأمين يكون إما رهناً يسلمه إليهأو كفالة شخصية, و هذه الكفالة هي التي أطلق عليها الضمان الاحتياطي.
يقدمالضمان الاحتياطي عادة, عندما يكون هناك توقيع ضعيف أو مشكوك فيه, فيأتي الضامنالاحتياطي لتقوية الثقة لدى الحامل, فالضمان الاحتياطي إذن من ضمانات الورقةالتجارية, و يمنحها الثقة كما أنه يسهل تداول الورقة التجارية, و خاصة إذا كانالكفيل مصرفاً أو مؤسسة مالية حيث أن هذا الضمان يجعل الورقة التجارية تتداولبسهولة كتداول النقود الورقية إلى حدّ ما.
و الضمان الاحتياطي يجوز في جميعالأوراق التجارية إلا أنه في الشيكات قليل الوقوع, و ذلك لأنها تسحب عادة علىالمصارف.
تعريف 02:
"يعتبر الضمان الاحتياطي من بين الضمانات الشخصية علىالقروض, و يمكن تعريفه على أنه إلتزام مكتوب من طرف شخص معين يتعهد بموجبه علىالتسديد".
و بناءاً على هذا التعريف, يمكن استنتاج أن الضمان الاحتياطي هو شكلمن أشكال الكفالة, و يختلف عنها في كونه يطبق فقط في حالة الديون المرتبطة بالأوراقالتجارية.
و الأوراق التجارية التي يمكن أن تسري عليها هذا النوع من الضمانتتمثل في ثلاث أوراق هي: السند لأمـر, السفتجة و الشيكات, و الهدف من هذه العمليةهو ضمان تحصيل الورقة في تاريخ الاستحقاق. وعليه, فإن هذا الضمان يمكن أن يقدم منطرف الغير أو حتى من طرف الغير أو حتى من طرف الموقعين على الورقة, و يسمى هذاالشخص "ضامن الوفـاء".
كما يختلف الضمان الاحتياطي عن الكفالة في وجهين آخرين: فالضمان الاحتياطي هو التزام تجاري بالدرجة الأولى حتى لو كان مانح الضمان غيرتاجر. و السبب في ذلك هو أن العمليات التي تهدف الأوراق محل الضمان إلى إثباتها هيعمليات تجارية. و يتمثل وجه الاختلاف الثاني في أن الضمان الاحتياطي يكون صحيحاً ولو كان الالتزام الذي ضمنه باطلاً ما لم يعتريه عيب في الشكل.
تعاريف أخرى:
ذهب قسم من الفقهاء في تعريفهم إلى أن الضمان الاحتياطي يعتبر عقداً, و ذهبالقسم الأخر إلى أنه تعهد, و آخرون قالو عنه تصرف بإرادة منفردة, و قسم آخر قالوعنه أنه كفالة, و إلى غير ذلك من التعاريف التي قيلت في الضمان الاحتياطي.
فالذياعتبر الضمان الاحتياطي عقدا اقتصر هذا الضمان على الشخص الأجنبي, و استبعد من أنيكون الضامن الاحتياطي من بين الموقعين على الورقة التجارية. و عرف الضمانالاحتياطي من أنه "العقد الذي يلتزم بموجبه شخص من الغير بدفعه قيمة السند في ميعادالاستحقاق في حالة عدم الوفاء من الملتزم المضمون". و يشمل الغير هنا كل شخص لميتدخل في السند لا بصفته مدين أو محيل, و نرى قصور في هذا التعريف في الوصول إلىحقيقة الضمان الاحتياطي, و ذلك لأنه قصر على الضمان على الشخص الأجنبي, في حين أنهيجوز أن يكون الضامن الاحتياطي من بين أحد الملتزمين بالورقة التجارية إذا كان فيضمانته فائدة.
