الــتجـارة الـعـربيـــة الــبينـــية
مـقــدمــة حــول التـجــارة الـعـــربــية البــينــيـــة :
تعتبر تنمية التجارة العربية البينية من الاهداف الاساسية التي سعت إلى تحقيقها برامج وخطط التعاون الاقتصادي العربي المشترك منذ إنشاء جامعة الدول العربية ولقد اتخذت الدول العربية عددا من المبادرات العملية لتحرير التجارة العربية البينية اهمها ابرام الاتفاقيات الثنائية والجماعية ، وكانت اول اتفاقية لتسهيل التبادل التجاري وتنظيم تجارة الترانزيت قد وقعت في اطار الجامعة العربية عام 1953 ، ثم جاء قرار السوق العربية المشتركة الذي صدر عن مجلس الوحدة الاقتصادية العربية عام 1964، ثم اتفاقية تيسير وتنمية التبادل التجاري بين الدول العربية عام 1981 ، والتي ترجمت اسس استراتيجية العمل الاقتصادي العربي المشترك التي أقرتها قمة عمان عام 1980 0
ولم يكتب لهذه الخطوات النجاح المنشود طيله عقود من الزمن لاسباب عديده حيث تعددت الاسباب والمعيقات التي وقفت في وجه أنشاء تكتل عربي اقتصادي قادر على تحقيق التكامل الاقتصادي العربي المشترك وبصورة تحقق اهداف وتطلعات الأمة العربية 0 ويقع في مقدمة هذه المعيقات عدم توفر الاراده السياسية الكفيلة بالتغلب على جميع المشاكل الاقتصادية التي تعترض اقامة السوق العربية المشتركة بالاضافة الى تأثر التعاون الاقتصادي العربي بالخلافات والأجواء السياسية القائمة بين الدول العربية ، وكذلك اعتماد معظم اقتصاديات الدول العربية على الايرادات الجمركية في تغطية احتياجاتها المالية والتنموية والتي تشكل اهم مصادر الدخل المالي لهذه الدول 0
كذلك فقد شهد عقد الثمانينات قيام تكتلات اقتصادية عربية اقليمية انطلقت من القرب الجغرافي ، فقد تم تاسيس مجلس التعاون الخليجي عام 1981 وكان الهدف منه قيام منطقة تجارة حرة بين الدول الخليجية ( البحرين ، الكويت ، عمُان ، السعودية الامارات العربية المتحدة ، قطر ) 0
كذلك تم تأسيس اتحاد دول المغرب العربي عام 1989 والهدف منه كان توحيد التعرفه الجمركية الخارجية لهذه الدول وضم في عضويته ( الجزائر ، تونس ، ليبيا المغرب ، موريتانيا ) ، و تم تأسيس مجلس التعاون العربي عام 1988 والذي ضم (الاردن ، مصر ، العراق ، اليمن ) 0
وينبغي الاشارة الى ان العوامل السياسية لعبت دورأ هاما في قيام هذه التكتلات بالاضافه الى المضمون الاقتصادي الذي استندت اليه هذه التكتلات وقد نتج عن الاحداث التي مرت بها المنطقه الى انهاء مجلس التعاون العربي في الوقت الذي قطع فية مجلس التعاون الخليجي شوطا لا بأس به في التكامل الاقتصادي من خلال توحيد التعرفه الجمركية بين اعضائه0
كذلك فقد وضع اتحاد التعاون المغربي استراتيجية استندت الى خصائص الدول الاعضاء فيه وتوجهاتها الاقتصادية والتجارية ، وكما يتضح من المعاهده المنشئه للاتحاد فأن استراتيجية التعاون تقوم على الانتقال التدريجي من مرحلة الى اخرى ابتدأ بالتحرير الانتقائي للتجارة على ان ينتهي بالوحدة الاقتصادية بما في ذلك حرية انتقال السلع والخدمات وعناصر الانتاج 0
وعلى الرغم من الجهود المبذولة في استخدام هذه البرامج لتحقيق التكامل الاقتصادي العربي، فأن حجم التجارة العربية البينية خلال عقد الثمانينات شكل ما نسبته ( 7-8%) من اجمالي التجارة الخارجية العربية 0
وخلال عقد التسعينات فقد بلغت قيمه التجارة العربية البينية عام 1990 ما مجموعة (22.7) مليار دولار ، وشكلت الصادرات منها ما قيمة ( 13.9) مليار دولار في حين بلغت الواردات ما قيمته (8.8) مليار دولار ، وشكلت التجارة العربية البينيه عام 1990 ما نسبته (9.4%) من اجمالي التجارة العربية الاجمالية 0
