" رسم " الكلمات في القرآن الكريم :

د.سيد آدم

:: عضو مُتميز ::
إنضم
28 مارس 2014
المشاركات
787
نقاط التفاعل
472
النقاط
23

قال الله تعالى حكايةً عن امرأة عزيز مصر : " وَلَقَدۡ رَوَدتُّهُ ۥ عَن نَّفۡسِهِۦ فَٱسۡتَعۡصَمَ‌ۖ و لئن لَّمۡ يَفۡعَلۡ مَآ ءَامُرُهُ ۥ
لَيُسۡجَنَنَّ وَلَيَكُونً۬ا مِّنَ ٱلصَّـٰغِرِينَ " ... سورة يوسف ، الآية رقم 32 .
حين نتدبر الآية الكريمة نلاحظ الآتي :
1- جاءت كتابة كلمة ( راودته ) بدون ألف وسطَى فاصلة على شكل ( رودته ) ما يوحي بأن المراودة كانت مستمرة ولم تنقطع .
2- جاءت كتابة كلمة ( ليكونن ) على شكل كلمة ( ليكوناً ) بعد حذف نون التوكيد المشددة واستبدال تنوين على شكل حرف الألف بها ، وأدغم التنوين في حرف ( م ) الذي هو أول حرف من الكلمة التي بعدها ( من ) ، والحذف والإدغام ينتج عنهما الإسراع من وقع الكلمة ، ويوحي بحسم ، وسرعة ، تنفيذ الامر .
3- جاءت كتابة كلمة ( الصاغرين ) على شكل ( الصغرين ) بعد حذف حرف الألف الوسطَى ما يقلل من حروف الكلمة ويُظهر سعي المرأة لأن تصغّر من شأن يوسف عليه السلام .
هذا من عجائب " رسم الكلمات " في القرآن الكريم تأكيداً على روعة المعنى .
 
آخر تعديل:
بارك الله فيك على الموضوع القيم
 
(2) :
الفــــرق بيـن رسم ( طـغى ) ورسم ( طـغا ) :
مصدر الفعل ( طغى ) هو الطــغيان ، ومعناه : تجاوُز الحد في أي أمر . وقد وردت اللفظة ( طغى ، طغا ) في القرآن الكريم برسمين مخـتلفين : ( طغى ) ، وقد ورد خمس مرات في الآيات ... : " اذهب إلى فرعون إنه طغى " سورة طه الآية رقم 24 ، : " اذهبا إلى فرعون إنه طغى " نفس السورة آية رقم 43 ، : " ما زاغ البصر وما طغى " سورة النجم آية رقم 17 ، : " اذهب إلى فرعون إنه طغى " سورة النازعات آية رقم 17، : " فأما من طغى وءاثر الحياة الدنيا " نفس السورة آية رقم 37 .
ووردت اللفظة برسم ( طـغا ) مرة واحــدة فقط في قوله تعالى : " إنا لما طـغـا الماء حملنكم في الجارية } سورة الحاقة آية رقم 11 . وحين نتأمل الفرق في المعنى الذي خبأه لنا الفرق في الرسم نجد :
- أن المرات الخمس التي ورد فيها الرسم ( طغى ) تتحدث جميعها عن طغيان معنوي ، وهو " تجاوز الحد في الأمور المعنوية " .
- أما المرة الوحيدة التي ورد فيها الرسم ( طغا ) ، فتتحدث عن تجاوز الحد في أمر مادي ، وهو " الماء " ! ما يعني أن ( طغى ) قد استخدمت للطغيان المعنوي ، بينما استخدمت ( طغا ) للطغيان المادي .
 
(3) :
العام والسنة :
قال تعآلى ... : " ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما " سورة العنكبوت الآية رقم 14
والسؤال الآن : لماذا " ألف سنة إلا خمسين عاماً " ؟ !!! .
إن لفظ سنة يطلق على " الأيام الشديدة " / " الصعبة " .
كما جاء قوله تعالى : " تزرعون سبع سنين " سورة يوسف الآية رقم 47 .
ولفظ عام يطلق على " الأيام السهلة " / " أيام الرخاء والنعيم " ... : " ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس " سورة يوسف الآية رقم 49 .
- وبذلك يكون سيدنا نوح قد لبث ألف سنة في مشقة دعوة قومه للإيمان .
كما يكون المصريون ، أيام يوسف عليه السلام ، قد " شقُوا " سبع سنين " ، ثم صار أمرهم إلى اليسر ، وذلك في " عام " " فيه يغاث الناس " و " فيه يعصرون ".
 