أما الذي عرف الضمان بأنه تعهـد فقد قال عنه " بأنه التعهد الذييلتزم بموجبه شخص بوفاء قيمة السفتجة عندما يتقاعس المدين عن الوفاء", إن صاحب هذاالتعريف حصر الضمان بالشخص الأجنبي أيضاً, و يقول أن الاجتهاد أجاز أن يكون الضامنالاحتياطي من بين الموقعين على الورقة التجارية و الغرض من ذلك لزيادة الثقة لدىحامل تلك الورقة.
و قد عرف الضمان الاحتياطي أيضا بأنه تصرف قانوني بإرادةمنفردة هي إرادة الضامن الاحتياطي يرتب التزاماً في ذمته بضمان قبول الورقةالتجارية و ضمان الوفاء بها إلى الحامل على وجه التضامن مع الموقعين متى امتنعالمدين الأصلي عن الوفاء.
أما الذي اعتبر الضمان الاحتياطي كفالة أو نوعاً منالكفالة فقد عرفه: " بأنه كفالة أحد الموقعين على السفتجة والموقعين اللاحقين فيالوفاء بمبلغها عند استحقاقها و يسمى الكفيل فيها الضامن الاحتياطي". و عرفتبالمعنى نفسه حيث قيل عنه كفالة معطاة من قبل شخص نسميه مانح الضمان و ذلك لمصلحةالموقع على الورقة و الذي نسميه المضمون, و في أكثر الأحيان يمنح بواسطة شخص تكونملاءمته أكيدة و بذلك لا يتأخر الشخص عن قبول الضامن الممنوح من قبل مصرفكبير.
و عرف الضمان الاحتياطي أيضا أنه كفالة صرفية يقدمها الضامن الاحتياطيالذي يكفل بمقتضاها أحد الموقعين على الورقة التجارية في التزامه بضمان القبول أوالوفاء أو كلاهما.
و نرى أن هذه التعاريف هي أقرب من غيرها إلى الضمانالاحتياطي, و مع ذلك فنحن نرى أن هذه الكفالة هي نوع خاص, حيث يجوز أن تكون بمقابلأو بدون مقابل بعكس الحال في الكفالة المدنية التي تقوم عادة على السداد المعروف, والكفالة التجارية تكون عادة بمقابل.
بعض الاعتبارات المتعلقة بالضمانات البنكية:
-1-i مفهومالضمانات البنكية:
تعتبر الضمانات البنكية وسيلة من خلالها يمكن للمتعاملينتقديمها, للحصول على قروض من البنك, هذا من جهة, و من جهة أخرى, فهي أداة إثبات حقالبنك إلى الحصول على أمواله التي اقرضها بالطريقة القانونية, وذلك في حالة عدمتسديد العملاء أو الزبائن لديونهم.
و قد لجأت المصارف إلى زيادة استعمالالضمانات في السنوات الأخيرة للأسباب التالية:
1- قلة اهتمام بعض المؤسساتالتجارية و الصناعية بالمحافظة على السمعة و حسن التعامل, مما يضطر المصرف إلى طلبهذه الضمانات.
2- كبر حجم العمليات الإئتمانية, بالنسبة إلى مالية المتعاملنتيجة لبعض الظروف الاقتصادية التي طرأت مؤخراً مثل برنامج التنمية و ما تستتبعه مننشاط اقتصادي متزايد, و الغلاء, و ما ينتج عنه من انخفاض القدرة الشرائية النقدالوطني, فيزداد حجم الكتلة النقدية الواجب صرفها على الواردات.
كما يعتبر الخطرعنصراً ملازما للقرض, لا يمكن بأي حال من الأحوال إلغاؤه بصفة نهائية, أو استبعادإمكانية حدوثه مادامت هناك فترة انتظار قبل حلول أجال استرداده. و لذلك, يجب علىالبنك أن يتعامل مع هذا الواقع بشكل حذر, و أن يقرأ المستقبل قراءة جيدة.