وفي عام 1994 بلغت قيمه التجارة العربية البينية ما مجموعه ( 24.1) مليار دولار ، وشكلت الصادرات منها ما قيمته ( 13.6) مليار دولار ، في حين بلغت الواردات ما قيمته ( 10.5) مليار دولار ، وشكلت التجارة العربية البينية ما نسبته ( 9.7%) من اجمالي التجارة العربية الاجمالية ، انظر الجدول رقم (7) 0
وتجدر الاشارة الى ان نسبة التجارة العربية البينية كنسبة لم تحقق زيادة ملحوظة ، حيث بلغت هذه النسبة (9.4%) عام 1990 و(9.5%) عام 2002
منـطـــقـة التـجــارة الــــحــــرة الــعــربـــيـــة الـكبــــرى :
استجابة لقرار قمة القاهرة عام 1996 فقد اقر المجلس الاقتصادي والاجتماعي عام 1997 اتفاقية البرنامج التنفيذي لمنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى ، وفي عام 1998 بدأت مرحلة جديده لإقامة سوق عربية موحده 0
بدأ تطبيق منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى التي جاءت مع حقبة العولمة وقيام منظمة التجارة العالمية عام 1995 ، بهدف الحد من الاثار السلبية للعولمه على الاقتصاديات العربية ، وقد اقر البرنامج التنفيذي لهذه المنطقة من قبل المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي على ان تتحقق خلال 10 سنوات تم اختصارها الى سبع سنوات تنتهي في مطلع عام 2005، وفقا لمبدأ التحرر التدريجي مع مراعاه احكام وقواعد منظمة التجارة العالمية ، ويقضي البرنامج التنفيذي بتخفيض الرسوم الجمركية والرسوم والضرائب ذات الاثر المماثل بنسب سنوية مقدارها (10%) سنويا ، مع توفر قواعد المنشأ التي يقررها المجلس الاقتصادي العربي للسلع الخاضعة ، فيما سمح بمنح معاملة تفضيلية للدول العربية الأقل نموا 0
وتجدر الاشارة الى ان منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى تختلف عن برامج التعاون العربي الاقتصادي السابقة كونها حققت برنامجا تنفيذيا يحدد الواجبات وعلى اساس واقعي من قبل عدد من الدول العربية منذ البداية ، كما انها تميزت ببرنامج زمني يحدد الالتزامات الناشئة عنها 0 وتأتي اهمية منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى من انها سوف توفر نوعا من التوازن بين التكامل الاقتصادي العربي من خلال فتح الاسواق العربية ، والانفتاح على الاقتصاد العالمي بثقة ، ومع مختلف التكتلات التجارية الدوليه العملاقه وخاصة الاتحاد الاوروبي ، كما ان توحيد الاسواق العربية سيؤدي إلى إقامة مشاريع للتنمية الصناعية والزراعية والقطاعات الاخرى المرشحة لمواجهة تحديات اتفاقيات منظمة التجارة العالمية ، وسوف تعزز المنطقة عوامل الثقة بين المستثمرين المحليين والاجانب وتدفق الاستثمار بين الدول الاعضاء وتجذب الاستثمارات المباشرة من الخارج ، والاستفادة من كبر حجم الاسواق العربية وقيام استثمارات عربية مشتركة، وتستقطب مشاريع نقل التكنولوجيا مما يساهم في عملية النمو والتنمية العربية التي ستؤدي في النهاية الى تحقيق السوق العربية المشتركة 0
بلغ عدد الدول العربية التي انضمت حتى الان إلى منظمة التجارة الحرة العربية الكبرى (17) دولة عربية هي ( المملكة الاردنية الهاشمية ، الإمارات العربية المتحدة ، البحرين ، تونس ، السودان ، السعودية ، سوريا، العراق ، سلطنة عمان ، فلسطين ، قطر، الكويت ، لبنان ، ليبيا ، مصر ، المغرب واليمن ) 0
اما الدول التي لم تنضم بعد فهي ( الجزائر ، جيبوتي ، الصومال ، جزر القمر وموريتانيا ) علما ان موريتانيا صادقت على اتفاقية تيسير وتنمية التبادل التجاري بين الدول العربية 0
التــخــفيــض التـــدريــجــي فــي الــرســوم الــجــمركـــية والــرســـوم والـــضـــرائــب ذات الاثــــر المـــماثـــــل :
