ماذا قالت العرب في العشق والحب العذري ??

الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.

abdelmalek88

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
4 أوت 2008
المشاركات
1,387
نقاط التفاعل
4
النقاط
37
نتساءل أحياناً, ما الحب؟

ويبدو السؤال ساذجاً, هنا, إذ لا يوجد من لا يعرف هذه الصعقة الكهربائية الوسيمة التي تجعل القلب يضطرب هلعاً من رؤية الجمال, غير أن هذا العالم الشاسع الجميل, ابعد من أن يكون رعشة عفوية تصيب القلب, وتجعل الدم وردياً متصارخاً في الشرايين, فمن منا لا يعرف هؤلاء (الدراويش) المتيمين الذين مضوا بعواطفهم إلى اختراق الخط الأحمر الذي يفصل بين العقل والجنون, ورغم ذلك فقد سجلوا حضوراً صاخباً في التأريخ, ومن هؤلاء, (جميل بن معمر الملقب بإمام المحبين, قيس بن الملوح مجنون ليلى- عروة بن حزام, صاحب عفراء, وقيس بن ذريح صاحب لبنى, وابن زيدون صاحب ولاّدة, وكثير عزة, وعباس بن الأحنف) وغيرهم.


يذكر صاحب كتاب الزهرة ان الحب شيء يختص به قوم برقة طبائعهم, وتآلف ارواحهم, فمن كا ن مثلهم يعذرهم, ومن خرج عن حدهم هان قوله.

ويذكر ان ابن نوفل سئل مرة: هل يسلم احد من العشق, فقال:


(نعم, الجلف الجافي الذي لا فضل له ولا عنده فهم, اما من في طبعه ادنى ظرف, او معه دماثة اهل الحجاز, وظرف اهل العراق فهيهات) (نهاية الأرب).

ويذكر ابن قتيبة في الشعر والشعراء, ان قلوب العشاق رقيقة كأنها قلوب الطير تنماث كما ينماث الملح في الماء, وهم ينظرون الى جمال محاجر اعين لا ينظر اليها الاخرون, ويستجيبون للحب استجابة لا يقدر عليها غيرهم, واستجابتهم للحب وسلوكهم حيال المرأة وتعبيرهم عن مشاعرهم, كلها امور يفضلون بها ويتفاخرون بها فيما بينهم.


ويورد السراج في (مصارع العشاق) قول حكيم لتلاميذه, اعشقوا, فإن العشق يطلق اللسان العيي, ويفتح حيلة البليد, ويبعث على التنظيف وتحسن اللباس, وتطيب المطعم, ويدعو الى الحركة والذكاء وتشريف الهمة, وإياكم والحرامة.

وقد اكد جميع من كتبوا في الحب من العرب اثر هذه العاطفة النبيلة في (تهذيب الخصال وتزكية الخلال ونمو الشخصية).
وقد اورد ابن حزم في (طوق الحمامة ) هذا حيث يقوله من خصال العاشق انه يجود ببذل كل ما كان يقدر عليه مما كان ممتنعاً قبل ذلك, (فكم من بخيل جاد, وقطوب تطلق, وجبان شجع, وغليظ طبع تظرف, وجاهل تأدب, وتفل تزين).


وتفرق العرب بين العشق العفيف الطاهر الورع وبين ما سواه.

وقد كتب العديد من العلماء في هذا, ومنهم ابن سينا في رسائله سيما (رسالة في العشق) حيث اورد قوله (ان من شأن العاقل الولوع بالمنظر الحسن من الناس, وقد يعد ذلك منه في بعض الأحيان تظرفاً وفتوة.)

ويحدد الشيخ الحب المختلف عن الفسق بقوله (وعشق الصورة الحسنة قد تتبعه أمور ثلاثة, أحدها حب معانقتها, والثاني حب تقبيلها, و(أما ما سواه), فلا ينساغ الا لرجل في امرأته).

ويؤكد هذا المعنى اعتراف جميل بن معمر العذري الذي ورد في (مصارع العشاق), والذي يدافع فيه عن طهر حبه بثينة, مؤكداً انه لم يمسها يوماً بريبة, فيقول:

(انا في اخر يوم من ايا م الدنيا, واول يوم من ايام الاخرة, فلا نالتني شفاعة محمد ان كنت وضعت يدي عليها بريبة قط, وان اكثر ما كان مني اليها اني كنت اخذ يدها واضعها على قلبي فأستريح).

ويؤكد جميل ذلك ايضاً في قوله:

وقال خليلي: ما لها إذ لقيتها غداة الشبا فيها عليك وجوم
فقلت له: إن المودة بيننا على غير فحش والصفاء قديم.



وما أروع جواب العذري الذي سئل مرة عن سبب موت قومه من الحب, إذ قال:


ذلك لأن في نسائنا صباحه, وفي فتياننا عفة.

ويذكر القالي في كتاب (الامالي) ان ليلى الاخيلية حبيبة توبة بن الحمير اقبلت على الحجاج يوما, وقد كبرت وشا بت, فسألها الحجاج وكان في سؤله ريبة ادركتها, هل رأيت منه شيئاً تكرهينه؟


قالت ليلى:
لا والله الذي اسأله ان يصلحك, ما رأيت منه شيئاً حتى فرق الموت بيني وبينه.


ويورد الاصفهاني في اغانيه حادثة جميل بن معمر حيث عبثت الريبة بقلب والد بثينة واخيها, فقصدا المعشوقة وقد اشتملا على سيفين عقب علمهما ان جميلاً عندها, وحين اقبلا, رأياه جالساً حجزة منها يحدثها ويشكوها بثه, واصغى الوالد والاخ الى احاديث العاشقين من حيث لا يعلمان, فتأكدا من سمو هذه العلاقة, وبعدها عن الفحش والمنكر وحينذاك قال ابوها لابنه: قم بنا, فما ينبغي لنا بعد اليوم ان نمنع هذا الرجل من لقائها.


هذا هو موجز العشق والعفة, وقد افردت المكتبة العربية القديمة الكثير من المؤلفات في هذا الشأن, واشهرها تزيين الاسواق بتفصيل اشواق العشاق للأنطاكي.
و(طوق الحمامة) لأبن حزم.
و(رسالة ابن سينا في العشق).
وكتاب (الزهرة) لأبن داود.
و(مصارع العشاق) للسراج.
و(الاغاني) لأبي فرج الاصفهاني.
و(خزانة البغدادي الامالي) لأبي علي القالي.
و(روضة المحبين ونزهة العشاق) لأبن الجوزية.
و(مشارق انوار القلوب) لأبن الدباغ.
و(الحب العذري) للجواري .
...
..
 
موضوع رائع يعطيك الصحة مشكور .
 
ردك اروع شكرا اختي على المرور
 
مشكورة على الرد الجميل
 
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
العودة
Top