دعوة التقارب مع الرافضة خيانة عظمي وجريمة كبري وغفلة شنعاء
تقديم
الحمد لله الذي هدانا للإسلام وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، وشرفنا بالانتساب إلى ملة خير الأنام محمد بن عبد الله، سيد العرب والعجم والجان، صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه الكرام من المهاجرين والأنصار ومن تبعهم بإحسان إلى يوم يقوم الأشهاد، إذ هذه الطوائف الثلاثة هم المسلمون المهتدون الأخيار.
قال تعالى مبيناً من له حق في فيء المسلمين: " مَّا أَفَاء اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاء مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ. لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلا مِّنَ اللهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ. وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ3 وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ".
ولهذا قال مالك رحمه الله: "من أصبح وفي قلبه غل على أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس له حق في فيء المسلمين"، ثم تلا هذه الآيات: "مَّا أَفَاء اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى.."، لأنها جمعت أوصاف المسلمين إلى يوم القيامة.
وبعد..
فإن بعض الناس يرفعون في هذا العصر من حين لآخر دعوى التقارب بين السنة والشيعة، بغرض تجميع المسلمين وتوحيد صفوفهم ضد قوى الشر والطغيان، وقد كان لبعض علماء الأزهر دور كبير في رفع هذا الشعار والترويج له، إلى درجة أن فتح لذلك دار5 في مصر تعنى بمسألة التقريب هذه.
وما من عاقل يرفض من حيث المبدأ فكرة تجميع كل أهل القبلة ولمِّ شتاتهم، لأن الاختلاف شر، والفتنة مهلكة، ولكن اقتضت حكمته جل جلاله: "وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ. إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ"، ولن تجد لسنة الله تبديلاً ولن تجد لسنة الله تحويلاً.
ومثل هذه الدعاوى تخالف سنة من سنن الله الكونية "وَلَوْلاَ دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ"فهذا مطلب عزيز، وليس كل ما يتمنى المرء يدركه.
وبادئ ذي بدء لابد لنا من التنبيه على أننا لا نشك في حسن نوايا غالبية من يدعون إلى ذلك، وأن هدفهم من تلك الدعوة نبيل، وغرضهم ومقصدهم كريم إن شاء الله، كيف لا وقد رفع هذا الشعار بعض الأخيار من الدعاة وانخدعوا به.
وذلك لعدة أسباب، منها:
1. اعتقادهم أن الخلاف بين السنة والشيعة مجرد خلاف فقهي في الفروع، وأن المدى بين السنة والشيعة كالمدى بين المذهب الحنفي والشافعي مثلاً، فطالما أننا ندعو إلى الجمع والتوفيق والتفاهم بين أتباع المذاهب الأربعة، فما الذي يمنعنا ويصدنا من الدعوة إلى التقارب مع أتباع المذهب الجعفري؟! وهم الشيعة الإمامية الإثنا عشرية، فلابد من توحيد الصفوف ولم الشمل.
يقول الشيخ محمد الغزالي رحمه الله: (إن المدى بين الشيعة والسنة كالمدى الذي بين المذهب الفقهي لأبي حنيفة والمذهب الفقهي لمالك والشافعي).
وقال الشيخ عمر التلمساني رحمه الله موضحاً العلة لدعوة التقريب بين السنة والشيعة التي يقوم بها بعض قادة الحركات الإسلامية: (إننا لم نفعل ذلك لحملهم على ترك مذهبهم، ولكن للتقريب بين المذاهب الإسلامية إلى أقرب حد).
قلت: لو كان الهدف حملهم على ترك مذهبهم لكان الأفضل.
وجاء في بيان أصدره الإخوان المسلمون بالأردن: (لقد كان من أولويات طموحات إمامنا الشهيد حسن البنا أن يتجاوز المسلمون عن خلافاتهم الفقهية والمذهبية، ولقد بذل رحمه الله جهوداً دؤوبة في التقريب بين السنة والشيعة، تمهيداً لإلغاء جميع مظاهر الخلاف بينهما).
2. اعتقاد البعض أن الخلافات العقدية في الأصول بين السنة والشيعة – الرافضة – خلافات تاريخية عفا عليها الدهر، وأن الشيعة المعاصرين لا يؤمنون بها ولا يعتقدونها، فمالنا نحاسب هؤلاء بعقائد فاسدة كان عليها أسلافهم لا ذنب لهم فيها؟! "وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى".
3. اعتقادهم أن الثورة التي قام بها الخميني ثورة إسلامية، وأن الشعارات التي رفعوها شعارات إسلامية، مما يحتم على جميع المسلمين مساندتها، والوقوف من خلفها، وحمايتها.