و أمامهذا الواقع الذي لا يمكن تجنبه, و من أجل زيادة الاحتفاظ قد يلجأ البنك فضلاً عنالدراسات السابق, إلى طلب ضمانات كافية من المؤسسات التي تطلب القرض, و سوف نلاحظأن هذه الضمانات ذات أهمية كبرى بالنسبة للبنك خاصة عندما يتعلق الأمر بالقروضطويلة الأجل. فالأمر هنا لا يقتصر فقط على القيام بدراسة و تحليل وثائق المؤسسة وقراءة أرقامها, و إنما يتمثل الأمر في طلب أشياء ملموسة وذات قيمة كضمان قبل منحالقرض.
و في الواقع تختلف طبيعة الضمانات التي يطلبها البنك و الأشكال التي يمكنأن تأخذها, و تتحدد طبيعة هذه الأشياء بما يمكن أن تقدمه هذه المؤسسة.
-2-i قيمة الضمان:
إن طلب الضمانات من قبل البنك, يفتح الباب لتساؤل حول العديد منالمسائل المرتبطة بهذه الضمانات, و من بين هذه التساؤلات, قيمة الضمان.
فعندمايقدم البنك على طلب ضمان من المؤسسة التي تريد أن تقترض منه, فهو يصطدم بمشكلة أولىهي ما قيمـة هـذا الضمـان ؟ وفي الواقع لا يمكن أن ننتظر إجابة قاطعة في هذا الخصوصباعتبار أنه لا يوجد قانونا يحدد هذه القيمة. و مع ذلك, يمكننا أن نتصور بأن قيمةهذا الضمان لا يمكن أن تتجاوز مبلغ القرض المطلوب.
و على هذا الأساس, يمكننا أننرجع تحديد قيمة الضمان إلى بعض الاعتبارات التي تساعد البنك على القيام بهذهالخطوة. و أولى هذه الاعتبارات هي ما يتعلق بالعرف البنكي, فالبنوك بصفة عامة لهاعادات و تقاليد مكتسبة في شأن الضمانات, كما أن تجاربها المتراكمة في هذا الميداننجعلها قادرة على تحديد قيمة الضمان المطلوب حسب طبيعة كل نوع من أنواع القروض, وفي هذا المجال ليس هناك أحسن من وجهة نظر البنك طبعا, من أن تكون قيمة الضمانمساوية لمبلغ القرض, بحيث يسمح له ذلك بانتظار موعد التسديد في طمأنينة, و لكن ذلكأمر نسبي بطبيعة الحال.
كما أن هناك اعتبارات أخرى تدخل في تحديد قيمة الضمان وهي ترتبط بالشخص أو المؤسسة التي تطلب التمويل, فالمؤسسة التي تتمتع بسمعة جيدة فيالسوق قد تكون الضمانات المطلوبة منها لاتخضع إلا لاعتبارات شكلية. كما أن أي شخصلا يمكنه أن يعطي ضمانات إلا في حدود ما يملك, وقد يدفع عدم كفاية ما يملك إلىاللجوء إلى أطراف أخرى لضمانه أمام البنك.
و قيمة الضمانات المطلوبة كما قلناسابقا, أمر نسبي إلى حدّ بعيد, خاصة فيما يتعلق ببعض أنواع الضمانات, فالضمانالمطلوب في الوقت الراهن قد تكون قد تكون قيمته في المستقبل مختلفة تماماً عن قيمتهالآن.
