حمد الطايع
:: عضو مُشارك ::
- إنضم
- 5 أكتوبر 2007
- المشاركات
- 126
- نقاط التفاعل
- 0
- نقاط الجوائز
- 6
- آخر نشاط
القرية الفقيرة غير معبدة الطرق ، يعتمد أهلها على المحاصيل الزراعيه و الرعي في انتاجهم .
تداعوا للبحث عن حل تنفض لقاءاتهم دون اتفاق . البعض يقول انهم لصوص لا قبل لنا عليهم . وآخرون
كان ابو سليم احد الوجهاء قد قرر أن يزور والدته العجوز بعد الاجتماع فاصطحب معه ابنه سليم
ذو الثالثة عشرة ربيعا . قال في نفسه انه اجتماع لن يختلف عن غيره من الاجتماعات ، اشارك
فيه او في جزء منه و اكمل لزيارة والدتي . لم يسبق لابو سليم او لغيره ان اصطحب احد من الصغار.
هذا النوع من الاجتماعات حكرا على الكبار ! و لم يكن من عادة الناس إشراك الصغار في الامور الكبيره .
بدأ المختار يتكلم عن عصابة ابو عباس ، كيف يذلون الناس و يسلبونهم اموالهم، و لا تأخذهم بهم إلا
و لا ذمه .. دعا الحضور لابداء الرأي علهم يجدون طريقة يتخلصون بها من هذه العصابة الظالمه .
حتى صدر صوت صغير من زاوية الديوان ، أنا لدي الحل !
ادار كل الحضور رؤوسهم ناحية الصوت . بل جحظ البعض
عينيه و لوى آخر رأسه و تمتم البعض . صرخ ابو أسعد من الطرف الآخر متسائلا :
من هذا ؟ طفل في مجلسنا ! هذا ما كان ينقصنا !
أما ابو عدنان صاحب الدكان الكبير في ساحة البلده فقد قال متبرما : اخرس يا ولد ،
إذهب إلعب مع الاولاد في الخارج . أما ابو سليم فقد ندم على إحضار ابنه معه .
قال له : اسكت ، ألم اقل لك ان لا تتكلم في حضرة الكبار ، قليل أدب ... حسابك
في المنزل . أما المختار الذي كان يرقب ردود الافعال ، فقد كان له رأيا آخر . نظر
نحو الطفل الذي احمرت وجنتاه ، و أخذ العرق يتصبب من جبينه . قال له :
- تعال يا بني ، اجلس بجانبي .
تدخل ابو سليم :
- لكن يا مختار . قاطعه المختار قائلا :
- دعه من فضلك ، ربما عنده ما ليس عندنا ، تعال يا بني ، دعاه مرة اخرى .
تقدم سليم بخطوات خجوله ، متخطيا الرجال ، حتى وصل الى حيث يجلس
المختار . - نعم يا عماه . قال سليم . قال له المختار قل ما عندك ، لا تخشى أحدا.
أدار سليم و جهه تجاه الحضور و قال : إن ضعفنا يكمن في تفرقنا ، و نزعتنا
للفرديه ، و تجاهلنا بأن المشكله هي مشكلة الجميع . كل ما نحتاجه هو تجميع القوى
لمواجهة تلك العصابه . قالوا كيف ؟ قال : عصابة ابو عباس لا تتجاوز العشرون .
أما نحن فشباب قريتنا أكثر من ستين .فلو وضعنا خطة لحراسة مزروعاتنا ،
و رفض اصحاب الحوانيت دفع الاتاوات تحت حماية الشباب ، بذلك نكسرأقدامهم
قال له المختار بارك الله بك و بأهلك ايها الصبي الحكيم .هذا هو الرأي و سنطبقه
فورا . وجه كلامه لاصحاب الحوانيت قائلا لن تدفعوا اتاوات لابو عباس و عصابته
تحت طائلة المسؤوليه . سيكون بعض الشبان دائما جاهزون للتصدي للصوص
عندما يأتون اليكم لجمع الاتاوات . ابو فراس الذي عرف عنه ضعف الشخصية
و الارادة حاول ان يرفض قائلا : سنرد على طفل ، و نعرض انفسنا للهلاك !
الجميع .اما ابو اسماعيل فقد قال : إذا وجدت الشبان لن ادفع له ، أما إن استفرد
بي فإني سأعطيه ما يطلب ! لكن المختار قال له انه لن يكون لوحده في مواجهة
اللصوص ، سيكون الشباب جاهزون في أي لحظه لمساعدته ؟
و الكرامة و رفض الهوان ، و قال لهم ان العصابة قد أهانت كرامتنا ، و انهم
شئ لمواجهة ظلم العصابة الماكره . فنظم المختار بمساعدة بعض الوجهاء شبان
القرية الى مجموعات للحراسة الليليه في محيط الاراضي المعرضه للنهب . على ان
يبدأ اول فوج في المساء حتى منتصف الليل، و يأخذ مكانهم الفوج الثاني حتى الصباح .
