أساليـــب تنشئـــة الأطفــال لتنميـــة الانتمـــاء الوطنـــي

وردة الروح

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
9 سبتمبر 2008
المشاركات
10,483
نقاط التفاعل
243
النقاط
323
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أساليب تنشئة الأطفال لتنمية الانتماء الوطني


إعـــــداد :أ/ محمــد محمــد الصعـــيدى
منسق التدريب بمديرية الصحة
دبلوم إدارة المنظمات الصحية
2010 / 2011
p53p7q.jpg



مقدمــــة:-
جميع الكائنات الحية على الأرض لابد أن تكون منتمية، فالحيوان ومنذ ولادته نجد أنه ينتمي ويلتصق مع والدته، ثم يتبع أمَّه وأباه، ثم المكان والموطن الذي يعيش فيه، كذلك الإنسان هو كائن حي منتمٍ متطور عقلاني منفعل وفاعل؛ فمنذ ولادته ينتمي إلى صدرِ أمهِ، ثم أمهِ وأبيه، وهكذا تنشأ العائلة التي انتمى إليها وينتقل انتماؤه إلى المنزل والعائلة فالشارع والحي الذي هو فيه بعدها تأتي المدرسة، فينتمي إلى فصله وأصدقائه ومدرسته، ثم يتطور الأمر إلى أبعد من ذلك إلى طائفته ومحيطه فمدينته ثم موطنه وأمته.
أسعدتني مقولة أحد المصريين لي بعد أحداث ثورة مصر " الآن فقط أشعر بأني في وطني " , ورغم سعادتي بتلك الكلمات ؛ إلا أنها أثارت في نفسي الكثير من الأسئلة. لماذا لم يشعر المواطنون من قبل بانتمائهم لبلادهم؟ وهل لأن هناك أنظمة عمدت إلى تهميش ذلك الشعور في نفوس مواطنيها لنفقد ذلك الشعور؟ أم أنها مشكلة في تربيتنا لأبنائنا منذ الصغر، وعدم غرس ذلك الشعور أو الإحساس بحب الوطن فيهم؟
فالوطن مكان نعيش فيه ويعيش فينا، نعيش فيه على أرضه، ويعيش هو في قلوبنا، فالوطن هو المنزل الذي يمثل موطن الإنسان ومحله، ومكان نشأته وتربيته , وحبه يعني تفضيل مصلحته العامة عن المصالح الشخصية للفرد، والدفاع والذود عنه بالغالي والنفيس، ويبدأ الانتماء لدى الفرد منذ الصغر، فيبدأ بالانتماء للأم ملبية الاحتياجات ورمز الحماية، يتبعه الانتماء للوالد، ثم الأسرة، ومنها للمجتمع الأكبر( الوطن ).
وللأسف تعيش مجتمعاتنا العربية نوع من التغييب المتعمد لمسألة الانتماء بالمعنى الذي نتحدث عنه , فهي إما أنها تعرض مفهوم الأوطان جامدا بمعنى المكان الذي ينتفع منه الناس ويتكسبون أرزاقهم , أما عرض مفهوم الانتماء لأبنائنا على اعتبارها قيمة إنسانية فكرية عاطفية دينية فقليل ماهو .
وللأسف فنجد أناسا يبيعون أنفسهم وأوطانهم بأبخس الأثمان، وآخرون يهرولون للخارج هربًا من صعوبة الداخل، فما السر في ذلك الضعف والوهن في نفوس أبناء مجتمعاتنا تجاه أوطانهم؟

مفهوم الانتماء :-
الانتماء Belongingness بمفهومه البسيط يعني الارتباط والانسجام والإيمان مع المنتمي إليه ، الانتماء كمفهوم ينتمي إلى المفاهيم النفسية الاجتماعية ويعني الاقتراب والاستمتاع بالتعاون أو التبادل مع الآخر ، فعندما ينضم الفرد إلى الجماعة يجد نفسه، في كثير من الأحيان، مضطراً إلى التضحية بكثير من مطالبه الخاصة ورغباته قي سبيل الحصول على القبول الاجتماعي من أفراد الجماعة وتجده يساير معايير الجماعة وقوانينها وتقاليدها فيتوحد الفرد مع الجماعة فيرى الجماعة وكأنها امتداد لنفسه يسعى من أجل مصلحتها ويبذل كل جهد من أجل إعلاء مكانتها ويشعر بالفوز إذا فازت أو بالأمن كلما أصبحت آمنة. والانتماء الوطني يعتبر من أوضح نماذج التوحد مع المجتمع .

