إظهار البينات عن محاسن تعدد الزوجات

ام تيمية الاثرية

:: عضو مُشارك ::
إنضم
4 نوفمبر 2011
المشاركات
135
نقاط التفاعل
0
النقاط
6

إظهار البينات عن محاسن تعدد الزوجات



لسماحة الشيخ الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز

رحمه الله تعالى



بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه




أما بعد




فإن موضوع تعدد الزوجات عظيم وخطير فهو موضوع يهم كل مسلم قد تعرض إليه خصوم الإسلام فأبطلوه وما يترتب على قولهم في انتقاد التعدد من الفساد والكبير والعواقب الوخيمة.


فقد بلغنا كثيرا وسمعنا عنه كثيرا في الكتب والصحف والإذاعات وكلها من إملاء أولياء الشيطان , ومن أذناب أعداء الله , ومن لبس عليهم الأمر , حتى ساروا في ركاب أعداء الله , وفي ركاب أعداء الإسلام , فقد يكفرون ولا يشعرون ,


والأمر كما قيل : التعدد من محاسن الإسلام , فقد كان مشروعا من قديم في الشرائع القديمة , كان في التوراة أوسع من ذلك والإنجيل حتى كان لداود عليه السلام مائة امرأة.


وجاء في الحديث الصحيح أن سليمان عليه السلام قال :


" لأطوفن الليلة على تسعين امرأة تلد كل واحدة غلاما يقاتل في سبيل الله".


فكان هذا في الشرائع القديمة شرائع التوراة والإنجيل التي يزعم اليهود أنهم على شريعة التوراة – وهم أكذب الناس وأضل الناس-


ثم هؤلاء الكفرة من اليهود والنصارى , ومن سار في ركابهم ينتقدونها في شريعة محمد – صلى الله عليه وسلم- لعدوانهم لمحمد – عليه الصلاة والسلام- , ولتحريفهم الكلم عن مواضعه , ولتكاتفهم ضد الإسلام , ونبي الإسلام , وشريعة الإسلام , وينشأ في ركابهم من ينسب إلى الماسونية , وإلى غير الماسونية من الجهلة , ومن الملاحدة والشيوعيين وغيرهم ممن يدعي الإسلام وهو كذاب ,



أما ما شرعه الله من التعدد فهو أمر محكم معروف , والله - جل وعلا - يقول:



{وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع}

[النساء3]


كان بعض الناس ممن مضى قد ينكح اليتيمة ولا يعطيها مهرها المناسب الذي تعطاه أمثالها , فالله – عز وجل – أمرهم بأن يؤتوا اليتامى أموالهم ولا يبخسوها ولا يظلموهم ولا يأكلوا أموالهم إلى أموالهم , ثم قال سبحانه وتعالى:



{ وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء} الآية.


وهذا الأمر عند الأصوليين أصله للوجوب , فالأصل في الأوامر الوجوب , ولا يصار إلى الندب إلا بدليل يصرفه عن الوجوب , فإن دل دليل على أنه ليس بواجب من عمل المسلمين , ومن قول النبي صلى الله عليه وسلم وسنته بقيت السنية فهو سنة ومستحب إذا رأى المؤمن قدرته عليه وحاجته إليه ومصلحته من شرع له التعدد , وإذا عجز عن ذلك أو منعه مانع اقتصر على واحدة.



والتعدد وإن أباه النساء , أو الأكثر من النساء فليس العبرة بإبائهن وكراهتهن ,


فإنهن يأبين ما ينفعهن ويرغبن فيما يضرهن ,


فرفضهن قد يؤدي إلى كثرة الفواحش وأولاد الزنا ,


وهل يرضى مسلم عاقل بذلك.


فبالتزويج للفتيات لمن معه زوجة أو زوجة ثانية أو ثلاث خير من بقائها عانسة في البيت , فربع الرجل , أو نصف الرجل , أو ثلث الرجل خير من بقائها بدون شيء , فكونه يأخذ ثنتين أو ثلاثة أو أربع ينظر ويتأمل ما تقتضيه المصلحة فيتزوج ما طاب له من ذلك بميزان الشرع مع التحري والعدل والعناية باختيار الزوجات الطيبات , كما يقول صلى الله عليه وسلم :


" تنكح المرأة لأربع : لمالها , ولجمالها , ولحسبها , ولدينها , فاظفر بذات الدين تربت يداك" .



