ذكرى للعالمين

الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
بارك الله فيكما
وجعله الرحمن في ميزان حسناتكما
فعلا وصايا ولا ارووع
طرح جد مفيد
حفظكما الباري

امين يارب و مشكورة على الرد و الاهتمام بارك الله فيك
 
qatarya_P7q3HgAuE4.gif
 
الوصية الثالثة
ثالثًا:التربية على الإِيمان بقدرة الله عز وجل


: قال تعالى:{ يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ[16]}[سورة لقمان


في الآية الكريمة يعلم لقمان ابنه مدى قدرة الله تعالى، حيث قيل: إن الحس لا يدرك للخردلة ثقلًا، إذ لا ترجح ميزانًا. أي لو كان للإنسان رزق مثقال حبة خردل في هذه المواضع جاء الله بها حتى يسوقها إلى من هي رزقه، أي لا تهتم للرزق حتى تشتغل به عن أداء الفرائض، وعن إتباع سبيل من أناب إليّ.




والآية الكريمة السابقة توجه الإنسان إلى قدرة الله الواسعة، وأن الله قد أحاط بكل شيء علمًا، وأحصى كل شيء عددًا، فسبحانه لا شريك له. وهناك آيات بينات من كتاب الله تدل على سعة علم الله، وقدرته العظيمة، فمن ذلك قوله تعالى:{ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ[59]}[سورة الأنعام].



وفي قوله تعالى:{حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَل}، إشارة إلى دقة الحساب، وعدالة الميزان، ما يبلغه هذا التعبير المصور حبة من خردل، صغيرة ضائعة لا وزن لها ولا قيمة {فَتَكُنْ فِي صَخْرَة} أي صلبة محشورة فيها لا تظهر، ولا يتوصل إليها {أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ...} في ذلك الكيان الهائل الشاسع الذي يبدو فيه النجم الكبير ذو الجرم العظيم نقطة سابحة، أو ذرة تائهة {أَو ْفِي الأَرْض} ضائعة في ثراها وحصاها لا تبين {يَأْتِ بِهَا اللَّهُ} فعلمه يلاحقها وقدرته لا تفلتها [في ظلال القرآن 5/2789].


ويراد من ذلك: الأعمال: المعاصي و الطاعات، أي إنْ تك الحسنة أو الخطيئة مثقال حبة؛ يأت بها الله، أي لا تفوت الإنسان المقدر وقوعها منه، وبهذا المعنى يتحصل في الموعظة التوجية والتخويف.



ويدرك الإنسان من معرفته لقدرة: مراقبة الله الدائمة له في كل تصرف، مراقبة الله له في الصغيرة والكبيرة، وفي الجهر والخفاء؛ ولذا فهو يراقب الله وهم يعمل... فلا يعمل شيئاً بغير إخلاص، لا يعمل شيئاً يقصد الشر... لا يعمل مستهتراً ولا مستهينًا بالعواقب، ولا يعمل شيئا لغير الله، فالله سبحانه وتعالى يحاسبه على النية بعد العمل، وعلى الإخلاص فيه. هذا والله لا يقبل أن يكون شيء من العمل لغير وجهه.



فعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا غَزَا يَلْتَمِسُ الْأَجْرَ وَالذِّكْرَ مَالَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [ لَا شَيْءَ لَه]ُ فَأَعَادَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ يَقُولُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [ لَا شَيْءَ لَهُ] ثُمَّ قَالَ: [إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ مِنْ الْعَمَلِ إِلَّا مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا وَابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُهُ] رواه النسائي.

وكذلك يراقبه وهو يفكر ويحس... فالله يعلم السر، وأخفى من السر الهاجسة في باطن النفس لم يطلع عليها أحد؛ لأنها مطمورة في الأعماق يراقبه فلا يحس بإحساس غير نظيف، يراقبه فينظف مشاعره أولًا بأول: لا يحسد ولا يحقد، ولا يكره للناس الخير، ولا يتمنى أن يحرمهما منه، ويستحوذ هو عليه، ولا يشتهى الشهوات الباطلة، والمتاع الدنس.


وحين توجد في القلب هذه الحساسية المرهفة تجاه الله، لتستقيم النفس، ويستقيم المجتمع، وتستقيم جميع الأمور، ويعيش المجتمع نظيفاً من الجريمة، نظيفاً من الدنس، نظيفاً من الأحقاد؛ لأنه لا يتعامل في الحقيقة بعضه مع بعض وإنما يتعامل أولا مع الله .

وبناء على ما سبق ذكره: ينبغي على الآباء والأمهات، وكذلك العاملين في مجال التربية والتعليم أن يغرسوا في قلوب أبنائهم وتلاميذهم مراقبة الله تعالى في أعمالهم وسائر أحوالهم، لتصبح هذه المراقبة الإلهية سلوكًا لازمًا لهم في كل تصرفاتهم، ويتم ذلك بترويض الولد على مراقبة الله وهو يعمل، فيتعلم الإخلاص لله في كل أقواله، وأعماله، وسائر تصرفاته، ويكون ممن شملهم القرآن بقوله تعالى: { وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ...[5]}[سورة البينة].

وكذلك ترويضه على مراقبة الله وهو يفكر: ليتعلم الأفكار التي تقربه من خالقه العظيم، والتي بها ينفع نفسه، ومجتمعه، والناس أجمعين.


وأيضاً ترويضه على مراقبة الله وهو يحس: فيتعلم كل إحساس نظيف وليتربى على كل شعور طاهر.. وهذا النمط من التربية والمراقبة قد وجه إليه المربي الأول عليه الصلاة والسلام في إجابته السائل عن الإحسان: [أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ] رواه البخاري ومسلم.

وحينما ينهج المربون في تربية الأولاد هذا النهج، ويسير الآباء والأمهات في تأديب الأبناء على هذه القواعد؛ يستطيعون بإذن الله في فترة يسيرة من الزمن أن يكوّنوا جيلاً مسلمًا مؤمنًا بالله، معتزًا بدينه، مفتخرًا بتاريخه وأمجاده، ويستطيعون كذلك أن يكوّنوا مجتمعًا نظيفًا من الإلحاد والميوعة والحقد، ونظيفاً من الجريمة. ---------- يتبع ان شاء الله --------
 
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top