د.سيد آدم
:: عضو مثابر ::
- إنضم
- 28 مارس 2014
- المشاركات
- 787
- نقاط التفاعل
- 472
- نقاط الجوائز
- 63
- آخر نشاط
(1) :
من اللافت للنظر ، في تطور الحضارة الإسلامية ، أن المشكلة النظرية ذات الصلة بموقف الدين من العلم لم تؤثر كثيراً في المماراسات الفعلية للعلم بين المسلمين ؛ فقد كانت الآراء تتعدد ، وربما تتقاطع / تتعارض على المستوى التنظيري ، ما يعني أنه قد كان هناك احتمالٌ ما بعدم قبول العقيدة الدينية الإسلامية ، بحسب بعض التفسيرات لها ، للعلم ، إلا أن هذا لم يمنع العلمَ ، والعلماءَ ، من مواصلة العمل والاستمرار في رصد النتائج وإحراز التقدم إثر التقدم .
ولم تكن الحضارة الإسلامية بدعةً في ذلك ؛ فقد حدث نفس الأمر في الحضارة الـ مسيحية ، حيث نعلم " قدْر " معارضة الكنيسة للتيار العلمي ، ومع ذلك لم تمنع هذه المعارضةُ العلمَ أن يتقدم وينجز نجاحاتٍ لولاها لما تنعّمْنا بالمنجزات العلمية المعاصرة .
في صدر الإسلام قامت إشكالية فلسفية دينية في آن ، وهي العلم والإيمان ، وقد تعرض لها علماء الكلام بالبحث العقلي ، فانتهى المعتزلة إلى ضرورة الاعتراف بأن للطبيعة قوانينَ ثابتةً تخضع للحتمية الدقيقة التي تسيّر الأحداث الطبيعية ... بل والاجتماعية ، وكان الطريف من العقل المعتزلي أنه ميّز بين علتين ليوفق بين مقتضيات الإيمان الديني والعلم ، وليقطع الطريق على من يرى في ذلك حداً للقدرة الإلهية : هناك علة أولى ، وهناك علة ثانية ، فالله ، تعالى ، هو العلة الأولى ( = العلة البعيدة ) للأشياء كلها ، والظواهر الطبيعية والاجتماعية علة ثانية ( = العلة القريبة ) وهي تدخل تحت الأطر العامة للخَلْق الإلهي ، وأعلن المعتزلة أن " البحث في الظواهر الطبيعية ، والاجتماعية ، بحسب مفردات العلم ، ومناهجه ، ليس خروجاً عن المقصد الإلهي ، بل هو تحقيقٌ له " .
وعلى الطرف الآخر ، وقفَ الأشاعرة ، وأهل السنة ، موقفَ النقيض من موقف المعتزلة ، فقد رفضوا القول بـ " طبائع ثابتة " للأشياء ، وأكدوا على ضرورة تبنّي مبدأ " التدخل الإلهي " ليس في الخلق الأول فقط ، بل ، أيضاً ، في المجرى التفصيلي لأحداث العالم الطبيعية والاجتماعية ، ما انعكس ، برأي البعض ، بالسلب على " استقلالية " العلم والعالِم .
وقد أثّرتْ هذه المواقفُ على البحث العلمي " الإسلامي " المعاصر .
يُتْبع ...
من اللافت للنظر ، في تطور الحضارة الإسلامية ، أن المشكلة النظرية ذات الصلة بموقف الدين من العلم لم تؤثر كثيراً في المماراسات الفعلية للعلم بين المسلمين ؛ فقد كانت الآراء تتعدد ، وربما تتقاطع / تتعارض على المستوى التنظيري ، ما يعني أنه قد كان هناك احتمالٌ ما بعدم قبول العقيدة الدينية الإسلامية ، بحسب بعض التفسيرات لها ، للعلم ، إلا أن هذا لم يمنع العلمَ ، والعلماءَ ، من مواصلة العمل والاستمرار في رصد النتائج وإحراز التقدم إثر التقدم .
ولم تكن الحضارة الإسلامية بدعةً في ذلك ؛ فقد حدث نفس الأمر في الحضارة الـ مسيحية ، حيث نعلم " قدْر " معارضة الكنيسة للتيار العلمي ، ومع ذلك لم تمنع هذه المعارضةُ العلمَ أن يتقدم وينجز نجاحاتٍ لولاها لما تنعّمْنا بالمنجزات العلمية المعاصرة .
في صدر الإسلام قامت إشكالية فلسفية دينية في آن ، وهي العلم والإيمان ، وقد تعرض لها علماء الكلام بالبحث العقلي ، فانتهى المعتزلة إلى ضرورة الاعتراف بأن للطبيعة قوانينَ ثابتةً تخضع للحتمية الدقيقة التي تسيّر الأحداث الطبيعية ... بل والاجتماعية ، وكان الطريف من العقل المعتزلي أنه ميّز بين علتين ليوفق بين مقتضيات الإيمان الديني والعلم ، وليقطع الطريق على من يرى في ذلك حداً للقدرة الإلهية : هناك علة أولى ، وهناك علة ثانية ، فالله ، تعالى ، هو العلة الأولى ( = العلة البعيدة ) للأشياء كلها ، والظواهر الطبيعية والاجتماعية علة ثانية ( = العلة القريبة ) وهي تدخل تحت الأطر العامة للخَلْق الإلهي ، وأعلن المعتزلة أن " البحث في الظواهر الطبيعية ، والاجتماعية ، بحسب مفردات العلم ، ومناهجه ، ليس خروجاً عن المقصد الإلهي ، بل هو تحقيقٌ له " .
وعلى الطرف الآخر ، وقفَ الأشاعرة ، وأهل السنة ، موقفَ النقيض من موقف المعتزلة ، فقد رفضوا القول بـ " طبائع ثابتة " للأشياء ، وأكدوا على ضرورة تبنّي مبدأ " التدخل الإلهي " ليس في الخلق الأول فقط ، بل ، أيضاً ، في المجرى التفصيلي لأحداث العالم الطبيعية والاجتماعية ، ما انعكس ، برأي البعض ، بالسلب على " استقلالية " العلم والعالِم .
وقد أثّرتْ هذه المواقفُ على البحث العلمي " الإسلامي " المعاصر .
يُتْبع ...