المنقذ

حمد الطايع

:: عضو مُشارك ::
إنضم
5 أكتوبر 2007
المشاركات
126
نقاط التفاعل
0
نقاط الجوائز
6
آخر نشاط
تسلطت مجموعة من اللصوص على قرية الواحه الزراعيه ، النائيه التي تبعد عن المدينة بضعة كيلو مترات .


القرية الفقيرة غير معبدة الطرق ، يعتمد أهلها على المحاصيل الزراعيه و الرعي في انتاجهم .


تسلط عليهم مجموعة من اللصوص بقيادة ابو عباس ، فأخذوا يفرضوا عليهم الاتاوات ، و يستغلون


الليالي لسرقة ارزاقهم و مزروعاتهم . كان اهالي القرية يقفون عاجزين عن مواجهة اللصوص


المسلحين بالعصي و الخناجر .لم يبحثوا يوما عن طريقة مثلى تخلصهم من اللصوص . كلما


تداعوا للبحث عن حل تنفض لقاءاتهم دون اتفاق . البعض يقول انهم لصوص لا قبل لنا عليهم . وآخرون


يقولون ان اللصوص سيرتدعون من انفسهم يوما ما ! و البعض يدعي انهم سيصطدمون مع آخرين . كلامهم


كان ينم عن ضعف و عجز .حتى كان يوما دعا مختار القرية الوجهاء الى لقاء في مركز المختره.


كان ابو سليم احد الوجهاء قد قرر أن يزور والدته العجوز بعد الاجتماع فاصطحب معه ابنه سليم


ذو الثالثة عشرة ربيعا . قال في نفسه انه اجتماع لن يختلف عن غيره من الاجتماعات ، اشارك


فيه او في جزء منه و اكمل لزيارة والدتي . لم يسبق لابو سليم او لغيره ان اصطحب احد من الصغار.


هذا النوع من الاجتماعات حكرا على الكبار ! و لم يكن من عادة الناس إشراك الصغار في الامور الكبيره .


بدأ المختار يتكلم عن عصابة ابو عباس ، كيف يذلون الناس و يسلبونهم اموالهم، و لا تأخذهم بهم إلا


و لا ذمه .. دعا الحضور لابداء الرأي علهم يجدون طريقة يتخلصون بها من هذه العصابة الظالمه .


فكان أن عادوا الى نفس النغمه من العجز و عدم القدره على مواجهة هذه المجموعة من اللصوص .


حتى صدر صوت صغير من زاوية الديوان ، أنا لدي الحل !


ادار كل الحضور رؤوسهم ناحية الصوت . بل جحظ البعض


عينيه و لوى آخر رأسه و تمتم البعض . صرخ ابو أسعد من الطرف الآخر متسائلا :


من هذا ؟ طفل في مجلسنا ! هذا ما كان ينقصنا !


أما ابو عدنان صاحب الدكان الكبير في ساحة البلده فقد قال متبرما : اخرس يا ولد ،


إذهب إلعب مع الاولاد في الخارج . أما ابو سليم فقد ندم على إحضار ابنه معه .


قال له : اسكت ، ألم اقل لك ان لا تتكلم في حضرة الكبار ، قليل أدب ... حسابك


في المنزل . أما المختار الذي كان يرقب ردود الافعال ، فقد كان له رأيا آخر . نظر


نحو الطفل الذي احمرت وجنتاه ، و أخذ العرق يتصبب من جبينه . قال له :


- تعال يا بني ، اجلس بجانبي .


تدخل ابو سليم :


- لكن يا مختار . قاطعه المختار قائلا :


- دعه من فضلك ، ربما عنده ما ليس عندنا ، تعال يا بني ، دعاه مرة اخرى .


تقدم سليم بخطوات خجوله ، متخطيا الرجال ، حتى وصل الى حيث يجلس


المختار . - نعم يا عماه . قال سليم . قال له المختار قل ما عندك ، لا تخشى أحدا.


أدار سليم و جهه تجاه الحضور و قال : إن ضعفنا يكمن في تفرقنا ، و نزعتنا


للفرديه ، و تجاهلنا بأن المشكله هي مشكلة الجميع . كل ما نحتاجه هو تجميع القوى


لمواجهة تلك العصابه . قالوا كيف ؟ قال : عصابة ابو عباس لا تتجاوز العشرون .


أما نحن فشباب قريتنا أكثر من ستين .فلو وضعنا خطة لحراسة مزروعاتنا ،


و رفض اصحاب الحوانيت دفع الاتاوات تحت حماية الشباب ، بذلك نكسرأقدامهم


و نحول بين اللصوص و بين القريه . استحسن مختار القرية و بعض وجهائها هذا الرأي .


