قمة الغير معنيين..!!

الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.

عمار صادق

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
14 فيفري 2009
المشاركات
2,585
نقاط التفاعل
17
النقاط
77
بعض الأحداث العالمية لا تأخذ مساحتها الكافية في ذاكرتنا الإعلامية، وبالتالي لا تأخذ في وعينا الجماعي أهميتها الكاملة، وهكذا تمر ـ رغم خطورتها ـ دون أن تترك أثرا فينا، اللهم إلا المخاطر التي نجنيها فيما بعد.
هكذا بدت لي قمة كوبنهاغن حول البيئة، أو بالضبط حول التغيرات المناخية التي أغرقت العالم خلال العشرين سنة الماضية في فيضانات وزلازل وانقراض كائنات وظهور أمراض وفساد الهواء والماء والكثير من غلال الطبيعة التي يتغذى عليها البشر منذ آلاف السنين.
نحن نبدو غير معنيين بما يحدث في قمة كوبنهاغن، أي في قمة المستقبل، حيث يتحدد بصعوبة بالغة مصير البشرية، وتتدافع مصالح الدول الكبرى، وأمخاخ بعض العلماء والعارفين بخفايا البيئة للوصول إلى حلول تحفظ النوع البشري من الانقراض وتحفظ الأرض كمكان لا يزال صالحا لإقامة الإنسان... لكن تلك المعركة الشرسة بعيدة عنا بُعد كوبنهاغن عن الجزائر.
دعونا نذكر بعضنا البعض، فمنذ فيضانات باب الواد إلى فيضانات غرداية، وبينهما كثير من الموتى والخسائر في العديد من الكوارث الطبيعية التي مست بلدنا خلال السنوات العشر الأخيرة، هي تعبير ملموس عن غضب هذه الطبيعة مما يحدث لها في كل مكان في العالم، خاصة في البلدان الصناعية، ومنها بلدان إنتاج النفط، حيث أصبح ثاني أوكسيد الكربون هو الأكسجين المتاح للتنفس، والكثير من فضلات المداخن هي المادة التي نبتلعها مع كل شهيق يملأ رئتينا.
صحيح أن الدرس الأول الذي يلقنونه لأبنائنا في مطلع كل سنة هو درس البيئة، لكن ماذا يعرف أطفالنا حقيقة عن حماية البيئة والحفاظ على نظافة مجال حياتهم؟ بل ماذا يعرف كبار السن وأغلبهم يعانون من أمراض مزمنة، ويموت خمسون منهم يوميا بمختلف أنواع السرطانات دون أن تتحرك الدولة لتقصي أسباب هذا الموت المبكر؟
سأترك نقاشات وخلافات المشاركين في قمة كوبنهاغن والتي ستحسم في قمة أخرى في أمريكا اللاتينية بعد ستة أشهر تقريبا، ونعود إلى النقاشات الخافتة التي تدور في كواليس الدولة الجزائرية دون أن يفصح عنها أحد لأسباب تتعلق بذكاء (وليس بمصالح) بعض رجال هذه الدولة. فخلال السنوات العشر الماضية ارتفعت أصوات خبراء، ومنهم أطباء بدرجة بروفسور، للتحذير من مخاطر بناء مصانع وورشات قريبة من المدن لأنها تقتل الجزائريين يوميا بمخلفاتها في الهواء. ومنذ سنتين صرحت إحدى المسؤولات الأوروبيات، عقب زيارتها الرسمية لبلدنا، أن الجزائر من أكثر العواصم وسخا في العالم. ومنذ أسبوع شاهدنا على قناة فرانس 24 تحقيقا حول شواطئنا وهي أشبه ما تكون بمفرغة قمامة عمومية رغم أن صحفيي هذه القناة اعتبروها من أجمل شواطئ البحر الأبيض المتوسط.
علاوة على هذه المصائب البيئية، نجد أن الماء الذي نشربه لا يتميز بعلامات الصحة الكافية، فالسدود في الجزائر لا تتوفر على حماية أو تسييج طبيعي كاف مما يجعلها عرضة لكل أنواع الأوساخ ومنها جثث حيوانات ميتة نشرب نحن بقاياها مما يضطر الجزائريين لشراء ماء الشرب من الحوانيت.
في مثل هذا المجال البيئي الموبوء بكل أنواع الموبقات يعيش الجزائري ويتنفس ويشرب ويتغذى ويموت مبكرا بأنواع من السرطانات غالبا ما تكتشف متأخرة، أي عندما يطرق الموت باب الحياة.
لذلك أرى أن ما يحدث في قمة كوبنهاغن نحن معنيون به مثل كل شعوب العالم وعلينا الانتباه إلى كل ما يدور هناك بين المصالح السياسية والمالية، وصراخ الخبراء والعلماء، وأوجاع الكرة الأرضية التي بدأت تتخلى هي بدورها عن حماية الإنسان، بنفس القدر الذي يتخلى به الإنسان عن حمايتها.¯
 
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
العودة
Top