فريق النصر { انشاء قصة اللمة الجزائرية }

إيمان قلب

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
27 ماي 2011
المشاركات
2,976
نقاط التفاعل
79
النقاط
157
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته

مرحبا بكم ... مع فريق النصر المتكون من قائمة الأعضاء التالية :

راجية الجنة

إيمان قلب.

ملكة الانوار

زهرة الندى

شهيناز بنت بلادها

سفيرة السلآم

ندى الأيام

...........................................

....................................................

..........................................................


انشاء قصة { حصرية الفكرة لمنتدي اللمة } { منافسة + جوائز قيمة }

بالتوفيق للجميع

ودي ووردي
 
آخر تعديل بواسطة المشرف:
°°°°°شقاء في خريف العمر °°°°°​

لقد كانت آمنة من تلك النساء اللاتي أبدعن دنياهن وصنعن عالمهن الشخصي الذي لا يأخد من عالمنا ‏سوى ما يتقوت به لقد عاشت معه عشرين سنة تقريبا أفتنت فيها شبابها في مساعدة زوجها محمد ‏الذي كان يعمل بورشة نجارة يتقاضى مرتب 3000 دينار مرتب لا يسمن ولا يغني من جوع الأمر الذي أدى ‏بالبحث عن وظيفة أخرى محاولا تلبية حاجيات عائلته التي كانت تتكون من أربعة أطفال, كريم البالغ من ‏العمر عشر سنوات ويصغره أسامة بسنتين و المصاب بنوبات اغماء غريبة كان يستوجب كشف طبي كل ‏شهر و لبنى المستعدة لدخول المدرسة الابتدائية ومريم الرضيعة ووصل الى معسى اليه حين تحصل ‏على عمل في ورشة تصليح الآلات .‏

‎ أشرقت شمس الصباح و أستيقضت العائلة من كابوس الفقر فبعد أن كانوا يسكنون في شقة لا ‏تتسع لعائلة تتكون من فردين في حي شعبي غير لائق للسكن فيه , والتي ورثها محمد عن أبيه ,تحصل ‏محمد بعد كد وجهد جهيد وبفضل الله عز وجل وبالرغم من كثرة‎ ‎المحسوبية في المدينة التي يقيمون فيها ‏على شقة تتكون من ثلاث غرف وصالون في حي لائق و مطلة على ميناء المدينة فأصبحوا يعيشون ‏حياة ميسورة ماديا مليئة بالحب والحنان,تقوم الأم كل يوم صباحا تجهز الفطور لزوجها وتودعه بابتسامة ‏ملؤها السعادة والتفاؤل ... وتعود لأشغال البيت وايقاض‎ ‎كريم وأسامة‎ ‎للذهاب الى المدرسة ‏أما‎ ‎لبنى‎ ‎فتقوم باللعب مع‎ ‎مريم‎ ‎حتى لا تعطل أمها عن عملها.‏
‏ هؤلاء الأبناء هم قرة عين آمنة ومحمد فالبنات هن الحنان والرقة والصمعة الطيبة بالنسبة لوالدهم لو ان ‏الله عز وجل وهبه الا الذكور لقال ربي هبي لي بنات اما الذكور بالنسبة له هم رجاله و أولياء العهد من ‏بعد أن يشيب .......و الوالدة آمنة ترى في بناتها نساء المستقبل تسعى دوما الى غرس روح الصلاح ‏والعفاف بحجابهن أما الذكور فترى فيهم العمود الفقري ان اختل فيه شيء تصاب بالشلل .‏‎ ‎وكالعادة يعود ‏كل من‎ ‎كريم‎ ‎وأسامة‎ ‎من المدرسة على الساعة 12 ظهرا ،تستقبلهما أمهم بقبلة مليئة بالحنان والعطف ‏وتقول لهم: انتظرا حتى يعود أبوكما من العمل حتى نأكل مع بعض وبكل احترام يذهبا ليستريحا في انتظار ‏والدهما‎ .
يعود الأب من العمل متعب ومرهق تستقبله الزوجة بابتسامة وكأن مهمتها زرع التفاؤل أمام طريق زوجها ‏ويسارعون أبناؤه في تقبيله مما ينسيه عناء اليوم‎ .‎يستلقي‎ ‎محمد‎ ‎ليستريح والأطفال حوله يلعبون ‏أما‎ ‎آمنة‎ ‎فتقوم بتحضير مائدة الغداء.‏‎ ‎