بارك الله فيك
الاعجاز القرآني لا مثيل له
سبحان الله و يحمده سبحان الله العظيم
 
(4) :
الفرق بين مرضع ومرضعة :
قال تعالى في أول سورة الحج ، متحدثا عن أهوال الساعة ... : " يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت " .
المرضعُ : هي التي شأنها أن تُرضِعَ .
المرضعةُ : هي التي في " حال الإرضاع " ، مخرجة ثديها لطفلها ،
ولهذا قال تعالى : " تذهل كل مرضعة " ... ولم يقل : كل مرضع ليكون ذلك أعظم في الذهول إذ تنزع ثديها من فم الصبي الذي هو أحب الناس إليها ، وذلك غاية في شدة الهول والفزع .
 
(5) :
قوله تعالى : { أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ { .
إن كل فعل مضارع في القرآن الكريم مجزوم بـ لم ، إذا تقدمتها همزة الاستفهام ، كما هنا ، فيه وجهان :
- الأول : أن تُقلب مضارعتُه ماضوية ، ونفيه إثباتاً ، فيكون بمعنى الماضي المثبت ، لأن " لم " حرفٌ تقلب المضارع من معنى الاستقبال إلى معنى المضي ، وهمزة الاستفهام إنكارية فيها معنى النفي ، فيتسلط النفي الكامن فيها على النفي الصريح في " لم " فينفيه ... ونفي النفي إثبات ، فيرجع المعنى إلى الماضي المثبت . وعليه فالمعنى ، { أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ } أي آن للذين آمنوا .
- والثاني : أن الاستفهام في جميع ذلك للتقرير ، وهو حمل المخاطَب على أن يقر فيقول : بلى . وقوله : يأن : هو مضارع أنى يأنى إذا جاء إناه أي وقته ، ومنه القول :
ولقد أنى لك أن تناهي طائعاً ... أو تستفيق إذا نهاك المرشد
فقوله : أنى لك أن تناهي طائعاً ، أي جاء الإناه الذي هو الوقت الذي تتناهي فيه طائعاً ، أي حضر وقت تناهيك . ويقال في العربية : آن يئين كباع يبيع ، وأنى يأني كرمى يرمي ، وقد جمع اللغتين قول الشاعر :
ألما يئن لي أن تجلى عمايتي ... وأقصر عن ليلى بلى قد أنى ليا
والمعنى على كلا القولين أنه حان للمؤمنين ، وأنى لهم أن تخشع قلوبهم لذكر الله ، أي جاء الحين والأوان لذلك ، لكثرة ما تردد عليهم من زواجر القرآن ومواعظه .
 
(6) :
نقرأ في قوله تعالى ، في الآية رقم 116 من سورة النحل : " وَلَا تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلۡسِنَتُڪُمُ ٱلۡكَذِبَ هَـٰذَا حَلَـٰلٌ۬ وَهَـٰذَا حَرَامٌ۬ لِّتَفۡتَرُواْ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ‌ۚ " كلمةَ (حلال ) بدون " ألِف وسطى " فاصلة ... هكذا : ( حَلَـٰلٌ۬ ) لتوحي لنا بأنه يجب علينا أن " نلتصق " بكل شىء حلال في كل ما نعمله أو نقوله . بينما نقرأ في نفس الموضع من القرآن الكريم كلمة ( حرام ) بألف وسطى فاصلة لتوحي بأنه يجب أن يكون هناك فاصل بيننا وبين الحرام ، وأن نجتنبه ، ونبتعد عنه في كل ما نفعل أو نقول .
هذه واحدة ، وأخرى ، أننا حين ننطق بكلمة ( حَلَـٰلٌ۬ ) نفتح شفاهنا كأنما الدنيا مفتوحة لنا ، أما حين ننطق كلمة ( حرام ) فنُطبق ، في آخرها ، شفاهنا ، وكأن الدنيا ضاقت بنا .
 
