السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أكد عباسي مدني، رئيس ''الجبهة الإسلامية للإنقاذ'' (المحظورة)، أنه مستعد للمثول أمام أية محكمة شريطة أن تكون عادلة وشرعية حتى لو كانت لاهاي، وشريطة أن يمثل الجميع دون استثناء بما في ذلك الجنرالات والرؤساء والوزراء، وقال عباسي لـ''الخبر الأسبوعي'' من مقر إقامته في الدوحة أنه يجب على الشعب وضع حد للنظام القائم بوسيلة غير الانتخابات التي جرى إفراغها من معناها على حدّ رأيه·
ما هو موقفكم فيما يخص الانتخابات المقبلة؟
الانتخابات شرّعت في الأصل لكي يختار الشعب بحرية من يمثّله ويقوده نحو الأفضل، أما الحاصل في الجزائر فهو أنها أداة لإدامة نظام حكم قائم على القهر والظلم بغير حدّ، ولهذا نادينا الشعب إلى مقاطعة الانتخابات التي لا تحقق الهدف المطلوب، والعهد القادم هو عهد الشعوب التي تتوق إلى الحرية المفضية إلى الحكم القائم على التراضي لا القائم على القمع والقهر بفرض سياسة الأمر الواقع·
هل ينطبق هذا الأمر على الجزائر؟
الجزائر، أبت السلطة أم شاءت، هي في طريقها إلى التغيير، وهي الآن أمام مفترق الطرق وكما قال تعالى ''وهديناه النجدين''، هي أمام طريقين لا ثالث لهما، إما أن يتحمّل الشعب الجزائري الأبي مسؤولياته كاملة بحزم في تأدية ما عليه أن يقوم به من تغيير واقعه المتعفن بدءا بمقاطعة الانتخابات القادمة بوعي راق وإرادة خيرة، وإما لا قدر الله أن يخضع للأمر الواقع المفروض عليه فيضيّع الفرصة مرة أخرى كالتي ضاعت بعد الاستقلال فيكون ذلك على حساب الزمن الحضاري وحساب أجياله المستقبلية·
أتقصدون أن التغيير في الجزائر لا يمكن أن يحصل بيد النظام القائم؟
ذكرنا في ندائنا للمقاطعة أن التغيير في الدول التي تحترم الأنظمة نفسها وتوقر شعبها فإن التغيير عملية جماعية وليست فردية، من خلال الاختيار الحر، صاحب القرار فيها هي الشعوب السيدة، وأما في الجزائر فقد استعملت وسيلة التغيير هذه أي الانتخابات أداة للبقاء في الحكم رغم أنف الشعب الجزائري، بأي حق وبأي منطق· رغم أنني على يقين أن هناك عناصر في السلطة يريدون التغيير لأن تعفن الوضع قد آلمهم، لكن التوجه العام والسائد ليس لديه نية حل الأزمة التي هي أزمة سياسية أساسا·
فهل يبقى الشعب مكتوف اليد دون أن يحرك ساكنا من أجل وضع نهاية لمن ينهب خيراته ويلقي في البحار شبابه ويبعثر عبر العالم طاقاته؟
أليس هو الشعب الذي أخرج بفضل الله وتضحياته الاستعمار الفرنسي وما أدراك ما الاستعمار الفرنسي؟
أليس هو الشعب الذي أخرج بفضل الله وتضحياته الاستعمار الفرنسي وما أدراك ما الاستعمار الفرنسي؟
أليس هو الشعب الذي انتفض في أكتوبر 88 ليقول لا للحفرة ولا لسياسة الحزب الواحد؟
أليس هو الشعب الذي خرج بالأمس القريب متضامنا مع شقيقه الفلسطيني في غزة بالملايين رغم منع النظام بذلك حتى آخر وهلة ورغم أن معاناته لا تقل حجما عن معاناة إخوانه هناك؟
إذا كان الوضع كارثيا إلى هذه الدرجة، ذاق فيه الشعب أشكالا من الفقر والجوع والحرمان رغم الوفرة المالية وامتلاء خزينة الدولة، فكيف يكون الحال إذن خلال السنين العجاف التي وعد بها رئيس الجمهورية نظرا لتفاقم الأزمة المالية؟
إذا كان الوضع كارثيا إلى هذه الدرجة، ذاق فيه الشعب أشكالا من الفقر والجوع والحرمان رغم الوفرة المالية وامتلاء خزينة الدولة، فكيف يكون الحال إذن خلال السنين العجاف التي وعد بها رئيس الجمهورية نظرا لتفاقم الأزمة المالية؟