‎ ‎هكذا كانت حياة الأسرة عبارة عن روتين يومي تملأه السعادة والطمأنينة بالتواصل فيما بينهم دون ‏ملل , لولا مرض‎ ‎أسامة‎ ‎الذي كان كلما مرض سارعا به الى المستشفى راضين بقضاء الله وقدره‎
و في إحدى ليالي الشتاء الباردة ودون سابق انذار مرض أسامة الذي كان يصاب بدوار لكن دون معرفة ‏سببه ... في هذه الليلة أغمي عليه وكادت أمه تفقد توازنها لولا زوجها الذي قام بتهدئتها في ثبات ‏ويقول لها : قدر الله وماشاء فعل .. هيا بنا لنأخذه الى المستشفى بسرعة ... عند الوصول الى ‏المستشفى كشف عليه الطبيب لكن كان الخبر المفزع حين أخبرهم بأنه مصاب بمرض مزمن " فقر ‏الدم‎" ......‎
بدت علامات الحيرة على وجهي الأبوين وعند خروجهم من المستشفى سأل ‏‎ ‎أسامة‎ ‎أبويه : ماذا قال ‏لكم الطبيب ؟‎ ‎سكت كل منهما لم يعرفا ماذا يقولا للصغير حتى نطقت الأم بعد سكات وقالت له : لاشيء ‏حبيبي لقد أغمي عليك من التعب لهذا لا ترهق نفسك باللعب‎ ...‎
وهم ينتظرون سيارة أجرة أخد وجه محمد يتلون من اصفر الى احمر وعلى سماه الشرود ما الذي سوف ‏يفعله بهذا الولد المريض بفلذة كبدته إن خبر المرض جاء كالصاعقة بالنسبة له بالذات لأنه سند هذه ‏العائلة ورب البيت أيضا وكل شيء يتوقف عليه مرض ولده جعله يضرب أسداس في أخماس ويفكر في ‏المستقبل ماذا يخبئ بينما آمنة تحضن ابنها أسامة وتمسح على وجهه وتغطيه من البرد القارص ‏‏..........أو قف سيارة أجرة وركبوا وضع أسامة رأسه في حجر والدته وبدأ النوم يأخذه شيء فشيء التفت ‏آمنة لمحمد و انتبهت الى شروده فقالت بصوت خافة : "إن الله يحبنا لهذا يبتلينا ...." فنظر إليها وقال " ‏الحمد الله والشكر لله عز وجل"‏‎ ‎
عادوا الى المنزل وهم في حيرة ... جلست‎ ‎آمنة‎ ‎وجلس زوجها بجانبها ...تأملت وجها ابنها في لحظة ‏إشفاق ورآها‎ ‎محمد‎ ... ‎ماذا والمرأة التي كانت دوما تقف بجانبه أصبحت مكسورة الجناح .. اقترب منها ‏لاتخافي ياعزيزتي سأفعل مابوسعي حتى يعود‎ ‎أسامة‎ ‎كما كان وأحسن سأعمل على إعادة الابتسامة ‏الى محياك ... ترد عنه : أيتعافى أبالفعل ستطرق السعادة بابنا من جديد ... فقال: ثقي بي انه سيزول ‏مرضه ونعود كما كنا دمعت عيناها وقالت: ماذا أفعل لولاك... تنظر الى السماء متوسلة الرب أن يحفظ ‏زوجها ويعافي ابنها‎ ‎‏.‏
كل من آمنة ومحمد عاشا الحياة الزوجة على الحلو والمر في السراء والضراء و مرض ابنهما أسامة قد ‏يجعل الأسرة أكثر تماسكا أو في تشتت والله اعلم بذلك‎...............
برغم من عودتهم الى المنزل على الساعة الواحدة صباحا إلا أنهما لم يغمض له جفن كل منهما كانا ‏مغمض العينين فقط شاردين في التفكير حتى لا يحس الأول أن الآخر مزال يفكر ويتحصر .........وبينما ‏آمنة على تلك الحالة أذن صلاة الفجر وهمت بالنهوض بدون أن تصدر صوتا حتى لا تقض زوجها وإذا به ‏يلتفت إليها و يقول:" سوف أصلي الفجر في المسجد هذا اليوم.." نظرت إليه نظرت ملؤها التفاؤل وقالت ‏‏"وهو كذلك يا تاج راسي‎ ......." ‎طلع صباح ممطرا وباردا و كانت مازلت آمنة مسطحة فوق فراشها ‏ومحمد لم يعد الى منزل فنهضت تعد فطور الصباح وتقض الأولاد للذهاب الى مدرسة وبينما هي في ‏المطبخ وكل من أسامة وكريم يتحضران للفطور دخل محمد مبتلا من رأسه الى أخمس قدميه حاملا ‏كيس من خبز مغلقا مبتلا ومن بينها خبز الشعير المفيد لأسامة نظرا لمرضه بفقر الدم نظرت آمنة إليه ‏وقالت "سلمت يداك ..............." وبدأت تفكر في أن الحل الوحيد لعلاج ابنها هو الأكل الصحي والمنتظم ‏وقالت ياحسرتي بالكاد نحصل على مايسد الرمق ... فكيف لنا بغذاء كامل ودائم لهذا الولد ؟؟يجب أن أفكر ‏في طريقة أساعد بهـا زوجي المسكين... ماعدا يقدر تفكر ومحمد يناديها آمنة لم أعهدك هكذا‎ ‎لاترهقي ‏نفسك بالتفكير ... ربنا يفرجها أكيد ناوليني ثيابا أخرى فالبرد نال مني وبعظامي استقر... ابتسمت آمنة ‏كعادتها وقـالت : بوجودك ينجلي همي أدامك الله تاجا فوق رؤوسنا وغير محمد ثيابة وفي نفس الوقت ‏كانت آمنة قد أعدت الفطور ودعت أبنائها ... اجتمعوا على المائدة وتعالت الضحكات والبسمات قال محمد : ‏ربنا ادم علينا هكذا نعمة فكم من أغنياء يفقدون لذة العائلة والاجتماع‎ ‎غادر محمد وابناؤه وهمت آمنة في ‏أشغال البيت و أيقضت البنتين‎ .‎