بحلول عام 2004 بلغ التخفيض التدريجي من الرسوم الجمركية والرسوم والضرائب ذات الاثر المماثل (80%) من تلك التي كانت مطبقة في 31/12/1997، وذلك تنفيذا لتوجيهات القمة وقرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي رقم 1431 تاريخ 31/2/2003 والذي حدد نسبة التخفيض التدريجي من الرسوم الجمركية والرسوم والضرائب ذات الاثر المماثل التي يتم تطبيقها في 1/1/2004 بنسبة (20%) ليصل اجمالي التخفيض الى (80%) من تلك التي كانت عليها في 31/12/1997 ، وقد زودت كل من الدول التالية الامانة العامة بعدد من البلاغات الصادرة الى المنافذ الجمركية بتطبيق هذه النسبة ابتداء من 1/1/2004 والدول هي ( المملكة العربية السعودية ، مملكة البحرين ، الامارات العربية المتحدة ، الجمهورية العربية السورية ، دولة قطر ، المملكة المغربية ، جمهورية مصر العربية ، المملكة الاردنية الهاشمية ، الجمهورية اللبنانية ، سلطنة عُمان، جمهورية السودان ) 0
وفي ضوء قيام الدول العربية بتحرير التجارة البينية في اطار منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى وتخفيض التعرفة الجمركية على الواردات العربية ، فقد ارتفعت قيمه التجارة العربية البينية ( الصادرات البينية + الواردات البينية ) انظر الجدول رقم (7) 0
حيث ارتفعت قيمه التجارة العربية البينية من ( 27) مليار دولار عام 1999 الى (31.3) مليار دولار عام 2000 ، وبنسبة نمو بلغت (15.9%) ، وارتفعت من ( 33.5) مليار دولار عام 2001 الى (39.6) مليار دولار عام 2002 وبنسبة نمو بلغت ( 18.2%) ، وبلغت خلال عام 2002 ما نسبته (9.5%) من اجمالي التجارة الخارجية العربية والبالغة (416.3) مليار دولار ( استنادا الى التقرير الاقتصادي العربي الموحد/ أيلول 2003) 0
علما ان قيمة التجارة العربية البينية بلغت قبل تطبيق البرنامج التنفيذي لمنطقه التجارة الحرة العربية الكبرى عام 1996 ما مجموعه ( 27) مليار دولار ، وفي عام 1997 بلغت ( 28) مليار دولار 0
وارتفعت قيمه الصادرات العربية البينية من (14) مليار دولار عام 1999 الى ( 16.3) مليار دولار عام 2000، وبنسبة نمو بلغت ( 16.4%) ، وارتفعت من (17.7) مليار دولار عام 2001 الى (21.3) مليار دولار عام 2002 وبنسبة نمو بلغت (20.3%) مقارنه مع اجمالي الصادرات العربية الخارجية والبالغة ( 241) مليار دولار 0
وارتفعت قيمه الواردات العربية البينية من ( 13) مليار دولار عام 1999 الى ( 15) مليار دولار عام 2000 وبنسبة نمو بلغت ( 15.3%) ، وارتفعت من (15.7) مليار دولار عام 2001 الى (18.2) مليار دولار عام 2002 وبنسبة نمو بلغت ( 15.9% ) مقارنة مع اجمالي الواردات العربية الخارجية والبالغة ( 175.3) مليار دولار 0
وقد سجلت جميع الدول العربية تقريبا ولأول مرة زيادة في قيمة صادراتها البينية، و نجمت هذه الزياده عن التوجه نحو الاعتماد المتزايد للدول العربية على التبادل التجاري البيني وزيادة انفتاح الانظمة التجارية العربية على بعضها في اطار قيام منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى 0
وعلى صعيد مساهمه الدول العربية في قيمه التجارة العربية البينية ، فقد احتلت المملكة العربية السعودية المرتبة الاولى من حيث قيمه التجارة العربية البينية ، حيث بلغت عام 2001 ما مجموعه ( 8064.6) مليون دولار ، ارتفعت الى ( 9844.9) مليون دولار عام 2002 وبنسبة نمو بلغت ( 22%) ، ثم جاءت الإمارات العربية المتحده بالمرتبة الثانية ، حيث بلغت قيمه تجارتها العربية البينية عام 2001 ما مجموعه ( 4491) مليون دولار ، ارتفعت الى ( 4905.7) مليون دولار عام 2002 وبنسبة نمو بلغت ( 9.2%) ، ثم جاءت سلطنه عُمان والعراق والأردن بالمرتبة الثالثة والرابعه والخامسة بقيمة ( 3310.3) (2358.2) ( 2325.3) مليون دولار على التوالي 0