مخطئ هو من يعتقد أن سفينته ستبقى ثابتة في مكانها رغم تواجدها وسط محيط هائج· إن التغيير صار بهذا الحكم وحسب السنن الكونية حتميا·
هل تود القول أن الانتخابات وسيلة غير مجدية للتغيير؟
بل أقول أنه تم إفراغ معنى الانتخابات من محتواه الصحيح، ومعناه الحقيقي قد أبطل، فالمشروعيات تبطلها التحايلات والتصرفات اللامسؤولة التي أدخلت البلد في طريق الهاوية·
لقد ضاعت الثقة بين السلطة والشعب الذي صار الحل للأزمة الجزائرية المتفاقمة من المستحيلات ما دامت نية الحل لدى السلطة التي هي اللبنة الأساسية لاسترجاع الثقة المفقودة، منعدمة·
كيف تقيّم الوضع في الجزائر حاليا؟
إن الوضع في الجزائر مأساوي وجد متعفن وذلك في جميع مجالات الحياة حسب ما يراه العقلاء·
فالذي تزخر به الجزائر من جميع العوامل المادية والبشرية لتحقيق النهضة الشاملة حولته السلطة من منحة إلى محنة حقيقية يذوق الشعب مرارتها في كل مجالات الحياة، والذي إذا استمر فإنه يرمي مستقبل أجيالنا في المجهول·
كلنا في باخرة واحدة وسط بحر هائج يواجهنا الخطر من كل جانب، ونتجه نحو الغرق، الشعب الجزائري طالت معاناته وتراكمت أزماته وتعفنت أوضاعه·
لكننا نلاحظ أن العالم كله تغير حيث صارت الدول تنطلق في بناء نهضتها، وفي المقابل بقينا نحن في مكاننا، بل تأخرنا، وتخلفنا وهذا الوضع لا يجب ولا يمكن أن يستمر!
إذا كان الوضع سيئا، والنظام كما تقول غير مستعد للتنازل، والمسؤولية موزعة على الجميع، فكيف المخرج؟
لقد أثبتت التجربة وبيّن واقع الحال بأن النظام يود إبقاء الوضع على ما هو عليه·
إذا كان البعض يتحدث عن شيخوخة النظام عبر شيخوخة مسؤوليه، وإذا كانت السيارات التي صنعت قبل 05 سنة قد وضعت في المتحف فإن النظام الجزائري الهرم المفبرك قبل50 سنة رفض التغيير وترك الشعب برمته قائما، مما يبقي لهذا الشعب إلا خيار المقاطعة·
إذا كان البعض يتحدث عن شيخوخة النظام عبر شيخوخة مسؤوليه، وإذا كانت السيارات التي صنعت قبل 05 سنة قد وضعت في المتحف فإن النظام الجزائري الهرم المفبرك قبل50 سنة رفض التغيير وترك الشعب برمته قائما، مما يبقي لهذا الشعب إلا خيار المقاطعة·
''مقاطعة'' ولكن كيف التغيير الذي تتوقعه؟ قدم لنا حلا؟
الحل هو ما جاء في قوله تعالى ''إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم''، بمعنى آخر إن الشعب مسؤول أمام الله وأمام التاريخ وأمام الأجيال المستقبلية أن يغير المنكر ''بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان''، وما مقاطعة الانتخابات المقبلة إلا أضعف الإيمان لوضع حد لهذا النظام التعسفي·
لماذا لا تعود للجزائر وتعملون فيها بشكل علني عبر حزب سياسي وتطرحون أفكاركم على الشعب الجزائري؟
الأجواء السياسية والوسط السياسي الجزائري جد متعفن ولا يبعث إلى الاطمئنان بالمرة، كيف تريد للعمل السياسي في الجزائر أن يكون بناء تحت طائلة حالة الطوارئ، الحريات الفردية والجماعية فيها منعدمة تماما؟ كيف تريد للعمل السياسي أن يكون محترما والمعارض الحقيقي ينظر إليه نظرة العدو اللدود من طرف النظام فيبحث عن أي ذريعة لتحطيمه؟
كيف تريد للعمل السياسي المسؤول أن يتحقق في بلد الرئيس فيها رغم اعترافه بالفشل يخلد في كرسيه إلى أن يموت موتة سيدنا سليمان عليه السلام على عرشه، وحكومته يرأسها فاشل تارة ويدفعنا لذاك بعدها وهكذا دواليك، معارضتها مدجنة وظيفتها الوحيدة مساندة المشروع الفاشل من جهة ومعارضة المعارضة من جهة أخرى·