‏ ومرت الأيــــام عل حالهم تلك ولم يطرأ أي تحسن في حالة أسامة ومع ذلك لم يقطعوا اليأس بل زادوا ‏عزمـا لكي يسترد إبنهم الصغير عافيته .. وتوالت الأيــام إلى أن أتى يوم لم يكن في الحسبان كان ذاك ‏اليوم فيه الضباب كثيفا لكن الأب أصر على الذهاب فإن تغيب عن عمله يوما فسينقص راتبه‎ ....‎
‎... ‎أجل انه يعمل بجد ....ذهب الى عمله كعادته وودعته زوجته ... لكن هذه المرة ليست ككل مرة وقع ‏مالم يكن في الحسبان, و هو في طريقه الى العمل وعندما كان يقطع الطريق السريع .... اذ بشاحنة ‏محملة دهسته وبين شهقة وثانية يرتمي ذلك الجسد طريح الأرض , ونزل صاحب الشاحنة مفزوعا من ‏المنظر خاشيا أن يكون قد فقد الحياة ... وحمله مسرعا الى المستشفى‎ .
مضى الوقت سريعا ولم يعد محمد الى الغداء ... ولا حتى بعد الظهيرة .. فحملت هاتفها النقال لكي تتصل ‏به على نقاله لكن بدون جدوى تاتي رسالة تقول أن الهاتف مغلق أو خارج مجال التغطية. , قلقت آمنة ‏لشأنه ... لكن من تسأل وماالطريقة في ذلك ؟ تناقشت وذاتها فكأنما نفسها شطرت الى نصفين وكل ‏منهما يعطيها الحل البديل ... وفي الأخير قررت أن تذهب الى مكان عمله للسؤال نادت كريم وقالت له ‏‏"سوف اذهب الى مكان عمل والدك اعتني بأخواتك ولا تخرجوا من المنزل مهما حصل ولا تفتح الباب لأحد ‏واحذر من الغاز " ثم همت بلبس معطفها و انتعلت حذائها حملت حقيبها و المطارية وفتحت الباب واذا ‏بأبنائها من ورائها مثل صغار الصوص كريم حامل الطفلة الرضيعة و وكل من أسامة وأخته وقفان أمامه ‏ونظرتهم كلها برءأة توشك على الضياع التفت اليهم ونظرت بكل حب واقتربت منهم وقالت " لا تقلقوا يا ‏اولاد لن أتخر عليكم‎ ".
وهي في سيارة الأجرة والجو ممطر جدا تنظر الى الجو خارجا و تضرب اسداس في اخماس بالها مع ‏اولادها وبالها مع زوجها وبدأ قلبها ينقبض الف قبضة في الثانية ويدها ترتعشان ووجهها اصفر لون مثل حبة ‏الليمون و الدموع تملؤ خديها وقالت في داتها :"يارب استر يارب ..." .‏
‏ وصلت آمنة إلى مكان عمل زوجها وقلبها يخفق وتدعو الله أن يكون كل شيء على ما يرام دخلت ولم ‏تجد أحد هناك ضلت تبحث وتبحث إلى وجدت الحارس قادم في سيارة أجرة عندما نزل من السيارة قالت ‏له : السلام عليكم .. أنا أبحث عن زوجي‎ ‎محمد‎ ‎ولكنني لم أجد ياترى أين هو ؟ .. نظر إليها نظرة مليئة ‏بالحزن والأسى وطأطأ رأسه وقال لها بنبرة تملاؤها الحسرة ‏‏"زوجك‎ ‎محمد‎ ..‎زوجك‎ ‎محمد‎.. ‎قاطعته‎ ‎آمنة‎ ‎بسرعة ": ما الأمر يا أخ أين زوجي ؟ ..قال لها لقد دهسته ‏شاحنة عندما هم بقطع الطريق وهو الآن في مشفى المدينة نزل الخبر كالصاعقة على آمنة .. لم ‏تتمالك نفسها .. أفكار شتى تدور في داخل داتها تناقضات وخوف .. محمد كل شيء في حياتها .. ماذا لو ‏حصل له مكروه .. يارب لا أسألك رد القضاء بل أسألك اللطف فيه .. وصلت آمنة الى المستشفى ‏منهارة‎ ‎تبحث عن زوجها كالمجنونة‎.‎و اذا باحدا الممرضات تقول لها : " ما بك يا سيدتي هل أنت مريضة أم ‏تبحثين عن أحد المرضى .." قالت آمنة :" أبحث عن زوجي ..زوجي محمد حصل له حادث ......." أجابت ‏الممرضة :"آه نعم هناك مصاب جاءت به سيارة الا سعاف منذ قليل وهو الآن في العناية المشددة و حالته ‏خطيرة‎ .." ‎انصدمت آمنة بهذا الخبر جلست على كرسي الانتظار وهي تدعوا الله من كل قلبها ان يسترها ‏فنظرت الى الحارس و قالت :"شكرا لك يا أخي .." فقال : لا شكر على واجب ..." وهم بالخروج حملت ‏هاتفها النقال و أتصلت بأختها الهام طالبت منها الذهاب الى الأولاد لكي تبقى معهم في منزل الى أن ‏تعود‎ ‎‏.‏
‎ مرت حوالي أربع ساعات ولا يوجد هنالك خبر اليقين قال الدكتور :" هل أنت من أقارب السيد ‏محمد......" قالت بكل لهفت :" نعم زوجته ........" نظر اليها نظرة المتحصر على حالها ووجهها الشاحب ‏وقال : " زوجك دخل غيبوبة قد يستفيق منها وقد لا يستفيق ويصبح في عداد الموتى فما عليك الا الدعاء ‏له " انصدمت آمنة صدمة كبيرة ووجدت نفسها في هذه الدنيا وحيدة .‏