وللانتماء أشكال وألوان ومشارب متعددة وقد تأخذ صوراً مختلفة
-في الدين يأخذ الانتماء إلى المذهب والطائفة الشكل الأبرز وهنا قد يكون الانتماء، ولاسيما في وقتنا الحاضر لقباً، صفة تطلق وهي ليست تعبيراً دقيقاً عن الموصوف وقد لا يعرف هذا الموصوف من نعته إلا الاسم وعندما يزداد التخلف تصبح هذه الصفة لازمة ومرافقة شاء صاحبها أم أبى.‏ كذلك في المشارب الأخرى تتحدد الانتماءات وتصنف الاتجاهات وتأخذ شكلها الموضوعي.
-في الأدب هذا ينتمي إلى المذهب الفلاني وذاك إلى آخر وهذا الشاعر ينتمي إلى مدرسة الشعر التقليدي الكلاسيكي وذاك إلى الحديث وفي الحديث والقديم مدارس منها الاجتماعي والديني والقومي ..الخ.‏
-وفي السياسة يأخذ الانتماء إلى التنظيمات السياسية بتجلياتها (الأحزاب) الشكل الأوضح وفي حالة أرقى إلى القيادات الأوسع منها القومي ومنها الديني ومنها الرأسمالي والاشتراكي وتتعدد أيضاً المسميات والتقسيمات بتفرعاتها.‏ في مجرى الحياة يعبّر عن الانتماءات الإنسانية بالسلوك وبالممارسة .
-الحب انتماء، وممارسة السلوك والأخلاق العامة انتماء وخرق المألوف الاجتماعي انتماء ..الخ.‏‏ الانتماء هو شعور لدى كل فرد يشعر من خلاله أنه جزء من المجتمع الذي يعيش فيه ويفتخر بارتباطه بمجتمعه ، وحيث تربطه بأهله أواصر كثيرة .

الانتماء والمواطنة :
يذهب الباحثون في علم الاجتماع إلى تعريف المواطنة في المجتمع الحديث على أنها علاقة اجتماعية تقوم بين الأفراد والمجتمع السياسي (الدولة)، حيث تقدم الدولة الحماية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية للأفراد، عن طريق القانون والدستور الذي يساوي بين الأفراد ككيانات بشرية طبيعية، ويقدم الأفراد الولاء للدولة ويلجئون إلى قانونها للحصول على حقوقهم.
فمن الواضح في هذا التعريف أنه يتضمن آلية التعاقد (العقد الاجتماعي) فحين يفترض أن تكون الحكومة التي تسير الدولة هي المسئولة عن ترسيخ الشعور بالمواطنة، فإنها إذا أخلت بشروط العقد، أي إذا لم تؤمن الحماية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للأفراد ولم تساو بينهم عمليا أمام القانون، كان من الطبيعي أن يخف إحساس الأفراد بشعور المواطنة والولاء لقانون المجتمع ـ وأن يبحثوا عن مرجعية أخرى تحميهم، أو تقدم لهم شعورا ولو كان وهميا بهذه الحماية، كالعودة إلى الارتباط بالجذور الدينية أو الطائفية والعائلية والقبلية والعرقية والإقليمية.

أسباب ضعف الانتماء الوطنى :

-يقول الدكتور "عبد الله النجار " - أستاذ الشريعة الإسلامية ، وعضو مجمع البحوث بالأزهر- :
( الإسلام غرس في نفوس المسلمين قيمة الانتماء للوطن والاعتزاز به والدفاع عنه . . ومن هنا كان واجب الدفاع عن الوطن هو أول ضريبة الحب له، إذا استدعى الأمر ذلك على النحو الذي يصبح به فرض عين على كل مسلم، في هذه الحالة تهون كل الحقوق الخاصة مهما بلغت درجة قداستها ).