(7) :
إفراد " اليمين " ، وجمع " الشمائل " ... وذلك في قوله تعالى ، في الآية رقم 48 من سورة النحل : " يتفيؤا ظلاله عن اليمين والشمائل سجّداً لله وهم داخرون " . اليمين يُقصد بها جهة المشرق ، والشمائل يقصد بها جهة المغرب ... وكل المشرق جهة اليمين ، أما في جهة الغرب فتكثر فيها الظلال ، خاصة بعد الزوال ، ذلك بخلاف جهة المشرق كما أن اليمين جهة مطلع النور / الشمس ، والشمال جهة الظلمة والمغرب . كما أن الله ، تعالى ، وفي القرآن كله ، أفردَ النور وجمعَ الظلمات ... : " يخرجونهم من النور إلى الظلمات " ، ... : " الله وليّ الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور " ، وهذا لأن النور له جهة واحدة ومصدر واحد ، سواء كان نور الهداية أو نور الشمس ، وهو يأتي من السماء ، أما الظلمات ، فمصادرها كثيرة ... كالشيطان والنفس وأصدقاء السوء والوسوسة من الجِنّة والناس . فلمّا كانت اليمين جهة مطلع النور ، تم إفرادها ، ولما كانت الشمال الجهة الأخرى ،وهي تفيد الظلمات ، تم جمعُها .
 
(8) :
في قوله ، تعالى ، في الآيات رقم1 : 3 من سورة الكهف : " ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِىٓ أَنزَلَ عَلَىٰ عَبۡدِهِ ٱلۡكِتَـٰبَ وَلَمۡ يَجۡعَل لَّهُ ۥ عِوَجَاۜ . قَيِّمً۬ا لِّيُنذِرَ بَأۡسً۬ا شَدِيدً۬ا مِّن لَّدُنۡهُ وَيُبَشِّرَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٱلَّذِينَ يَعۡمَلُونَ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ أَنَّ لَهُمۡ أَجۡرًا حَسَنً۬ا . مَّـٰكِثِينَ فِيهِ أَبَدً۬ا " بيانٌ أن " الذين يعملون الصالحات " لهم " أجراًحسناً " ... وليس هو كأي " حَسن " من حيث " كميته ، بل هم " ماكثين فيه أبداً " !!! ،
فالأجر غير مصروف لهم / غير مقبوض يداً بيد ، فهو ليس " في أيديهم " ، وليس " معهم " ، لكنه يحيط بهم بحيث لا يخرجون من الأجر الحسن من حيث " ماكثين فيه " ، ومن حيث محيطٌ بهم .
 
(9) :
كتابة كلمة ( الداعي ) بحذف حرف (ي ) الأخير لتكون ( الداع ) ، كذلك كلمة ( الوادى ) لتكون ( الواد )
1- الداع :
- قوله تعالى : " مُّهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ " الآية 8 من سورة القمر .
- قوله تعالى : " فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُّكُرٍ " الآية 6 من سورة القمر .
- قوله تعالى : " وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ " الآية 186 من سورة البقرة .
2- الواد :
- قوله تعالى : " إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى " الآية 12 من سورة طه .
- قوله تعالى : " إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى " الآية 16 من سورة النازعات .
- قوله تعالى : " وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ " الآية 9 من سورة الفجر .
كتابة القرآن الكريم ، وهي كتابة فريدة ، تحذف الـ ( ي ) لأسباب بيانية تتعلق بالمعنى
... فحين يُحذف حرف الـ ( ي ) من الداع ، فإن ذلك يختصر الكلمة ، ويسرع من وقعها ، ما يدل على الإسراع في الدعوة . كذلك ، فإن حذف حرف الـ ( ي ) من كلمة( الواد ) يضيّق من سعة الكلمة ، ما يوحي بأن الوادي ضيق .
 