قال الشيخ أبو الأعلى المودودي رحمه الله حاضاً المسلمين على تأييد ثورة الرافضة: (وثورة الخميني ثورة إسلامية، والقائمون عليها هم جماعة إسلامية، وشباب تلقوا التربية في الحركات الإسلامية، وعلى جميع المسلمين عامة، والحركات الإسلامية خاصة، أن تؤيد هذه الثورة، وتتعاون معها في جميع المجالات).
وقال أبو النصر مرشد الإخوان المسلمين الأسبق: (بالنسبة لإيران الصحوة التي قاموا بها كلنا معجبون بها، خصوصاً بعد الظلم الذي كان قائماً في مدة الشاة، فحسبنا أنه شعب عاوز ينطلق، وعاوز يعيد للإسلام كيانه، نحن متعاطفين معه من الناحية دي مش عاوزة كلام، ثم أيضاً لا نثير حكاية سنة وشيعة، نكره هذا ونبغضه تماماً، والإمام البنا كان عمل لجنة للتقريب بين المذاهب تحث على هذا المبدأ، لأن الكل يؤمن بإله واحد، وكتاب واحد، ونبي واحد).
وجاء في مقال نشر في جريدة "الصباح الجديد" التي يصدرها الاتجاه الإسلامي بجامعة الخرطوم بتاريخ 27/2/1982م مستنكراً أن بعض المشايخ لم يستبشروا خيراً بقيام الثورة الإيرانية: (.. مع تباشير النصر مشايخ الخليج يصدرون الفتاوى ضد الخميني، ضد إسلام القيم، أن يقف الإعلام الغربي ضد الحكومة الإسلامية في إيران فهذا شيء مألوف، وأن يعارضها الشيوعيون فهذا شيء طبيعي، ولكن لماذا يعاديها شيوخ الخليج، وتحت مظلة الدين؟
أوبعبارة أخرى الإسلام ضد الإسلام، ولكنه إسلام الركون ضد إسلام الجهاد، وإسلام أعوان الظلمة ضد إسلام جند الله المجاهدين، على أنهم يتمنون من أعماق قلوبهم أن تكون هذه الثورة باطلاً).
4. حرص بعض الأخيار على تجميع المسلمين.
5. تكتل كل قوى الشر على الإسلام والمسلمين، سيما في هذا العصر، دفع كثيراً من المتحمسين لرفع هذه الدعوة.
ومن العجيب الغريب أن دعوة التقريب هذه قامت من جانب واحد وهم أهل السنة، أما الشيعة فهم غير مقتنعين بها، ولذلك لم يبدوا أدنى مجهود لا في الماضي ولا بعد قيام ثورة الخميني للتقريب في ديارهم، ولا للتنازل والتنصل عن معتقداتهم الباطلة.
ففي آخر اجتماع للمؤتمر الشعبي العربي الإسلامي في الخرطوم دعا مندوب من اليمن وحث على عملية التقريب هذه، ولكن سرعان ما استدرك عليه المندوب الشيعي بأن التعاون يكون فقط في المجال السياسي، أما المجال الديني فليس له من سبيل.
وصدق القائل: "من يهن يسهل الهوان عليه".
وليس أدل على ذلك من سوء المعاملة والاضطهاد اللذين يعاني منهما أكثر من عشرة ملايين سني في إيران، يقول مؤلف كتاب "أحوال أهل السنة في إيران"14: (لقد عرفنا سابقاً أنه يعيش في إيران نحو عشرة ملايين نسمة من أهل السنة، ولا توجد لهم المعاهد الشرعية، ولا الجامعات والكليات، اللهم إلا بعض مدارس دينية أهلية في بعض المناطق).
ويقول الشيخ محب الدين الخطيب: (ومما لا ريب فيه أن الشيعة الإمامية هي التي لا ترضى بالتقريب، ولذلك ضحت وبذلت لنشر دعوة التقريب15 في ديارنا، وأبت وامتنعت أن يرتفع له صوت أوتخطى في سبيله أي خطوة في البلاد الشيعية).16
هذه أهم الأسباب التي جعلت كثيراً من الطيبين يرفعون هذا الشعار، ويرحبون به، ويدعون له، ويعقدون المؤتمرات والاجتماعات من أجله.
وبعد..
فهل حقاً أن المدى بين السنة والشيعة كالمدى ما بين المذاهب السنية المتبعة: الحنفي، والمالكي، والشافعي، والحنبلي؟ وأن الخلاف بين السنة والشيعة خلاف في الفروع كما زعم دعاة التقارب؟ وهل يمكن الجمع بين المتضادين؟ بين الفرقة الناجية المنصورة وبين فرقة نارية جهنمية بحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ستفترق هذه الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة"، قيل: ما الواحدة؟ قال: "ما أنا وأصحابي عليه اليوم"17، وما خطورة هذه الدعوة وآثارها السلبية؟
تقديم
الحمد لله الذي هدانا للإسلام وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، وشرفنا بالانتساب إلى ملة خير الأنام محمد بن عبد الله، سيد العرب والعجم والجان، صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه الكرام من المهاجرين والأنصار ومن تبعهم بإحسان إلى يوم يقوم الأشهاد، إذ هذه الطوائف الثلاثة هم المسلمون المهتدون الأخيار.