ويكمل " د/عبد الصبور شاهين" - الداعية الإسلامي المعروف والأستاذ في جامعة القاهرة – حول أسباب ضعف الانتماء لدى أبنائنا فيقول: ( ضعف الانتماء للوطن سببه الرئيسي شيوع الفساد والانحراف، فهذه المظاهر السلبية التي تتكرر في معظم بلادنا العربية والإسلامية هي التي قتلت حب الوطن في نفوس كثير من الشباب. فالشاب العاطل الذي لا يجد فرصة عمل وهو يرى حالة الإسراف والبذخ؛ لن تستطيع إقناعه بحب وطنه والتضحية من أجله. والشاب الذي لا يجد شقة سكنية متواضعة ليتزوج بها ويعف نفسه عن الحرام؛ في الوقت الذي يجد فيه أبناء الطبقات المرفهة يسكنون بيوتاً فخمة ويركبون أحدث وأفخم السيارات وربما الطائرات؛
لن يستمع بإنصات إلى أناشيد ودعوات حب الوطن. والشاب المتعلم الذي أفنى حياته في الدراسة والبحث وتحصيل العلم ووجد في النهاية دخلاً هزيلاً لا يكفي احتياجاته الضرورية؛ لن يحب وطنه ولن يتفانى في خدمته

وإمعانا فى إيضاح المعنى المقصود أردت أن أطرح الأسئلة الآتية :-
1- ماذا يفعل المواطن الذي يتقدم لمسابقة انتقاء عمال أو موظفين حين يجد أن المواطن الآخر الأقل كفاءة أو الأقل تمتعا بشروط المسابقة قد قبل وهو غير مقبول؟ بأي جهة انتماء يستنجد وبماذا سيشعر؟ ‏
2- ماذا يفعل أبناء المنطقة الإقليمية من الوطن عندما يشعرون بالغبن من الخدمات التنموية للدولة في منطقتهم مقارنة بمناطق أخرى من البلاد؟
3- ما نوع الانتماء الذي يشعر الناس به أو الذي سينمو لديهم، والى أين يتوجهون باختياراتهم، عندما يجدون القوائم الانتخابية مهيأة على أساس الطائفة أو العشيرة أو القبيلة، ولو كانت باسم أحزاب ومنظمات وقنوات حديثة، أو عندما يصر المرشح على الإيحاء بعشيرته أو قبيلته في إعلانه الانتخابي؟
4- ما نوع الانتماء والشعور الذي سيستمر لدى الناس المهاجرين إلى ضواحي المدن الكبرى عندما لا يجدون العمل ولا يتمتعون بالخدمات التي يتمتع بها مواطنوهم في المدينة نفسها ؟
وعلى ذلك لا يمكن لخطبة أو مقالة أو ندوة فقط أن توضح للطفل ماذا يعني الوطن والانتماء له، ولا كيف يحض ديننا على كل تلك المعاني النبيلة. ولكن يجب أن يصل ذلك لأطفالنا من خلالنا نحن المربين، سواء كنا والدين في البيت، أو مدرس في المدرسة، أو مدرب في نادي، فالأمر يحتاج منا إلى تضافر كافة مؤسسات التربية في المجتمع لزرع ذلك المفهوم في نفوس أبنائنا.

كيفية غرس الانتماء فى نفوس أطفالنا :-
لقد ذكرت من قبل أن ضعف الوازع الديني سبب أساسي في ضعف الانتماء لذا وجب على المربين تنشئة أبنائنا على التمسك بالقيم الإسلامية، وتوعيتهم بقيمة الانتماء للدين والوطن كما يلى :-

أولا :تثبيت مفهوم الانتماء للإسلام كانتماء عام كبير مقدم على كل شىء , ونبذ دعوات القومية والنعرات الطائفية

ثانيا : التأكيد على أن أوطاننا التي نعيش فيها هي أوطان الإسلام وأجزاء لا تتجزأ من الوطن الإسلامي الكبير

ثالثا : على المربي البدء مبكرًا في تنمية هذا الحس في نفوس أبنائنا، وبث الوعي بتاريخ الأمة ككل وأبطال الوطن، مع تثقيفهم بالأهمية الجغرافية والتاريخية للوطن.

رابعا : يمكن للمربي استخدام وسائل عدة في تنمية هذا الحس؛ عن طريق القصص والحكايات حول بطولات أجدادنا لحماية الدين والذود عن تراب الوطن.