‏ بقي حال هذه العائلة هكذا , مرض أسامة ومرة على مرة يغمى عليه و زيارة آمنة المستشفى ‏لعلى وعسى أن تجد خبرا يدخل السرور اليها وبدأت حالتهم المادية تسوء يوما بعد يوم الى ان جاء ذلك ‏اليوم المنشود .‏
خرج محمد متأملا السماء ... متسارع الخطى ... لأنه لا يحمل مظلة والأمطار تنهمر كأنها تسكب بالدلاء ‏‏... وبينما هو يهم في قطع الطريق رأى طيرا مكسور الجناح في وسطه ... يحاول الطيران يائسا ... ولم ‏يفق الا وهو في المستشفى لم يتمالك نفسه وصرخ بصوت عال أين أنا ؟!! أخبرته الممرضة بأن لا يتعب ‏نفسه بالكلام ... لان حالته لا تسمح .... أين آمنة والصغار ؟؟؟ أريدها الآن أخبريها بأن تأتي ... مع أن ‏الزيارة ممنوعة الا أنني سأحاول أدخلها لوقت قصير شرط أن لا تتعب نفسك ... خرجت الممرضة لقد ‏استفاق المريض ... آمنة والدموع تنهمر من عيونها هل أستطيع الدخول اليه أرجوكِ .. نعم ولوقت قصير ‏فقد أفاق على اسمك ... دخلت آمنة حمدا لله على سلامتك لقد خفنا كثيرا عليك ... محمد بصوت متعب ‏‏((ما الذي حصل اخبريني )) آمنة صدمتك شاحنة مسرعة كنت في غيبوبة لأسبوعين لا تتصور فرحتي ‏برؤيتك تفتح عينيك من جديد محمد: كل جسدي يؤلمني ... لدرجة أني لا أحس به ... آمنة : لا عليك ‏ستتحسن باذن الله‎ ‎دخلت الممرضة رجاءا انتهى وقت الزيارة ‏‎.‎‏ خرجت آمنة من غرفة محمد ... وجدت ‏أختها وأبناءها في انتظارها عند الباب والأطفال على وجوههم علامات الحزن قد بدت وعيونهم قد أغرقت ‏بالدموع ... مسحت على رأس كريم وقالت أبوكم بخير ..اذهبوا الى المنزل حتى ترتاحوا فالوقت قد تأخر ‏ولن يفيد جلوسكم هنا بشئ.‏‎ ‎
‏ ذهبت آمنة الى مكتب الطبيب وسألته عن حالة زوجها ...تردد الطبيب في البداية عن اخبارها لكنها ‏عندما أخبرته أنها مستعدة لأي شئ ,فقال لها : زوجك ربما سيصبح مقعد ....لم تتمالك نفسها سكتت ‏برهة ثم خرجت ..شدت بيدها على الحائظ وكأن ظهرها قد انكسر ولم يعد لها من سند ..فقد دق ناقوس ‏الخطر وآذن الزمان بقدوم ساعة الشقاء قد جاءتها الضربة القاسية قد بدا عليها الحزن لبدايتها مسار لم ‏تتعود عليه من قبل ..ذهبت الى المنزل ووقفت حائرة مدة أمام الباب تفكر كيف ستقابل أبناءها ... وعندما ‏فتحت واذ بهم يستقبلونها راجين المولى أن تأتي بأخبار سعيدة . لم تستلم ووقفت وأعادت توازنها حين ‏وقفت أمام أولادها بكل قوامها من دون أن يرون عبراتها ....سألها كريم... أمي أين أبي لن يخرج من ‏المستشفى ...؟قالت : لا ياحبيبي أبوك سيعود لنا بخير اطمئن سيبقى تاج فوق رؤوسنا نحتمي به في ‏أشد أوقاتنا ... هيا الى النوم ... كانت تكلم كريم لكن لم يهدأ لها بال‎
وفي هّذه اللحظة استغرق الأولاد في نوم عميق وبقيت سارحة مع أفكارها غارقة في أحزانها تائهة لا ‏تدري ماذا تفعل ؟ وكيف تخرج من تلك المشكلة التي رمتها في وسطها الأقدار ؟ وعصفت بها رياح الزمن ‏وتركتها تصارع أمواج الحيرة وتغرق في بحر من الدموع‎ .....
وطال الصمت ... وهي لا تزال شاردة الذهن مشغولة البال تحاول أن تستخلص بنات أفكارها لتصل إلى ‏فكرة تنقذها مما هي فيه وتحملها إلى شواطئ الأمل وبر السلامة .‏

