
الحمد لله ربِّ العالمين
و الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء و المرسلين نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


* مقدمة
الأستاذ سيد قطب رحمه الله ليس من العلماء ، فلا يُعرف له ترجيحات في الحديث ، أو الفقه ، أو التفسير ، وإنما هو كاتب أديب ، أحب الإسلام ودافع عنه ، ودعا إليه وقد مات في سبيله ـ فيما يظهر لنا ـ ونسأل الله أن يكون من الشهداء ؛ وله كتابات متنوعة ، فيها الصواب وفيها الخطأ ، والعلماء أنفسهم - وما أدراك ما العلماء على سبيل المثال ابن حجر والنووي وابن الجوزي وابن حزم، فهؤلاء لهم أخطاء في العقيدة إلا أن أخطاءهم لم تجعل أحدا من أبناء الأمة ولا أعلامها يمتـنع من الاستفادة منهم أو يهضمهم حقهم وينكر فضائلهم- وقعوا في أخطاء في العقيدة أو الحديث أو الفقه : لكن لم نرَ أحداً من أهل العلم حرَّم الأخذ منهم بالكلية ، ولا من هجر النقل عنهم مطلقاً ، هذا مع أن منهم دعاة لمذاهبهم العقيدية ، ومتعصبة لمذاهبهم الفقهية ، وهذا من إنصاف أهل السنَّة مع المخالفين . إنتهـ كلمات لشيخ المفترى عليه محمد صالح المنجد حفظه الله
قال الشيخ الألباني -رحمه الله-: رأينا أنه رجل غير عالم وانتهى الأمر!! ماذا تريد - يعني- أكثر من هذا؟!! إن كنتَ تطمع أن نكفِّره، فلستُ من المكفّرين، ولا حتى أنتَ أيضاً من المكفّرين.. لكن ماذا تريد إذاً؟؟!!
يكفي المسلم المنصف المتجرِّد أن يُعطي كل ذي حق حقه، وكما قال تعالى: ﴿ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَآءَهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴾ ، الرجل كاتب، ومتحمّس للإسلام الذي يفهمه، لكن الرجل أولاً ليس بعالم، وكتاباته ( العدالة الاجتماعية) هي من أوائل تآليفه، ولما ألّف كان محض أديب، وليس بعالم، لكن الحقيقة أنه في السجن تطوّر كثيراً، وكتب بعض الكتابات كأنها بقلم سلفي ليست منه، لكن أنا أعتقد أن السجن يُربّي بعض النفوس، ويُوقض بعض الضمائر، فكتب كلمات، يعني يكفي عنوانه الذي يقول: ( لا إله إلا الله، منهج حياة ) ...
لكن إذا كان هو لا يفرِّق بين توحيد الألوهية، وبين توحيد الربوبية، هذا لا يعني أنه لا يفهم توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وأنهما يجعلهما شيئاً واحداً. لكن يعني أنه ليس فقيهاً، وليس عالماً، وأنه لا يستطيع أن يُعبّر عن المعاني الشرعية التي جاءت في الكتاب وفي السنة، لأنه لم يكن عالماً. إنتهـ كلامه رحمه الله وسآتيكم بشريط فيما يأتي .
* فهل يجوز الأخذ عنه رحمه ؟؟ :
الجواب : عند الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله حين سُئِل :
" سيد قطب " رجل ظهر على العالم الإسلامي بفِكر ، واختلف فيه الناس بين ممجد ، وقادح قدحاً شديداً جدّاً ، فنود أن يبين شيخُنا لنا بياناً وافياً عن هذا الموضوع ، وكيف يكون موقف المسلم نحو الرجل ؛ لأن سيداً له أثر في العالم الإسلامي ، وله آثار من كتب ومؤلفات ، فنريد بياناً من فضيلتكم .
فأجاب :
" لا أرى أن يكون النزاع والخصومة بين الشباب المسلم في رجل معين ، لا سيد قطب ولا غير سيد قطب ، بل النزاع يكون في الحكم الشرعي ، ولا غير ، فمثلاً : نعرض قولاً من الأقوال لقطب ، أو لغير قطب ، ونقول : هل هذا القول حق أو باطل ؟ ثم نمحصه إن كان حقّاً : قبلناه ، وإن كان باطلاً : رددناه ، أما أن تكون الخصومة والنزاع بين الشباب ، والأخذ والرد في رجل معين : فهذا غلط ، وخطأ عظيم .
فسيد قطب ليس معصوماً ، ومَن فوقه من العلماء ليسوا معصومين ، ومَن دونه من العلماء ليسوا معصومين ، وكل شخص يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، فيجب قبول قوله على كل حال .