اما من حيث الاهمية النسبية للتجارة العربية البينية فقد احتلت الصومال المرتبة الاولى وبنسبة ( 60.9%) من اجمالي تجارتها البينية ، ثم جيبوتي بنسبة ( 35.8%) ثم الاردن بنسبة ( 29.8%) ثم جاءت السودان وسلطنة عُمان والعراق وسوريا بنسب بلغت ( 27.7%) ( 19.5%) ( 17.3%) ( 16.1) على التوالي 0
ومن حيث مساهمه الدول العربية في الصادرات العربية البينية لعام 2002 ، تعتبر السعودية أكبر مصدر إلى الدول العربية بقيمة (7.9) مليار دولار ، كما تشكل صادراتها إلى الدول العربية حوالي (37.2%) من اجمالي الصادرات العربية البينية يلي ذلك الإمارات العربية المتحدة بقيمة (2.8) مليار دولار وبنسبة (13.3%) من اجمالي الصادرات العربية البينية 0
ويلاحظ ان قيمة الصادرات العربية البينية لبعض الدول العربية وصلت عام 2002 ولأول مرة إلى ما يزيد على ( مليار دولار) ، وهي سوريا بقيمه (1.3) مليار دولار والاردن بقيمة (1) مليار دولار ، والعراق بقيمة ( 1.3) مليار دولار ، بالاضافة الى سلطنة عُمان (1.2) مليار دولار 0
وقد شكلت المواد الخام والوقود المعدني ما نسبته ( 52.2%) من اجمالي الصادرات العربية البينية ، يليه في المرتبة الثانية الاغذية والمشروبات بنسبة ( 18.2%) ثم المواد الكيماوية بنسبة ( 16.2%) والصناعات بنسبة (7.9%) و الالات ومعدات النقل بنسبة (5.5%) أنظر الجدول رقم (2) 0
وفي جانب الواردات العربية البينية ، تعتبر الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمُان، اكبر المستوردين من الدول العربية بقيمة (2.1) مليار دولار ، وتشكل الورادات البينية لكل منهما (11.6%) من اجمالي الواردات العربية البينية ، وتأتي المملكة العربية السعودية كثاني مستورد من الدول العربية بقيمة (1.9) مليار دولار وبنسبة (10.5%) من الواردات العربية البينية ، ويلي ذلك مصر بقيمة (1.5) مليار دولار وبنسبة (7.3%) من اجمالي الواردات العربية البينية 0
ومن حيث تركيبة الواردات العربية فقد احتلت المواد الخام والوقود المعدني المرتبة الاولى من حيث حصتها في الواردات البينية وبنسبة ( 42.7%) تلتها الاغذية والمشروبات بنسبة (18.7%) ثم المواد الكيماوية بنسبة (17.6%) والصناعات بنسبة (13.4%) والالات والمعدات بنسبة ( 7.6%) انظر الجدول رقم (2) 0
تميزت اتجاهات التجارة البينية بالتركز سواء من جانب الصادرات او الواردات على عدد محدود من الشركاء التجاريين ، حيث ان التبادل التجاري البيني يتم في غالبيته بين دول عربية مجاورة لبعضها ، وعلى سبيل المثال تظهر بيانات عام 2002 ان الصادرات البينية لسلطنة عمُان تركزت في دولة مجاورة واحدة هي الإمارات العربية المتحدة بنسبة (80%) وتركزت الصادرات البينية للبحرين في دولتين مجاورتين هما السعودية والإمارات بنسبة (34%) و( 24%) على التوالي0
كما تركزت الصادرات البينية للأردن مع كل من العراق والسعودية بنسبة (42%) و (14% ) على التوالي ، ويتجة نصف الصادرات البينية لتونس إلى ليبيا ، كما يتجة نصف صادرات الجزائر البينية إلى المغرب 0
وفي جانب الواردات بلغت الواردات البينية للأردن من العراق (60%) من اجمالي وارداتها البينية وهي في غالبيتها واردات نفطية ، وبلغت نسبة واردات عُمان من الإمارات حوالي (83 % )، ونسبة واردات السودان من السعودية حوالي (65%) كما يأتي ما يزيد على نصف الواردات البينية لليبيا من تونس ، ويأتي حوالي (43%) من الورادات البينية لموريتانيا من الجزائر 0
في ضوء ما تقدم يلاحظ ان حجم التبادل التجاري البيني لا يزال يتسم في غالبيتة بالتركز بين دول عربية مجاورة لبعضها ، كما وان الجهود المبذولة لتحرير التجارة البينية بقيت محصورة في تجارة السلع0
(8)