قال تعالى مبيناً من له حق في فيء المسلمين: " مَّا أَفَاء اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاء مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ. لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلا مِّنَ اللهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ. وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ3 وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ".
ولهذا قال مالك رحمه الله: "من أصبح وفي قلبه غل على أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس له حق في فيء المسلمين"، ثم تلا هذه الآيات: "مَّا أَفَاء اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى.."، لأنها جمعت أوصاف المسلمين إلى يوم القيامة.
وبعد..
فإن بعض الناس يرفعون في هذا العصر من حين لآخر دعوى التقارب بين السنة والشيعة، بغرض تجميع المسلمين وتوحيد صفوفهم ضد قوى الشر والطغيان، وقد كان لبعض علماء الأزهر دور كبير في رفع هذا الشعار والترويج له، إلى درجة أن فتح لذلك دار5 في مصر تعنى بمسألة التقريب هذه.
وما من عاقل يرفض من حيث المبدأ فكرة تجميع كل أهل القبلة ولمِّ شتاتهم، لأن الاختلاف شر، والفتنة مهلكة، ولكن اقتضت حكمته جل جلاله: "وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ. إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ"، ولن تجد لسنة الله تبديلاً ولن تجد لسنة الله تحويلاً.
ومثل هذه الدعاوى تخالف سنة من سنن الله الكونية "وَلَوْلاَ دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ"فهذا مطلب عزيز، وليس كل ما يتمنى المرء يدركه.
وبادئ ذي بدء لابد لنا من التنبيه على أننا لا نشك في حسن نوايا غالبية من يدعون إلى ذلك، وأن هدفهم من تلك الدعوة نبيل، وغرضهم ومقصدهم كريم إن شاء الله، كيف لا وقد رفع هذا الشعار بعض الأخيار من الدعاة وانخدعوا به.
وذلك لعدة أسباب، منها:
1. اعتقادهم أن الخلاف بين السنة والشيعة مجرد خلاف فقهي في الفروع، وأن المدى بين السنة والشيعة كالمدى بين المذهب الحنفي والشافعي مثلاً، فطالما أننا ندعو إلى الجمع والتوفيق والتفاهم بين أتباع المذاهب الأربعة، فما الذي يمنعنا ويصدنا من الدعوة إلى التقارب مع أتباع المذهب الجعفري؟! وهم الشيعة الإمامية الإثنا عشرية، فلابد من توحيد الصفوف ولم الشمل.
يقول الشيخ محمد الغزالي رحمه الله: (إن المدى بين الشيعة والسنة كالمدى الذي بين المذهب الفقهي لأبي حنيفة والمذهب الفقهي لمالك والشافعي).
وقال الشيخ عمر التلمساني رحمه الله موضحاً العلة لدعوة التقريب بين السنة والشيعة التي يقوم بها بعض قادة الحركات الإسلامية: (إننا لم نفعل ذلك لحملهم على ترك مذهبهم، ولكن للتقريب بين المذاهب الإسلامية إلى أقرب حد).
قلت: لو كان الهدف حملهم على ترك مذهبهم لكان الأفضل.
وجاء في بيان أصدره الإخوان المسلمون بالأردن: (لقد كان من أولويات طموحات إمامنا الشهيد حسن البنا أن يتجاوز المسلمون عن خلافاتهم الفقهية والمذهبية، ولقد بذل رحمه الله جهوداً دؤوبة في التقريب بين السنة والشيعة، تمهيداً لإلغاء جميع مظاهر الخلاف بينهما).
2. اعتقاد البعض أن الخلافات العقدية في الأصول بين السنة والشيعة – الرافضة – خلافات تاريخية عفا عليها الدهر، وأن الشيعة المعاصرين لا يؤمنون بها ولا يعتقدونها، فمالنا نحاسب هؤلاء بعقائد فاسدة كان عليها أسلافهم لا ذنب لهم فيها؟! "وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى".
3. اعتقادهم أن الثورة التي قام بها الخميني ثورة إسلامية، وأن الشعارات التي رفعوها شعارات إسلامية، مما يحتم على جميع المسلمين مساندتها، والوقوف من خلفها، وحمايتها.
