ذكر أن اليهود كانوا يتعاطسون عند النبي عليه الصلاة والسلام - يعني يتكلفون العطاس من أجل أن يقول لهم : يرحمكم الله[408] ، لأنهم يعلمون أنه نبي وأن دعاه بالرحمة قد ينفعهم ، ولكنه لا ينفعهم ؛ لأن الكفار لو دعوت لهم بالرحمة لا ينفعهم ذلك ، بل لا يحل لك أن تدعو لهم بالرحمة إذا ماتوا ولا بالمغفرة، لقول الله تعالى : (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ) (التوبة:113).
فإن قيل : اليس إبراهيم استغفر لأبيه ، وإبراهيم على الحنيفية وعلى التوحيد؟ هذا الجواب يتضح في قول الله تعالى : (وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ) (التوبة:114).