نبههم المختار الى الالتزام و التعاون . و ان المجموعة التي تواجه العصابه ، تتدعم
بالمجموعات الاخرى المتمركزه في مواقع قريبه .
مضت اول ليله دون مشكله . و قبل منتصف
الليل بقليل سمع الشبان أصوات بعض افراد العصابة ، يقهقهون غير عابئين بأحد .
أغلب الظن انهم كانوا سكارى ، و صلوا الى حقل مزروع خيار و بندوره .
اوقفوا الحمير التي جلبوها ليحملوا عليها المسروقات . و حملوا الاكياس و توجهوا
الى الحقل . ظهر الشباب الذين كانوا مختفين ، و صرخوا في وجوههم : ماذا تريدون
في هذه الاثناء كان مجموعة من الشباب قد جاؤوا من المواقع القريبه ، و عندما شعر
اللصوص ان الامر ليس سهلا ، تركوا ما لديهم من اكياس و تركوا حميرهم و فروا .
الى اراض الفلاحين من جديد . اما الذي جاء في وضح النهار كان ابو عباس
من اهل القريه . دخل ابو عباس الى دكان ابو عدنان ، و خلفه اثنان من حراسه.
قال له فورا : أعطني المعلوم ! ارتبك ابو عدنان في بادئ الامر ، احتار بين
الدفع و بين الرفض، كان خائفا يرتعد ، لكنه عندما لمح من شباك الحانوت
بعض الشبان يتجمعون ، قال له بشجاعة لم يعهدها في نفسه من قبل :
- ماذا تعني ، عن أي معلوم تتحدث .؟ كان في السابق لا يتردد في الدفع
بلا سؤال ، بل كان يزيد علاوة على المال بعض الاغراض من الدكان .
- لا تجعلني اغضب منك ، ليس لدي وقت للمزاح . انت لست الوحيد في برنامجي
و قريتكم ليست الوحيده عندي ، اعطني كعادتك قبل ان تعطني بالركلات
و الصفعات ! قال ابو عباس و بدأ على وجهه الغضب .
- انا ارتزق من هذه الدكان ، لدي أغراض للبيع ، و ليس لدي أغراض للعطاء.
- ايها الوغد ، رفع ابو عباس يده ليصفع صاحب الدكان ، فما كان من الشبان
سوى الدخول بأعداد كبيره ، مسكوه و حراسه ووثقوا اياديهم الى الخلف،
و ساقوهم الى مركز المختره .
كان المختار الذي تجاوز السبعين يقف امام الباب يبتسم على صيده الثمين .
- أهلا و سهلا . قال بإ ستهزاء! لم نر الوجوه الطيبه منذ فتره .
- انت تلعب بالنار ايها المختار ، لن يقف رجالي مكتوفي الايدي ، و ستندمون
على فعلتكم . قال ذلك بلغة التهديد ، اراد أن يخوفهم و يجعلهم يفكونه و اصحابه .
اما المختار الذي لم تفارقه الابتسامه ، فقد رد عليه بلغة الواثق المنتصر:
- نحن بإنتظار رجالك ، و سنعلمكم كيف تكون الرجوله .
- ماذا تريد مني ؟ قال بلغة المهزوم بعدما عرف ان الامر جدي ، و ان لغة
اللصوص لم تعد تنفع .
- انتم تستحقون قطع الايادي كلصوص ، لكن هذا ليس شأننا الآن . هناك
امران ستنفذوهما طوعا أو كرها : التوقيع على وثيقة بأنكم لصوص مخطؤون
بخطئكم و اعتذاركم . كان المختار يريد ان يبعث روح العزيمة في نفوس
ويريد المختار ان يظهر لاهل قريته ان الحق أقوى من الظلم و الطغيان.
قال المختار احضروا ورقة و قلما له حتى يكتب ، قال ابو عباس بل اكتبوا
انتم و انا اوقع امام شهود . أرسل المختار بطلب سليم و قال له اكتب وثيقة
بسم الله الرحمن الرحيم
انا اللص ابو عباس اقر و اعترف اني ارتكبت مخالفات
و الله على ما اقول شهيد .
الوثيقة كافيه ، فليدعه و أصحابه يذهبون . قال له المختار لن تذهب
الاهالي للتجمع امام مركز المختار . و بعد ان تجمع معظم الاهالي اخرج
ومن خلال المايكروفون اليدوي دعا الاهالي للإستماع ، و هو يمسك بيد
فما كان من الصغير إلا ان ادهش الناس بطلبه ، بأن طلب منهم ان يشتروا