فاحتمال أن يفقد هذا الضمان جزء من قيمته أمر وارد جدا, فإذا كان موضوعهذا الضمان يتمثل على سبيل المثال في سمعة المؤسسة, فإن تدهور هذه السمعة لأي سببمن الأسباب سوف يؤدي إلى تدهور قيمة الضمان. و هناك مثال آخر يعكس هذه القضية بشكلأفضل, و هو الحال التي تكون فيها الضمان عبارة عن قيم منقولة (أسهم و سندات), فإذاتدهورت أسعار هذه القيم في البورصة, فهذا يعني أن قيمتها الحقيقية أصبحت أقل منقيمتها الإسمية مما يؤدي إلى فقدان الضمان لجزء من قيمته, و لهذه الاعتبارات, يعتبرتحديد قيمة الضمانات أمر هام و نسبي في ذات الوقت, فهو أمر هام لأنه يضع البنك فيمأمن ضد الأخطار المحتملة, و هو أمر نسبي لأن هذه القيمة من المحتمل أن تعتريها بعضالتغيرات في المستقبل و هي بحوزة البنك.
-3-i اختيار الضمانات:
تعتبر عمليةاختيار الضمانات مشكل من المشاكل التي تواجه البنك في قضية الضمانات, و في الحقيقةسمحت التجارب البنكية و العرف البنكي المتولد عنها إلى خلق عادات و صيغ لاختيارالضمانات, وتتركز هذه الصيغ بالخصوص على الربط بين أشكال الضمانات المطلوبة و مدةالقرض المتوجهة لتغطيته.
و في هذا المجال, و إذا كان الأمر يتعلق بقروض قصيرةالأجل, حيث آجال التسديد قريبة و احتمالات تغير الوضع الراهن للمؤسسة ضعيفة و يمكنتوقعها بشكل أفضل, كما أن هذه القروض ليست بالكبيرة, في هذه الحالة يمكن أن يكتفيالبنك بطلب تسبق على البضائع أو كفالته من طرف شخص آخر كضمان.
و لكن عندما يتعلقالأمر بالقروض متوسطة و طويلة الأجل حيث آجال التسديد بعيدة و تطورات المستقبل غيرمتحكم فيها تماماً, فإن البنك يمكن أن تكون هذه الضمانات يتوافق مع طبيعة القرض, ويمكن أن تكون هذه الضمانات متجسدة في أشياء ملموسة, و ذات قيمة و تأخذ شكل رهن هذهالأشياء و أهم أنواع هذه الضمانات هي الرهن العقاري.
-ii أنواعالضمانات:
-1-ii الضمانات الشخصية:
يتم الضمان الشخصي بتدخل شخص آخر خلافالمقترض و تعهد بسداد القرض (رأس مال المقترض و الفوائد المترتبة و كذا تكلفةالقرض), و في حالة توقف المدين عن الدفع البنك يمكن الرجوع على الفرد الضامن، هذاالأخير يعد البنك بتسديد المدين في حالة عدم قدرته على الوفاء بالتزاماته في تاريخالاستحقاق, و على هذا الأساس فالضمان الشخصي لا يمكن أن يقوم به المدين شخصيا, ولكن يتطلب ذلك تدخل شخص ثالث للقيام بدور الضامن, و في إطار الممارسة, يمكن أن نميزنوعين من الضمانات الشخصية: الكفالـة و الضمـان الاحتياطي.
-1-1-ii الكفالـة:
الكفالة هي نوع من الضمانات الشخصية, التي يلتزم بموجبها شخص معينبتنفيذ التزامات المدين تجاه البنك إذ لم يستطع الوفاء بهذه الالتزامات عند حلولآجال الاستحقاق.
و من الواضح أن الكفالة هي فعل حالي هدفه هو الاحتياط ضدالاحتمالات سيئة في المستقبل, و لا يمكن أن يتدخل الكافل بشكل فعلي إلا إذا تحققتهذه الاحتمالات السيئة و المتمثلة في عدم تمكن المدين على الوفاء بالتزاماته اتجاهالبنك.
و نظرا لأهمية الكفالة كضمان شخصي ينبغي أن يعطي له اهتمام كبير, و يتطلبأن يكون ذلك مكتوبا و متضمناً طبية الالتزام بدقة ووضوح, و ينبغي أن يمس هذا الوضوحكل الجوانب الأساسية للالتزام و المتمثلة على وجه الخصوص ي العناصر التالية:
- موضوع الضمان.