فلذلك أنا أنهى الشباب أن يكون مدار نزاعهم وخصوماتهم على شخص معين أيّاً كان ؛ لأنه إذا كانت الخصومات على هذا النحو : فربما يُبْطل الخصم حقّاً قاله هذا الشخص ، وربما يَنْصُر باطلاً قاله هذا الشخص ، وهذا خطر عظيم ؛ لأنه إذا تعصب الإنسان للشخص وتعصب آخر ضده ، فالذي يتعصب ضده سوف يقول عنه ما لم يقله ، أو يؤول كلامه ، أو ما أشبه ذلك ، والثاني ربما يُنْكِر عنه ما قاله ، أو يوجه ما قاله من الباطل- الله أكبر رحمك الله يا شيخ وهذا ما نراه من المصنفة اليوم -.
يكمل الشيخ فأنا أقول : لا نتكلم في الأشخاص ، ولا نتعصب لأشخاص ، وسيد قطب انتقل من دار العمل إلى دار الجزاء ، والله تعالى حسيبه ، وكذلك غيره من أهل العلم .
أما الحق : فيجب قبوله سواء جاء من سيد قطب ، أو من غيره ، والباطل يجب رده سواء كان من سيد قطب أو من غيره ، ويجب التحذير من أي باطل كُتِب أو سُمِع سواء من هذا ، أو من هذا ، من أي إنسان .
هذه نصيحتي لإخواننا ، ولا ينبغي أن يكون الحديث والمخاصمة والأخذ والرد في شخص بعينه .
أما سيد قطب : فرأيي في آثاره : أنه مثل غيره ، فيه حق وباطل ، ليس أحد معصوماً ، ولكن ليست آثاره مثلاً كآثار الشيخ محمد ناصر الدين الألباني فبينهما كما بين السماء والأرض ، فآثار الرجل الأول هي عبارة عن أشياء أدبية وثقافية عامة ، وليس عنده كما عند الشيخ الألباني في التحقيق والعلم .
ولذلك أنا أرى أن الحق يؤخذ من كل إنسان ، والباطل يُرَد من كل إنسان ، وأنه لا ينبغي لنا بل ولا يجوز لنا أن نجعل مدار الخصومة والنزاع والتفرق والائتلاف هو أسماء الرجال " انتهى .
" لقاءات الباب المفتوح " ( 130 / السؤال رقم 1 ) .
* هل أخذ أحدٌ من أهل العلم المعتد بهم عنه أو نقل له :
الجواب : نعم ومن هم أفضل منه فالحكمة ضالة المؤمن أينما وجدت وجد .
فقد نقل عنه الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله في مقدمة كتابه " مختصر العلو " حوالي ثلاث صفحات ، بدأها بقوله : " ولقد تنبه لهذا أخيرا بعض الدعاة الإسلامين فهذا هوالأستاذ الكبير سيد قطب رحمه الله تعالى فإنه بعد أن قرر تحت عنوان ( جيل قرآني )... " .إنتهـ
ففضلاً عن النقل أنظروا لكلمات التزكية في الأوصاف التي مدحه بها الشيخ الألباني رحمه الله : "الدعاة الاسلاميين " "الأستاذ الكبير" .

كما نقل عنه الشيخ صالح الفوزان حفظه الله أربع نقولات ( من ص 21 – 24 ) وذلك في كتابه " التحقيقات المرضية في المباحث الفرضية " .
* إذن لما تثار حول كتبه هاته الضجة العظيمة حتى كاد يصبح من لم يقدح فيه رحمه الله مبتدعاً ( تكفيرياً / خارجياُّ حرورياً / سرورياً ...الخ من التصنيفات ؟؟:
الجواب في رد الشيخ حمود بن عقلاء الشعيبي رحمه الله
إن سيدا رحمه الله يعد في عصره علما من أعلام أصحاب منهج مقارعة الظالمين والكفر بهم ، ومن أفذاذ الدعاة إلى تعبيد الناس لربهم والدعوة إلى توحيد التحاكم إلى الله ، فلم يقض إلا مضاجع أعداء الله و رسوله كجمال عبدالناصر وأمثاله .. وما فرح أحد بقتله كما فرح أولئك، ولقد ضاق أولئك الأذناب بهذا البطل ذرعا، فلما ظنوا أنهم قد قتلوه إذا بدمه يحيي منهجه ويشعل كلماته حماسا، فزاد قبوله بين المسلمين وزاد انتشار كتبه، لأنه دلل بصدقه وإقدامه على قوة منهجه، فسعوا إلى إعادة الطعن فيه رغبة منهم لقتل منهجه أيضا وأنى لهم ذلك.
فاستهداف سيد قطب رحمه الله لم يكن استهدافا مجردا لشخصه، فهو ليس الوحيد من العلماء الذي وجدت له العثرات، فعنده أخطاء لا ننكرها، ولكن الطعن فيه ليس لإسقاطه هو بذاته فقد قدم إلى ربه ونسأل الله له الشهادة، ولكن الذي لا زال يقلق أعداءه وأتباعهم هو منهجه الذي يخشون أن ينتشر بين أبناء المسلمين . إنتهى كلامه رحمه الله .