الـمشاكـل والمـعـوقــات أمـام تـنميـة حــركــة
الــتجـارة الـعـربيـــة الــبينـــية
مـقــدمــة حــول التـجــارة الـعـــربــية البــينــيـــة :
تعتبر تنمية التجارة العربية البينية من الاهداف الاساسية التي سعت إلى تحقيقها برامج وخطط التعاون الاقتصادي العربي المشترك منذ إنشاء جامعة الدول العربية ولقد اتخذت الدول العربية عددا من المبادرات العملية لتحرير التجارة العربية البينية اهمها ابرام الاتفاقيات الثنائية والجماعية ، وكانت اول اتفاقية لتسهيل التبادل التجاري وتنظيم تجارة الترانزيت قد وقعت في اطار الجامعة العربية عام 1953 ، ثم جاء قرار السوق العربية المشتركة الذي صدر عن مجلس الوحدة الاقتصادية العربية عام 1964، ثم اتفاقية تيسير وتنمية التبادل التجاري بين الدول العربية عام 1981 ، والتي ترجمت اسس استراتيجية العمل الاقتصادي العربي المشترك التي أقرتها قمة عمان عام 1980 0
ولم يكتب لهذه الخطوات النجاح المنشود طيله عقود من الزمن لاسباب عديده حيث تعددت الاسباب والمعيقات التي وقفت في وجه أنشاء تكتل عربي اقتصادي قادر على تحقيق التكامل الاقتصادي العربي المشترك وبصورة تحقق اهداف وتطلعات الأمة العربية 0 ويقع في مقدمة هذه المعيقات عدم توفر الاراده السياسية الكفيلة بالتغلب على جميع المشاكل الاقتصادية التي تعترض اقامة السوق العربية المشتركة بالاضافة الى تأثر التعاون الاقتصادي العربي بالخلافات والأجواء السياسية القائمة بين الدول العربية ، وكذلك اعتماد معظم اقتصاديات الدول العربية على الايرادات الجمركية في تغطية احتياجاتها المالية والتنموية والتي تشكل اهم مصادر الدخل المالي لهذه الدول 0
كذلك فقد شهد عقد الثمانينات قيام تكتلات اقتصادية عربية اقليمية انطلقت من القرب الجغرافي ، فقد تم تاسيس مجلس التعاون الخليجي عام 1981 وكان الهدف منه قيام منطقة تجارة حرة بين الدول الخليجية ( البحرين ، الكويت ، عمُان ، السعودية الامارات العربية المتحدة ، قطر ) 0
كذلك تم تأسيس اتحاد دول المغرب العربي عام 1989 والهدف منه كان توحيد التعرفه الجمركية الخارجية لهذه الدول وضم في عضويته ( الجزائر ، تونس ، ليبيا المغرب ، موريتانيا ) ، و تم تأسيس مجلس التعاون العربي عام 1988 والذي ضم (الاردن ، مصر ، العراق ، اليمن ) 0
وينبغي الاشارة الى ان العوامل السياسية لعبت دورأ هاما في قيام هذه التكتلات بالاضافه الى المضمون الاقتصادي الذي استندت اليه هذه التكتلات وقد نتج عن الاحداث التي مرت بها المنطقه الى انهاء مجلس التعاون العربي في الوقت الذي قطع فية مجلس التعاون الخليجي شوطا لا بأس به في التكامل الاقتصادي من خلال توحيد التعرفه الجمركية بين اعضائه0
كذلك فقد وضع اتحاد التعاون المغربي استراتيجية استندت الى خصائص الدول الاعضاء فيه وتوجهاتها الاقتصادية والتجارية ، وكما يتضح من المعاهده المنشئه للاتحاد فأن استراتيجية التعاون تقوم على الانتقال التدريجي من مرحلة الى اخرى ابتدأ بالتحرير الانتقائي للتجارة على ان ينتهي بالوحدة الاقتصادية بما في ذلك حرية انتقال السلع والخدمات وعناصر الانتاج 0
وعلى الرغم من الجهود المبذولة في استخدام هذه البرامج لتحقيق التكامل الاقتصادي العربي، فأن حجم التجارة العربية البينية خلال عقد الثمانينات شكل ما نسبته ( 7-8%) من اجمالي التجارة الخارجية العربية 0
وخلال عقد التسعينات فقد بلغت قيمه التجارة العربية البينية عام 1990 ما مجموعة (22.7) مليار دولار ، وشكلت الصادرات منها ما قيمة ( 13.9) مليار دولار في حين بلغت الواردات ما قيمته (8.8) مليار دولار ، وشكلت التجارة العربية البينيه عام 1990 ما نسبته (9.4%) من اجمالي التجارة العربية الاجمالية 0