خامسا : لنحرص على عدم توجيه الكلام المباشر لأطفالنا حول الانتماء للوطن والتفاني في حبه، حتى لا يتحول كلامنا إلى خطب إنشائية مليئة بالشعارات التي لا طائل منها ولا فائدة تذكر، وليكن كلامنا على أرض الواقع، فعلى الوالدين تعويد الطفل منذ الصغر على العمل التطوعي تحت مبادىء شرعية كمبدأ التعاون على البر والتقوى , وحب العمل المشترك، من خلال المشاركة في مشاريع خدمة المجتمع أو التطوع لنظافة الحي وخلافه، مما يعزز لدى الطفل حبه لوطن

سادسا : لاشك أن تقديم نماذج سيئة في المجتمع والترويج والتركيز عليها، يؤدي إلي شعور الفرد بنقص الانتماء للمجتمع والوطن الذي يعيش فيه‏. , فلننتبه من النماذج التي نقدمها لأبنائنا .

سابعا : محاولة إيجاد قدوة وطنية إسلامية ، ينشأ الطفل على حبها وحب أفعالها، فقد أثبتت الدراسات أن أكثر ما يهدد انتماء الطفل هو انتشار القدوة الغربية والترويج لها بين الأطفال والشباب، وإتباع بعض الإعلاميين والممثلين سلوكيات غربية تضر بالمجتمع، وكذلك تفضيل شراء سلع أجنبية، والتفاخر بالهجرة، أو بازدواج الجنسية‏.‏

ثامنا : كذلك يرتبط الانتماء بشعور الفرد بذاته داخل مجتمعه،وبحصوله على حقوقه وتقديره لدوره المنوط به , فالطفل إذا شعر بأن مجتمعه يمكنه ويحترمه زاد انتماؤه له والعكس صحيح أيضًا.

تاسعا : تعويد الأطفال من صغرهم على احترام القوانين والأنظمة التي تعمل على تنظيم شؤون الوطن وتحميه من كيد أعدائه والمفسدين له ، وخلق نوع من التعاون بين الأطفال وبعض أجهزة الدولة لتدعيم ذلك الشعور

عاشرا : علينا غرس حب التاريخ وروايته في نفوس أطفالنا، من خلال القصص المختلفة والمستعينة بالفنون المباحة ، ونشر تلك الوسائل في كل مكان في البيت والمدرسة والحدائق العامة والمكتبات، مع تسليط الضوء على رموز المجتمع الذين نجحوا وأضافوا لمجتمعاتهم الكثير من الانجازات، وإعطاء الوالدين صورة مشرقة حول تلك الرموز , على أن تتصف تلك الرموز بالحفاظ على القيمة الإسلامية الإيمانية والخلق الحسن والسمعة الحسنة .

إن الانتماء مثله مثل باقي المكتسبات المجتمعية، ينتقل إلى الأطفال بالتعلم والنقل عن طريق الوالدين والمحيطين، فإذا كان حال الوالدين كره الأوطان والتخلي عنها والتنصل من المسئولية تجاهها كان انتماء الأبناء أقل ،وكلما زاد شعورنا نحن المربين بالانتماء؛ وترجمنا تلك المشاعر إلى مواقف وأفعال، نقلنا تلك المفاهيم إلى عقول ووجدان أبنائنا بدون أن ننطق بكلمة واحدة .

يتبـــــع.....