قال له المختار بارك الله بك و بأهلك ايها الصبي الحكيم .هذا هو الرأي و سنطبقه


فورا . وجه كلامه لاصحاب الحوانيت قائلا لن تدفعوا اتاوات لابو عباس و عصابته


تحت طائلة المسؤوليه . سيكون بعض الشبان دائما جاهزون للتصدي للصوص


عندما يأتون اليكم لجمع الاتاوات . ابو فراس الذي عرف عنه ضعف الشخصية


و الارادة حاول ان يرفض قائلا : سنرد على طفل ، و نعرض انفسنا للهلاك !


قال المختار انه لم يعد رأي الطفل ، انه رأي القرية ، احذرك من مخالفة رأي


الجميع .اما ابو اسماعيل فقد قال : إذا وجدت الشبان لن ادفع له ، أما إن استفرد


بي فإني سأعطيه ما يطلب ! لكن المختار قال له انه لن يكون لوحده في مواجهة


اللصوص ، سيكون الشباب جاهزون في أي لحظه لمساعدته ؟


دعا المختار مباشرة شبان القرية ، و خطب بهم خطبة حماسيه ، ذكرهم بالرجولة


و الكرامة و رفض الهوان ، و قال لهم ان العصابة قد أهانت كرامتنا ، و انهم


لن يتوانوا عن فعل ما هو اكبر من ذلك .أبدى شبان القرية استعدادهم لفعل أي


شئ لمواجهة ظلم العصابة الماكره . فنظم المختار بمساعدة بعض الوجهاء شبان


القرية الى مجموعات للحراسة الليليه في محيط الاراضي المعرضه للنهب . على ان


يبدأ اول فوج في المساء حتى منتصف الليل، و يأخذ مكانهم الفوج الثاني حتى الصباح .


نبههم المختار الى الالتزام و التعاون . و ان المجموعة التي تواجه العصابه ، تتدعم


بالمجموعات الاخرى المتمركزه في مواقع قريبه .


مضت اول ليله دون مشكله . و قبل منتصف


الليل بقليل سمع الشبان أصوات بعض افراد العصابة ، يقهقهون غير عابئين بأحد .


أغلب الظن انهم كانوا سكارى ، و صلوا الى حقل مزروع خيار و بندوره .


اوقفوا الحمير التي جلبوها ليحملوا عليها المسروقات . و حملوا الاكياس و توجهوا


الى الحقل . ظهر الشباب الذين كانوا مختفين ، و صرخوا في وجوههم : ماذا تريدون


ايها اللصوص ؟ من انتم ؟ رد اللصوص ! نحن اصحاب الاراضي . قال أحد الشبان .


فرد زعيم اللصوص اذهبوا فورا الى منازلكم قبل ان اشتاط غضبا و اشبعكم ضربا .


في هذه الاثناء كان مجموعة من الشباب قد جاؤوا من المواقع القريبه ، و عندما شعر


اللصوص ان الامر ليس سهلا ، تركوا ما لديهم من اكياس و تركوا حميرهم و فروا .


مضى اسبوعان على تلك الحادثه و شبان القرية يحرسوا و لكن لم يقترب اللصوص


الى اراض الفلاحين من جديد . اما الذي جاء في وضح النهار كان ابو عباس


نفسه و معه حارسين من اللصوص على خيول قد سرقوها في اوقات سابقه


من اهل القريه . دخل ابو عباس الى دكان ابو عدنان ، و خلفه اثنان من حراسه.


قال له فورا : أعطني المعلوم ! ارتبك ابو عدنان في بادئ الامر ، احتار بين


الدفع و بين الرفض، كان خائفا يرتعد ، لكنه عندما لمح من شباك الحانوت


بعض الشبان يتجمعون ، قال له بشجاعة لم يعهدها في نفسه من قبل :


- ماذا تعني ، عن أي معلوم تتحدث .؟ كان في السابق لا يتردد في الدفع


بلا سؤال ، بل كان يزيد علاوة على المال بعض الاغراض من الدكان .


- لا تجعلني اغضب منك ، ليس لدي وقت للمزاح . انت لست الوحيد في برنامجي


و قريتكم ليست الوحيده عندي ، اعطني كعادتك قبل ان تعطني بالركلات


و الصفعات ! قال ابو عباس و بدأ على وجهه الغضب .


- انا ارتزق من هذه الدكان ، لدي أغراض للبيع ، و ليس لدي أغراض للعطاء.


- ايها الوغد ، رفع ابو عباس يده ليصفع صاحب الدكان ، فما كان من الشبان


سوى الدخول بأعداد كبيره ، مسكوه و حراسه ووثقوا اياديهم الى الخلف،


و ساقوهم الى مركز المختره .


كان المختار الذي تجاوز السبعين يقف امام الباب يبتسم على صيده الثمين .


- أهلا و سهلا . قال بإ ستهزاء! لم نر الوجوه الطيبه منذ فتره .


- انت تلعب بالنار ايها المختار ، لن يقف رجالي مكتوفي الايدي ، و ستندمون


على فعلتكم . قال ذلك بلغة التهديد ، اراد أن يخوفهم و يجعلهم يفكونه و اصحابه .


اما المختار الذي لم تفارقه الابتسامه ، فقد رد عليه بلغة الواثق المنتصر:


- نحن بإنتظار رجالك ، و سنعلمكم كيف تكون الرجوله .


- ماذا تريد مني ؟ قال بلغة المهزوم بعدما عرف ان الامر جدي ، و ان لغة


اللصوص لم تعد تنفع .


- انتم تستحقون قطع الايادي كلصوص ، لكن هذا ليس شأننا الآن . هناك


امران ستنفذوهما طوعا أو كرها : التوقيع على وثيقة بأنكم لصوص مخطؤون


و أنكم لن تعودوا الى القرية مرة اخرى ، و ثانيا الاعتراف امام أهل القرية


بخطئكم و اعتذاركم . كان المختار يريد ان يبعث روح العزيمة في نفوس


اهل القرية ، عندما يرون اللصوص منكسرون مذلون ، و هم الذين اعتادوا على غلظتهم .


ويريد المختار ان يظهر لاهل قريته ان الحق أقوى من الظلم و الطغيان.


حاول زعيم اللصوص ان يعطي وعدا للمختار دون تلك الشروط ، لكن المختار أبى و قال له


أن الحل بقطع اياديكم ، عندها أذعن زعيم اللصوص لارادة أهل القرية .


قال المختار احضروا ورقة و قلما له حتى يكتب ، قال ابو عباس بل اكتبوا


انتم و انا اوقع امام شهود . أرسل المختار بطلب سليم و قال له اكتب وثيقة


حتى يوقع عليها اللصوص . فكتب سليم :


بسم الله الرحمن الرحيم


انا اللص ابو عباس اقر و اعترف اني ارتكبت مخالفات


بحق اهل القرية استحق عليها عقابا شديدا . اؤكد اني لن


اعود الى القرية مرة اخرى و لن اتعرض لاهلها في أي مكان


و الله على ما اقول شهيد .


وقع زعيم اللصوص على الوثيقه بعد ان فكوا وثاقه . و قال للمختار ان


الوثيقة كافيه ، فليدعه و أصحابه يذهبون . قال له المختار لن تذهب


حتى تعتذر من أهل القرية . و أمر سليم بالذهاب الى المسجد و دعوة


الاهالي للتجمع امام مركز المختار . و بعد ان تجمع معظم الاهالي اخرج


زعيم اللصوص و رفيقيه فاعتذروا امام الملأ، ووعدوا بعدم التعرض للقرية


بعد اليوم . بعد ذلك اصطحبهم شبان القرية الى مدخلها و أطلقوهم بدون الخيول ،


ثم عادوا يحتفلوا بتخلصهم من اللصوص . أما المختار اراد أن يكافئ


سليم الصبي صاحب فكرة التخلص من اللصوص فاستغل وجود الاهالي


ومن خلال المايكروفون اليدوي دعا الاهالي للإستماع ، و هو يمسك بيد


سليم و سأله امام الناس عن أي هدية يتمناها ، لان القرية تريد ان تكافئه .


فما كان من الصغير إلا ان ادهش الناس بطلبه ، بأن طلب منهم ان يشتروا


حاويات للقمامه من اجل نظافة القرية و صحة ابناءها و جمال منظرها .
 
24.gif
 
القصة اعجبتني كثيرا ولكن ادهشتني قصة الميكروفون في زمن الخيول والحمير..........
 
حياك الله اخي غزاوي و حيا غزه الباسله و أهلها الاحبه
 
حياك الله اخي ايوب

ومن خلال المايكروفون اليدوي

المايكروفون اليدوي عمره قديم الى حد ما

على العموم هذا ليس زمن الخيول و الحمير

ان في ايامنا هذه قرى نائيه تعيش حياة شبه بدائيه

ليس عندهم طرقات معبده و لا مدارس ، و مهمله من

السلطات .

شكرا لك على الملاحظه على اي حال

و بارك الله بك
 
شكراااااااااااا لك على القصة
 
رائعة ، أتمنى لكم التوفيق ... بارك الله فيكم
 
حياك الله اخي digo armando maradon

شكرا لك
 
العودة
Top