وفي عام 1994 بلغت قيمه التجارة العربية البينية ما مجموعه ( 24.1) مليار دولار ، وشكلت الصادرات منها ما قيمته ( 13.6) مليار دولار ، في حين بلغت الواردات ما قيمته ( 10.5) مليار دولار ، وشكلت التجارة العربية البينية ما نسبته ( 9.7%) من اجمالي التجارة العربية الاجمالية ، انظر الجدول رقم (7) 0
وتجدر الاشارة الى ان نسبة التجارة العربية البينية كنسبة لم تحقق زيادة ملحوظة ، حيث بلغت هذه النسبة (9.4%) عام 1990 و(9.5%) عام 2002
منـطـــقـة التـجــارة الــــحــــرة الــعــربـــيـــة الـكبــــرى :
استجابة لقرار قمة القاهرة عام 1996 فقد اقر المجلس الاقتصادي والاجتماعي عام 1997 اتفاقية البرنامج التنفيذي لمنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى ، وفي عام 1998 بدأت مرحلة جديده لإقامة سوق عربية موحده 0
بدأ تطبيق منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى التي جاءت مع حقبة العولمة وقيام منظمة التجارة العالمية عام 1995 ، بهدف الحد من الاثار السلبية للعولمه على الاقتصاديات العربية ، وقد اقر البرنامج التنفيذي لهذه المنطقة من قبل المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي على ان تتحقق خلال 10 سنوات تم اختصارها الى سبع سنوات تنتهي في مطلع عام 2005، وفقا لمبدأ التحرر التدريجي مع مراعاه احكام وقواعد منظمة التجارة العالمية ، ويقضي البرنامج التنفيذي بتخفيض الرسوم الجمركية والرسوم والضرائب ذات الاثر المماثل بنسب سنوية مقدارها (10%) سنويا ، مع توفر قواعد المنشأ التي يقررها المجلس الاقتصادي العربي للسلع الخاضعة ، فيما سمح بمنح معاملة تفضيلية للدول العربية الأقل نموا 0
وتجدر الاشارة الى ان منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى تختلف عن برامج التعاون العربي الاقتصادي السابقة كونها حققت برنامجا تنفيذيا يحدد الواجبات وعلى اساس واقعي من قبل عدد من الدول العربية منذ البداية ، كما انها تميزت ببرنامج زمني يحدد الالتزامات الناشئة عنها 0 وتأتي اهمية منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى من انها سوف توفر نوعا من التوازن بين التكامل الاقتصادي العربي من خلال فتح الاسواق العربية ، والانفتاح على الاقتصاد العالمي بثقة ، ومع مختلف التكتلات التجارية الدوليه العملاقه وخاصة الاتحاد الاوروبي ، كما ان توحيد الاسواق العربية سيؤدي إلى إقامة مشاريع للتنمية الصناعية والزراعية والقطاعات الاخرى المرشحة لمواجهة تحديات اتفاقيات منظمة التجارة العالمية ، وسوف تعزز المنطقة عوامل الثقة بين المستثمرين المحليين والاجانب وتدفق الاستثمار بين الدول الاعضاء وتجذب الاستثمارات المباشرة من الخارج ، والاستفادة من كبر حجم الاسواق العربية وقيام استثمارات عربية مشتركة، وتستقطب مشاريع نقل التكنولوجيا مما يساهم في عملية النمو والتنمية العربية التي ستؤدي في النهاية الى تحقيق السوق العربية المشتركة 0
بلغ عدد الدول العربية التي انضمت حتى الان إلى منظمة التجارة الحرة العربية الكبرى (17) دولة عربية هي ( المملكة الاردنية الهاشمية ، الإمارات العربية المتحدة ، البحرين ، تونس ، السودان ، السعودية ، سوريا، العراق ، سلطنة عمان ، فلسطين ، قطر، الكويت ، لبنان ، ليبيا ، مصر ، المغرب واليمن ) 0
اما الدول التي لم تنضم بعد فهي ( الجزائر ، جيبوتي ، الصومال ، جزر القمر وموريتانيا ) علما ان موريتانيا صادقت على اتفاقية تيسير وتنمية التبادل التجاري بين الدول العربية 0
التــخــفيــض التـــدريــجــي فــي الــرســوم الــجــمركـــية والــرســـوم والـــضـــرائــب ذات الاثــــر المـــماثـــــل :