‏ بعد أسبوعين غادر محمد المستشفى وهو على كرسي متحرك وصل الى المنزل ا ستقبله الأولاد ‏ولكن دهشت كريم كانت أكثر نظر اليه نظرة غريبة ثم انصرف خارج المنزل دون ان يتكلم كلمة واحدة‎
محمد لم يصدق نفسه وهو مع آمنة في غرفت المعيشة نظر اليها وقال : " هل رأتي حالي كيف أصبحت ‏‏" ردت مبتسمة "ما بها حالك في أحسنه والحمد الله ...." نظرة اليها وقال " آمنة أنا معقد ليست بخير و ‏أصبحت نصف أو ربع رجل " قالت " لا تقلق علينا لازال لدينا مبلغ لابأس به مما كنا نخبأه لوقت الحاجة ‏كما خطرت في بالي فكرة لم أرد تنفيذها الا بعد أخذ رأيك ... نظر اليها محمد نظرة ابتسامة حزينة تأخذين ‏رأيي ... أمزال لديا رأي في البيت .... شدت يده وقالت وكيف لا وأنت سراجي ومنير دربي عشرين سنة ‏أأتخلى عنك الآن .... ابتسم وقال هيا هات ما لديكي ... قالت تعلم جيدا أنني أجيد الخياطة فما رأيك أن ‏أعمل فيها حتى كنت أحب ذلك من قبل لكنك كنت دوما ترفض لكن الآن لابد لنا منها وقد قالت الهام أنها ‏سوف تساعدني بجلب أعمال لي ... لم يعجبه الأمر كيف لزوجتي ان تعمل وانا مقعد لكن ما باليد حيلة ‏وافق على طلبها ودعى لها بالتوفيق وانه سيدعو الله أن يعافيه حتى يعوضها عما تعانيه كيف لا وكانت ‏الزوجة والصديقة والأخت والشحنة المعنوية لمحمد .... فجأة تذكر محمد كريم ... أين كريم منذ دخلت خرج ‏ولم أره , ربما ذهب الى الخارج للعب فهذه الفترة كان كل تفكيره عليك حتى أنا لم أعد أتابع دراسته ‏‏..سأعد لك لقمة وأذهب الى المدرسة كي أسأل عنه .‏
آمنة المسكينة لم تأخد زفيرا بعد ما حصل لزوجها اذ تظهر مشكلة أخرى تزد من شقائها أكثر فأكثر حين ‏وصلت الى المدرسة استقبلها المدير وقدم لها‎ ‎آخر تقرير حول كريم وتفاجأت الى انه غائبة لمدة 3 أسابيع ‏ولم يحضر الامتحانات والمفاجأة الكبرى أن احد أساتذته اخبرها أنه رأه مع مجموعة من الشباب الأكبر منه ‏في الحي والمعروف عنهم أنهم من رواد السرقة والمخدرات وشرب الخمر كل هذه الأخبار جعلت آمنة ‏تنكسر مرتا أخرى و غير مصدقة أن ابنها البكر عمودها فقرها أصبح متورطا في عصابة ‏‎
غادرت آمنة المدرسة مسرعتا الى احد جيرانها السيد مراد يملك محلا في الحي ويعرف كل صغيرة وكبيرة ‏سألته:" السلام عليكم أخي مراد" رد " وعليكم السلام كيف حال زوجك هل خرج من المستشفى " ‏قالت "نعم خرج والحمد الله ...أريد أن أسئلك عن كريم فهو متورط مع عصابة المعروفة في الحي" قال ‏‏"سبقتني يا أختي آمنة كنت سأخبرك عن الأمر ابنك كريم كل يوم يذهب الى تلك العمارة القديمة-مشيرا ‏اليها -مع مجموعة من الشبان الصيع واكبر منه سن.." أشحب وجهها وقالت بكلمات متقطعة " شكرا لك ‏‏" تركت السيد مراد واقفا منكسرت كل انكسار . انكسرت وشاءت أن تنتهي أحلامها في مهدها وأثقلتها ‏الجراح لأنها كانت تفكر كيف تأتي لهم بلقمة العيش وليست مستعدة لصدمة أخرى بماذا تهتم في ‏اللحظة بمشروع عملها التي كانت على وشك بدايته أم ترجع الى نقطة الصفر لكي تربي ابنها ,‏