 
الآثار المترتبة على تنمية الانتماء لدى ابنائنا :-

أولا :- الانتماء الاجتماعي :
الشعور بالانتماء للمجتمع من أهم دعائم المجتمع، والتي تحافظ عل استقراره ونموه وهو يشير إلى مدى شعور أفراد المجتمع بالانتماء إلى مجتمعهم ويمكن أن نستدل على ذلك من خلال (المشاركة الإيجابية في أنشطة المجتمع ، الدفاع عن مصالح المجتمع ، الشعور بالفخر والاعتزاز بالانتماء للمجتمع ، المحافظة على ممتلكات المجتمع ، وكل هذه المؤشرات يمكن أن تقاس ويستدل عليها بالمجتمع . فأساس الانتماء هو مشاركة سكان المجتمع وحث الآخرين على التعاون معهم لمواجهة المشكلات ووضع البرامج المناسبة لمواجهتها.
يعد مفهوم الانتماء الاجتماعي واحداً من أهم المفاهيم المركزية التي تحدد طبيعة علاقة الفرد بالجماعة في كل زمان ومكان يقابله على الضد تماماً مفهوم الاغتراب الذي يعني الابتعاد النفسي للفرد عن ذاته وعن جماعته. وسواء ابتعد الفرد عن جماعته أو غادرها إلى جماعة أخرى، فهو في كلتا الحالتين إنما يفقد انتماءه لجماعته من جانب ويواجه برفض الجماعة الأخرى له من جانب آخر لاختلاف عاداته وقيمه ونمط شخصيته وخبراته مما يسبب غربته من ناحية وعدم انتمائه لمجتمعه من ناحية أخرى، وهناك حقيقة أن البشر كائنات اجتماعية، مخلوقات تتجمع سوياً ويعتمد كل منها على الآخر جسمياً أو نفسياً عبر الحياة. فالعلاقات الوثيقة مع الآخرين تبدو من الضروريات وهي أمور تتكامل مع بقاء الإنسان ورفاهيته فالبشر قادرون على تقديم كل منهم للآخر أعظم مسرات الحياة وأفراحها وكذلك أحزانها العميقة كما يمكنهم إعطاء نوع من التعاطف والتأكيد والحماية من الأخطار وبالتالي فان حاجة الفرد للآخرين تكمن في مساعدته على حل مشاكله وإرضاء حاجاته التي لا يستطيع حلها وإرضاءها بمجهوده الخاص فيشعره بالأمن ويزيدوا من احترامه لنفسه.
وتبرز أهمية الانتماء على المستوى الاجتماعي؛ فهو العماد الفقري للجماعة وبدونه تفقد الجماعة تماسكها وتماسك الجماعة هو انجذاب الأعضاء لها والذي يتوقف على مدى تحقيق الجماعة لحاجات أفرادها فطالما أن الجماعة تحقق حاجات الفرد فيمكنها أن تؤثر على أفكاره وسلوكه عن طريق تلك الفوائد التي يحصل عليها من وراء انتمائه لها والمتمثلة فيما يلي:
-تحقيق الرغبات الشخصية والاجتماعية التي يعجز الفرد عادة عن تحقيقها بمفرده.
- الشعور بالانتماء إلى جماعة تتقبله ويتقبلها فيشعر بالأمن والطمأنينة.
- يمكن تغيير سلوك الفرد عن طريق الجماعة، فكل جماعة لها معاييرها وقيمها التي يتحتم على الفرد المنتمي إليها اكتسابها.
- يتمكن الفرد عن طريق انتمائه للجماعة من اكتساب الميراث الثقافي الذي يمكنه من التفاعل ايجابياً مع أفراد مجتمعه.
- تساعد الجماعة الفرد على ممارسة أنواع من النشاط، يستغل فيه قدراته ويكتشف قدرات أخرى.