هذه الأسباب وغيرها تجعلني أقول: لو أعطيت لنا جبال جرجرة ذهبا ما عدنا إلى التعامل في تلك البركة السياسية العفنة، ومخطئ من يظن أن الجبهة الإسلامية صاحبة المشروعية الشعبية المدافعة عن قضية شعبها، تتسول من أجل أن يعاد اعتمادها رسميا لتعود إلى نشاطها السياسي في هذه الظروف التي انعدم فيها أهم الشروط الوجودية للحياة السياسية وهي الحرية·
الأجواء السياسية والوسط السياسي الجزائري جد متعفن ولا يبعث إلى الاطمئنان بالمرة، كيف تريد للعمل السياسي في الجزائر أن يكون بناء تحت طائلة حالة الطوارئ، الحريات الفردية والجماعية فيها منعدمة تماما؟ كيف تريد للعمل السياسي أن يكون محترما والمعارض الحقيقي ينظر إليه نظرة العدو اللدود من طرف النظام فيبحث عن أي ذريعة لتحطيمه؟
كيف تريد للعمل السياسي المسؤول أن يتحقق في بلد الرئيس فيها رغم اعترافه بالفشل يخلد في كرسيه إلى أن يموت موتة سيدنا سليمان عليه السلام على عرشه، وحكومته يرأسها فاشل تارة ويدفعنا لذاك بعدها وهكذا دواليك، معارضتها مدجنة وظيفتها الوحيدة مساندة المشروع الفاشل من جهة ومعارضة المعارضة من جهة أخرى·
هذه الأسباب وغيرها تجعلني أقول: لو أعطيت لنا جبال جرجرة ذهبا ما عدنا إلى التعامل في تلك البركة السياسية العفنة، ومخطئ من يظن أن الجبهة الإسلامية صاحبة المشروعية الشعبية المدافعة عن قضية شعبها، تتسول من أجل أن يعاد اعتمادها رسميا لتعود إلى نشاطها السياسي في هذه الظروف التي انعدم فيها أهم الشروط الوجودية للحياة السياسية وهي الحرية·
الناس يقاطعون الانتخابات بغير حاجة لدعوة منكم وبالتالي فليس هناك استجابة لك بل لأسباب المقاطعين؟
سؤالك يحمل في طياته شهادة حق وهي أن المقاطعة ستتحقق لا محالة وهذا دليل على مدى وعي الشعب الجزائري بالمخاطر التي تحدق به والتي باتت تهدد أجياله، وهذا الذي يهمنا، أما عن مدى استجابته لنا فهذا حكم، والحكم فرع عن التصور، وماذا لو كان تصورك خاطئا هل يكون حكمك كذلك، ما هذا المنطق المعوج؟ إذن كيف يستوي الظل والعود أعوج؟
لننتقل إلى نقطة أخرى، هل شرعت في كتابة مذكراتك؟
سئل الإمام عبد الحميد بن باديس ''لماذا لا تؤلف الكتب؟'' فقال ''أنا أؤلف الكتائب لا الكتب''، وجوابي هو ذاته باستثناء أن تأليف الكتائب قد انتهى عهده بعد انتهاء الثورة التحريرية المباركة، أنا وهبت حياتي في سبيل الله من أجل أن أكون للتاريخ صانعا لا كاتبا ولغيري القيام بذلك·
أقول هذا لأنك متهم من قبل كثيرين بكونك السبب في مقتل 150 ألف جزائري، وهناك من يطالب بإحالتك على محكمة لاهاي للمجرمين ضد الإنسانية، ولذا يجب أن تدوّن روايتك وتدافع عن نفسك؟
عجبا لسؤالك هذا، أولا أصحح معلوماتك، هنالك قرابة 250ألف، أي ربع مليون قتيل على الأرجح· ثانيا، لقد ذكرت في عدة مناسبات أنه لا مخرج من الأزمة الدامية إلا من خلال فض النزاع بتجسيد المصالحة الحقيقية لا الشكلية، وهنالك رؤيتان حول كيفية التعامل مع حصيلة العشرية الدموية الأليمة فهناك من رأى بأنه لا بد من محاسبة الجميع وهذا رأي يحترم لأن من حق الشعب معرفة الحقيقة كل الحقيقة، كما أن هنالك طرحا ثانيا يرى بأنه لا بد من طي صفحة الماضي لأجل مسمى، بحكم أن ما وقع قد دخل في حكم التاريخ ولا نستطيع تغييره وحتى لا نبقى ندور حول حلقة مفرغة لا نهاية على حساب مستقبل أبنائنا المهدد، علما أن بإمكاننا إن توفرت لدينا الإرادة الصادقة أن نحول المحنة إلى منحة وأن ننقذ بلادنا من التمادي في التخلف والتردي، وكانت هذه قناعتي·