* لكن هل يرد عليه ويحذر من أخطائه ؟
الجواب : عند الشيخ الألباني في هذا المقطع المشار إليه آنفاً:
لتثبت إستمعوا تجدون هاته الكلمات في الدقيقة 7
قال السائل: ألا ترى -يا شيخ - مع هذا التأثر وهذه الأمور التي كتبها، أن يُرد عليه؟
فقال الألباني- رحمه الله-: نعم يُرد عليه، ولكن بهدوء وليس بحماس؛ يُرد عليه، وهذا واجب.. ليس الرد على المخطيء محصوراً بشخص أو أشخاص؛ كل من أخطأ في توجيه الإسلام بمفاهيم مبتدَعة، وحديثة ولا أصول لها في الكتاب ولا في السنة، ولا في سلفنا الصالح، والأئمة الأربعة المتبَعين ؛ فهذا ينبغي أن يُرد عليه..
لكن هذا لا يعني أن نعاديه، وأن ننسى أن له شيئاً من الحسنات!! - الله أكبر ، هذا نهج العلماء الربانيين المنصفين وليس أهل التصنيف والتجريح من اجل التجريح -
يكفي أنه رجل مسلم، ورجل كاتب إسلامي -على حسب مفهومه للإسلام كما قلتُ أولاً-، وأنه قُتل في سبيل دعوته للإسلام، والذين قتلوه هم أعداء الإسلام..
أما أنه كان منحرفاً في كثير أو قليل عن الإسلام، فأنا في اعتقادي قبل ما تثور هذه الثورة ضده، أنا الذي قوطعت من جماعة الإخوان المسلمين هنا بزعم أنني كفّرت سيد قطب، وأنا الذي دللت بعض الناس على أنه يقول بوحدة الوجود، في بعض كتاباته في نفس التفسير.. لكن في الوقت نفسه أنا لا أُنكر عليه أنه كان مسلماً، وأنه كان غيوراً على الإسلام، وعلى الشباب المسلم، وأنه يريد إقامة الإسلام، ودولة الإسلام، لكن الحقيقة:
أوردها سعد وسعد مشتمل..ما هكذا يا سعد تورد الإبل
فقال السائل: هل يُحذَّر من كتبه؟ فقال الشيخ الألباني- رحمه الله-: يُحذَّر من كتبه من الذين لا ثقافة إسلامية صحيحة عندهم...إنتهـ كلامه رحمه الله
* وختاما :
قال الشيخ حمود بن عقلاء الشعيبي رحمه الله
لا يسعني إلا أن أذكر أنني أحسب سيدا والله حسيبه يشمله قوله عليه الصلاة والسلام (( سيد الشهداء حمزة، ورجل قام عند سلطان جائر فأمره ونهاه فقتله )) - رواه الحاكم وحسنه الألباني -فنحسب أن سيدا رحمه الله قد حقق ذلك الشرط حيث قال كلمة حق عند سلطان جائر فقتله .. وأنقل كلمة له رحمه الله قبل إعدامه بقليل عندما أعجب أحد الضباط بفرح سيد قطب وسعادته عند سماعه نبأ الحكم عليه بالإعدام "الشهادة" وتعجب لأنه لم يحزن ويكتئب وينهار ويحبط فسأله قائلا : أنت تعتـقد أنك ستكون شهيدا فما معنى شهيد عندك؟ أجاب رحمه الله قائلا : الشهيد هو الذي يقدم شهادة من روحه ودمه أن دين الله أغلى عنده من حياته، ولذلك يبذل روحه وحياته فداء لدين الله .إنتهـ كلامه رحمه الله
لكن نجد اليوم من جعل سبَّ سيد قطب رحمه الله ونقده من علامات أنك من أتباع المنهج السلفي وإلا أنت مبتدع فالألباني إذن مبتدع والفوزان ايضاً لنقلهم عنه كما أن العثيمين والألباني مبتدعون بإتباعهم مسلك الموازنة مع سيد رحمه الله ؟؟؟؟- فلاحول ولا قوة إلا بالله - أنظروا احبتنا في الله مريدوا الحق وليس شيئاً آخر غيره كم تشابه قول العلماء الربانيين في سيد وكأنه صادر عن شخص واحد وكيف لا ؟؟!! وهو المنهج الإسلامي الصحيح والقويم رحمهم الله جمعاً .
اللهم لا تجعل في قلوبنا غلاًّ للذين آمنوا
اللهم أرنا الحق حقاً وأرزقنا إتباعه وأرنا الباطل باطلاً وأرزقنا اجتنابه

حمّل كتاب في ظلال القرآن وبداخله كتاب ( في ظلال القرآن ماله وما عليه )



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته