أحوال العرب واقحامهم فيها :
تمهيد
:
قبل إندلاع الحرب العالمية الثانية كانت معظم الأقطار العربية ترضخ تحت نير الإستعمار
بصورة مباشرة أو غير مباشرة، حتى الدول المستقلة مثل مصر والعراق والأردن كانت محكومة من
حكام موالين للإستعمار و بالتالي يمكن القول بأن الوطن العربي قبيل الحرب العالمية الثانية كان
خاضعا للإستعمار مما أدى إلى انعكاسات سلبية على الأوضاع الإقتصادية و الإجتماعية حيث استنزفت
كل خيراته المادية و البشرية
.
نتيجة لهذا الإستغلال المتعدد الجوانب
( بشري، إقتصادي ) فقد حاول العرب ايجاد السبل
الملائمة لمواجهة العدو فمنهم من فضل الأسلوب السلمي و منهم من تأكد بأن الأسلوب الأمثل هو
القوة
.
عندما اندلعت الحرب العالمية الثانية و جد العرب فرصة مواتية لتحقيق أهدافهم الإستقلالية،
بالإضافة إلى عوامل أخرى ساعدتهم بعد الحرب العالمية الثانية في الإسراع لتحقيق هدفهم المتمثل في
الإستقلال
.
إقحام العرب في الحرب العالمية
: - i
رغم أن الدول العربية لم تكن طرًفا في النزاع القائم بين الدول الأوربية قبل وأثناء الحرب
العالمية الثانية لكنها أقحمت في هذه الحرب على أساس أنها مستعمرات للدّول الأوربية، خصوصًا و أن
هناك وعود بإنصاف العرب بعد إنتهاء الحرب
.
فقد جندت فرنسا عشرات الآلاف من الشباب الجزائري و أرسلتهم إلى جبهات القتال للدفاع
عن فرنسا و كانوا في الصفوف الأمامية كما كونوا وحدات خاصة من السوريين و اللبنانيين قدر
عددهم بحوالي
25 ألف مقاتل. كما قامت بريطانيا بتكوين فيلق عربي أردني شارك إلى جانبها في
إسقاط حكومة رشيد عالي الكيلاني في العراق و الموالية للألمان و كذلك محاربة حكومة فيشي في
سوريا
.
أما الفيلق الليبي المتكون من حوالي
14 ألف مقاتل فقد ساهم هو الآخر إلى جانب الإنكليز
في معارك الصحراء ضد الألمان و الإيطالين
.
إستغلال الإمكانيات العربية من طرف الحلفاء
بالرغم من أن العرب لم يكونوا طرفا في النزاع القائم بين الدول الأوربية إلا أن شعوبها
تحملت الكثير من أوزار الحرب و أضرارها
.
نهب الموارد الاقتصادية لتموين جيوش الحلفاء و المحور حسب الظروف.
*
الآلاف من أبناء الأمة العربية سقطوا قتلى و جرحى في ميادين القتال خاصة الجزائر
*
بعض الأراضي العربية كانت مسرحا للمعارك كمصر، الجزائر، تونس وليبيا إذ استغلت
مواقعها الاستراتيجية
.
*
رَبَط الاستعمار إقتصاد الوطن العربي بعجلة اقتصاده و حول ثرواته إلى سوق لمنتوجاته
الصناعية و سيطر على التجارة و البنوك و الموصلات، كما إستغل الأراضي الخصبة
.
الإنعكاسات السلبية و الإيجابية للحرب على العرب في المشرق والمغرب:
-
1 الإنعكاسات السلبية :
أ
- إستنزاف الطاقات البشرية و الموارد الإقتصادية العربية لتموين الجيوش في جبهات
القتال لمواصلة المعارك
- التخر يب و التدمير و هذا لكون الأراضي العربية كانت ميدانا للحرب خاصة شمال
إفريقيا
– سقوط العديد من أبناء الأمة العربية قتلى في حرب لا تعنيهم خاصة وأنهم كانوا في
الصفوف الأمامية
- إنخفاض مستوى المعيشة بشكل رهيب نتيجة لإستنزاف خيرات البلاد، وبالتالي هجرة
الكثير من السكان بحًثا عن حياة أفضل
– تضييق الخناق على الأحزاب السياسية، فمنعت الأجهزة الإستعمارية نشاطها، وألقت
القبض على العديد من أعضائها فسجنت البعض ونفت البعض الآخر
. بالإضافة إلى ارتكابها لمجازر بشرية كما هو الحال بالنسبة لمجازر 8 ماي 1945 بالجزائر.
- ظهور دولة إسرائيل في 15 ماي 1948 بتدعيم و بتواطؤ الغرب خاصة الولايات
المتحدة و بريطانيا
2 الإنعكاسات الإيجابية :
- زيادة انتشار الوعي الوطني و القومي لدى الشعوب العربية نتيجة احتكاك العرب
بغيرهم أثناء الحرب و كذلك نتيجة لعدم وفاء الحلفاء لوعودهم، و لا ننسى الدور الذي لعبته الصحافة
في تعبئة الشعوب
- تخلص العرب من عقدة الخوف التي كانت تقيد نموهم السياسي قبل الحرب و ذلك
نتيجة إنهزام الحلفاء أمام ألمانيا في السنوات الأولى للحرب، وبالتالي تحطمت خرافة التفوق الأوربي،
و أصبح للعرب ثقة أكبر لتحقيق النصر
– إكتساب الخبرة العسكرية في ميادين القتال، و التي إستفاد منها العرب في كفاحهم
المسلح فيما بعد
- ظهور الكتلة الإشتراكية و مساندتها للحركات التحررية في العالم. ومن بينها الحركات
التحررية العربية بهدف إضعاف الدول الغربية
– استقلال بعض البلدان العربية بعد الحرب مباشرة مثل سوريا و لبنان سنة 1946 و
ليبيا سنة
1949 و قد أعطى هذا دفعا قويا لبقية الدول العربية.
- ظهور منظمات اقليمية و دولية رفضت الإستعمار و نادت بحق الشعوب في تقرير
.
مصيرها، مثل هيئة الأمم المتحدة و الجامعة العربية عام 1945
.