لقد توفرت فرصة لكم في مفاوضات البليدة مع الجنرال زروال، فلِمَ لم تستغلوها؟
باختصار شديد، كانت هناك في تلكم الفترة إرادة من طرف اليمين زروال ومن طرفنا لإيجاد مخرج للأزمة التي كانت تهدد البلاد بالدمار والعباد بالضياع·
باختصار شديد، كانت هناك في تلكم الفترة إرادة من طرف اليمين زروال ومن طرفنا لإيجاد مخرج للأزمة التي كانت تهدد البلاد بالدمار والعباد بالضياع·
وتوالت الحوارات المباشرة الجادة والتمسنا الدنو من الحل الذي كان من شأنه إبعاد شبح الحرب والعنف، فإذا به فجأة تتحرك يد خفية لتجهض كل هذه المساعي الخيّرة قصد إقحام الجزائر في النفق المظلم الذي عاشته بإبراز الحل الأمني على حساب الحل السياسي الذي هو أساس المشكلة والذي كدنا نتوصل إليه· ''والله غالب على أمره''·
هل أنت مستعد للمحاكمة؟
إذا استقر الأمر على الرأي الأول أي محاسبة الجميع دون استثناء جنرال أو رئيس أو وزير أو··· فأنا مستعد أن أمثل أمام أية محكمة شريطة أن تكون عادلة وشرعية حتى لو كانت لاهاي كما تزعمون· لكن أن نساوي بين الضحية والجلاد بل نعطي الحصانة للجلاد ونجرّد الضحية من جميع حقوقها الوجودية كما جاء في ميثاق السلم والمصالحة فهذا كيل بمكيالين ''ما لكم كيف تحكمون''·· عودوا إلى الشعب، والشعب ليس غبيا ويدرك من هو صاحب هذه المزاعم ولا الغبي بقي يخدعه·
كيف يعيش الشيخ حاليا؟ وهل تفكرون في العودة للجزائر أم أنتم مرتاحون لوضعكم الحالي؟
أنا مهاجر في سبيل الله ومن أجل مناصرة قضايا الأمة العربية والإسلامية عامة وقضية الشعب الجزائري خاصة·
متى تعود للجزائر بدلا من ممارسة المعارضة الإعلامية؟
لم أفكر ولم تبد أي مشجعات العودة ما دامت بلادي بقيت على ما هي عليه في وضعية اللاسلم واللاحرب، نسأل الله أن يأتيا بفرج من عنده بعودة الجزائريين إلى رشدهم، لأن الجزائر بحاجة إلى تآخيهم وتعاونهم والجد في إعادة الثقة بينهم من أجل إنقاذ بلدهم من الذي يهدده·
كيف تتحدثون عن الجزائر وأنتم بعيدون عنها؟ هل لديكم أي تواصل مع الجزائر؟
بطبيعة الحال أتواصل مع أسرتي وأحبائي كما هو الحال لكل مغترب يعيش بعيدا عن وطنه وأهله··· بل الأغرب من ذلك، أجدني مطلعا أكثر أحيانا من الذين يعيشون في الجزائر ولله الحمد·
بطبيعة الحال أتواصل مع أسرتي وأحبائي كما هو الحال لكل مغترب يعيش بعيدا عن وطنه وأهله··· بل الأغرب من ذلك، أجدني مطلعا أكثر أحيانا من الذين يعيشون في الجزائر ولله الحمد·
وكيف ترون المشهد الإعلامي الجزائري؟
في غياب الحريات الديمقراطية لا يتوقع نهضة إعلامية إلا بالقدر المحدود·
ما رأيكم في الجماعات المسلحة التي تقتل الجزائريين حاليا؟ وهل هي نتاج لمشروعكم الفكري؟
الجبهة الإسلامية حزب سياسي استمد مشروعيته من الشعب عبر استحقاقات شهد لها العدو قبل الصديق بنزاهتها وشفافيتها، وما تزال تصر على محاولة حل المشكلة سياسيا لا غير·