ثانيا :- الانتماء والأسرة :
مما لا شك فيه أن مرحلة الطفولة تُعَدُّ من أهم المراحل وأكثرها تأثيرًا في حياة الفرد المستقبلية؛ إذ يتوقف عليها تحديد المعالم الرئيسية لشخصيته من خلال ما يكتسبه من خبرات وقيم واتجاهات.
ومن المتفق عليه بين المشتغلين بعلم النفس أن الأسرة تلعب دورًا بالغ الأهمية في إعداد الفرد وتأهيله للقيام بأدواره ووظائفه داخل النسق الاجتماعي، حيث تمثِّل الأسرة أولى المؤسسات الاجتماعية التي تحتضن الطفل منذ اللحظات الأولى لخروجه إلى الحياة وخلال كافة مراحله العمرية التالية. يرى علماء النفس أن الأسرة تقوم بمجموعة من الوظائف الأساسية، مثل الوظيفة النفسية كالحب والشعور والانتماء، والوظيفة الاقتصادية، ثم وظيفة التطبيع الاجتماعي، إلا أن وظيفة الأسرة التربوية، وخاصة فيما يتعلق بعمليات التطبيع الاجتماعي والتنشئة الاجتماعية، ومنح الشعور بالحب والانتماء لا تزال هي الوظيفة الأساسية التي لا يمكن لأي مؤسسة أخرى للقيام بها، خاصة بالنسبة للسنوات الأولى في عمر الطفولة، والتي لا تتجاوز فيها دنيا الطفل حدود أسرته، والتي هي من وجهة نظر المتخصصين تُعَدُّ الفترة الخصبة الأساسية في نقل قيم المجتمع إلى الطفل، وتأصيل العمليات الخاصة بالتطبيع الاجتماعي والتي يصبح الفرد عن طريقها مستدمجًا للأدوار والاتجاهات والقيم والمهارات التي تشكل شخصيته. ومن أهم عمليات التطبيع الاجتماعي والتي تقوم بها الأسرة تأصيل الانتماء، والتي تعني أن الفرد من طفولته المبكرة يحيا في ظلِّ مجموعة من القيم والأفكار والمبادئ التي تترسَّب في وجدانه، حتى تتحول لديه إلى وجود غير محسوس، ومن خلال ذلك يصبح الفرد منتميًا إلى المكان، وإلى الأسرة، وإلى الجماعة، وإلى المجتمع والوطن.

وتعتبر الحاجة للانتماء من الحاجات المهمة التي تُشعِر الفرد بأنه جزء من جماعة معينة، سواء كانت هذه الجماعة (الأسرة - الرفاق - جماعة مهنية)، وأنه جزء من وطن معين، ويُولَد هذا الشعور الاعتزاز والفخر بانتماء الفرد لهذه الجماعة، ويُعَدُّ إشباع حاجات طفل ما قبل المدرسة وتقبله لذاته وشعوره بالرضا والارتياح أولى مؤشرات انتمائه للجماعة.
فالحاجة للانتماء من أهم الحاجات التي يجب أن تحرص الأسرة على إشباعها لدى الطفل لما يترتب عليها من سلوكيات مرغوبة يجب أن يسلكها الطفل منذ صغره وحتى بقية مراحل عمره، أما فقدان الانتماء فيعتبر من أخطر ما يهدِّد حياة أي مجتمع، وينشر الأنانية والسلبية، وفي المقابل يؤدي الانتماء إلى التعاون مع الغير، والوفاء للوطن والولاء له. ويرتبط بالانتماء بعض القيم، مثل: العطاء، والتضحية، والتعاون مع الآخرين، وهذا يلقي على الأسرة مسؤولية كبرى نحو التركيز على إظهار مواقف تاريخية تبيِّن بطولة قادة والزعماء في الدفاع عنه. وفي تقدير هؤلاء الأطفال لأنفسهم، وبشكل عام فإن للعلاقات الأسرية أثرًا إيجابيًّا في تكوين الشعور بالأمن وتطور مفهوم الذات الإيجابي عند الطفل. وحيث إن نسق الأسرة - مثله في ذلك - مثل سائر الأنساق الأخرى يكون رهنًا للظروف والمتغيرات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، فإنه بالتالي يكون عرضة للتأثر بعمليات التغير والأحداث التي تطرأ على المجتمع، مثل الحروب، وقد أشارت الكثير من الدراسات إلى أن الحرمان ومعايشة خبرات الحرب تترك آثارًا نفسية على الأطفال لا تزول بانتهاء الحرب، بل تظلُّ كامنة وتتراكم لتفرز كثيرًا ردود الأطفال غير السوية. حيث إن مفهوم الطفل عن ذاته يكتسبه في مراحل النمو الأولى، حيث تلعب الانفعالات مع الأشخاص المهمين في حياته خصوصًا والديه، دورًا كبيرًا في ذلك ويتأثر مفهوم الذات إلى حدٍّ كبير بالعلاقات الأسرية القائمة بين الطفل ووالديه، فالفروق في الأجواء الأسرية وطرق التنشئة تحدث فروقًا بين الأطفال في مكونات الشخصية، وفي تقدير هؤلاء الأطفال لأنفسهم، وبشكل عام فإن للعلاقات الأسرية أثرًا إيجابيًّا في تكوين الشعور بالأمن، وتطور مفهوم الذات الإيجابي عند الطفل.
الانتماء الأسري يبدأ من الطفولة. فهذا الشعور يتولد من إشباع حاجة الطفل إلى القبول داخل بيئته، فالمطلوب من الأسرة قبول الابن دون ربط هذا القبول بإنجازات معينة يقوم بها الطفل.. فلو تعلم الطفل أن يقبل إذا أحسن، و يرفض إذا أخطأ سينشأ مذبذباً ضعيف الشخصية، ضعيف التقدير الذاتي..
إن قبول الطفل يعني انتماءه لأسرة يشكل أحد أعضائها.. مما يسهل على الطفل فيما بعد الانخراط في مجموعات اجتماعية أخرى. وبالمقابل يكون الطفل الذي يشعر بعدم قبول الأسرة له، أقرب إلى الارتياح و الرفض و الشعور بالوحدة..
العمل المشترك والعمل الجماعي داخل الأسرة الواحدة يبني الشعور بالتقارب الحميم لدى أفراد و أعضاء الأسرة، وهذا يعزز بالمقابل شعورهم بالانتماء، ومما يزيد هذا التماسك الأسري والشعور بالانتماء لدى الأبناء كون الأسرة مجالاً و فضاءً للعديد من الأنشطة مثل:
- التخطيط المستمر لأنشطة جماعية داخل الأسرة بعيداً عن روتين الحياة اليومية.
- قضاء فترات خارج البيت من مثل النزهات الأسبوعية أو الأجازات السنوية من صلة رحم أو استجمام في البر أو الجبل أو على البحر..
- المشاركة الجماعية في الأنشطة الهادفة مثل المخيمات وغيرها.
- ممارسة الرياضة و الألعاب.
- القراءة المشتركة الهادفة.
- الجلوس ولو 20 دقيقة يومياً لمناقشة أحوال الأسرة وخططها المستقبلية ومشاكلها.
- التعاون بين أعضاء الأسرة في أداء احتياجات البيت والواجبات المدرسية.
- تعليم الابن كيف يكون عضواً في مجموعة : القيادة، الأهداف المشتركة، التخطيط الجماعي، المنافسة، الطموح، حب التميز، الرغبة في الانتصار و التميز، المثابرة والصبر، التعاون مع الآخر من أجل هدف مشترك، العمل الجماعي.