قال الشيخ أبو الأعلى المودودي رحمه الله حاضاً المسلمين على تأييد ثورة الرافضة: (وثورة الخميني ثورة إسلامية، والقائمون عليها هم جماعة إسلامية، وشباب تلقوا التربية في الحركات الإسلامية، وعلى جميع المسلمين عامة، والحركات الإسلامية خاصة، أن تؤيد هذه الثورة، وتتعاون معها في جميع المجالات).
وقال أبو النصر مرشد الإخوان المسلمين الأسبق: (بالنسبة لإيران الصحوة التي قاموا بها كلنا معجبون بها، خصوصاً بعد الظلم الذي كان قائماً في مدة الشاة، فحسبنا أنه شعب عاوز ينطلق، وعاوز يعيد للإسلام كيانه، نحن متعاطفين معه من الناحية دي مش عاوزة كلام، ثم أيضاً لا نثير حكاية سنة وشيعة، نكره هذا ونبغضه تماماً، والإمام البنا كان عمل لجنة للتقريب بين المذاهب تحث على هذا المبدأ، لأن الكل يؤمن بإله واحد، وكتاب واحد، ونبي واحد).
وجاء في مقال نشر في جريدة "الصباح الجديد" التي يصدرها الاتجاه الإسلامي بجامعة الخرطوم بتاريخ 27/2/1982م مستنكراً أن بعض المشايخ لم يستبشروا خيراً بقيام الثورة الإيرانية: (.. مع تباشير النصر مشايخ الخليج يصدرون الفتاوى ضد الخميني، ضد إسلام القيم، أن يقف الإعلام الغربي ضد الحكومة الإسلامية في إيران فهذا شيء مألوف، وأن يعارضها الشيوعيون فهذا شيء طبيعي، ولكن لماذا يعاديها شيوخ الخليج، وتحت مظلة الدين؟
أوبعبارة أخرى الإسلام ضد الإسلام، ولكنه إسلام الركون ضد إسلام الجهاد، وإسلام أعوان الظلمة ضد إسلام جند الله المجاهدين، على أنهم يتمنون من أعماق قلوبهم أن تكون هذه الثورة باطلاً).
4. حرص بعض الأخيار على تجميع المسلمين.
5. تكتل كل قوى الشر على الإسلام والمسلمين، سيما في هذا العصر، دفع كثيراً من المتحمسين لرفع هذه الدعوة.
ومن العجيب الغريب أن دعوة التقريب هذه قامت من جانب واحد وهم أهل السنة، أما الشيعة فهم غير مقتنعين بها، ولذلك لم يبدوا أدنى مجهود لا في الماضي ولا بعد قيام ثورة الخميني للتقريب في ديارهم، ولا للتنازل والتنصل عن معتقداتهم الباطلة.
ففي آخر اجتماع للمؤتمر الشعبي العربي الإسلامي في الخرطوم دعا مندوب من اليمن وحث على عملية التقريب هذه، ولكن سرعان ما استدرك عليه المندوب الشيعي بأن التعاون يكون فقط في المجال السياسي، أما المجال الديني فليس له من سبيل.
وصدق القائل: "من يهن يسهل الهوان عليه".
وليس أدل على ذلك من سوء المعاملة والاضطهاد اللذين يعاني منهما أكثر من عشرة ملايين سني في إيران، يقول مؤلف كتاب "أحوال أهل السنة في إيران"14: (لقد عرفنا سابقاً أنه يعيش في إيران نحو عشرة ملايين نسمة من أهل السنة، ولا توجد لهم المعاهد الشرعية، ولا الجامعات والكليات، اللهم إلا بعض مدارس دينية أهلية في بعض المناطق).
ويقول الشيخ محب الدين الخطيب: (ومما لا ريب فيه أن الشيعة الإمامية هي التي لا ترضى بالتقريب، ولذلك ضحت وبذلت لنشر دعوة التقريب15 في ديارنا، وأبت وامتنعت أن يرتفع له صوت أوتخطى في سبيله أي خطوة في البلاد الشيعية).16
هذه أهم الأسباب التي جعلت كثيراً من الطيبين يرفعون هذا الشعار، ويرحبون به، ويدعون له، ويعقدون المؤتمرات والاجتماعات من أجله.
وبعد..
فهل حقاً أن المدى بين السنة والشيعة كالمدى ما بين المذاهب السنية المتبعة: الحنفي، والمالكي، والشافعي، والحنبلي؟ وأن الخلاف بين السنة والشيعة خلاف في الفروع كما زعم دعاة التقارب؟ وهل يمكن الجمع بين المتضادين؟ بين الفرقة الناجية المنصورة وبين فرقة نارية جهنمية بحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ستفترق هذه الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة"، قيل: ما الواحدة؟ قال: "ما أنا وأصحابي عليه اليوم"17، وما خطورة هذه الدعوة وآثارها السلبية؟