والعنف منبوذ ولا يخدم مصلحة البلاد والعباد بتاتا، لأن الجزائر أحوج ما تكون إلى من يبني ولا إلى من يهدم لكن ثقافة العنف هذه بدأت منذ الاستقلال باغتصاب القرار من صاحبه وهو الشعب الجزائري وبمصادرة جميع الحريات الفردية والجماعية وبنهج سياسة الظلم والقهر إلى غاية انتفاضة أكتوبر، 8891 وما أن استنشق الشعب أكسجين الحرية واسترجع آماله في بناء دولته وتشييد عمرانه حتى أجهضت السلطة التجربة الديمقراطية وانتقمت من الشعب فأقحمت البلاد في أتون الحرب التي أهلكت الحرث والنسل·
وللتذكير، لم يكن للحركات المسلحة في جملتها أي وجود قبل إجهاض التجربة الديمقراطية في الجزائر، كما لم يوجد لتنظيم القاعدة في العراق قبل الاحتلال الأمريكي السافر، فالعنف هو الذي يبرر العنف المضاد والضغط على جميع الجبهات السياسية والاقتصادية والاجتماعية هو الذي يولد الانفجار·
نعيد ونكرر، بما أن المشكلة في الجزائر سياسية فإن محاولة حلها أمنيا لن يحل الأزمة بل يزيدها تفاقما وتعفنا، وهذا ما يرغب الطرف الذي يريد إبقاء الجزائر في التردي والتخلف والتأزم إلى ما لا نهاية·
الجبهة الإسلامية حزب سياسي استمد مشروعيته من الشعب عبر استحقاقات شهد لها العدو قبل الصديق بنزاهتها وشفافيتها، وما تزال تصر على محاولة حل المشكلة سياسيا لا غير·
والعنف منبوذ ولا يخدم مصلحة البلاد والعباد بتاتا، لأن الجزائر أحوج ما تكون إلى من يبني ولا إلى من يهدم لكن ثقافة العنف هذه بدأت منذ الاستقلال باغتصاب القرار من صاحبه وهو الشعب الجزائري وبمصادرة جميع الحريات الفردية والجماعية وبنهج سياسة الظلم والقهر إلى غاية انتفاضة أكتوبر، 8891 وما أن استنشق الشعب أكسجين الحرية واسترجع آماله في بناء دولته وتشييد عمرانه حتى أجهضت السلطة التجربة الديمقراطية وانتقمت من الشعب فأقحمت البلاد في أتون الحرب التي أهلكت الحرث والنسل·
وللتذكير، لم يكن للحركات المسلحة في جملتها أي وجود قبل إجهاض التجربة الديمقراطية في الجزائر، كما لم يوجد لتنظيم القاعدة في العراق قبل الاحتلال الأمريكي السافر، فالعنف هو الذي يبرر العنف المضاد والضغط على جميع الجبهات السياسية والاقتصادية والاجتماعية هو الذي يولد الانفجار·
نعيد ونكرر، بما أن المشكلة في الجزائر سياسية فإن محاولة حلها أمنيا لن يحل الأزمة بل يزيدها تفاقما وتعفنا، وهذا ما يرغب الطرف الذي يريد إبقاء الجزائر في التردي والتخلف والتأزم إلى ما لا نهاية·
تتناولون الموضوع من زاوية سياسية، والسؤال أمني قبل كل شيء· كيف تنظرون للقاعدة أصلا؟
موضوع القاعدة فهو مربط فرس بوش وأذنابه في العالم الذين ارتبطوا به وبمشروعه (مكافحة الإرهاب)، ارتباط الظل بالشجرة، فما أن أفل نجم بوش حتى أفلوا، ولم يعد هذا السيف القديم للمعركة الجديدة وفي الواقع الجديد المتجدد أي معنى· إن محاولة القضاء على (الإرهاب) دون وضع حد لإرهاب النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي شبيهة بمن يصب الزيت على النار بغية إطفائها لا غير· فلنعد إلى العقل وإلى الرشد وإلى المنطق، منطق قوة المشروعية وليست مشروعية القوة، ومهما استعمل النظام من قوة فلن يسلم من سنن التغيير إن آجلا أو عاجلا· ''وفرعون ذي الأوتاد الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد'' (هذه هي المقدمة) ''فصب عليهم ربك صوط عذاب، إن ربك لبالمرصاد'' (كنتيجة للطغيان والفساد)·
ماذا عن بقية الأحزاب الإسلامية الجزائرية، كيف تقيّمون تجربتها بعد هذه السنوات الطوال من العمل السياسي؟
هي ضحية من فبركها وهي باقية تدور حول دائرة مفرغة حتى تفنى·
''الخبر الأسبوعي''
''الخبر الأسبوعي''