خاتمـــــة :

- في ظل الظروف المتردية السائدة على مستوى العالم والمنطقة العربية والتراجع الحاصل على الصعيد الذاتي والعام، كم نحن بحاجة إلى مراجعة ذاتية وموضوعية لكل المتغيرات التي تحدث، كم نحن بحاجة أن نجسد الانتماء للوطن بكل قيمه المقدسة، ونعود لمثل هذا الانتماء، نلغي كل ما يتناقض مع ذلك، نقف مع الذات وبمراجعة جدية، نوقف حالة التدمير التي تحدث على الصعيد الذاتي والعام، نعود للقيم التي رضعناها مع حليب الطفولة، حب الوطن، التضحية، الاستعداد للعطاء، للمقاومة، ونحن في زمن المقاومة، السلوك المنسجم مع الأخلاق والقيم الوطنية، الكفاح بكل صوره، النضال وبما يترتب عليه من التزام إلى آخر ما هنالك من القيم النبيلة.

تحيـــــــاتي

و دعواتكـــم
ور الــــروح دة
 
موضوع في القمة عزيزتي

يجب على الأباء أن يربوا أبنائهم على الإنتماء منذ نعومة أظافرهم
فالحضارة هي الإنتماء
والإنسان بلا إنتماء لا قيمة له وإن حاول أن ينتمي لمشرب غير مشربه فسيحتقره من انتمى لهم
لأن الإنسان ابن بيئته
تحياتــــــــــــــي
 
موضوع في القمة عزيزتي


يجب على الأباء أن يربوا أبنائهم على الإنتماء منذ نعومة أظافرهم
فالحضارة هي الإنتماء
والإنسان بلا إنتماء لا قيمة له وإن حاول أن ينتمي لمشرب غير مشربه فسيحتقره من انتمى لهم
لأن الإنسان ابن بيئته
تحياتــــــــــــــي

شكرا لإضافتك الطيبة
نورت الموضوع
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top