بحلول عام 2004 بلغ التخفيض التدريجي من الرسوم الجمركية والرسوم والضرائب ذات الاثر المماثل (80%) من تلك التي كانت مطبقة في 31/12/1997، وذلك تنفيذا لتوجيهات القمة وقرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي رقم 1431 تاريخ 31/2/2003 والذي حدد نسبة التخفيض التدريجي من الرسوم الجمركية والرسوم والضرائب ذات الاثر المماثل التي يتم تطبيقها في 1/1/2004 بنسبة (20%) ليصل اجمالي التخفيض الى (80%) من تلك التي كانت عليها في 31/12/1997 ، وقد زودت كل من الدول التالية الامانة العامة بعدد من البلاغات الصادرة الى المنافذ الجمركية بتطبيق هذه النسبة ابتداء من 1/1/2004 والدول هي ( المملكة العربية السعودية ، مملكة البحرين ، الامارات العربية المتحدة ، الجمهورية العربية السورية ، دولة قطر ، المملكة المغربية ، جمهورية مصر العربية ، المملكة الاردنية الهاشمية ، الجمهورية اللبنانية ، سلطنة عُمان، جمهورية السودان ) 0
وفي ضوء قيام الدول العربية بتحرير التجارة البينية في اطار منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى وتخفيض التعرفة الجمركية على الواردات العربية ، فقد ارتفعت قيمه التجارة العربية البينية ( الصادرات البينية + الواردات البينية ) انظر الجدول رقم (7) 0
حيث ارتفعت قيمه التجارة العربية البينية من ( 27) مليار دولار عام 1999 الى (31.3) مليار دولار عام 2000 ، وبنسبة نمو بلغت (15.9%) ، وارتفعت من ( 33.5) مليار دولار عام 2001 الى (39.6) مليار دولار عام 2002 وبنسبة نمو بلغت ( 18.2%) ، وبلغت خلال عام 2002 ما نسبته (9.5%) من اجمالي التجارة الخارجية العربية والبالغة (416.3) مليار دولار ( استنادا الى التقرير الاقتصادي العربي الموحد/ أيلول 2003) 0
علما ان قيمة التجارة العربية البينية بلغت قبل تطبيق البرنامج التنفيذي لمنطقه التجارة الحرة العربية الكبرى عام 1996 ما مجموعه ( 27) مليار دولار ، وفي عام 1997 بلغت ( 28) مليار دولار 0
وارتفعت قيمه الصادرات العربية البينية من (14) مليار دولار عام 1999 الى ( 16.3) مليار دولار عام 2000، وبنسبة نمو بلغت ( 16.4%) ، وارتفعت من (17.7) مليار دولار عام 2001 الى (21.3) مليار دولار عام 2002 وبنسبة نمو بلغت (20.3%) مقارنه مع اجمالي الصادرات العربية الخارجية والبالغة ( 241) مليار دولار 0
وارتفعت قيمه الواردات العربية البينية من ( 13) مليار دولار عام 1999 الى ( 15) مليار دولار عام 2000 وبنسبة نمو بلغت ( 15.3%) ، وارتفعت من (15.7) مليار دولار عام 2001 الى (18.2) مليار دولار عام 2002 وبنسبة نمو بلغت ( 15.9% ) مقارنة مع اجمالي الواردات العربية الخارجية والبالغة ( 175.3) مليار دولار 0
وقد سجلت جميع الدول العربية تقريبا ولأول مرة زيادة في قيمة صادراتها البينية، و نجمت هذه الزياده عن التوجه نحو الاعتماد المتزايد للدول العربية على التبادل التجاري البيني وزيادة انفتاح الانظمة التجارية العربية على بعضها في اطار قيام منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى 0
وعلى صعيد مساهمه الدول العربية في قيمه التجارة العربية البينية ، فقد احتلت المملكة العربية السعودية المرتبة الاولى من حيث قيمه التجارة العربية البينية ، حيث بلغت عام 2001 ما مجموعه ( 8064.6) مليون دولار ، ارتفعت الى ( 9844.9) مليون دولار عام 2002 وبنسبة نمو بلغت ( 22%) ، ثم جاءت الإمارات العربية المتحده بالمرتبة الثانية ، حيث بلغت قيمه تجارتها العربية البينية عام 2001 ما مجموعه ( 4491) مليون دولار ، ارتفعت الى ( 4905.7) مليون دولار عام 2002 وبنسبة نمو بلغت ( 9.2%) ، ثم جاءت سلطنه عُمان والعراق والأردن بالمرتبة الثالثة والرابعه والخامسة بقيمة ( 3310.3) (2358.2) ( 2325.3) مليون دولار على التوالي 0