- مدة الضمان.
- الشخص المدين.(الشخص المكفول).
- الشخصالكافل
- أهمية و حدود الالتزام.
و عليه, تبقى الكفالة عبارة عن فعل رضائيووحيد الجانب, و يتمثل وجه الرضائية في أن قبول دور الكافل لا يخضع إلى أي شكل منالأشكال القانونية و المألوفة, كما أن عنصر أحادية الجانب ينعكس في أن اتفاقالكفالة لا يحرر إلا في نسخة واحدة.
و من جهة أخرى, و نظرا لأهمية موضوعالكفالة, تجبر الأنظمة المختلفة البنوك على ضرورة إعلام المدين بمبلغ الدين محلالالتزام و آجاله و ذلك خلال كل فترة معينة. و يمكن أن تسلط بعض العقوبات علىالبنوك التي لا تلتزم بهذا الأمر, و من الواضح أن مثل هذا الإجراء يهدف إلى تفاديالكثير من المنازعات الناجمة عن سوء التفاهم بين البنوك و الكفلاء.
-2-1-ii الضمان الاحتياطي:
– تعريف الضمان الاحتياطي:
تعريف أول:
في كثير منالأحيان يقوم الشخص بتحرير الورقة التجارية إلى شخص آخر و يرفض المستفيد أو المظهرإليه (الحامل الشرعي) قبول استلام هذه الورقة, وذلك لضعف الثقة المالية لديه عندالشخص (المضمون) لذلك يطلب من الشخص الذي ظهر الورقة التجارية إليه تأميناً لكييقبلها و يطمئن إلى وفاء الورقة التجارية, و هذا التأمين يكون إما رهناً يسلمه إليهأو كفالة شخصية, و هذه الكفالة هي التي أطلق عليها الضمان الاحتياطي.
يقدمالضمان الاحتياطي عادة, عندما يكون هناك توقيع ضعيف أو مشكوك فيه, فيأتي الضامنالاحتياطي لتقوية الثقة لدى الحامل, فالضمان الاحتياطي إذن من ضمانات الورقةالتجارية, و يمنحها الثقة كما أنه يسهل تداول الورقة التجارية, و خاصة إذا كانالكفيل مصرفاً أو مؤسسة مالية حيث أن هذا الضمان يجعل الورقة التجارية تتداولبسهولة كتداول النقود الورقية إلى حدّ ما.
و الضمان الاحتياطي يجوز في جميعالأوراق التجارية إلا أنه في الشيكات قليل الوقوع, و ذلك لأنها تسحب عادة علىالمصارف.
تعريف 02:
"يعتبر الضمان الاحتياطي من بين الضمانات الشخصية علىالقروض, و يمكن تعريفه على أنه إلتزام مكتوب من طرف شخص معين يتعهد بموجبه علىالتسديد".
و بناءاً على هذا التعريف, يمكن استنتاج أن الضمان الاحتياطي هو شكلمن أشكال الكفالة, و يختلف عنها في كونه يطبق فقط في حالة الديون المرتبطة بالأوراقالتجارية.
و الأوراق التجارية التي يمكن أن تسري عليها هذا النوع من الضمانتتمثل في ثلاث أوراق هي: السند لأمـر, السفتجة و الشيكات, و الهدف من هذه العمليةهو ضمان تحصيل الورقة في تاريخ الاستحقاق. وعليه, فإن هذا الضمان يمكن أن يقدم منطرف الغير أو حتى من طرف الغير أو حتى من طرف الموقعين على الورقة, و يسمى هذاالشخص "ضامن الوفـاء".