فيلتمس الصالحات , وهكذا الفتيات وأولياؤهن يلتمسون الصالحين من الرجال , فلا يزوجون من هب ودب من الكفرة , من تاركي الصلوات , ومن أصحاب الخمور والسكيرين يضرون زوجاتهن ولا ينفعونهن.



ينبغي للمرأة وأولياؤها ألا يكون همهم أنه فلان بن فلان , أو أنه ذو وظيفة , أو أنه عنده زوجة , ليس هذا هو الميزان , الميزان : أن يختار الرجل الصالح حتى ولو كان فقيرا سوف يغنيه الله من فضله كما قال الله عز وجل :



{وانكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله}

[النور:32].


وفي الحديث الصحيح:


" ثلاثة حق على الله عونهم"



وذكر منهم متزوج يريد العفاف ,


فالمتزوج للعفاف يعينه الله ولو استدان , ولو اقترض , ولو اشترى سلعة إلى أجل ثم باعها , وتزوج سوف يعينه الله ,


وسوف يقضي عنه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :

"من أخذ أموال الناس يريد أدائها أدى الله عنه , ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله".

خرجه البخاري في الصحيح.



فالواجب على الشباب أن يتزوج وألا يتعلل بالدراسة أو غير الدراسة أو بأنه غير موظف أو بأنه بجاحة إلى إيجاد فيلا, أو إيجاد كذا , علل باطلة , تحول بينه وبين الزواج , ويبقى في معاكسة النساء , أو مغازلة النساء , أو الوقوع في الفاحشة إلا من رحم ربك.


وهكذا الفتاة قد تحتج بالدراسة أو التدريس , أو كذا أو كذا ثم تقع في مشاكل وبلايا , وتضر أهلها وتضر سمعتهم وسمعتها فالواجب على الجميع التعاون على هذا الأمر , التعاون على البر والتقوى , لتزويج الشباب , وتزويج الفتيات سواء كان الزوج ليس عنده إلا واحدة , أو اثنتان أو ثلاث لا مانع من ذلك أن تكون ثالثة , أن تكون ثانية , أن تكون رابعة.


وعلى الزوج أن يتقي الله ويعدل حسب طاقته ,



قال الله تعالى:

{ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة}

[النساء:129].



أصحاب الهوى يتعلقون بها في منع التعدد لهواهم وتحريف الكلم عن مواضعه , فالذي لا يستطاع هو ما يتعلق بالقلوب , تقول عائشة رضي الله عنها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم ويعدل , ويقول:


" اللهم هذا قسمي فيما أملك , فلا تلمني فيما لا أملك".


مع أنه ذهب جمع من أهل العلم إلى أنه لا يجب عليه العدل , وله أن يقدم ويؤخر لقوله تعالى:

{ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء} الآية.


ولكنه مع هذا يعدل عليه الصلاة والسلام يعدل بينهن في كل شيء يستطيعه , لكن الحب حب القلوب وميل القلوب , وما يترتب على هذا من الشهوة , ودواعيها بيد الله لا يملكه الزوج , فله أن يحب هذه أكثر فليس في طاقته خلاف ذلك ,


ويترتب على هذا أن يجامعها أكثر , أو أن يقبلها أكثر , أو أن يأنس بها أكثر , فهذا لا حرج عليه ,



ولهذا قال الله عز وجل :

{ فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة}

[النساء:129].



كل الميل , أما بعض الميل وهو الذي لا يستطيع السلامة منه فهو معذور فيه ومعفو عنه , ثم عليه بعد ذلك – على الزوج- أن يتحرى تقوى الله في كل شيء حتى لا تقع المشاكل بين النساء , فإذا عدل واتقى الله في كلامه وقسمه والتحدث إليهن حسب الطاقة يسر الله أمره وهادن له , وأصلح الله حالهن له كما جرى للأخيار قديما وحديثا.


وأما إذا ظلم وجار فإنهم يسلطون عليه جزاء وفاقا , لكن متى عدل وتحرى الخير , فإن الله يهديهن ويعينه عليهن , ثم إذا حصل إشكال عالجه بالحكمة والكلام الطيب حتى يزول الإشكال وتهدأ الأمور , وهذه الدنيا دار المشاكل , دار الابتلاء والامتحان , فليست دار نعيم ولا دار سرور , لكنها دار الأكدار والأحزان , والمحن والبلاوي.