اما من حيث الاهمية النسبية للتجارة العربية البينية فقد احتلت الصومال المرتبة الاولى وبنسبة ( 60.9%) من اجمالي تجارتها البينية ، ثم جيبوتي بنسبة ( 35.8%) ثم الاردن بنسبة ( 29.8%) ثم جاءت السودان وسلطنة عُمان والعراق وسوريا بنسب بلغت ( 27.7%) ( 19.5%) ( 17.3%) ( 16.1) على التوالي 0
ومن حيث مساهمه الدول العربية في الصادرات العربية البينية لعام 2002 ، تعتبر السعودية أكبر مصدر إلى الدول العربية بقيمة (7.9) مليار دولار ، كما تشكل صادراتها إلى الدول العربية حوالي (37.2%) من اجمالي الصادرات العربية البينية يلي ذلك الإمارات العربية المتحدة بقيمة (2.8) مليار دولار وبنسبة (13.3%) من اجمالي الصادرات العربية البينية 0
ويلاحظ ان قيمة الصادرات العربية البينية لبعض الدول العربية وصلت عام 2002 ولأول مرة إلى ما يزيد على ( مليار دولار) ، وهي سوريا بقيمه (1.3) مليار دولار والاردن بقيمة (1) مليار دولار ، والعراق بقيمة ( 1.3) مليار دولار ، بالاضافة الى سلطنة عُمان (1.2) مليار دولار 0
وقد شكلت المواد الخام والوقود المعدني ما نسبته ( 52.2%) من اجمالي الصادرات العربية البينية ، يليه في المرتبة الثانية الاغذية والمشروبات بنسبة ( 18.2%) ثم المواد الكيماوية بنسبة ( 16.2%) والصناعات بنسبة (7.9%) و الالات ومعدات النقل بنسبة (5.5%) أنظر الجدول رقم (2) 0
وفي جانب الواردات العربية البينية ، تعتبر الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمُان، اكبر المستوردين من الدول العربية بقيمة (2.1) مليار دولار ، وتشكل الورادات البينية لكل منهما (11.6%) من اجمالي الواردات العربية البينية ، وتأتي المملكة العربية السعودية كثاني مستورد من الدول العربية بقيمة (1.9) مليار دولار وبنسبة (10.5%) من الواردات العربية البينية ، ويلي ذلك مصر بقيمة (1.5) مليار دولار وبنسبة (7.3%) من اجمالي الواردات العربية البينية 0
ومن حيث تركيبة الواردات العربية فقد احتلت المواد الخام والوقود المعدني المرتبة الاولى من حيث حصتها في الواردات البينية وبنسبة ( 42.7%) تلتها الاغذية والمشروبات بنسبة (18.7%) ثم المواد الكيماوية بنسبة (17.6%) والصناعات بنسبة (13.4%) والالات والمعدات بنسبة ( 7.6%) انظر الجدول رقم (2) 0
تميزت اتجاهات التجارة البينية بالتركز سواء من جانب الصادرات او الواردات على عدد محدود من الشركاء التجاريين ، حيث ان التبادل التجاري البيني يتم في غالبيته بين دول عربية مجاورة لبعضها ، وعلى سبيل المثال تظهر بيانات عام 2002 ان الصادرات البينية لسلطنة عمُان تركزت في دولة مجاورة واحدة هي الإمارات العربية المتحدة بنسبة (80%) وتركزت الصادرات البينية للبحرين في دولتين مجاورتين هما السعودية والإمارات بنسبة (34%) و( 24%) على التوالي0
كما تركزت الصادرات البينية للأردن مع كل من العراق والسعودية بنسبة (42%) و (14% ) على التوالي ، ويتجة نصف الصادرات البينية لتونس إلى ليبيا ، كما يتجة نصف صادرات الجزائر البينية إلى المغرب 0
وفي جانب الواردات بلغت الواردات البينية للأردن من العراق (60%) من اجمالي وارداتها البينية وهي في غالبيتها واردات نفطية ، وبلغت نسبة واردات عُمان من الإمارات حوالي (83 % )، ونسبة واردات السودان من السعودية حوالي (65%) كما يأتي ما يزيد على نصف الواردات البينية لليبيا من تونس ، ويأتي حوالي (43%) من الورادات البينية لموريتانيا من الجزائر 0
في ضوء ما تقدم يلاحظ ان حجم التبادل التجاري البيني لا يزال يتسم في غالبيتة بالتركز بين دول عربية مجاورة لبعضها ، كما وان الجهود المبذولة لتحرير التجارة البينية بقيت محصورة في تجارة السلع0
(8)