والآن نأتي إلى تلخيص الفوائد المستقاة من هذه الوصية العظيمة .
1- وصية الإنسان بوالديه ، مهما كان جنسه ، ودينه ، فهو مأمور بهذه الوصية ، فلا فرق بين مسلم وكافر إذ لفظ الإنسان يشمل جميع أنواع بني آدم ، وفي هذا إشارة إلى أن جميع الإنسانية مخاطبة بأصول وفروع الشريعة الإسلامية .
2 – الوصية بالإحسان للوالدين والبر بهما ، والصبر عليهما في جميع الأحوال وفي كل حين لأنه مهما أحسنت إليهما فلا يمكن أن تكافأهما على الوجه المرضي إلا أن تجد أحدهما عبدا فتشتريه وتعتقه فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : << لايجزي ولد والده ، إلا أن يجده مملوكا،فيشتريه فيعتقه >>رواه مسلم ك العتق [ح 25- 26] والبخاري في الأدب المفرد[ح 8].
قال السندي في شرحه سنن ابن ماجة :[ج2/ 388]: وفي الحديث أن العبد كالهالك ، فكأنه بالإعتاق أخرجه من الهلاك إلى الحياة ، فصار فعله ذلك مما يعدل فعل الأب حيث كان سببا للوجود وإخراجه من العدم إليه .
3 – النهي عن طاعتهما إذا أمرا بشرك أو كفر أو معصية ، وأنه لاطاعة لمخلوق في معصية الخالق ، وإنما الطاعة في المعروف ،وهذه قاعدة عامة وليست خاصة بالوالدين لأن قوله تعالى :{ وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ } تفيد عدمُ طاعةِ وإتباعِ من لم يُنب ويرجع إلى الله .
4- الشكر للوالدين باعتبار أنهما كانا سببا في وجوده ، والشكر لله تعالى على تلك النعمة ، وهي أنه جعل للعبد والدين كان سببا في وجوده ورعايته إلى أن أصبح إنسانا سويا مكلفا فطُلب بالشكر تكليفا وليس تشريفا .
5- مصاحبتهما في الدنيا بالمعروف وللمعروف ، مالم يجاهداك لتشرك بالله أو تعصيه ، وقوله تعالى :{.. فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا..} يفيد أن ذلك في جميع دنياك فلا تحرمهما شيئا منها ، وطول عمرك أيضا فلا تقصر في حقهما في وقت دون آخر . فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي الدرداء :<< ... وأطع والديك وإن أمراك أن تخرج من دنياك ، فاخرج لهما ..>> ابن ماجه [ح 4034] وصحيح الأدب المفرد [14] .
6- عظم حق الوالدين ، وأن الله قرنه بحقه من إفراده بالتوحيد والعبادة ..
7- عظم جرم عقوق الوالدين فكما قرن طاعتهما بطاعته وتوحيده ، قرن معصيتهما بمعصيته والشرك به ، فعقوق الوالدين كبيرة وعظيمة من العظائم لمقارنتها بالشرك ، كما أن الإحسان إليهما وطعاتهما في الله من أعظم أعمال البر ، كما جاء في حديث عبد الله بن مسعود .
8- عدم الأخذ بهذه الوصية من البر بهما يوقع العبد في أكبر كبائر الذنوب ، وهو العقوق .قال عليه الصلاة والسلام :<< ألا أنبئكم بأكبر الكبائر [ ثلاثا ] قالوا : بلى : قال الإشراك بالله وعقوق الوالدين ..>> .متفق عليه .
9- العقوق يحصل بأصغر أمر نهى الله عنه ، وهو لفظة [ أف ] ويتعاظم كلما ازداد حجم المخالفة التي يكون بها العقوق ، قال بعض السلف لو كان هناك ما هو أصغر من هذه اللفظة [أف ] لنهى الله عنه تقديرا وتعظيما لحق الوالدين على الولد .
10- الوصية بالأبناء فهم نعمة يجب المحافظة عليها ، وعدم الإضرار بها ، فلا يكون العباد والدا يعطى حقوقه ، حتى يكون ولدا يعطى حقوقه من الرعاية والربية الصالحة .وصلي اللهم وسلم على عبدك ورسولك محمد .