ذهبت آمنة الى المنزل متثاقلة الخطى تجر وراءها أذيال من الشقاء والهموم لتحكي ما جرى لأختها ‏وزوجها علها تشبتها بأمل جديد ... لم تسعفها الكلمات ولم يساعدها صوتها الذي كان يخرج متقطعا من ‏أعماق حلقها أخبرتها بما حدث بكلمات متقطعة .. فهمت عليها أختها وكانت دهشتها كبيرة لكن حاولت ‏تهدئتها وطمأنتها ... كريم لا يزال صغير ولا يقدر حجم المشكلة بل يريد تقليد رفقائه الذي يحسب أنهم ‏أكثر منه خبرة لاتخافي باستطاعتنا ان نستعيده ., كيف أعيده هل ألجأ الى ضربه واستعمال العنف معه أم ‏أكتفي بالنصح والإرشاد ... هل بامكاني تعديل سلوكه انني أخشى عليه الوصول الى مالا يحمد عقباه ‏‏... أخبرتها الهام أن تصارحه بالحقيقة من دون عنف أو عقاب بل خذيه الى جوارك وأخبريه بعواقب التدخين ‏وهؤلاء الرفقاء انصحيه لأنه لايزال صغيرا ويسمع كلامك.‏‎
تفتحت أمام أم كريم أبواب الأمل وقالت بشغف والفرحة تغمر فؤادها .. هل ما تقولينه صحيح أيستجيب ‏لكلامي أجابتها الهام .. أجل حبيبتي سيفرجها الرب ... أستأذنك الآن أذهب الى بعض صديقاتي لأخبرهن ‏على عملكي علني أعود لكي ببعض الأعمال .‏
أخذت آمنة بنصيحة أختها الهام وعند عودة كريم الى المنزل احتضنته امه باكية .. بني , بني ابق في ‏حضن أمك .... رفع رأسه وقال لها مابك أمي مايبكيكي ... قالت أنت ... فقال لها لا يا أمي لا أحب أن أرى ‏دموعكي فأبي مقعد وأنتي تبكين فماذا أفعل أنا ... قالت له سأبكي وأظل أبكي حتى تحس بي ..... هنا ‏دمعت عيني كريم وقال لها لماذا أمي كيف لا أحس بكي وأنا الذي أريد أن أعمل جاهدا حتى أستطيع ‏توفير معالجة أبي , قالت له وكيف ... فأجابها عن طريق البعض من أصدقائي الذين يريدون مساعدتي ‏ونادت فقالت له أصدقائك الذين أوصلوك الى طريق مسدود نهايته لا ترحمك يابني الكل أًصبح يعلم بما ‏فعلت ولكن المهم الآن هو أن تتعلم من أخطائك وان لا تكررهـا وأن تتوبإلى الله وتعود إلى‎
سابق عهدك كما عهدناك دوما تلميذا نجيبا محب لعائلته وأخواته عندها أدرك كريم خطأه وقد دمعت عيناه ‏نادما ووعد أمه ألا يعود الى رفاقه مرة ثانية .. ابتسم محمد عندمـا سمع هذا الكلام من زوجتـه وعندمـا ‏رأى إبنه وعيناه تملأؤهما الدموع ولكن من وراء هذه الابتسامة حصرة ظاهرة في عينيه .‏