(10) :
في قوله تعالى ، في الآيتين رقم 23 ، 24 من سورة الكهف : ( وَلَا تَقُولَنَّ لِشَاْىۡءٍ إِنِّى فَاعِلٌ۬ ذَٲلِكَ غَدًا 23 إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ‌ۚ وَٱذۡكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلۡ عَسَىٰٓ أَن يَهۡدِيَنِ رَبِّى لِأَقۡرَبَ مِنۡ هَـٰذَا رَشَدً۬ا 24 ) نلاحظ :
1- كلمة ( لِشَاْىۡءٍ ) جاءتْ فيها ألف وسطى زائدة ، تُكتب و لا تنطق ، علماً بأن كلمة ( شىء ) جاءتْ في القرءان الكريم 201 مرة بشكلها العادي ، ومرة واحدة ، فقط ، بشكلها المختلف .
وزيادة الألف في مبنى كلمة ( لِشَاْىۡءٍ ) من شأنها أنها تلفت النظرَ إلى هذا الأمر ، وأننا يجب ، حين نريد فعل شىء ، أن نضع في ذهننا مشيئة الله سبحانه وتعالى ، وأنها فوق كل مشيئة .
2- لا بد أن نذكر اللهَ ، و نستغفرَه ، حين ننسى أن نفول ( إلا أن يشاء الله ) .
3- " وَقُلۡ عَسَىٰٓ أَن يَهۡدِيَنِ رَبِّى لِأَقۡرَبَ مِنۡ هَـٰذَا رَشَدً۬ا " ... هنا نفهم كلمة ( هذا ) تعود إلى الذِّكْر بعدَ النسيان ... أي أننا نرجو ربنا أن يهدينا إلى أمرٍ هو أقرب رشداً من الذكر بعد النسيان بحيث نذكر الله دائماً .
من روعة الكتابة القرءانية أن تاتي كلمة ( يهدين ) بحذف حرف الـ ( ي ) في آخرها ، وهى ياء المتكلم ، لأن أصلها ( يهديني ) ، والحذف يختصر الكلمة ، ويسرع في وقعها ، وبذلك فإننا نطلب من الله ، سبحانه ، سرعةَ هدايتنا لذكْره وتسبيحه وشكره عز وجل .
 
(11) :
1- في قوله تعالى ، في الآية رقم 2 من سورة يوسف : " إِنَّآ أَنزَلۡنَـٰهُ قُرۡءَنًا عَرَبِيًّ۬ا لَّعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ " ، وفي قوله تعالى في الآية رقم 3 من سورة الزخرف : " إِنَّا جَعَلۡنَـٰهُ قُرۡءَنًا عَرَبِيًّ۬ا لَّعَلَّڪُمۡ تَعۡقِلُونَ " نجد ما يلفت الانتباه :
1- الآية الأولى تبين أنه ، سبحانه وتعالى ، أنزل القرءان الكريم عربياً " لم " يتعرضْ ، خلال إنزاله لأية شائبة .
2- الآية الثانية تبين أنه ، سبحانه وتعالى ، جعله ، وإلى يوم الدين ، قرءاناً عربياً " لن " يتعرض لأية شائبة .
3- من العجيب ترتيب الآيات: أن " إنزال " القرءان يكون رقم الآية هو الرقم 2 في سورة يوسف ، وأن " جعلَه " " قرءاناً عربياً " إلى يوم الدين يكون رقم الآية هو الرقم 3 في سورة الزخرف ، كما أن سورة يوسف تسبق سورة الزخرف في ترتيب المصحف .
4- نلاحظ التناسق في هاتين الآيتين الكريمتين من ناحية التمثل تماماً ماعدا ( أنزلناه ) و ( جعلناه ) وأنهما تخاطبان العقل .
5- أنه ، ورغم ورود كلمة ( قرءان ) ، وملحقاتها ، بألف وسطى 68 مرة في القرءان كله ، وورود الألف الوسطى الفاصلة تعني أن القرءان الكريم حين تنزّل على الرسول ، عليه الصلاة و السلام ، تنزل متفرقاً ، إلا أنهما الآيتان الوحيدتان في القرءان كله والذي يأتي فيهما لفظ كلمة ( قُرۡءَنًا ) بدون ألف وسطى .
6- أن عدم ورود حرف الألف الوسطى في كلمة ( قُرۡءَنًا ) في هاتين الآيتين يوحي بأنه حين نتدبر القرءان الكريم بعقولنا لا بد أن ناخذه ككل قرءاناً وحدةً واحدةً لا نفرق بين آياته ولا نجتزىء آية ، أو ، آيات ، لنبرر موقفاً معيناً ، لذلك جاءت ( لَّعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ ) في كلتا الآيتين لتعني ربط القرءان الكريم بعضه ببعض ، لأن كلمة ( تعقل ) تأخذ ، أيضاً ، معنى " تربط " .
 
