- إنضم
- 18 مارس 2009
- المشاركات
- 6,389
- نقاط التفاعل
- 55
- النقاط
- 317
- العمر
- 37
http://i40.***********/kamy2s.jpg
أمي تحكي لي عن يوم مولدي...
أطل فصل الخريف لبست الطبيعة ثوبا حزينا فاكفهر وجه السماء بسحب و غيوم تلتها منه تنهيدة أرسلت بها رياح لها صفير إنذار و إعلان الطوارئ على أديم الأرض..
بعد أن وهنت أوراق الشجر و اصفر محياها و انكمشت ملامحها و يبس عودها فأصبحت تتشبث بفروعها تشبث الغريق بعشبة تحتضر ..بمجرد هبوب الرياح
و الإعلان الرسمي على وفاتها..و اقتلاعها من منبتها ومهد شبابها وعنفوانها فهاهي تقذفها إلى مكان مجهول فصارت تتمايل تمايل غنج و تراقص المذبوح في فضاء شاسع يكون مآلها إلى الأرض موقع الموت الذي ينبت الحياة بعد حين ..بعد حين تتفسخ و تتعفن و تصبح مادة خام لحياة أخرى جديدة كانت نباتية أو حيوانية....
http://i40.***********/dqrl6x.jpg
استطردت أمي و قالت....
في ذلك الفصل و في أحد لياليه كان بيت صغير يقبع عند سفح جبل ينبعث نور
خافت من مصباح زيتي ، لعدم وصول الكهرباء إلى تلك الرقعة المنسية .. في تلك القرية التي أنجبت العظماء و كانت معقلا و عرينا لأسود الثورة التحريرية...
و كانت في زاوية البيت نسوة من القرية يحطنني بنظرات ترقب المجهول أيكون..
خيرا أم شرا ...فمنهن من صكت و جهها ومن منهن من هزت رأسها يمنة ويسرة..
و منهن من عذبت أرضية البيت ذهابا و أيابا..و أنا أتلوى و أتلظى من نار على..
هذا الحصار و أقتات من ألم المخاض..و عجوز تقابلي و تنتظر اللحظة الحاسمة..
و كلها فخر واعتداد بالنفس، رغم أنها لم تقع عيناها على الحروف الهجائية ..
و حتى إن وقعت عليها تعتبرها طلاسم ..فهذه المرأة العجوز تعتبر طبيبة القرية
في التوليد اكتسبت الخبرة من توليد بقرتها الوحيدة مصدر رزقها..و بعدها ..
البقرات البشرية التي أكسبتها الشهرة و المعيشة الميسورة..
تابعت أمي حكايتها..
كان جبيني يتصبب عرقا و قلبي إزداد خفقانا و الألم يعصرني عصرا..
بعد حين إنطلق صراخك بكاؤك بلا دموع ..و انطلق من حولى بكاء النسوة
و ثقبت أذناي كلمة منهن ..لماذا ياربي ؟!..إنها بنت !!!
فأخذتني ثورة من الغضب الجامح و أنطلق مني عنان الإنتقام ممن يكفرون
بنعمة الله وانفجرت صائحة إبتعدن عني إنها إبنتي و أنا معتزة بها...
إنها قطعة مني لا أسمح لأحد أن يهينها..يا إلهي المسكينة لم تفتح عينها بعد،..
على هذا العالم الرهيب و تهاجم قبل وضعها في المهد ما هذا الجهل؟..!
و أجهشت بالبكاء فاختلط الدمع بالعرق ..و الأسى بالألم..
http://i40.***********/21joe9j.jpg
إغرورقت عين أمي بالدموع و تابعت تقول...
في صبيحة الغد و القرية علمت بميلاد بنت لعدم سماع الزغاريد، و قوبل والدك من أبناء القرية بعبارات التعازي ..
لا بأس أخي في المستقبل ستنجب الرجال الذين يحملون إسمك...
و منهم من يتمتم للآخر المسكين إبتلاه الله ببنت ..
وفي المساء عاد الأب واجما لا يرفع رأسه من الأرض و يقول هل من طعام؟
و بدون إجابة توضع المائدة و عليها الأكل المعتاد ..
و من زاوية البيت الصغير ينطلق صراخك لطلب الحليب..
و هكذا ولدت في فصل الخريف بموت أوراق الشجر فانبعثت حياة جديدة..
عساها تغير فكرة أهل القرية ..
ثم نظرت إلي أمي نظرة حادة سددتها تجاهي وقالت..
http://i39.***********/znw4y.jpg
لقد ولدت في الخريف وعشت شتاء العمر شباب و كهولة في أعماق المعاناة فكان
مطرا وبكاءا و برقا و رعدا و لكن في النهاية و صلت للغاية..وقهرت الأسطورة
فرفعت رأس القرية و أصبحت تذبح للبنت الذبائح و تقام لها الولائم و تسمع الزغاريد إعلانا لمولدها
و تدق لذلك الطبول..
الآن نظرت بدوري إلى أمي و أمسكت بيديها
و قلت لها هل من دعاء لي أماه أن يكون الربيع هناك
في ظل الرحيم الرحمان
قالت..
آمين
http://i42.***********/122c37n.jpg
بقلمي : مهديmido