‏ هكذا استطاعت آمنة ان ترجع ابنها كريم الى الطريق الصحيح بنصحه وارشاده بفم مبتسم وقلب ‏شرح حتى محمد ساعدها في ذلك برغم من انه مقعد الا انه وجد وقت لكي يجالس ابنه وينصحه من ‏الحين والأخرة ...... بعد العصر عادت الهام تحمل خبرا سارا ... حيث أنها أتت لأختها بمجموعة من الأعمال ‏لصديقاتها , فرحت آمنة للخبر لكن محمد لا يزال الحزن يراوده مرارا عندما يرى أن زوجته في وقت كان ‏يتمنى أن يراها متربعة على عرش الأنوثة بالهناء وأولادها حولها وزوجها يلبي طلباتها ... يراها تتعب ‏وتشقى لتوفر لهم العيش في هذه الأثناء بدأت آمنة تشتغل في الأعمال التي جاءت بها الهام حتى ‏تكملها في الوقت المناسب.‏
من هنا أخذت السعادة طريقها الى أسرة آمنة وهدأ فؤادها‎ ...
فأمورها تداركت وشتات عائلتها لملمت ومواصلة الحياة قررت فكرست كل وقتها لعملها وحب عائلتها ‏ومتابعتها حتى لا يتكرر ما حدث فعقدت العزم وتسلحت بالإرادة وبدأت تطلعاتها تكبر وأهدافها تسطر حيث ‏لم يستطع شيئا التصدي لها لقوة عزيمتها وثقتها بنفسها وشهد الكل لها بالتحدي والنزاهة التي تتحلى ‏بها ذاع صيتها وسط بني جلدتها وأصبحت آمنة الخياطة وتزايدت الطلبات حتى أصبحت لا تلحق على ‏تقديمها في وقتها‎ ‎‏.‏‎
في هذا الوقت قررت البحث عن بعض الفتيات ليساعدنها ... وبالفعل أخذت غرفة للبنات وهي كانت ‏تشرف عليهن هنا بدأ نجاحها يتضاعف , تقدمت بها السنين وسجل نجاحاتها ينقش بانجازات من ذهب ‏وعمرها مع ذهب ... كريم يدرس وعند الفراغ من الدراسة يعمل مع أمه لتوصيل الطلبات للزبائن .... بتطور ‏عملها استطاعت فتح ورشة صغيرة للخياطة هنا علمت حقا ان الإرادة تهزم الصعوبات والحاجة أم الإختراع ‏‏.... كان محمد يتطلع عليها وكان في العديد من المرات يأسى لحاله كيف زوجته التي لطالما تمنى أن ‏تتربع على عرش الأنوثة وهو يقوم بتلبية طلباتها كان يحز في نفسه أن تعمل زوجته وهو مقعد كان مرات ‏ييأس من الحياة التي منحته التعاسة ومنعت عنه أسباب السعادة كانت الأوجاع خلا له في تلك الأيام ‏واليأس رفيقه ... غير أن أمنة كانت دوما تعمل على تغيير هاته الأفكار .... وفاجأته حينما أخبرته أنه يصبح ‏المسؤول عن الورشة وتتفرغ هي لأعمال البيت وبهذا تحسن حال عائلة آمنة .‏