وأشد الناس بلاء الرسل عليهم الصلاة والسلام ثم الصالحون , ثم الأمثل فالأمثل ,


فالتعدد للنساء فيه مصالح جمة وكثيرة , ولكن بعض الناس يجبن عن ذلك إما لقلة ماله , وإما خوفا من زوجته وسلاطة لسانها وشرها , وإما لأسباب أخرى .


فإذا استطاع ذلك وتيسر له ذلك حتى يحسن في المسلمين وحتى يعف فتيات كثيرات ,


فهذا خير والحمد لله ,


وإن لم يتيسر فلا حرج ,


وهكذا الشباب يتقي الله في البدار بالزواج , وعدم التعلل بعلل لا وجه لها , فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح :

"يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج , فمن لم يستطع فعليه بالصوم فغنه له وجاء" .


ثم في التعدد فوائد كثيرة للمرأة وللرجل , ولكن المرأة تعمى عن هذا بهواها , ولغيرتها ولبغضها للضرة,


فالمرأة تحيض أياما من الشهر فيتعطل الزوج ,


تنفس أياما طويلة من العام أو العامين فيتعطل الزوج ,


وقد يكون قوي الشهوة يحتاج إلى عفة , يحتاج إلى من يعفه فماذا يفعل؟ قد يتأخر إنجابها ,


قد تكون عقيما , فماذا يفعل : يطلقها؟ طلاقها غير مناسب , فكونه يضم إليها أخرى ثانية أو ثالثة خير من طلاقها , فقد يطلقها فتتعطل فلا يطلبها احد , أو يطلبها من هو أشر منه.


فالحاصل: أن في هذا مصالح , قد تمرض المرأة فيحتاج إلى زوجة تقوم بحاله , فالمصالح في هذا كثيرة, وأسباب التعدد كثيرة , ولكن صاحب الهوى لا يفطن لهذا , بل يعمى عن هذا , ويخفي هذا , ولا يلتفت إلى هذا.



فالمقصود أن الواجب على المؤمن أينما كان أن يسعى في الخير , وأن يرتسم الحق , وأن يعتني بالحق , وأن يشجع على الحق بالإنصاف والكلام الطيب ,والأسلوب الحسن , وأن يحذر الاستجابة لدعاة الشيطان , وأذناب الشيطان , ودعاة الهوى , أو يسير في ركابهم طاعة لفلان أو لفلان , بل الحق أحق بالإتباع في كل شيء في التعدد وفي غيره ,



نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق , ونسأل الله أن يوفق المسلمين لما فيه صلاحهم ولما فيه نجاتهم , ولما فيه سعادتهم وأن يوفق حكام المسلمين لتحكيم الشريعة والحكم بها.


وقد سمعتم ما جرى لبعض من ينتسب للإسلام من الحكام أنه منع التعدد , وأراد عقوبة من نسب إليه التعدد , فلما قيل إنها صديقة سمحوا له وعفوا عنه لما غشي الحرام , وأرادوا تعذيبه لما أتى بالحلال , فهذا انتكاس للأمور, وأنا أعرف هذه الدولة التي وقع فيها هذا , وقد كتبنا ردا في هذا.


فالمقصود أن هذا الواقع , وما لا نعلمه ولا ندري عنه أكثر وأكثر , فينبغي للمؤمن أن يستعيذ بالله من الشيطان في كل مجال يتكلم فيه أذناب الشيطان , ويتذرع بالعلم بكتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام ,وأن يصدع بالحق وهذا واجب العلماء , فهذا واجبهم أينما كانوا في الصحافة , وفي الإذاعة , وفي التلفاز, وفي الكتب المؤلفة ,وفي الخطب المناسبة , وفي خطب الجمع ,وفي المجامع حتى يقطعوا ألسنة هؤلاء , ويسكتوا هؤلاء الذين يتكلمون في الإذاعة, أو في التلفاز , أو في غير ذلك , ولهم نشاط كبير في هذا , لأنهم ينوبون عن الشيطان , وعن أولياء الشيطان من النصارى واليهود وغيرهم .



فالواجب على أهل الإيمان أن يكونوا أشجع منهم , وأقوى منهم لرد باطلهم والقضاء على فسادهم وشرهم.


نسأل الله للجميع الهداية وحسن العاقبة ,


ويزيدنا وإياكم من العلم والهدى ,


وأن ينفعنا بما علمنا وسمعنا , وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


إظهار البينات
عن محاسن تعدد الزوجات




 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top