كما يختلف الضمان الاحتياطي عن الكفالة في وجهين آخرين: فالضمان الاحتياطي هو التزام تجاري بالدرجة الأولى حتى لو كان مانح الضمان غيرتاجر. و السبب في ذلك هو أن العمليات التي تهدف الأوراق محل الضمان إلى إثباتها هيعمليات تجارية. و يتمثل وجه الاختلاف الثاني في أن الضمان الاحتياطي يكون صحيحاً ولو كان الالتزام الذي ضمنه باطلاً ما لم يعتريه عيب في الشكل.
تعاريف أخرى:
ذهب قسم من الفقهاء في تعريفهم إلى أن الضمان الاحتياطي يعتبر عقداً, و ذهبالقسم الأخر إلى أنه تعهد, و آخرون قالو عنه تصرف بإرادة منفردة, و قسم آخر قالوعنه أنه كفالة, و إلى غير ذلك من التعاريف التي قيلت في الضمان الاحتياطي.
فالذياعتبر الضمان الاحتياطي عقدا اقتصر هذا الضمان على الشخص الأجنبي, و استبعد من أنيكون الضامن الاحتياطي من بين الموقعين على الورقة التجارية. و عرف الضمانالاحتياطي من أنه "العقد الذي يلتزم بموجبه شخص من الغير بدفعه قيمة السند في ميعادالاستحقاق في حالة عدم الوفاء من الملتزم المضمون". و يشمل الغير هنا كل شخص لميتدخل في السند لا بصفته مدين أو محيل, و نرى قصور في هذا التعريف في الوصول إلىحقيقة الضمان الاحتياطي, و ذلك لأنه قصر على الضمان على الشخص الأجنبي, في حين أنهيجوز أن يكون الضامن الاحتياطي من بين أحد الملتزمين بالورقة التجارية إذا كان فيضمانته فائدة.
أما الذي عرف الضمان بأنه تعهـد فقد قال عنه " بأنه التعهد الذييلتزم بموجبه شخص بوفاء قيمة السفتجة عندما يتقاعس المدين عن الوفاء", إن صاحب هذاالتعريف حصر الضمان بالشخص الأجنبي أيضاً, و يقول أن الاجتهاد أجاز أن يكون الضامنالاحتياطي من بين الموقعين على الورقة التجارية و الغرض من ذلك لزيادة الثقة لدىحامل تلك الورقة.
و قد عرف الضمان الاحتياطي أيضا بأنه تصرف قانوني بإرادةمنفردة هي إرادة الضامن الاحتياطي يرتب التزاماً في ذمته بضمان قبول الورقةالتجارية و ضمان الوفاء بها إلى الحامل على وجه التضامن مع الموقعين متى امتنعالمدين الأصلي عن الوفاء.
أما الذي اعتبر الضمان الاحتياطي كفالة أو نوعاً منالكفالة فقد عرفه: " بأنه كفالة أحد الموقعين على السفتجة والموقعين اللاحقين فيالوفاء بمبلغها عند استحقاقها و يسمى الكفيل فيها الضامن الاحتياطي". و عرفتبالمعنى نفسه حيث قيل عنه كفالة معطاة من قبل شخص نسميه مانح الضمان و ذلك لمصلحةالموقع على الورقة و الذي نسميه المضمون, و في أكثر الأحيان يمنح بواسطة شخص تكونملاءمته أكيدة و بذلك لا يتأخر الشخص عن قبول الضامن الممنوح من قبل مصرفكبير.
و عرف الضمان الاحتياطي أيضا أنه كفالة صرفية يقدمها الضامن الاحتياطيالذي يكفل بمقتضاها أحد الموقعين على الورقة التجارية في التزامه بضمان القبول أوالوفاء أو كلاهما.
و نرى أن هذه التعاريف هي أقرب من غيرها إلى الضمانالاحتياطي, و مع ذلك فنحن نرى أن هذه الكفالة هي نوع خاص, حيث يجوز أن تكون بمقابلأو بدون مقابل بعكس الحال في الكفالة المدنية التي تقوم عادة على السداد المعروف, والكفالة التجارية تكون عادة بمقابل.