‏ هذا شقاء آمنة في خريف عمرها وهكذا كانت عزيمتها من حديد برغم من أنها من الجنس اللطيف لا ‏أن الأيام و مرارتها جعلتها من الجنسين تشقى من اجل قوت أولادها و ادخال السعادة و أمان الى قلب ‏عائلتها و كم هن كثيرات أمثالها ..........شقاؤهن في خريف عمرهن‎ .‎

النهاية
 
روووووووووووووووعة أبدعتم أخوتي الكرام في خط هذه القصة فعلا الشقاء و العناء في هذه الحياة كثير و كبير جدا جدا بحيث أننا لا نستطيع أن نقدر مداه أو نسبته و لكن بوجود الله سبحانه و تعالى سيصبح كل شيئ سهر الميراس و سهل المنال و نستطيع تجنب كل الأخطار و كل الصعوبات التي تواجهنا هكذا كانت قصتكم الجميلة بوركتم خيرا اخوتي الكرام يعطيكم الصحة على المجهودات المبذولة في سبيل انجاح هذه القصة الذهبية و الفضية و الراااااااائعة أعجبتني كثيرا
شكرا جزيلا
واصلوا الإبداع في مرات قادمة
 
بـــــــــــــــــــارك الله فيكمـــــــ
 
بار ك الله فيكم جميعا
 
مشاااااااء الله موضوع في القمة

بارك الله بهذا العمل وجزاكم الجنه جميعاااا

 
فكرة جيدة ورائع
بارك الله فيكم
والتوفيق حليفكم ان شاء الله
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top