(12) :
كلمةُ " تراب " ، تأتي على شكلين مختلفين :
1- ( تراب ) بالألف الوسطى كاملةَ الحروف ، وذلك لتبين مادة التراب ... وقد وردت أربع عشرة مرة في القرآن الكريم .
2- ( ترب ) بحذف الألف الوسطى ، حيث تنكمش الكلمة للتحقير والتصغير والتهوين ... وقد وردت ثلاث مرات في القرآن الكريم .
امثلة :
- ( تراب ) بالألف الوسطى كاملةً :
1- ... : " مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ " .
2- ... : " فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ " .
- ( ترب ) للتحقير والتهوين :
1- ... : " وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَئِذَا كُنَّا تُرَبًا وَآبَاؤُنَا أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ " .
2- ... : " وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَبًا " .
3- ... : " وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَبًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيد " .
 
(13) :
1- أعداء ( بألف وسطى ) لبيان الحاجز بينهم ، ( إخواناً ) بدون ألف وسطى ، على شكل ( إخونا ) لبيان منتهى القرب و الالتصاق .
2- الكاظمين الغيظ ( بدون ألف وسطى في الكاظمين ) ، على شكل ( الكظمين ) لتبين كظم الغيظ وعدم اتساعه ، العافين عن الناس بألف وسطى في كلمة ( العافين ) لتبين سعة العفو .
3- الطائفين ( بألف وسطى لتبين الحركة ) ، ( العاكفين ) بدون ألف وسطى لتبين الاعتكاف على شكل ( العكفين ) .
4- أحياء ( بألف وسطى لتبين الحركة و الحياة ) ، أموات ( بدون ألف وسطى على شكل ( ( أموت ) لتبين الهمود وعدم الحركة .
 
(14) :
وردت كلمة ( بسم ) ، بالوصل ، ثلاث مرات في القرآن الكريم ، بخلاف فواصل السور :
- ... : " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ " الفاتحة ، الآية رقم 1 ،
- ... : " بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا " هود ، الآية رقم 41 ،
- ... : " إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ " النمل الآية رقم 30 .
ووردت كلمة ( باسم ) ، بالفصل ، أربع مرات في القرآن :
- ... : " نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ . فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ " الواقعة ، الآيتان رقم 73 ، 74 ،
- ... : " إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ . فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ " الواقعة ، الآيتان رقم 95 ، 96 ،
- ... : " اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ " العلق ، الآية رقم 1 ،
- ... : " وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ . فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ " الحاقة ، الآيتان رقم 51 ، 52 .
الملاحَظ أن حذف الألف من كلمة ( بسم ) ، والتي جاء بعدها لفظ الجلالة ( الله ) ، يختصر من حروف الكلمة ، ليدل على سرعة وقع الكلمة ، ويوحي بأنه يجب علينا الوصول إلى الله سبحانه وتعالى ، وعمل الصلات معه بأقصر الطرق وأسرع الوسائل ، وهو ما يدل عليه " اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ " ( الفاتحة ، الآية رقم 6 ) ، وهو الذي يوصل بأسرع ، وأقصر ، الطرق ... لذلك سُميت ( البسملة ) كأنها كلمة واحدة
. والحرف الوحيد الذي يمكن حذفه من كلمة ( باسم ) ، دون تغير نطق الكلمة ، هو حرف الألف ، لذا فقد تم حذفه للتوجه إلى الله ، وأخذ البركة منه في أي عمل نعمله بأسرع ما يمكن ، وبأقصر طريق ... ومعروف أن لفظ الجلالة ( الله ) هو العَلَم على الذات الإلهية ، فلا يشاركه فيه أحد .
كما أنه ملاحَظ في الحالات الأخرى ، وهي التي ورد فيها ( باسم ) كاملاً الحروف في حالتي " اقرأ باسم ربك " ، " فسبح باسم ربك العظيم " ، فان ذلك يدل على اتساع الكلمة وتمهلها ، بحيث حين نقرأ القرآن الكريم لا بد أن نتمهل في القراءة ، ولا نعجل ، وذلك لنتدبر القرءان الكريم ، كما أننا حين نسبح الله ، سبحانه ، فانه يجب أن نتمهل ، ونتدبر ، في التسبيح ، فلا نعجل التسبيح حتى تخشع قلوبنا لله وذِكْرِه عز وجل .
إن حذف حرف من الكلمة يضغط مبناها ، ويسرع من وقعها ، فتؤدي المعنى المطلوب ، وهو السرعة على خير وجه .
 
السلام عليكم و رحمة الله

بارك الله فيك و جزيت كل خير يا رب
 
جزاك الله خير

1%2834%29.jpg
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top